الصفحات

الصفحات

صلاة القديس أغسطينوس ـ كتاب خواطر فيلسوف



اللهم ، يا من خلق الكون :
                  هبني أولاً أن أرفع إليك صـــلاة ترضيك ،
                  و صيرني أهلاً لأن أستجاب ثم خلصني.
اللهم ، يا من  به يتــوق إلي أن يكــون من لا كيـــان له في ذاته.
اللهم ، يا من  يظهر للقلة ممن يعتصمون بحقيقته أن الشر عدم.
اللهم ، يا من  به يتكامل الكـــون مع ما فيـــه من عيــوب عارضه.
اللهم ، يا من  لا نشـــــــاز البتـــــــــة في نغمـــــــــــــــة ،
                 متى تآلفت العليا و السفلي من مخلوقاته.
اللهم ، يا من  يحبـــه كل من كان قــــادراً على أن يحــب
                 ســـواء أكــان بمعــرفته أم بغــير معـــــــرفة.
اللهم ، يا من  فيه كل شيء :
                  و مع ذلك فلا فساد الخليقة يضيره،
                  و لا شرها يؤذيه و لا ضلالها يضله.        
         
اللهم ، يا أبانـــا الحـق و الحكمة و الحياة الحقه السامية،
       و يا أبا السعادة و الخير و الجمال و النــور المـــدرك.    
         يا أبا نهوضنـــا  و ضيائنا  الذي يهيب بنا إلي الرجوع إليه.
         أني أدعوك اللهم ، أيهــــــــا الحــــق ،
         يا من و فيه و منه حق و هو كل حق.
اللهم ، أيها الحكمة يا من به و منه و فيه حكمة هي كل حكمة.
اللهم ، أيها الحيـــاة الحق السامية ، 
                                  يا من به ومنه و فيه يحيا كل من يحيا حياة حقة
                                 و سامية.
  
اللهم ، أيها الســـــــــــــعادة، يا من به و منه و فيه هي سعادة الكل .
اللهم ، أيها الصلاح والجمال ، يا من به و منه و فيه صلاح و جمالُ كل صالح و جميل.
اللهم ، أيها النــور المـــــدرك، يا من به و منه و فيه يدرك نورُ كل نور معقول.
اللهم ، يا من ترسم شريعة ملكة في ممالكنا الأرضية.
اللهم ، يا من ، الكفرُ به سقوط ، و التوبة إليه قيام ، و الثبات فيه حياة.
اللهم ، يا من الابتعاد عنه موت ، و الرجوع إليه تجدد ، و السكني فيه حياة.
اللهم ، يا من لا يفقده سوي المغرور ، و لا يطلبه سوي الواعي و لا يجده سوي الطاهر.
اللهم ، يا من التخلي عنه هلاك ، و التأمل فيه محبة ، و الحصول عليه مشاهده.
اللهم ، يا من يدفعنا إليه الإيمان ، و يبنينا فيه الرجاء ، و نشدنا إليه المحبة.
اللهم ، يا من يدفعنا إليه الإيمان ، و بنينا فيه الرجاء ، و تشدنا إليه المحبة.
اللهم ، يا من به ننتصر على عدونا إليك أضرع.
اللهم ، يا من أخذنا إليه لئلا نهلك إلي الأبـــد.
اللهم ، يا من يستحثنا إلي السهر و اليقظــة.
اللهم ، يا من به نميز الخـــــير من الشــــــــر.
اللهم ، يا من به نفزع من الشـــر إلي الخير .
اللهم ، يا من به لا نستســـلم للمصــــــائب.
اللهم ، يا من به نطيـــــــــــــع و نُطــــــــــــاع.
اللهم ، يا من يعلمنا ، أن ما نظنه لنا ، هو لغيرنا ،
                و ما نظنه ، أحياناً ، لغيرنا هو لنـــــا.
اللهم ، يا من به لا نعلق في فخاخ الآثام ومغرياتهـــــا.
اللهم ، يا من بفضل منه تشحّ مواردنا ولا تقل خيراتنا.
اللهم ، يا من بقدرته ابتــــــلع المـــــوت بالغلبـــــــــة.
اللهم ، يــــــا هدايتنا.
اللهم ، يا من يعرينا مما لا وجود له و يكسونا ممّا هو.
اللهم ، يا من يستجيب ســـــؤلنا و يقـــــوينا ،
                و يسيرنا إلي كل حــــــــــــــق ،
                و يحكي لنــا كل خير و لا يخيلّنا،  
                و لا يدع فينا للفوضى مكــــــاناً.
اللهم ، يا من يردنــــــــا إلي الطــــــــــــــريق.
               و يســــــــير بنــــا إلي البــــــاب .
               و يجعلنا نفتح الباب لمن يقرعــه .
               و يعطينـــــــــا خــــــــــبز الحيــاة.
اللهم ، يا من بفضــــل منه نعطــــش إلي شــــــــــــراب ،
                إن أخذنا منه لن يبقي بنا عطش إلي الأبد.
اللهم ، يا من يدين العالم على الخطيئــــة.
                و على البر و على الحــكم.
اللهم ، يا من به نصمد بوجه غير المؤمنين.
اللهم ، يا من به نصمد بوجه غير المؤمنين.
اللهم ، يا من بفضـــــــــل منه ندحــــــــض ضــــــــــلال
               من يعتقدون بأن لا استحقاق للنفوس لديه.
اللهم ، يا من به لا نعبد العناصــــر الضعيفــــة الواهيــة.
اللهم ، يا من ينقينا و يعــــدنا للمكــــافأة الإلهيــــــــــة ،
        هلم إليّ و كن لي نصيباً كلامي إليك هو إنـــك :    
        الإله الأحد.
اللهم ، فهلم إلي نصرتي أيها الجوهر و الحق الأزلي الذي :
         لا تباين فيه و لا غموض و لا تغيير و لا فراغ و لا موت.
         في التجــــانس التــــــام يقــــين و كمــــــال حيــاة ،
         لا زيادة حيث لا نقصـــــان الوالــــد و المــــولود واحد.  
       
اللهم ، يا من تخضع له كل من يخضـــع و تخضــع له كل نفــس صـــالحة ،
       و يا من بموجب شرائعه تتحرك الكرة الأرضية و تتم الكواكب دورانها،
       و تنير الشمس النهار و القمر يخفف من حلكة الليل.
       و يا من يحفـــظ الكــــون متعــــاقب الليـــل و النهــار،
       ثم باكتمال الأشهر القمرية و نقصانها تنقســم الســـنة إلي :
      ربيع و صيف و خريف و شتاء و تكمل الشمس و الكواكب دورانها،
      في أدركهــــا الرحبـــــة بحــــركة كونيــــة ثـــابتة و منتظمـــــــة.
اللهم ، يا من وضعت للزمن سننا لا تتغير مع الأشياء،
        و أقمت للأجيال ضوابط و للنفس الحرة نظمـاً ،
        و ضمنت للأبرار ثواباً و للأشرار عقاباً أكيــــداً .
       ثم ذكرت بهذه الأمــــور بشكل قاطــــع و ثابت.  
     
اللهم ، يا من يأتينا منه كل خير و بفضله في حمى من كل شر.
اللهم ، يا من لا أسمي منه ولا وجود لشيء خارجاً عنه و بدونة،
       و يا من كونــــت الإنســان على صورتك و مثالك    
        فبات هذا الأمر و اضحاً لدي كل من أدرك ذاته.
أستجبني ، أستجبنى ، أستجبني
 يا إلهي و ربــــي و مليكى و أبــــي و علــــــة كياني  و رجـائي    
و خـيري و شرفي و بيتـــي و وطني و خلاصي و نوري و حياتي.
أستجبني ، أستجبنى ، أستجبني 
وفقاً لعادتك التي يتقنُ معرفتها القليلون.
 أنا لا أحب ســــواك و لا أطلب ســواك .
مستعد أنا  لأن أعبدك وحــدك
             لأنــــــــــك وحــدك الحاكمُ بعـــدل
            و الوحيـــــد المسلّط على حياتي.
مرْ بحقك ، و مرُ ما شئت
أشــــف أذني و افتحهما فأسمع كلمتك.
و أشف عينيّ و أفتحهمــــا فاتبيَّن أوامرك.
اشفني من حماقتي لأعرفك،
و قل لــــي: أين أنظر حتى أشاهدك أنا من يرجو بأن يحفظ أوامرك.
رجــــــوتك ، رب أن تقبل الهاربَ منك .
أيها الرءوف لقد تعذبــــــت طـــــــويلاً .
            و استسلمت إلي أعدائك الذين وطئتهم بقدميك
           و اتبعــــــــــت طــــــويلاً خزعبلاتهم البـــــــــاطلة.
أقبلي أنا خـــــادمك الهـــــارب منهم إليـــك ،
       كما استقبلوني يوم هربت منك إليهم.
لقد شعرت بواجب العودة إليك .
فها أني أقرع بابك أفتحه بوجهي و علمني كيف أصل إليك.
لم يعد لي سوي إرادتي و لست أعرف شيئاً أخر سوي أن:
                    أرذل ما هو فإن و بال و أطلب ما هو أبدي
هذا ما أعمـــــله و لا أعرف سواه إنما أجهل كيف أصل إليك.
دلنيّ على الطريق و أظهر ذاتك لي و امنحني الزاد الأخير.
  إن كان المعتصمون بك يجحدون بالإيمان فهبني هذا الإيمان .
و إن كان بالفضيلة فأعطينيها ،
و إن كان بالعلم فأعطينه: زدني إيماناً و رجاء و محبة.
ما أعجب صلاحك و ما أروعه.
إليك أسيرُ و أسألك من جــديد عمّا يدفعني إلي الذهاب إليك.
إن تخليت عن الإنســــان هلك مع إنــــك لا تتخـــــلي عنـــــه،
لأنك الخير الأسمى الذي ما طلبـــه قط إنســــان باســـــتقامة إلاّ وجده.
                       و يبحث عنك باستقامة من جعلته يطلبك باستقامة.
إجعــلني أيها الأب أبحث عنك و أنتقم لي من الضلال:
و بينما أبحث عنك فلا تدع شيئاً يحول بيني و بينــــك.
بحّقـــك ، أبت ،
إجعلني أجدك إن لم اطلب أحداً سواك .
أما إن كنــــت راغباً في سواك فنقني و صيرني أهلاً لأن أراك .
أمــا يشــــأن خــــلاص جســــدي هـــــذا ، المـــــــائت ،
فطالما أني لا أدري ما يفيدني منه و يفيد الذين أحبهم
فأني أعهد به إليك ، أيها الأب الكثير الحكمـة و الصـــلاح ،
و اصلّي من أجله طالمــــا أنك تخصنـــي عـلى الصــلاة .
إنما أسأل رأفتك ، غير الموصوفة ، أن تهديني ، بكليتي ، إليك و ترفع عني ما يحول دون اندفاعي إليك مرني سائراً و حاملاً هذا الجسد بأن أكون طاهراً و سخياً باراً و حكيماً
و إجعلني اللهم أن أكون لحكمتك محباً و متذوقاً ،
و أهلني لأن أسكن في ملكوتك السعيد
 آمين. أمين.
VVV
V
ــــــــــــــــــــــــ