الصفحات

الصفحات

في مكر العالم ـ الفصل ( 7 ) من الكتاب الأول ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس



الفصل السابع
في مكــــر العــــــالم

فرح الكفرة : فرح الكفــــرة ليس بفــرح :
                أصغ إلي قول النبي أشعياء :( لا سلام للمنافقين قال الرب )
                                                                               " أشعياء 21:57 ".


فصدّقه . ما هو فـــــــــرح الكفـــــــرة ؟  أنهـــــــــــــــــم يفرحــــــــــون :

          بالإثـــــــــــم  ، والعــــــــــــار ، و الرذيــــــلة  ، والقبْح الخلُقي ،             
                                                   بهـــــذا كــله ، يفرحـــــــــون .

أجل ، بأي شيء يفرح الكفرة ؟
إنهم يفرحــــــون بالرذيــــــــــــــــــــــــلة التي لا عقــــــاب عليهـــــــا ،
يعيــش أناس في الفســــــــــــــــــــــــــــــق والــــــــــــــــــــــــــــــزنى ،
                وترهات المسارح والســكر ، و يتلوثــون بكل ما يخجــل
                ويرفضــــــون كل تجــــربة :  ذاك هــــو فــــرح الكفــرة .                         

 لا جــــــــــــــوع  ، و لا حـــــــــــــــــرب ، و لا مــــــــــــرض  ، و لا ضيــــــــــــــق
 يعتـــبره الكفــرة عقــاباً عـــلى جرائمهم ، و لأنهم يتمتعون جيداً براحة في جسدهم ،
و طمــــــأنينــــة في فكــــــرهم العـــاطل ،  فـــــــــــــــــــذاك هـــــو فرحــــــــــــــهم .

بداية الكفرة ونهايتهم : ـ
بيــد أن الله لا يفكر بمثـــــــل ما يفكر به الإنسان : شيء هو تفكير الإنسان و آخر هو تفكير الله .
بداية الكفرة خالية من التبصر ونهايتهم ندامــــة ، جميع أعمالهم إلي الهلاك ولا ثمــار لهــــــم ،

قيمـــــــــــــة أعمـــالهم باقيــة إلي زمـن ،
ثم يتساءلون فلا يجدون شيئاً مما عملوا ،
وإليــــــــــك ما يتحدثــــــــــــون بـــه :
أي نفـع لنـا مـن الكبريــــــــــــــــــــاء ؟
وما فائدتنــا من الأمـــــوال المكدسة ،
              و الثروات المجمــــوعة ؟
              { كلها تمـــر كالظــــــل }
                                  " حكمة8:5 ".

و في خضم هـــذه الحيــاة و تجاربهــا  ،
يتأملـــون بمــا تصبـــو إليه نفوســـــــهم  ،  بجشـــــــــــــــــــــع أرعــــــــــن ،
بينـــــــــا العالم ينشط وراءك ليجذبك إليه ؛ ويصـــــخب بقـــــوة ، خلفــــــــك ،
ليجـــعلك تضعُ رجـاءك في ما يـــــــــزول ، ثم تحــاولُ أن تستريح فتهلك معه .

كم مــن حــــــــركات يقــــوم بها ، العـــالم ، ليسلخ قلبك عما يعدك به المســـيح !
ولمَ هــذا الغليـــــــان أيهـا العــالم الفاسد ؟ إنك تحـــاول أن تســـتميلنى إليـــــك ،
أنت ذاهب إلي الهلاك ممســـــــــــــكاً بي ، ماذا تعمـــــل لو اضطـررت أن تبقي ؟

ماذا تحب في الطعام ؟
إنك تقــــــدم طعامــــــاً مــــــــــراً  ، لمـــن لــــم تســــتطيع أن تخــــــــدعه .
يا رجــــــل، العالم في هيجــــــان ،  وأنت تحبه ؟ ماذا تصنع لو كان هادئاً ؟

وكيــــف تستمســـك بالجمــــــال  ، إن كنت تحـــــب ما هـــــو قبيـــــــــح ؟
وكيــــف تقطـــــــف زهـــــــوره  ، ويداك لا تزالان عالقتين في أشــواكه ؟

عطية العالم و عطية الله :ـ
ألا تريد أن تترك العالم ؟
العـــــالم يتخـــــــلى عنــــــــــك و أنــــت تتبعـــه ،
أتجه إلي الرب إلهك و قل للعالم : لماذا تلاطفني ؟

إن ما أحبـــه هو أحـلي ممَّا تعــدني به ،
  تعـدني باللـــــــــذة الأرضيـــــــــــــة ، فاللــــــــــــه أحــلي منها .
و تعـدني بالكـــرامة و المجــد العالمي ، فملكــوت الله أسـمي منها .
و تعـدني بكل أثيم فيَّ وفضوليّ وباطل ، حقيقـــة الله وحدها لا تضل .

 إن كنت عظيماً فأعظم منك صانعك .  وإن كنت جميلاً فأجمل منك صـانعك .                                        
وإن كنت جذاباً فأطيب منك صـانعك .   وإن كنت شريراً فصالح هو خالقـك .             

العظمة في رحمة الله هي :
أنهـــــــــــــــــــــــــــــا لا تترك الآثم بلا عقـــــاب ؛
و هـــــا أنّـــا نــــــراه يضــــــــرب بعصا تأديبه ،
كيلا يضطر في النهاية إلي المعاقبة في جــــهنم .