الصفحات

الصفحات

طوبي للمضطهدين على البرـ الفصل ( 12 ) من الكتاب الخامس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل الثاني عشر
طوبي للمضطهدين على البر

{ طوبي للمضطهدين على البر فإن لهم ملكوت السماوات }

                                                        " متى10:5 "

كثــــيرون يمتحنون وينالون العقاب ذاته ،

إنما السبب يختلف :

المجـــــــــــرمون يتحمــــلَّون عذابـــــات كثــــــيرة ،
وكذلك اللصوص والقتـــــــلة والسفاكون والشهداء ؛
ولكن العقــــــاب لا يعمـــــــل شـــــهيداً بل الســــبب .

أيها العائـــــــش في هـــــــذا الجيــــــل ، أيـــــــاً كنــــــت ، أعمل لتنال سبباً صالحاً ؛
                   حتى إذا ما حدث لك شيء في هذا العالم  ، تغـــــادره لسـبب صالح .

أختر السببَ ولا تهتمَّ بالعقاب ... أمــــــــا إذ لــم تخــــــتر الســـــبب ،
                                         فسوف تتعذُب الآن وفي المستقبل .

لا تخــــــف أمـــــام :
                         عذابات الأشرار والأثمة وأخصام السلام ،
                        وأعداء الحقيقـة وعقــــــــــــــــــــــاباتهم ،
وفي الواقــــــــــع ، إنهــم لا يموتـــون في ســـــبيل الحقيقــة .
                        بــــــل يموتـــــون لئلا يبشــــر بالحقيقة ،
                       ويكــــــــــرز بهــــــا ويعمـــــل بموجبهـا ،
إنهم يموتون لئلا  : يحب الناس الوحدة والمحبــــــــــــــــــة ،
                                                 ويستمسكوا بالأبدية .
                        يا له من سبب شرير .

وبالنتيجة فالعـــــــذاب عقيـــــم لا ثمــــــر لــــــه .
ألا تذكـــر أيها المتباهي بعذابك الصلبان الثلاثـة ،
           يوم تألم الرب . بين لصين ، تألم الرب ،
          ولم يفصــــــل   بينهم العـذاب بل السبب .

البــــار لا يخشى القضـــاء ؛
وليس فيه ما تلتهمه النار :
حيثُ كل شـــيء ذهـــــــب .
فهـــل يخُــــــشى اللهــيب ؟   

قــــــــــال صاحب المزامـــير( ميز قضيتي )
لو أنه قال : مـــــيزّ عـــــذابي لقيل له : اللــص تحمّـل العـذاب .
أيقــــــــول : مــــــيز صليبي ؟ الــــــــزاني مسّمر عليــــــــــــه .
أيقــــــــول : مــــــيز وثاقاتي ؟ اللصوص أيضاً موثقــــــــــون .
أيقــــــــول : مـــــيز جراحي ؟ المجرمون أيضاً ماتوا بالسيف .

 وإذ رأي أن الآلام مشــتركة بين الأخيار والأشرار هتف قائلاً :
مــــــيزّ قضيتي عن الامـه الشريرة . إن مـــيزت قضيتي كللت صـــبري .
شهداء حقاً هم الذين قال عنهم الرب . طـــــوبي للمضطهدين على البر .
شهداء حقاً هم الذين اضطُهدوا لا على الإثــــــم بل على الـــــــــــــــبر .

إن لــم يكن السبُ يصنع الشــــــــــــــــــهداء ، بل العذاب
فباطـــــلاً تضيف على ( طوبي للمضطهدين ) لفظـــــــة (على البر ) .

لا تبحث عن المجد في الألم ، بــل ، أظهر أولاً سبب الألم .
أنـــــــت تظهـــــر العــــذاب ، وأنا أســــأل عن الســــبب .
أنت تقول : لقد تألمــــــــت ،
وأنا أقول  لمَ تألمـــــــــــت ؟

لأنـــــــك لو نظرت إلي الآلام وحدها كما ،
قلـــــــت لوجبت مكافأة اللصوص أيضاً .

وإذا حــــــقَّ الفخرُ بالألــم ،
فللشــــيطان أيضاً أن يفخر .

أختر لنفسك الســــــــــبب  ، وهلــــــمّ إلي العـــــــــــذاب مطمئنـــــاً .
إن كنــــــــت مدفوعاً إليـــه بسببٍ صالح  ، نلت الإكليـــل بعد العذاب .