الصفحات

الصفحات

الضيقات وملكوت السموات ـ الجرء الاول من ميامر مار اسحق ـ الميمر الثاني ــ وعظ في سائر أنواع الفضيلة .


الميمر الثاني
ميمر مملوء من كل وعظ في سائر أنواع الفضيلة ،

الجهاد القانونى 
+ بدء مخــافة الله و أساس كل صلاح 
  و باب عزاء الروح و التقرب إلى الله .
                                          هو الاحـــــتراس فــي تدبــير السيرة ، 
                                        و هو يتقدم على جميع أنواع خوف الله .
   فقبل كل شيء اضبط هذا حسناً ؛ لأنه ليس أحدٌ يتوَّج
                                            ــ حســـب قـــول بولــس الرســـول الإلهي –
                                     إن لم يجاهـــد بزِيٍّ و قانون تدبير ترتيب الجهـــــاد .
لأن سائر الأشياء لها
                        نامــــــوس و زِيٍّ و ترتيـــــــــــــب , سواء في الجهادات العالمية ,
                        أو في أعمال الصناعات الجسدية أو في ســــيرة الـــــروح هذه .

   و كل إنسان لا يجاهد حسب ترتيب و ناموس الجهاد ,
                              لا يأخذ تدبيره غياراً حســــــناً (أي أنه لا يتقدم في طريقه) . 
   هكذا في هذا الجهاد غير المنظــور الذي يفوق العالم ،
   يوجـد في مصافه (أي في طقس جهاده) ترتيــب وزِيٍّ ,
   و الذي يتخلف عن هذا فإن انغلابه موضوع تجاه عينيه على الدوام .

  في التغصب و القسر :
+ فينبغي :
              للــــــذي يتقــــدم إلى طـــريق مخــــــــــــــــافة الله ,
             أن يغصــــب نفســـه في كـــــل تدبــــير يقدمــــه لله ,
             إن كان في الصوم أو في الصلاة أو في بقية الفضائل .
 و لتعلم أيها التلميذ :
                             أننا لا نستطيع أن نثبت في الأمور الإلهية كما ينبغــي ,
  إن لم نغصب أنفسنا  في كل وقــــت في الأشــــياء التي تقرِّبنــــا إلى الله .
حتى الذين يشقون في الأمور العالمية أيضاً
 إن لـم  يســــــتعملوا التغصـــــــب ليــــــــلاً و نهـــــــاراً ,
           لا يبلغون - ولو جزئياً ـ  إلى حدود إدراك إرادتهم  ؛        
 لأنــه مثلمـــــــا يتعـــــب و يشــــقى الإنســــان من أجـــــــل الله  , 
 هكذا يحيط به عونٌ إلهي و يقــــــويه , و يســـهِّل عليه كل شيء ،
                                  و يُصـــــلح الطــريق أمامه في كل موضع .
 
+ طوبى لمن غصــــب نفســــه كــــــل أيـــــام حيـــــــاته ؛ 
  لأنـــــه مــن مزبلة الفقر يتكَّرم بجنس المملكة العظمى .
+ طــــوبى لمن غصــــب نفســه دائمـــاً في طـــــريق الله ؛
   لأنــــــــه يصــــــــــير من ذات الجنــــــــس الحقـــــــــــير ,
               مناســباً للجنـــس العظيـــــم الشريف المعقــول .
فالتغصب : هو مغنــي الفقـــــراء , و مكــرِّم المحتقــــــرين .

+ التغصب هو بدء طريق الوحدة ,
                                           و به يسعد النشطاء في طريق ملكــــوت الله ,
                                           و تُعد لهم التيجــــــــــــــان من القـوي القاهر .
   و إن كنت تسأل :
                         إلى أين و إلى أي حد أغصب ذاتي ؟
      أقـــــــــول لــــك :
                        إلى حد الموت اغصـــب نفســــك من أجـــــل الله .
                       و اجعـــــــــــل  أشياء الصغـــيرة اهدفا  لاجتهــادك .
التغصب فى الصلاة و سهر الليالى 
 + أولاً , اغصب نفسك في صلاة الليل و زدها مزامير ,
    حتى و لو كنت مريضاً ، إذا لم يكن مرضك شديداً لئلاً تضنك في مرض صعب ,
    بل إذا كــــان ضعفــــــاً (عاديـــاً) أو انحــــلال جســــــــد ,
 فاغصب نفسك قليلاً ؛
   لأنه يوجد رجاء عظيم و معونة في التغصب من أجــلالله ,
   و لو بمزامير قليلة تزيدها عن العــادة أو نسـك ( قليــل ) .
   ليس لأن الله ينتفع بشيء (من ذلك) , 
بل لأنـــك بها تُقـــدِّم نفسك إليـــــــه .
+ اغصب نفســــك قليـــــــلاً   فتجــــد نعمـــــــــــــة عنــد اللـــه ،
  و بقدر ما تغصب ذاتك هكذا  تدنو منك المعــــــــونة من عند الله , 
                                       و تأخـــذ  قوة من الروح في الخفـــاء .

   و لو كان مزموراً واحداً أو انحناءً و سجوداً قليلاً زائداً عن العادة , 
   فإن نفسك تنشو عند الله دون أن تعلم :
                                        و تحــل عليك قــــوة ، و تؤهَّل لحفــظ ملائكــــي ,  
                                    و لحركات و زيارات من عندهم في يقظتك و نومك , 
                                       و تاؤريات لذيذة يلقـــونهـــــا فيـــــك كـــل حــــــين 

+ اغصب نفسك في ضرب المطانيات دائماً
    لأنهـــا تحـــرك الحــــزن في بالصــــــلاة .

   اغصب نفسك في هذيذ المزامير ,
   و إذا حــان و قــت الصـــلاة اغصـــب ذاتك و قــــم للخــــــــدمة .
   و ألقِ عنك ثقل الجسد الذي يجذبك أن تتخلف عن الصــــــــلاة . 
   و لا تكن كمن ينتظر الساعات  و الأوقات و تتماتن ( أي تتثاقل ) .
    و في الخدمـــة أيضـــــــاً اغصـب نفســك و صـــــــــلِّ بطــــــول روح .
   و تأنَّ في تلاوة المزامــــير بصــبر و جَـــــلَدٍ بعيـــداً عن كل ضجـــــــر ,
   و لا تتلوها مثل مضغـوط , بل مثل من يفكر أنه و اقف قائم قـــــدام الله .
+ اغصب نفسك في الليل أن تقـــــوم و تسجد قدام الصليب ,
   و لو كان النــوم ثقيـــلاً عليـــــــــك، و الجســــــــد يؤخـــرك ؛
   فهذا هو الوقت المقبول , و هذه هي ســـــــــاعة المعـــونة .
   جميع الآباء كانوا يصلُّون في الليل حسب المثال الذي أخذوه من ربنا ؛
    لأن الليل هو مفروز لعمل الصلاة مع البلد القفر .
+ اغصب نفسك أن تثبت في قلايتك في السكون ,
   و تأكد أنه طالما أنت فيها , فحواســك مصــــونة ,
   و أفكارك و حزن قلبك (أي تخشــعك) محفــوظ  , 
   و تكون شيئاً آخر غير ما أنت في كل أمـــــورك , 
   (و ذلك) بالصــلاة المتألمــــة في خفايـــــــــاك .
+ إذا ما اشتهى فكـــــرك مـــــــآكل مختلفـــــة , 
   اغصب نفسك أن تكمــــل شــــبع شـــــهوة بطنــــك بالخـــبز فقــــط ,
   و اذكــــــــــر أتعاب القديسين العادمة من شبع الخبز كل أيام حياتهم .

التغصب الارادى وغير الارادى
+ كل تغصِّبٍ سواء كان بالإرادة أو بغير إرادة يعطي ثقة و أجراً و عزاءً .

    فأعمـــال التغصب نوعــــان :
                                        من الإرادة و من غــــــــير الإرادة ،
                                        و الضيقـــة التي من كليهمـا هي لأجل مخافة الله .
  أما أعمال التغصب الإرادي فهي :
الصـــــوم و الصلاة و السهر و التجـــــــــرد و الســــــكون و البعد من الناس .
   و الدموع و القراءة و اشتياق ضرب المطانيات المنسحقة و ما يشـــابه ذلك ,
   و هي التي يقبــــل الإنســــان على نفســـه عملهــــــــا لأجل خوف اللـه .

    و أعمال التغصب غير الإرادي هي :
    المـــــــــــؤذيات و الأحـــــــزان و الأمـــــــــــــراض , و ما يتولد منها و يحدث للجسد ,
    و صعوبة المرض و عوز الغـذاء , و الضيق من الحبس و الوحــــــــــــــــــــــــــــــــــدة ،
    و تخـــويف و عذاب الشياطين, و الجــــوع المضنــي و انعدام المعـــونة من البشـــر ،
    و ضغطــات و ضيقات من قلة الكسوة بسبب المسكنة ,
    و أحياناً تحصل عثرات في الجبال ،
    و المواضع العسرة التي يعيش فيها القديسون من أجل الله .

  + من دون التغصب :
    لا صـوم يوجــــــــــــــد , و لا عـــــــفة الجســــد , 
 و لا صــلاة حــــــــــــــزن , و لا خــــــدمة إلهيـــــة , 
 و لا ضرب مطانيات متعبة ,
 و لا تزمير بغيــــــر ضجـــر , و لا تلاوة بألفاظ هادئة , 
 و لا مفاوضة سهر الليالي .

أهمية التعب و الصلاة قبل النوم 

+ لا تصدِّق يا أخي أنه بدون الأعمال ينعتـــق الإنسان من الآلام ,
                                             أو يشـرق لـــه نـــور النعمــــة .
 لقــد رأينـــــا أن كثرة المــواهب لا يعطيها الله إلا لأناس عمالين .
 فبالأعمال تعرَّى آباؤنا القديسون القدمـــاء من الإنســان العتيق .

و لا تظــن أن النســـك عن الأطعمـــة فقــــط هـــو العمـــــل , 
أو أن القيـــام في الخـــدمة يُبــــلِّغ الإنســـان إلى النقـــــاوة ,
بل الصبر عن مفاوضة الناس , و الجثــــو دائمــــاً قدام الصليب ,
و مشاركة هذه مع تلك حسب قوتك .

+ احـــذر أن تبطـــل شــيئاً من خدمــــــة الأوقـــــات ,  بل قبل أن تنـــام ,
  أتعب جسدك في الصلاة , كى تحفظ الملائكة جســدك و نفســـــــــك ,
                                           و من المناظــر المخـوفة و الخيـــالات الســـــــمجة ,
                                           و من أذيـــــة الشــــــــياطين طـــــوال الليـــــــــــل ؛ 
       لأن سريرك يكون قد تقدَّس بتماجيد الروح و عمل الصلاة .
 و بـــدون تعــب كثـــير  أو  مــــــرض لا تنــــــام إلا إن وجــــــــدت ,
 جسدك متعباً جداً من كثرة القيام في الصلاة و الترتيل و السجود ؛
 لأننا إذا نمنا و نحن مستريحون تسخر بنا الشياطين الليل جميعه .
نصائح:
+ إذا ما فرزت نفسك للتوبة فكل يوم لا يصادفك فيه محقرة فلا تحسبه يوماً تاماً.
+ حسب انحلال طرق تدبيرنا هكذا تضطرم فينا أتون البطن، فتطلب مآكل مختلفة.

+ إن كنت ما تتعب جسدك و تفني نفسك في كل حين وفي كل شيء وكل موضع و بكل فعل , و لو أن فكرك قد يطيش من أجل ترتيب ابتدائك,  فلن تُعطى لك الصلاة التي بلا فتور . وإن لم تتيقظ نفسك في هدم أفكار الآلام والشياطين، فلن يجود الله عليك بجمع العقل والانقباض من طياشة الأفكار .