الصفحات

الصفحات

الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس





ـــــــــــــــــــــــــــــــ

فى الثبات ـ الفصل ( 18 ) من الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس



الثبـــــــــات هو  : بقاء الإنسان و اســـتمراره في خطة معينه متقنــة الدرس .
                      أما ثباتـــــك في المســـــــيح فنعمـــــة مـن الله عظيمـــــــة .
و بالنهاية أعني : نهــاية الحيـــــــاة التــــــــي تتعرض فيها لخطر الســقوط .

و لذلك لا يصح دوماً القول :
                    إنك تحـــافظ على هذه النعمـــة ما دمــت في قيد الحيـــــــاة .
وأجـــزمُ بحـــــق قائـــــلاً :
                    إن ســـقطت في حيــــــــــــاتك فلسـت بثابــت إلي النهــاية .

أحفظ جيداً كلام الإنجيل الموجـــز و أذكره دوماً :
            ( من يثبت إلي المنتهى يخــــــلص ) .
                                   " مت 24 : 13 "
ما أكثر ما يجب عليك أن  :
تخشـــــــي الانحــــــــــــراف و التطلـــــــع إلي الــــــوراء ،
حين تمتنع عـــــن ترجــــــيّ المكـــــــافآت الســــــــماوية ،
و تميل إلي الخيور المنظورة الفانية بدافع من الشــــــهوة .

تذكــــــر إمـــــرأة لوط : ها هي على الطريق و قــــــد نجـــــــــت من ســـــدوم ،
و لما تطلعت إلي الوراء بقيت في مكانهــــــــــا تمثــــالاً من الملـــــــح يملحـــك .
كانــــت لك مثـــــــــــالاً  لكي تسيطر على قلبك و لا تتوقف كالأحمق في الطريق .

   أنظــــــــر إلي من يقف و تجــــاوزه ،
و أنظـــــــــر إلي من يتطلع إلي الوراء ، و تابــع ســـــيرك إلي الإمـــــــــــــــــام .
 تطلّع إلي قائدك ، لا إلي الــــــــــوراء ، إلي الطريق الذي أخرجـــك منــــــــــــه .
                        قائــــدك أمــــــامك ، و الطـــريق الذي خـرجــت منـه وراءك .
أحبّه لك قائــــــداً ، لئــــــلا يــــــــرذلك متى نظـــــرتَ إلي الـــــــــــــــــــــــــوراء .
إنـــسَ ما وراءك ، إنــــسَ حياتـــــــك السالفة الشريرة و أنبســــط إلى ما قدامـك .

لا تتطلع إلي الـــــوراء ولا تتوقف ملتـــذاً بما مضــــــــــــي ؛
                           و لا تمــــلُ عما أمامـك إلي ما وراءك :
أســــرع لكي تصــــل ؛ أســـــرع ، و بشــــوقٍ ، أســـــــرع ،
                            لا تقــــل إنك تصـــــل في هذه الحياة .

إن ظننت نفسك كاملاً انخدعـــــــــــــت و ضــللت و فُصــــــلتْ :
                          لا يسعك أن تكون كاملاً على هذه الأرض .

إن ظننت نفسك قــــادراً على بلوغ الكمال هنا ، أقمت في مكان عال و سـقطت .
كـــــن متواضـــــــــعاً  : فإنك إن ســـرت في مكان وضيع و صلت إلي الأعالي .
لقد جعل المسيح الوديع  نفسه طريقــــاً لك : تواضــع و لا تيأس من الوصـول .

لا تبتعد عن حــــــــــرارة الــــــروح و نـــــور الحقيقـــــــة .

       الآن تسـمع صوت المسيح ،
أما حينذاك فستراه وجهــاً لوجه .

  لا تـرضَ نفســــــــــــك ،
و لا تجـدف على الآخرين .

سرْ على هذا النحو في طريق الله :
إيـــاك أن تحســــــد الســائرين و تشـــــتم المتخـــــاذلين ،
حـــتى يتحقق آنذاك ما وعدك به المسيح في الإنجيــــــــل :
                    ( و أنــــــــا أقيمـــــــــه في اليوم الأخير ) .
و لم كثرة الكـــــلام؟ أظــــــن بأن مــا قلتــــه كــــــــــاف :
ثبات الإنســـــــــان في الرب حتى النهاية عطيــــة من الله .

لست أتردد في أن أقول إن :
                                  من لم ينـل هذه العطية باطـــلاً يمــــــــــــلك ،
                                  و لــو مــــلك الكـــــثير سواها من الخيرات .

فلنصلّ أيها الحبيب :
فلنصل حتى يعـــــــطي إله النعمة أعداءنا و لا سيما أخوتنا و أصـدقاءنا ،
          أن يدركـــــــوا و يعترفـــــوا بـــأن الخــلاص لا يتــــم لأحــــــد ،
بمـعزل عن نعمـــــة الله ، بعــــد الخســــارة الهــائلة التي منينـــا بهــــا .

وإنهـا لخســــــــارة لا تعــــــــــــوض
        باســــتحقاق ممّــــن يأخـذون ،
بل هي هبة حقيقية تعـــــطي بالمجــــــــــان ،
دون اعتـــــــــــبار أي استحقاق سابق لها .


 ــــــــــــــــــــــــ