الصفحات

الصفحات

في غفـران الذنوب ـ الفصل ( 1 ) من الكتاب الخامس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الكتاب الخامس
الفصل الأول
في غفــــــران الذنـــوب

أيها المفكر بالمسيح : الراغـــــب في الحصـول على ما وعد به أيــا كنـــــــت ،
                           لا تتــهاون في حفظ و صاياه لقد وعدك بالحياة الأبديـة ،
                           و أوصاك بأن تســـــــامح أخــــــــــــاك .


و كأني به يقــــــــول لـــك :

( يا إنسان أغـفر للبــــــــــــــشر ،

لكـــــــــي أغفــر لك أنـــــــا الله )
ألا تريد أن تأخذ من الرب إلهــك ،
ما يأمــــرك بأن تمنحـــــه أخـاك ؟

إذا لم تــرده فـــلا تعــط ، قل لي ،
و لكن ،
كيــــــــــف تســـــــأل الغفــــــــــران لنفسك ،
إن رفضَت أن تعطي الغير ما تريــده لنفسك ؟

و أني أتجاسر فأقول : إن لــــم يكن لك ما تطلب المسامحة عليه ،
                            فـــــــلا تســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــامح ،
                            و إن لم يحق لي أن أنطلق بهذا الكــلام ،
                            فاغفــر حتى ولو لم تكــــــن لك خطيئـة .

أياً كنــــــــت ، فأنت إنسان :
إن كنت باراً ، علمانيـــــــاً ، أم راهبـــــــــاً ،   أو إكليريكيـــاً           
              أم أســــــــقفاً ،  أم رســــــــولاً ،   فأنت إنســان .

إســـــــمع الآن كلام الرســول القائل :
قـــــــــلت إن ، ليـــــس فيـك خطيئة ،
خدعت نفسك ، و ليست الحقيقـة فيك .
أمــــــــــــا إذا أعـــترفت بخطــــاياك ،
فـــــــإن الذي يسامحــــك وينقيـــــك ،
من كـــل إثــم ، أمــــين هـــو و بـــار .

أنه ينقـــــــي حــين يســــــــــــــــــــامح ،
و ليس كمـن لا يجـد ما يستحق العقـاب ؛
بل يســـامح مــــــا يجـــــــــــــــــــــــــد .
و بالتالي :
فإن كنت قد خطــــــــــــــئت ،
فســــامح من يتوسلون اليك .

و لا تحتفظ في قلبك بعداوات ضــــــد واحـــد ،
                        بقــــــدر ما تبقي عليهــا ،
                        بقـــــــدر ذلك تفسد قلبك .

أريــــــــــــــــــــدك غافــــــــــراً ،
كمــــا أجـــــــــــدك مســــتغفراً .

النــــــاس يتوســـــلون إليــك ، فسامح ، سوف تتوسل ويغفر لــــك .
ها قد حان وقـــــــــت الصلاة ، فانســجم مع الألفــــــاظ التي تقولها .

ستقول : أبانا الذي في السموات ،
وعليـــه فلن تكون في مصـــــاف الأبناء إن لـــم تقـــــــل :
أبانـــا ، كمـــل : ليتقدس اسمك ، ثــــــــــم ليأت ملكوتك ،
و أردف قائـــلاً :
                    لتكـــــن مشيئتك ، كما في السماء كذلك عل الأرض ،
وانتبـه إلــــــي ما سوف تضيف :  أعطنا اليـــــوم خبزنا اليــــــومي .

أين ثرواتك و أنت تستعطيى ؟
كمــــــــــلّ : أغفر لنا ذنوبنـا .
هــــــــا قــد وصــــــــــــلت إلي هــــــــــــذه الكلمــــــــات ،
فبأي حـــق وبموجـــــــــــب أي اتفــــــــــاق تطالب بــذلك .
كما نغفـــر لمن خطئ إلينا : إن كــــــــــــنت لا تغــــــــــفر ،
فهـــــــــذا أمـــر بســــــيط    لكنــك تكـــذب عــــلى اللـــه .
الشرط قائم و الشريعة موضوعة : أغفر كما أنا أغفر .
وعليـــــــه ، فــــــلا مغفــــــرة لك إن لـم تغفــر أنـت  .

أغفر كما أنا أغفر:
أنــــت تريـــــد أن : يغــــــفر لك ذاك الذي تتوسل إليه ،
                          فاغفـر أنت لمـــــــن يتوسل إليك .

إن المشترع السماوي قــد أمـــــــلي كلماته ،
فأســــــــــــــــــــــــأل وفقاً للغـــــــة السماء .

أغفــــر لنــــا كما نغفــــر : و أعمل بموجـــب ما تقــــــــــــول .
إن من يكذب في الصلاة : يخسر نعمــــــــــة فيخسر قضيتــه ،
                               و يلـــــــــــــــــقي عقــــــــــــــــــاباً .

إن الـذي أملي عليك ، هـــذه الصــــــلوات ،
هــــــو محـــام لك : إن كان شاهداً عليـك ،
وإن لم تصلحْ ذاتك ، كان لك قاضيــــــــــاً ،
وبالتـــــــــــــــالي : قــــــلْ وأعمــــــــــلْ .

إن لـــم تقــل ذلك وطلبت ما لا يحــق لك ، فلســـتَ تنــال مطلــوبك ؛
ولكـن، إن قـــلت ولــــــم تعمــــــــــــــل ، فســوف تحاكمَ عن الكذب .
أغفــر، لكي تنال الغفران الذي تطلبــــه ، وتُمحي خطـــــــــــــاياك .

  إن أردت أن تأخذ شيئاً فأعــــــــط ،
وإن أردت أن يغفــر لك فاغفــــــــــر :
               ذاك هـــــو موجز قصـير .

إن أهنتَ أخاك فلا تقــلْ : وأي شــــرّ فظيع أتيت ؟
                               لقد خطئت ضد إنســان .
لا تتهـــــــــاون بخطيئتك هذه ، التي ارتكبتهـــــــــا ضد إنسان .
أتريد أن تعرف إنك هلـــــكتَ ، بسبب خطيئتـك هذه ضد إنسان ؟
أصــــــــغ إلي صـوت ربــك .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ