الصفحات

الصفحات

رأس الحكمة مخافة الرب ـ الفصل ( 1 ) من الكتاب الأول ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

خواطرُ فَيْلسُوفّ‏
في
الحيَاة الرّوحية
للقديّس أوغُسْطينوس
الكتاب الأول


الفصل الأول
رأس الحكمة مخافة الرب

عن الحكمة كلامنا ؛
لا عنَ حكمة هذا العالم التي هي جهــالة عنـــــد اللـــه ؛
               بــل عمـــــــــا هي ، حقــــاً بنظـرة حكمة :
الله هـــــو كمــــال الحكمــة ؛
و حكمة الإنسان عبادة الله .


و تناقش الناسُ في الحكمة فقالـوا :

إنها عــــــــــلم الأمــــور البشـــــــرية و الإلهيــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
بيد أن الكثيرين لم يســـــعَوا إليهــــا  إلا كســـباً لمديـــــح النــاس لهـم ،
و أرادوهــــــــا في حياتهـم علمـــــاً ؛ لا خُلْقــــاً تأمـــر به الحكمـــــــــة ؛
فنالــــــــــــــــوا مجــداً بشــرياً زائلاً   و عجزوا عن البلوغ إلي نــر الله .
و ما طلبــــــــوا الحكمـــــــــــــــــة ؛ مع إنهـم تظاهـروا بالبحث عنهــا ؛
و لو بحثوا عنها ،
حقـــاً لعاشـــوا وفقــــــــاً لمبادئهـــــــا لكنهم شـاؤوا التبجح بأقوالها ،
فكانــــــــــــــوا كلمـا ازدادوا بها تبجّحاً كلما ازدادوا عنهــــا بعــــــداً .

أما الكتاب المقدس :
فإنه يعلّمهم أنهم لن ينالوا مبتغاهم
إلا إذا رَعَــــــــوْا ما كـانوا يهملـون
( يا بني إن رغبت في الحكمــــة
فاحفــظ الـبر فيهبهــا لك الـرب )
         (يشوع بن سيراخ 33:1 )
و مـــــن ذا الــــــذي يحفـــــظ الــــــــــــبر
إن لــــم يخف الرب القائل في موضع أخر :
       ( مــــــــــن لا يتقي الله لا يدرك البر ) ؟

و بالتالي
فـــــــإن كــــان الرب لا يهــــــــبُ الحكمة
         ســـــــــــوي مـن يحفـــظ الـــــبر
فمــــن لا يتقي الـرب لا يتــــــــــــــبرر ،
          ثـــــــــــــــم يضيـــــــــــــــــف
      ( رأس الحكمة مخافة الــــــــرب ) .

و حـــين يتكلم أشعياء النبي عن مواهب الــــروح الســــــــبع يبـــــدأ بالحكمــــة .
         منحــدراً إلينــــــــا ليعلّمنـــا كيــف نصعــــد إليــــه . و ينتهي بمخافة الله .
بــــــــدأ حيث يجب عليـــك أن تصـل ، ثم وصل حيث يجب أن تبـــــدأ ،م
( و يستقر عليه روح الرب روح الحكمة والفهم ،
 روح المشورة والقوة ، روح العلم وتقوي الرب )                                  
                                      " أشعياء2:11-3 ".

و كما أن النــــــــــــبي انحــــــــــــــــــدر من الحكمة إلي التقوى ،
           معلّمــــــــــــــاً بقــــــــــــــــوةٍ ،
عليك أن تصعد تدريجياً و بدون استكبار من التقوى إلي الحكمة .

المتواضع يتقي الله ،
و قلبه ينسحق بدموع التوبة و الاعــــتراف ،
لا تخف البقـــــــــــــاء في هـــــذا القعـــــــر .

لأن الله رتًّب ،
في القلب ، المنسحق ، المتواضـــع ،
الــــذي يرضي عنـــه  مراقيَ إليـــه .

و انحــدر أشـعياء على ســـلًّم العلم ،
مـــــن الحكمـــة إلي تقـــــوي اللـه ،
ليحثـــــــــــــــك على القيام بأعمالك .

لقد انحدر ،
مــــــــن مقــــر الســــلام الأبـــدي إلـــي وادي الحزن الزمـــــــــني ،
كيــــــلا تبقــــــــــي حزينــــــــــاً ، باكياً ، متنهــداً في توبتـــــــــــك ،
بـــــــل لتصعــد من ذلك الــوادي إلـــي الجبـــــــــــــل الروحــــــي ،
                                          إلــي أورشــــــــــــــــــــــــــــليم ،
                                          المدينـــة المقدســة الأبديـــــــة ،
                                         و تفــــرح فرحـــــــاً أبديـــــــــــاً .

و حـــــــــــــــين نصحك بالتزام الحكمة نوراً للعقل ،
أضاف العقــل ، رداً على ســـــــائليه ، بأن : ـ
( 1 )  طـــريق الحكمــة العقــــــلُ .   ( 2 ) و طريق العقـل المشــورة .
( 3 ) و طريق المشورة القـــــوة .    ( 4 ) و طريق القــوة المعـــرفة .
( 5 ) و طريق المعرفة تقوي الله .    ( 6 ) و طريق تقوي الله مخافته .

 تتجـــــــــــــــــه الطــــــــــــريق   صاعداً من المخـــــــــافة الى الحكمــــــــة ،
 لان راس الحكمة مخافة الرب ؛            من وادي الدموع إلي جبل السلام .

فإجعــل
التواضـع و التقـــوى رأس حكمتــك .
ــــــــــــــــــــــــــ