الصفحات

الصفحات

في ثقل العادة الشريرة ـ الفصل ( 6 ) من الكتاب الثالث ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس



الفصل السادس
في ثقل العادة الشريرة
قيـــــل : العـــادة طبيعــــــة ثانيــة تــــزاد عــــــــــــلى الأولـــي .
العـادة : قـــــدرة إذا تأصلت فيـــك كانت لك عـدّواً ولا شــرَّ منه .
ومـــــا أصــــعب نهـوض الرازح تحت ثقل العــــادة الشـــريرة ،


لأن الخطــــــــأ شـــــيء
  و اتخاذ عادة شئ آخر

ان من يخطأ ثم يصلح خطأه فوراً
يعود سريعاً من جديـد إلي الحيـاة ،

   لأن   قيــــود العــــــادة لم تؤخـــــره ولم تكــن له قبراً ،
لكن الذي يتعـــودّ الخطــــأ يُدفـــــــــــن في أغـلال عادته ،
ولـــذلك يقال عنه بحــق : رائحة كريهة تفـــــــوح منـــه .

وفي الواقع ،
تفوح منه رائحة كريهة ، لأنــــــــه عـــــاطل الصـيت ،
وأنــــت تقـــــــــول له : إيــــــاك أن تعمـــــل هـــــــذا .
فكيـــــف يســـــتطيع أن يســـــــــــمع لــــــــــــــــــــك ،
وهو الذي تضــــــــــغط عليه الأرض وقــــد أنـــــــتن ،
ويرزحُ تحــــــــــــــــت وطـــــــــــأة العـادة الشـريرة .

كُنْ على ثقة  :
بأن الموتى الثلاثة الذين أقامهم ، بالجســـد ، سيدنا يسوع المسيح
       يرمــــــــزون ، نوعــــاً ما ، إلي النفوس القائمــــة من المـــوت .

لقد أقام ابنة رئيس المجمــع الذي كان مسجيَّ في الــــــبيت ،
   وأقام وحيد الأرملة الشاب ، المحمـــــــــول على الأكـــف ،
                                      خـــــــــــــارج أبواب المدينة ،
   وأقام العـــــــــــــــــــــــازار بعــد دفنـــــــه بأربعـة أيـــام ،

تأمّل نفسك ( إن خطئت متّ ) الخطيئــــــــــة موت النفــس .

بيد أنك تخطأ بالفكر أحياناً :
إذ يروقــك ما هــو شـر فتقبــله وتخطــأ بـــــه ،
وإذ بهذا القبول بالـشر يميتــك ميتة باطنيــــة ،
     لأن  فكرك العاطل لم ينتقل إلي حيّز العمـل .

إن الــــرب الذي أقــــــــام من المــوت ، تلك الفتـــاة التي كـــــــــانت لا تزال في بيتهـا ،
قد رسم ما يجب القيـام به تجـاه نفس ، لا تـــــــــزال خطيئتهـــــــــا باطنيـــــــــــــــة .

أمــــــــــا إذا قبلتَ الشـــــــر باطنياً ثم جسدته عمــــــــلاً :
أشبهت الميت المحمول على الأكف خـــــــارج المدينــــة ،
ومـــــع ذلك فقــــد أقــــــامة الربّ وردّة إلي أمه الأرملة ،
إن خـــطئت فأنــدم على خطيئتــك والــــربّ يقيمـــــــــك ،
ويردّك إلي أمــــــــــــــــــــــــــــــك الكنيســـــــــــــــــــــة .

والميت الثالث :
هو لعــــــازر الذي يرمـــز إلي نوع من المــوت الرهـــــيب .
( أنـــــــــــه العادة الشريرة بالـــذات التي تضغط على النفس
فــــــــــــــلا تقـــــوي على النهوض، ولا على التنفــــــــس )
ويــــــــــأتي الــــــــــــــرب الـــــذي يسهُل كل شـيء لديـه ،
ويبــــدأ يُظهر بعض الصعوبة ثــــــم يرتجف بالـــــــــــروح .

ويصرخ صرخة قويـــة ويبيّن أن التوبيـــخ هـــــــــو
لمـــــــن اســـتســـلموا بعنـاد إلي عاداتهـــم العاطلـــة ،
وعندما يـــــأمر الــرب صـــارخاً ، تتحطم قيود الموت ،
ويرتعد سلطان الجحيم وتعـــــود الحيــــــاة إلي لعازر ،

ولكن تأملّ كيف يقوم من الموت .
هــــــــــوذا يخــــرج مــــــن القــــبر حيـــــــاً ،
غــــــــــــير قــــــــادر عـــــلى المـــــــــــــشي ،
فيقول الرب لتلاميذه حـــــلوهّ ودعوه يذهـــب .
الـــــرب أقام المــيت والتلاميذ حلّوه من ربطه .

فمـــــــــــن الضـــروري إذن على من يعــــــود إلي الحيـاة ،
أن يحُـــــــلًّ من قيــــــــــــــــــــــوده ، ويسـمح له بالذهـاب .
وعَهَدَ الرب بهذه المهمّة إلي الرسل حـــــــين قال لـــــــــهم :
               ( أما حللتم في الأرض حُـــــــــلًّ في الســــماء )
                                                                " متى 18:18 " .

أنْدم على إثمـك طالمــــــــــــا لا يــــزال في القـــلب ،
وقبـــــــــــل أن يصــــــــــبح فعـــــــــــــــــــــــــــلاً ،
ونقَّ ضمــــيرك وليقم المـيت في بيت الضـــــــــمير ،
أمّا إن خـــرج الإثم الذي فيك من الفكر إلي الفعـــل ،
فــلا تيــــــأس إن المـــــــيت لا يقــــــــــــــــــــــوم وهو في داخل الـــــــبيت ،
                                    بـــــــــــــــــــــــــــــل وهو محمول على الأكف .

أنــــدْم على عمــــلك تَعُـــــدْ إليـــك الحيـــاة بسـرعة ؛
ولكن إياك أن تقبل من جديد صخرة العادة الشريرة .

وقــــد يكون حديثي مـــع إنســـــان ، ثقلتْ عليه صخرة أخلاقة القاســية ،
فرزح تحـت ثقــل العـــادة الشريرة ، ودُفـــن منــــــــــذ أربعة أيـام وأنتن ،
وعلى هـــذا أيضاً ألاّ ييــــــــــــأس .

لقد أصبح الميت في اللجَّـــة ، بيـــــد أن المسيح في الأعالي ،
وهو قادر على أن يصـــرخ  ، ويقـــــلب أثقــــــــــال الأرض ،
ويحــيي بذاتـــــه البـــــاطن ، ويعُهـد به إلي تلاميــــــــــــذه ،
لـــــــكي يحـلّوه من قيـوده .

عليه إذن أن يتــــــــوب . ولن يبقي في لعازر الحيّ ، القـــائم من الموت ،
                               بعد دفنـــه بأربعــــة أيــام ، أي أثـــر للفســــاد .

وبالنتيجــــــــــــــــــــــة على من يحبـــون . أن يحافظـــوا على الحيـــاة ،
وعلى من يعـــــــــرفون أنهم موتــــــــــــي بإحدى هـذه الميتات الثـــلاث ،
                             أن يســـــــعوا إلي  قيامـــــــــــة ســـــــــــــريعة .