الصفحات

الصفحات

في العقاب الأبدي ـ الفصل ( 19 ) من الكتاب الأول ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل التاسع عشر
في العقـــــاب الأبـــدي

هوذا الله يهدد بالنار الأبدية :

( اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته )

                                                                              " مت41:25 ".

إن كنـــــت حتى الآن لا تحـــــب الحيـــــاة الأبديـــة ،
                          فاخــــــش النـــــــــــــــــــــار .

كمــا أننــا لا نجد ههنا فرحاً شبيهاً بفرح الحياة الأبدية المحفوظ للقديسين ،
هكذا فأننا لا نجــــد أبــــداً شــــــبهاً بــين  الألم الزمني و الآلام الأبديـــــــة .

تجنب بإيمـان راســــخ و أخلاق عاليــة تلك العذابات حيث :
لا ينقص الجلادون و لا يموت المعذّبـــــــــــــــــــون ،
حيث يدوم المــوت و لا يموت أحد تحت وطأة الآلام .

لكـــــــــن المرذولين يقاسون عذابــــات أشد حين يقومون .
إذا قارنَّــا بينهمـــا وبــــــــين عذابــــات هذه الدنيـــــــــــا ،
            كانت هذه بالنســبة إليهـــــــا أضغاث أحــــــلام .
ولابد من أن يكون العـــــذاب أشـــــــــدّ على من يتحمــله ساهراً .
أنك تخاف من أن تلــــــــــقي في السجن إذا وشـي بــــــك أحــــد ،
ولا تخاف من أن تحــــــترق في النــــــار من جراء حياتك الرديئة
                                                   التي لا تخدم لك مصلحة .
أتخـــــشى الســــــــجن
ولا تخشي عذاب النار؟

أسمع قول المسيح :
( لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد
و لا يستطيعون أن يقتلوا النفــس )
"مت  10 : 28".

أنت تخشى العــــــــذاب الزمـــــــــني ، ولا تخشى عـــــــــذاب النار الأبدية ؟
أنت تخشى المــــــــوت إلي زمـــــــن ، ولا تخشى المــــــــوت إلي الأبـــــد ؟

وبالتــالي لم يبق لك طالما أن الموت معك سوي أن :
تنــــــــير حيــاتك و تصــلح ما فســـد من أعمــالك .

القاضي يتوعَّدك بمجيئه كيلا يجـــــــدك ،
           مــتى جـــــــاء  جديراً بعقابه .

لو أراد القاضي أن يحكم على إنسان لزم الصمت ،
إذا  لا أحد يريد أن يضرب ثم يقول ( انتبــــــــه ) .  

إن الضيقات التي تتحملهــــا ، في حياتـك ههــــــــنا ،
بمثـــــــــــابة عصـا تـــــأديب  مــــــــــــن اللــــــــــه ،
يضرب بهــا من يحبهــــــــم  كيلا يرذلوا إلي الأبــد .

أصلح نفســـك الآن لئلا تعجز عن القيام به متى أردته بعد فوات الأوان ،
لأن الموت يفاجئك فلا يترك مجالاً للإصلاح بل يرســــــلك إلي جهنــــم .

فائدتك أعمـــــــال تصنعهـــــــا ههنـــــا  ؛ لأن أعمال الإنسان عــون له أو عليــــه .  
إن لــم يجدك اليومُ الأخير ظافراً فاسعَ اقله حتى يجدك مجاهداً ، لا أسيراً و لا مديناً .

أنـــت عضو للمسيح فـــــــارجُ ميراثــــــــــــــــــه ،
                         وإن زال  هــــذا كلـــــــــــــه ،
                          يبقي لك ما لا يـــــــــــــزول ؛
لأن           المسيح لم يَعِدْ خاصته بمكافآت فانية ،
                        ولا هدد الكفرة بعـــذاب زمني .

وكما أنه وعد القديسين بالحياة والسعادة والملكوت ،
           مـــــــيراثاً أبديــــــــــاً لا نهــاية لــــــــــه ،
هكـــــــذا نراه يهـــــــدد الكفــــرة بالنـــار الأبديــــة .

إن لم تحــــــب مــــا وعـد به ،
فخف على الأقل مما هـــدّد به.