الصفحات

الصفحات

ميامرماراسحق ـ الجزءالثانى ـ الميمر الثالث عشر ( كامل ) ــ كيف تتغير الحركات الخفية مع تغيير السيرة الخارجية .

الميمر الثالث عشر 
كيف تتغير الحركات الخفية
مع تغيير السيرة الخارجية

طالما الانســــان في التجـــــرد
فإن  ( فكر ) الانتقال من الحياة  ( الأرضية ) يتحرك دائماً وباستمرار في قلبه ،
و أيضاً كل وقت يهدس بتلك الحياة التي بعد القيامــــــــــــة ،
و يحــــــــاول أن يقتنـــــــــــــــــــــــــــــــي الاستعداد لهــا ،
و ينشـــــــــأ في قلبــــه الاســـــتهانة بأي كرامــة و راحـة  ،
و يختلــــــج في فكــــــــــــــــــــــــــــــــره احتقار هذا العالم في كل وقت ،
و يكون لبيبا في فكــــــــــــــــــره  ،ويقتني قلبـــاً شـــــجاعاً كل حــــــين ،
و يجســـر على كل أمر مخيف وكل شيء خطــر و مميــــت ،
فهـــــــــــو  لا يخــــــــــــــــــــــــــــــــــاف حتى من الموت ،
لأنه ينتظره في كـــــل وقــــــت كأنــــــــه قريــــب منــــــه ،
و يلقـــــــي همــه على الله بثقـــــة بغـير شك ولا ارتيـــاب ،
و إذا لاقته العوارض الصعبــــة و الضـــوائق ـ  
إذ يعـــرف واثقـــــاً أنهــــــــــا تعـــــــــــد له أكاليـــــــــــــــل ـ
 فيحتملها بفـــــرح وتســـــــــــر نفســـــه بقبــــــــــــــولها ،
و هو يعرف أن الله يأمر بها ويسمح بوقوعها لمنفعــــــــــــة ،
 لسبب غير معروف وســـــــــــــياســــــة غير ظاهـــــــــرة .

مضار القنية :
و إذا اتفق له لأي سبب ونالت يده واقتنى شيئاً من الأمور الزائلة
بغوايـــــة ذلك الحكيـــــــــــــم في الشـــــــرور أي الشــــــــيطان ،
( حينئذ ) تتحــرك في فكـــــــــره محبة الجسد  ، ويفكر (على أساس) أن الحياة طويلة ،
وتتحرك في قلبه أفكار أنه ينبغي له إراحة الجسد ،
وأن يتحفظ لجسده لكي لا تدنو منه أذية إن أمكن ،
ويتحايـــــل لمــــــا يوافــــــــــــــــق راحتـــــــــــه ،
 ( وهنا ) تبتعـــــــــد عنـــــــــــــــه أفكار الحرية غير الخاضعة لشيء من أفكار الخــــوف ، 
وفي هذه الحاله فإنه يتفكر ويهدس بكل حركات الخوف والرعب و (أيضاً ) أسباب الخوف
لأن الشجاعة القلبية التي اقتناهـا في نفسه بترفعـــه عن العالم قــــــد أوخذت منـــه
وايضا بالتجــــــــــــرد الذى اقتنـــاه فى ذاتــه هــــذا الــــذي به صــــــــار وارثـــاً للعالم .

وبقـــــتدر ما يقتنــــــي يؤلمه الخوف وذلك حســــب تدبـــــير الله والترتيب الذي وضعه  ،
لأننا نكون عبيداً بالخوف
خاضعين لما أعددنــــا أعضــــــاءنا لتتقبــــــله حسب قول الرسول . ( 2بط 19:2)
+ يتقدم الآلام ( أي الشهوات ) جميعها   تشامخ النفس ومحبة الذات ،
   ويتقدم كل الفضـــــــــــــــــــــــــــائل    إحتقار الإنســـان للراحــــة .

+ الذي يغــذي جســــــــده بالراحـــــــة   فإنه في بلــد الســـــلام ينضغط بالضيقــــــة .

+ الذي يتنعم في شبـــــــــــــــــــــابه ، في شيخوخته يكون عبداً ، وفي الآخر يتنهد .

+ كمـــــا أن من حبس رأسه داخــل بئر عميق مملوء ماء
   لا يتمكــن من استنشاق هـــــــواء هــــــــــــذا الجو اللطيف الساري في الفضاء ،

  هكـــذا من غاص ضميره في اهتمامات الأمور الحاضرة
  لا تستطيع نفسه أن تقبل إستنشاق الإحساس بالعالم الجديد (أي ملكوت السموات) .

+ كما أن رائحة الســـم المميت تفســــــد مزاج ( أي صحة ) الجســد ،
    هكذا المنظر الســـــــــــــمج يعكــــــــــر ســــــــــــــــلام الضمـــير .

+ كما أنه لا يمكن أن تكــون الصحة والمرض في جسد واحد ولا يفسد أحدهما الآخــــر ،
   هكــذا لا يمكن أن تسكن البغضة والحـب في بيــــت واحد ولا يفسد أحدهما رفيقــه 

+ كما إن الزجـــــــاج يتهشــــــــــــم عند تقلبـــــــــــــــــــــــه مع الأحجـــــــــــــــار ،
   هكـــذا لا يمكن أن يكون أحد طاهراً وهو مداوم النظر والكلام مع امــــــــــــــــــرأة ،
             إذ لا تثبت طهارته بغير دنس .

+ كما أن الأشــــــجار تقلع من          شــــــــــدة جــــــــــــــريان المــــــــــــــــــاء ،
   هكـــذا محبة العالم تقلع من القلب بحــــــــــــدة التجــــــــــارب الحادثة للجسـد ،

  وكما أن الأدوية المسهلة  تنقــــــــــي    الأجساد  من الكيموس ( الميكروب ) الرديء ، 
  هكــــذا شدة الضــــوائق  تقلع الآلام  من القلب .

+ كما أن المائــت  لا يمكن أن يحـــــــــس بأمـــــــــور الأحيـــــــــــــــاء ،
   هكـــذا المتوحد المدفون داخل الســــكونكمــــــن في قــــــــــــــــبر ، 
                         تكون نفسه خالية من اضطــــــرابات المجتمـــــــــــع
                         ومــــــن الإحســــاس بالأمور الجارية فيما بين الناس .

+ كما أنه لا يسلم من الأذى الذي
                                           يشفق على عدوه المناصب له في صفـــــوف القتـــال ، 
   هكـذا لا يكــــــون ممكنــــــا أن
                                          يشفق المجاهد على جسده وتنجو نفسه من الهــلاك .

+ كما إن الطفل
                     عندما يخــاف من المنـــــاظر المرعبة يجــــــــري ويلحـــــق بأذيال أبويه ،
   هكـذا النفس
                     كما تتضــايق من رعــــــــــب التجارب تســـــارع بالالتجــــاء إلـــــي الله
                     بكثرة الصلاة والتضرع ، وكلما كــثرت التجــــارب تكـــــثر هي التضــــرع ،
                   ( وقد يحدث من البعض ) أنه إذا أفسح لها بالراحة اندفعت إلي الطياشة .

الاتضاع أمام التجارب :
+ كما أن الذين يسلمون لأيدي الولاة ليعاقبـــوا عن شــــــــرورهم ،
   فإنهم عندما يجلـــدون يتضعـــــون ويقــــرون بما ارتكبـــــــــــــوه
   فتقـــــــــــل جلداتهم وبســـــرعة يتخلصــــــون بضيقـــات قليلة ،

   لكن الجاهل يقســـي قلبه ولا يعـــترف ، لــــــذا يزداد جـــــــلده
         وأخـيراً وبغـــير إرادته يقــــــر ، ولكن بعــــــد جــلد كثــــــير
  وبعـد تمــزق أجنـــــــــــــــــــــــــــــــــابه دون أن يربـــح شــيئاً ،

 + هكـذا أيضا نحــــن إذا ما تركنـــــــا زلاتنـــــــــــا بغــــير إصـلاح ،
    فإننـــــا نســـلم من أيادي المراحــــم الإلهيـــــة لحكـم العـدالة
    فتأمر أن يمدونا أمام عصا التجارب حتى لا تصعب عقوباتنا هناك ،
   فإن كنا نتضــــع عندمــــتا يدنـــو منــــا الجـــــلد بعصـا الحــاكم
    فنذكر ذنوبنـــــا ونعترف قدام المنتقم  فإننــــــــا ننجو ســريعاً بتجارب قليلة ،
   أما إن تقــست قلوبنـــا في الضوائــق ولا نعـــترف أننا السبب. فيما نحن فيه،
          ونســتحق أكثر من هذه بل نرجــع باللــــوم على الآخرين ،
         وفي وقـت آخر نحتــــــج بالشــــــــــياطين
         وفي وقت بتدابـــــــير الله وعدالتـــــــــــه ، 
  ونعتبر أنفســنا مزكــــــين بــــــــــــلا لـــــــــوم  وليس لنا ذنوب تســتوجب ذلك ،
          ولا نفكر أن الله أكــــثر منــــا درايــــــــــه ويعرفنا أكثر من معرفتنا بأنفسنا ،
  وإن أحكام الرب هـــــي فــــي كــــــل الأرض ، ومن دون أمـره لا يتـــــأدب أحد  ،
                     ( فإن لم نفكر على هذا النحو ) ،
   تكثر أحزاننـــا وتشــتد ضوائقنــــا ويســـــــلمنا من واحد إلــــي واحـــــــــــــــــد
         كمن هو  ( مقيد)  بالحبــــــــــــــــــــــــل ( أي لا نستطيع الهــــــــــــــرب )
   حتى نعـــرف أنفســــنا ونتضــــع ونشــــــــعر بخطــــــــايانا ،
   لأنه من دون أن نشـــــــــعر بهـــــــا لا يمكـن تقويمنـــــــــا ،

+ و أخيراً بعد أن تضايقنا كثيراً ،
  فعندئذ نعترف بجهلنا اعترافـــاً لا منفعة منه ولا ننال شــــيئا من العـــــــــــــزاء .
  إن شعور الإنســــان بخطــاياه ســـريعاً هو موهبــة مـن الله تقـــع في الضمير ،
  إذا ما نظر شـــــــدة شـقائنـا من أنــــــواع التجــــــــــارب ، وذلك لئلا نقاسيها
    ( دون أن نعـــــترف بخطايانا ) فننتقل من هذا العــــــــالم بلا منفعـــــــــــــة ،

 + وهذا ليس بسبب قســــوة  ( التجارب ) بل من عدم المعرفة والفهم .
   وثم مــــن ينتقلــــــــــــــون ( من هذا العالم )
   وهــو في هذه التجــــــارب دون أن يعترفـــوا بأنهـــــم أذنبوا أو أخطئوا ،
   بـــــــــل يقاومون ويتبرمون ،                   
   ( مع أن ) الله الرحــــــوم  كان ينتظرهــــــم لعلهــــــم يتضعــــــــــون
   فيغفر لهم وينجيهــــــــم، وليـــــس فقـــط يبطل عنهم التجــــــــارب  
   بــــــــــل ويغفر لهـــــــم   خطاياهم بإعتراف قليل من قلوبهـــــــــم .

+ الذي اقتنى الدمــــــــــوع في الصـــــــــلاة
   هو كإنسان يقــــــــــــــدم قرباناً عظيمــــــاً للملك ،
   فيكــــــــون وجهـــــــــــــه مبتهجــــــاً لـــه ،
   كذلـــــــــك الدمـــــــــــوع قـــــــــــدام الله الملك العظيم سلطان كل العالم ،
   فيغفر كل أنواع الخطايـــــا ويكون وجهــــــه مبتهجــــاً له .

+        كالخروف الذي يخرج من الحظــــــــــــــــــــيرة ويضل ويمضي إلي وكر الذئب ،
   هـــكذا الراهب الذي يترك مجمع الشركة ( الرهبانية ) بحجة الجلوس في الوحـــدة ،
  (إلا أنه) يــداوم على المشـــــــــــــاهدات ( العالمية )  والطياشــــــــة في الخليقـة .

+ وكمثل من هو حامل جوهرة ثمينة  ويمضي في الطريق معروف عنه أنه غير مأمـــــون
                                                فيكــــون في رعــــب دائـــــــــم من اللــــــصوص ،
 هكذا يكون من اقتني جوهرة العفة  ويسـير في العالم الذي هــــو طريق الأعـــــــــداء ،
 فالي أن يدخل القــبر الذي هـــو بلدالثقة فليس له يقين أنه يفلت مناللصوص الناهبين ،

    وكما أن ذاك ( أي الذي معه الجوهرة ) ، لا يمكــــن أن يكـــــــون بغير خـــــــوف ،
    هكـــذا أيضـــــاً هـــذا فهـــــو  لا يعــرف في أي بلـــــــــد أو في أي وقـــــــــــت
    يخرجون عليه بغتــــة ويســـــــــلبوه جميـــــــــــع أموالــــــــــه ( أي عفتـــــــه ) ،
    ويفقــد كل رجــــائه لأن ثم من يســـلب علي باب داره أي في زمـان شيخوخته .

+ وكإنسان يشرب خمراً في وقت الحزن فيسكر وينــــــــسى كل حزنــــــــــــــــه ،
  هكذا الذي يســـــكر بحب الله في هذا العالم الذي هو بيـــــــت الحزن والنـــدب ،
  فإنـــــــــه ينــــسى أوجـــــــــاع أحـــــــزانه جميعهـــــــــا ( أي حروب الشهوات )
  ولا يحس بـــأي آلام ( أي حروب ) الخطيــــتة ويســــند قلبــه بثقتـــــــــه بالله ،
 وتكــــــــون نفســـه كالطائر الخفيف الذي في كل وقت يرتفـع فكره عن العـــالم
               ويطير في علو الســـــــماء بهذيــــذ أفكــــــــــــــاره ( في الإلهيــات ) .





الذهاب الى