الصفحات

الصفحات

ميامرماراسحق ـ الجزءالثانى ـ الميمر التاسع ( 3 اجراء ) ج 3 ــ تعاليم يجب تذكرها على الدوام ( التفاوض مع اللــــه في السكون )

الميمر التاسع  ( ج 3 )
+ قال أحد الشيوخ :
                     إني متعجب من الذين وهم في سيرة السكون يسجسون أنفسهم 
                     من أجــــــل أنهم يريـــــــدون أن يريحوا آخـــرين بأشياء جســــدانية .
  قال أيضـــــــــــاً :
                      ينبغــــــــي ألا نشرك مع عمل الســــــــكون اهتمام آخر أو عمل ما، 
                     ما خـــــــــلا الأشياء التي تليق بعمــــــــــــل الســـــــــــــــــــــكون ، 
 و في كل تدبير لنتحفظ كما يليق به لئلا نتخبط في ســيرتنا و نضطرب في تدبيرنا .

   الذي يهتم بأشــــــــياء كثيـــــــــــــــــــــــــرة هو عبد كثيرين ،
و الذي يرفض كل شيء و يهتم باصلاح نفسه هو محب للـــه .
انظر ان:صانعي الصدقة و المكملين محبة القريب بأمور جسدانية موجودون في العالم  
و أمـــــا السائرون في تدبير السكون كما يجب و المتفاوضين مع اللـــــــــه ،
                                            فبعد جهد تجــــــــــــــــد أفراداً قليلين .
و من من هؤلاء المتبررين بالأمور  ( الملموسه ) و صانعي البر بأشياء جسدانية
يمكنه نوال واحدة من المواهب التي ينالها من الله العمالين في الســـــــكون 

+ وقال أيضـــاً :
                   إن كنت علمانياً تدبر بالسيرة الحسنة التي للعلمانيين .
                 و إن كنت راهبــاً تدبر بالأعمال الفاضلة التي للمتوحدين .
 و إن كنت تريد أن تسير في التدبيرين  ( معاً )
                  أي تدبير العلمانيين و تدبير الرهبان فإنك تسقط و تخيب من الاثنين .
لأن عمل الرهبان هو : التحرر من كل المحسوســـــات
                          و المداومة مع الله بهذيذ القــلب و تعــــــب الجســــم بالصلاة .

  فهل يمكن أن تقرن الفضيلة العالمية مع هـــــذه ؟!
أو هل تكون عوضــــــاً عنهــــا إذا ما أهمــــــــــلت عمـــل السكون .
أو هل يمكن للمتوحد العمال ( أي المجاهد ) في ســـيرة السكون
        أن يكمل التدبيرين أي  ( الداخلي في القلب ( و الخارجي .
أي هل يمكنه الاهتمام بالله بالقلب مع الاهتمام بأمر الآخرين 

أما أنا فأقول : إن الــــذي يـــــريد أن يســـــــــــــير حســــناً مع الله ،
فلـــو أنــــــه يرفض كل شيء و يهتم بنفسه فقط في هذا التدبير ،
و مع ذلــــك فهو غير كفء ليتدبر بكل واجبات عمل السكون كاملة
               لأنه عاجــــز عـــــن حمـــــل أثقـــــاله ،
 فإن كــــان هذا هو حال من يرفض كل استعمال و هذيــــذ العالم
فكم بالحري إذا حمل ذاته و أيضاً وضع نفسه للاهتمـــــام بآخرين .

إن ســـيدنا  له فــــــــي العــــــــــــالم مــــــــــــن يخـــدم و يفتقـد عبيده و بنيه ،
              و اختار أيضاً ساكني البرية هؤلاء الذين يخدمونه  ( هو وحده ) فقط .

و نري مثل ذلك في ترتيبات الملوك الأرضيين ،
فالذين يخدمون الملك  هم جليلي القـــــــــدر ذوي رتــــــــب عــــــــــالية ، 
                           و متداخلين في أسرار الملك لوقوفهم قدامه دائماً
( و هم في ذلك) أكثر من الــــــــذين يحبون الملك و يؤدون أعماله و هم بعيدون عنه .

 فهكـــــــذا أيضـــــــاً في الأمـــــــور الإلهية :
                             نرى أن الذين يتفاوضــــــون مــــع الله بالصـلاة كل وقـــت 
                             لهــــم دالـــــــــة قد اقتنوهــــــــا مــن الهــــــــــــــذيذ به،
                            و هـــو قد أعطاهم السلطان على ثروة سماوية و أرضية .
 و كم يظهر سلطانهم على كل الخليقة   و يخضع لأمرهم علانية  و بغـــــير مقــاومة
                                              كل الناطقين و غير الناطقين بكل وقار و كرامة
أفضــــــــل مـــــــــــن الــــــــــــــــــــذين يخدمونه بالأشياء الأرضية ، و اقتنــــاء الأمــور
                                             و يرضونه بالبر الذي يصنعونه مع عبيده رفقائهم، 
و هذا و إن كان حسناً جداً و لكن لا ينبغي أن :
                           نأخذ لنا مثالاً ( أي قدوة ) الذين نقصت درجتهم في عمل الله ،
                           بل من النشطاء الحاذقين في طريقنـــا هــــذه ،
و من القديسين أصحاب هذه السيرة و التدبير ، الذين رفضوا الأرضيات
و صـــاروا جنــداً لملك السماء و هم بعد على الأرض و تركوا الأرضيات
و رفضوها كليــــــــــــــــــــــــة و وضعــــوا أيديهــــــــــم في الســــماء .

الاهتمام و الهذيذ باللـــــــه وحده : 
ســـؤال : بماذا أرضى القديســـون القدمـــــــــــــاء الــــــــــــــرب
            هؤلاء الذين طرقوا هذه السيرة و صاروا محنكين فيهــا ؟
الجواب : القديس يوحنا التبايسي كنز الفضائل و ينبوع النبـــوه  ،
          ألعله بأمور جســــدانية كان يريح إخوته و الذين يأتون إليه و هو داخل حبسه؟ 
           أليس بالصلاة أرضى الله .

أنا اعرف من صاروا من أولئك ( أي من المهتمين بخدمة الآخرين ) فضـــــــلاء ، 
و لكنهم ليسوا مثل أرضوا الله بالصلاة و رفض الأشياء ،فهم أنقص منهم جداً .

أما عن المنفعة التي تكون للناس من هؤلاء الذين بالسكون يتفاوضون فهي معروفة ،
و هــــــــــي أنهــــــــــــــم :
                                 يعضدوهم  بكلام وعظ نافع و يصلون عنهم وقت الضرورة ؛
و خارج عن هذين الأمرين ،
فينبغي على المتوحــــد ، ألا يترك في قلبــــه ذكـــــراً لإنســــــــــــــان
                                أو اهتماماً بشيء ما من الأمور الجسدانية ،
                                لأن هــذا ليــس هــــو عمــــل الحكمـــــــة ،
 و أمـــــــا قـــــــــــــــــوله " أعطوا ما لقيصر لقصير و ما لله لله " لو 20 : 25 )
                               أي ما يخــــص القــــريب و مــــــــا يخـــص الله 
فهـــــــــــــــــــــــــــــــــذا ليس للمتوحــــدين الســــاكنين في الهــــدوء ،
بــــــــــــــــــــــــــــــــــــل لأولئك الذين يتبــررون بالإعمــــال الظـــــاهرة ،
 أمــــــــــــا الـــــــــــــذي يتدبر بسيرة الملائكة أعنى بالهذيذ النفساني
                              فلا يلزمه أن يتفاضــــل بأمـــــور جســـــدانية
                             و يلقي ذاته في الاهتمـــام بعمـــل اليــــدين،
                             و ينتظر أن يأخذ من واحــــد و يعطي آخــــــر
           لأن             عمـــــــــــله هـــــــــو فــــــي الســــــــــــــماء .

لا يليــق بالمتوحــد أن يدع الاهتمــــــام بشــــــيء من الأشـــــــــياء
                           يحـــرك و ينــزل فكـــره من القيــام قــدام الله ،
 و إن عرض أحد :
                     ذكر بولس الرسول بأنه كان يعمـــل و يعطـــي صدقـــة ،
نقـــــــــــــــــول :
بولس واحد ظهر في العالم كان كفء لكل الأشياء ، ولم نعرف بولس ثان .
              إن أمــور تدبير التبشير لـــم تدخــــل في أفعال العـامة ،
فالتبشـــــير هــــو عمـــــل آخــــــر غـــــــــــير عمل السكون ،
و أما أنـــت فــــان كنــت تريد أن تتدبــــر في عمل السـكون
              فكن مثل الشاروبيم الذي لا يهتم بشيء من الأرضيات ،
             و فكر أنه ليس في الخليقة إنسان آخر إلا أنت وحدك والله
الـــــــــذي اهتمامـــــــــــــــــك و هذيــــــــــــــــــــــــــــذك بــــــــه ، 
هـــــــــذا حسبما علمك آباؤك الذين ساروا قبلك في هذا التدبير .

إن لــــــم يقس الإنسان قلبه و يضبط مراحمه ( أي عاطفة الرحمة ) غصباً
            لكي يكون بعيداً عن كل انسان من أجل الله ،
           و لا يفكر في شيء من الأمــور الجســدانية
 بـــــــــــــل في الصــــــــــــــــــلاة فقـــــــــــــــــــــــط ،
و لا يتـــــرك في قلبــــــه اهتمــــــــــــام أو تعـــــــــلق بإنســـــان
فلا يقدر أن يتحرر من سجس و اضطراب الاهتمامـــات الزائــــلة ،
و لا أن يكون في السكون كما يجب أن هذه هي النهاية باختصار .

من أجل الله أهرب :
                            إذا أتاك فكر أن تهتم بإنسان على أنه فضيلة
                           إلا أنه ســـــــــينزع منــــــــك الســــــــــــلام 
                           الذي من عادته أن يكون في القلـــــــــــــــب 
                           بســـــبب ذكـــــر الـــــــــــله الدائــــــــــــــــم ،
فقـــــــــــــــــــل له : إن الحب و الرحمة من أجل الله تدبير حسن ،
                         و لكن أنا أيضـــــــاً من أجل الله لا أريــــــــده .

 حسب قــــول ذلك الســــــائح عندما كان يجري وراءه ذلك المتوحد 
و يقول :             من أجل الله قف لي حتي لا أجــــــــــري وراءك 
فأجابه : وأنا أيضــاً من أجل الله أهــــــــــــــــــــرب منـــــــــــــــــــك .

فأنبا أرسانيوس ، من أجل الله ما كان يفتح فاه ويتكلم ولا كلام منفعة و لا غيره ،
و آخــــــــــــــــــــر من أجل الله كان يتكلم النهار كله و يقبل الغرباء الذين يأتــونه ،
                    فذاك ( أي أنبا أرسانيوس ) فلأجل إنه اقتنــي الصمت و السكون
كان يسير مع روح الله

                     داخل بحر هذا العالم بسلام و مرتفع في سفينة تدبير السكون ،
و ذلك حسبما ظهر لواحد من القديسين بإعلان عندما فحص و فتش عن هذا الأمر .

إن لفظ " السكون " معناه الهدوء من كل الأشياء و الهرب و الفرار من كل الأمور ،
                       فإن كنت في سكونك ممـــــــــــلوء سًجســـــــــا و اضطراباً
                       و الجســـد يتخبــط بعمــل اليديــن و القيــام ببعض الأعمال
                       و تتخبط النفس بالاهتمام بالآخرين ، فأي سكون اقتنيت ؟!
لأنه لا يمكـــــن أن تهتم بأمور كثيرة و تستطيع أن ترضي الله بسيرة السكون .

                        و لتعرف هذا في نفسك ، أنه بدون رفض الأشياء
                        و كل أمر واهتمام إن كان من النظــــر أو السمع
                         ثم تقول انك تضبط تدبير السكون فهذا هزل !!

و أيضاً في السكون
افتقاد النعمة :
                   يتفق في أوقات كثيرة في وسط ساعات النهار ،
                   إنــــه لـو أعطى للمتـوحـــد مملكـــة كل الأرض
لا يقبــــــــــــل الخــــــروج من قلايتــــــه في تلك الســـــــــاعة  ،
                  و لا إن طـــــــــــرق بــــــابه أحــــــــــــــــــــــــــد ،
                  لأن وقـت التجـــــارة و الربــح قـد أتاه بغتـــــــــة ،
و هذا يحدث في الأيام التي يظن فيها أنها أيام تراخي و يدعوه فكره ليدخل ويخرج ،
 لأن النعمة تفتقــده بغتــة بدمــوع بغـير حسـاب أو بحزن حاد يتحـرك في القــلب ،
            أو بفـــــــــرح بغــــــــــــــــير ســــــــبب أو بحلاوة و لذة أداء المطــــانيات .

اعرف أحد الإخوة ، وضع المفتاح في باب قلايتـــه لغلقهــــا
                      و يخرج يرعى الريــــح كقــــول الكتــــاب ،
                      فافتقدته النعمة فرجع لوقته إلي القلاية .
عمل المتوحد غير المدرك :
                           لا يلوم أحد المتوحد إذا ما تخلف عن حضور الصــلاة الجـــامعة
                          في الأيـــام التي يتبــع فيهــــا قـــانون ( أي نظــام ) الحبـــس ،
 خاصــــة إذا كـــــان  ليس من أولئك المعروفين بالتهاون والمنساقين للحديث الفارغ ، 
                          و لم يكن تخلفه لأجل رغبته في الشغل اليدوي .
اعلمــــوا يا أخــــوتي :
                     إن عملنــــا لا يكمل أمام نظر الناس،لأن لنا عملاً مخفياً عن نظرهم،
                     و هــــــــــــو غــــــير معـــــــروف للمبتــــــدئين و العلمــــــــــــانيين ،
 و المتوحــــــــــد عندما يكـــون تحت الانفعال فليس له سلطان على ذاته ،
                     وإن أتفـــــق و أتاه إنســـــان وطــــرق بابه و لم يجبـــــــه
                     فعلـــى ذاك الإنسان أن يرجع لتوه ولا يلوم أخاه المتوحد
                     لأنه لا يعرف في أي حـــال هـــــــو في تلك الســـــــاعة
لأن قلايــــة المتـــــوحد هي
                    ـ مغارة الصوان ـ  حســب قول آبائنــا  حيث تكلم الله مع موســى .
و الرهبان غير المحنكين في الجهاد
                    لم يتـــذوقوا السكون الحقيقي ، لذا لا يعـــرفون هـــــذه الأشـــياء ،
                    فيدينون أخاهم و يحتقرونه لأنهم يريدونه موافقا معهم في التواني .

ثم هنـــاك وقت يتعرض فيه المتوحـــــــــــــــد لقتـــــــــــال شـــــــــديد ،
                   ففي تــــلك الســـــــــــــــاعة يكـــــون في شدة و خطر ،
 وقد وضع يده علي خده و هو ملقى على الأرض و يتضرع إلي اللــــــه ،
 وفي هـــــذه الحـــــــال لا يمكنه أن يسمع صوت إنسان
و هذه الغيارات (أي الحالات)
                          يعرفها الذين ساروا في البحر ( أي طريق الجهاد )
                                          و اختبـــــــروا الرياح التي تهــب فيــه .

و ثم وقت يتحــــرك في قلبـــه فكــر توبة ،
             فتتجمع في ذاكرته كل خطاياه و عثراته القديمــــــة ، 
             و ذكــــــــــــــــــــــــــر مـــوته ، و تتصور قدامه بغتـــة ،
             حتى أن هذه الشمس المنيرة تظـــلم في وجهـــــه ،
 ثم تقوم عليه بغتة رياح وزوابــع ،
           و تغــــرق سفينته بالسقطات الخفية غير المعــروفة لكل أحد
           لأنهــــــا بسبب صعوبة حرب الشياطين تعرض ـ  دون توقـــع ـ
           للمتوحد الجالس داخل الســــــــــكون
           و تكون له قلايته بيت النحيب و البكاء .

لا تتهــــــــاون :
كثيـــــــــرة هي تقلبــات هذا البحـــــر    ،   فمـــــن يقـــــــدر أن يعرف أعمــاله
وكثـــــــرة ربــــــــــح التجـارة التي فيـه  ،   والجواهر النفيسة التي في عمقــه
و الوحــوش الضـــارية التي تصعـــــد منه  . 
  وطــــوبي لمن لا يضطجع و لا يتهاون  في كل سيرة و تدبيره إلي وقت الموت .

 لا يحب أحد شــــــــيئاً الا و يهتــــــــــــــم بمســــــــــــــــــبباته ،
 لــــــــذا لا يقـــــــــــدر إنســـــان على التفـــاوض بالإلهيـــــــات 
           إن لم يرذل  : و يبتعـــد عن كل الزمنيــــــــــــــــــــــات ،
                            و يتغــرب عن كرامات هذا العالم و لذاته
                            و يتبـــع هـــــــــــــــــوان الصــــــــــــــلب ،
                            و يشرب كل يوم خلا و مرارة من الآلام ( أي حرب الشهوات )
                            و الشياطين و المسكنة ( أي الفقر و العـــــوز ) و النـــــاس .

أنشط يا أخــــي ، و كـــــــــن كالتــــــــــاجر الحكيــــــــــــــــــــــــم ،
و احمل جوهرتك   و أنت في هذا العالم لئلا يتشوه حسن بهائها.
احــــــــــــــــترس  لئلا تسلب منك بتهاونك فتنزل الهاوية بالحزن .

اسمع يا أخي متبعــــــــاً العزاء القليل الذي يقتنيه في وقتــه من الأعمـــال ،
                  لتؤهـــــل لذلك العزاء العظيم المتولد من الإحزان و الضغطات
                  الموجوده فى هذا المسكن الانفـــــرادي الممــلوء أحـــزاناً .

الأمور الصغيرة أولاً :
                             لا تهمل الأمــور الصغيرة لئلا لا تنـــــال الكبــــار ،
                             فليـــس أحد يضـــع لحمــاً في فم طفـل رضيـــع ،
                             كذلــــك فمن الصغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيرات 
                             ينفتـــح قدامك الباب لتدخل إلي الأمور العظيمة .

أنت يا أخي تكون كمن يهين الله إذا اشتهيت أن يدبرك بلا نظام و لا ترتيب ،
               فلا يؤتمن أحد على الكبـــار إن لم يحنك أولاً و يختبر بالصغــــار .

ضع هذا في قلبك يا أخي ـ  و اذكرني في وقتهـــــــــا ـ
إن كل منزل ( أي درجة ) تصل إليه في طريق الفضيلة و في معرفة الحق 
                              تجده أفضل و أعظم من الذي تركتــه أمــــــــــس،
  ذاك الــــــــــــــذي كنت متعجباً من شدة بهاء حسنه قبل أن تنتقل منـــه ،
 لكــــــــــــــــــــــــن مجد منزل أمس يبتلع بحسن المنزل الذي تدخله اليوم .

من هو الذي يشعر بتغييرات الفكر اللذيذة ؟!
صلـــــــي لكي ينفتح قدامك الباب ، 
و أحـــــذر من قطــــع الرجـــــــــــاء ،
 فعمـــلك ليـــس مع قــاس ظــالم ،
 بل مــــع سيد رحوم طيب رؤوف و قدامـــه أنــت تجــــــــــاهد.  
ذاك الذي لم يأخذ شـــــــيئاً منك و لكـــــن أعطاك كل الأشياء ،
            إذ لم تكـن موجـــــــوداً أتى بـك إلي الوجـــــــــــــود ،
 و من هو الكفء أن يوفيه تمجيداً و شكراً من أجل ابتداعه لنا من العدم إلي الوجود .

يا للنعمة التي لا تقاس !
من فيه الكفاءة لتمجيــــــد ذاك الذي أعطانا معرفة كل الأشياء !!
                   ليس فقط الأمور الظاهرة بل و الأشــياء الخفيــة ،
حتى أننــــــــا نعرف الشيء الذي لم نكن نعرفه دون أن نسأل أن يعطينا معرفته ،
 من عرفــــك يا ابن الموتى أن تتحـــرك مشــــاعرك بمحبــــة طـــــــلب الشــــيء
                                  الـــــــذي معرفـــــة طلبتــــه ليســت في طبيعتـــــك .

اللـــه يريد أن يعطينا :
لا تطلب إلا العزاء الذي يحل في القلب  ،
 فهـــــذا هو مصــدر المعرفـــة و التمييز
 و لكــــي تؤهـــــــل لــــــــــــه ابتعد عن كل عزاء يأتي عن طريق الحواس .

المتوحد الذي تغـرب عن العزاء العــــــالمي
و لكن لا يترجى كل يوم العزاء من المسيح  
فهـــو مائـــــــــــــــت في حيــــــــــــــــــاته .
رحوم هو الله و رؤوف و يريد أن يهب و يعطينا و يشاء أن نكون نحن سبب العطية  ،
 ويفـــــــــــــــــــــــرح إذا ما قـــــــــــــدم له إنســــــــــــــــــان صـــــــــلاة حكمــــــة 
                         التي هي علامة الصحة ( أي البرء )من المــرض و الســــقم ، 
 وعلامـــة الصحـــة أن نشتهي الخفــــايا حتى لو تأخر بلوغنا الصحـة الكامـــــــــلة .

الرجاء :
           الذي يمل من الســــــؤال إذا طـــــال انتظــــــــــاره
            فهو رفيق المتضجر لأن الملل يبطل سؤال صلاته .

      الكسل يمنــــــــــــــــــــع من السؤال ، 
و أما الضجر فيقطع المداومة على السؤال ،
و أما الأنــاة و الرجـــــاء فيمنـــــــح الصـــبر  
و يجـــــــذبك إلي الثبـــــــــات في الصـلاة ،
لأن الرجــــاء يخفف ثقل الأعضــــاء و يعرف ( أي له القدرة )
أن يعطـــــي القلب نياحـاً في وقت ضيقــــاته و ضغطـاته .

ليس وسق أخف و أحلى من العمل مع الرجاء و لا أنيس حلو المحادثة مثله ،
                     حتـــــى لو سكن في السجن فهــــــــو لذيذ معــــــــــــــــه .

أيها التائب :
            أجعل هذا ( أي الرجاء ) أنيسك فلا تحس بشيء من الأتعاب في جهادك ،
  إن كنت في القـــــــــلاية فليكـــــــــــن معــك ،
و إن كنت في وسط الناس اشخص فيه بعقلك
و لا يطش فكـــــرك في شــيء من الأشــــياء
فيصبــــــح العالم عنــــدك كالغــــريب هو و جميــع ما فيــه .

في وقت رقادك أجعله سريرك إلي أن تســتغرق في النوم
                    لتكن مفاوضتك فيه ، فلا يدنو من قلبك فكر أو هاجـــس ســــمج ،
                    لأن مفاوضتــك فيه   عمــــل غــــير مـــادي ،
                    و الشيء الذي يحمل الشكل المادي لا يقدر أن يحرك نظرة الفكر
                   و لا أن يظهـــــر هنــــــــاك في الذهــــــــــن .


لأن الفكر الشيطاني لا يظهـر ذاتــــــه دون النظـــــــر المـــــــــادي .
مداومة الصلاة و طول الأنة فيها تخـــرج ثمـــــــــرة الحيــــــــــــــــاة ،
و الرجـــــــــــاء و الانتظـــار هما المعين في الصلاة للمتمسك بهما .
 و إذا كنت لا تصلي ، فاذكر الفلاح الذي يجني بالإيمان أضعاف كثيرة  ،
 و لتكن طلبتك ملكوته و بره أكثر من الزمنيات .



                        و هو يعطيك سؤالك حسب وعده . 
                                          آمين .

الأشياء التي تحفظ
اليقظة الخفية داخل النفس

ليس للغـــاش المــــــــاكر قوة و استطاعة ليقاوم و يعيق  من يشتهون الفضائل ،
إلا إذا وجــــــــــــــــــــــــد فرصـــــــــــــــة و تهــــــــــــاون من محبي الفضيــلة ،
 و الأمر هكذا حسبما أقول :  مع بدء كل حركة في القــلب نحو محبـة الفضيــلة ،
                                   تنشــــب غـــيرة ملتهبـــــة مثـــل جمــر النــــــــار ،
و هذه الغيرة تحيط بتلك الحركة كالسور
                    و تطرد من قبالها  كل أمر يعاكس و يعيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق
                     و تمنحهــــا عصمـــــة عظيمـــة  و قــوة جسيمة لا يعـــبر عنهــــــا
                    و تحصن كل النفس لئلا تتــراخي و تجبن لصعوبة الضغوط و الضيقات .
محبة الخير ( أي محبة الفضيلة ) السابق ذكرها تكون :
               بدافــــع من قوة الشهوات المقدســـة المغروســـة في طبيعـة النفــس ، 
أما هذه الغيرة فتتحرك من قوة الغضــب المختلجــــــــــة أيضــــــــاً في النفـــــــــــس ،
                   و التـــــي وضعت فيهــــــا مـــــن الخالق لتحفــــــــــظ حدود الطبيعـة ، 
و تنطلـــــــــق في حدة حركتها لتكميل شهوات النفس الطبيعية التي  هي الفضيلة . 

و لا يمكــــــن عمل الفضيلة و تكميلها من دون هذه التي تسمى الغــــــــيرة ،
 لأنــــه ( أي عمل الفضيلة) يغير و يحرك و يلهب و يشعل مــــــن وقـــت لآخر
 فيتقـــــــوى عمل الفضيلة علي الجســـــد في كل الضــــــــوائق 
                                   و التجارب الصعبة التي تصــــــــدمه 
                                   و يسلم نفسه للمـــوت متواتــــــراً
                                   و يلاقي قـــــوات العدو المـــــــــارد 
  لأجــــــــــــــــــــــــــــــــــل تكميل الشيء الذي أحبته النفـــس أي الفضائل .

و أنبا أوغريس ذكر هذه الفضيــــلة أي الغيرة في كتابه
                  و سماها كلباً حافظا لقانون الله و شرائعه التي هي الفضيلة  ،
                  و هــــذه الفضيـــــلة  هي تكميـــــــــــــل شــــــرائع اللــــــــه  ،
و تعتصـــــــم قوة هذه الغــــــيرة و تتيقظ و تلتهب لتحفظ البيت( في هذا فكرة الكـلب
                الذي يحفظ البيت ) بسببين  ، و تضعف أيضاً و تخمد و تتهاون بسببين ،

أما السبب الأول لاستيقاظه هو :
  إذا ما تحـــــرك في الإنســــان :
الخوف من أجل الفضيلة التي اقتناها في نفسه أو المزمـــــــــــــــع اقتنائهــــــــــــــــا ، 
لئـــــــــــلا تســـــــــــــــــــــــلب منــــــــــــــــــه أو تفسد بسبب أي عارض يلحق بها .

و هذا الإحساس يتحرك من العناية الإلهية في كل محبي الفضيـــلة الحقيقيـــــــــين
 لأجـــــــــــــــــل اليقظة و غيرة النفس على الدوام حتى لا تتكاسل النفس و تتهاون .

و متى يتحرك في الطبع خوف من أجل الفضيـــلة فعند ذلك ينهض هذا الكلب
الــــذي ذكرناه ليلاً و نهاراً ليحفظ بحرارة كالتنـــــور المشـــــــــــــــــــــــــــتعل ،
 و ينبه الطبيعة لتكـــون متيقظـــــــــة كالشاروبيم ، حتــــى أنــــه كمــــا قيـل
 لــــو عبر أمامه طائر و صاح بشــــــدة تفوق الوصف، فإنــــــــــــه لا يتحــــرك .

أما إذا كان الخوف لأجل الجسد :
 فهو شيطاني ،لأنه شك في عنــــــاية الله و قد تزعــــــــــــــــــزع إيمــــانه 
                      و نسى كيف أن الله يعتني بالذين يهتمون بعمل الفضيلة
                      و يهتم كل وقت بمصالحهم ،
 حسب قول الروح على فم النبي :
  عين الرب على الصديقين ، وضمير الرب على خائفيه...الخمز32 قبطي ( 33 ): 18 ). 
و أيضاً " وجه اسم الرب لخائفيه " مز  24 قبطي (25 ): 14 ) ،
" لا يدنو منك شر ولا ضربة ... الخ " مز  90 قبطي (91 ): 10 ) ،
و متى كان هذا الخوف من أجل النفس بسبب العوارض المحيطة بالفضيلة
              لئلا تسلب أو تتأذى بأي شكل من الأشكال
فهذا فكر الهي و اهتمام فاضل ، و الحزن و الضنك هنا هو من العناية الإلهية .

أما السبب الثاني فهو عصمة الكلب و توقده ،
                      فمتى كان بزيادة فهي تنمي محبة الفضيلة في النفس
                       الي الحد الذي به تلتهـــب الغــيرة لأجل حفظ الفضيلة .

أسباب الكسل و فتور الغيرة :
أولهمـــا : بسبب بـــــرودة المحبـــــــــة و نقصهـــــــا في النفـــــــــس .
و الثاني : متى دخل و سكن في القلب فكر الثقة بالنفس في القلب .

 فيعتقد الإنسان و يثـــــق أنه لا خــــوف من أي مكـــــــان ،
                    و لا أمر من الأمور يقدر أن يؤذيه أو يضره .

و بسبب هذا الفكر يلقي عنه سلاح الغيرة و يكون كبيت بغير حارس
                     و يضطجـــع الكلـــــــــــب و يتغـــافل عن الحراســـة و الحفــظ ،
و مــــن هذا الفكر  تســلب بيـــوت العقــل ،
                    و هذا يحدث وقت أن تظلم نقاوة شــعاع المعــرفة المقدســـة .

و ما الذي يطفئ هذا الشعاع ؟
                                 إما فكر شك بسيط يدخل و يسكن في النفــــــــــــس ،
                                 أو من اهتمام الإنسـان الزائــــــــد بالأمـــــور الجســدية ،
                                 أو من لقــــاءات متواتـــرة مــــــــع أمور العالم بدون نظام ،
                                 أو من شـــــره البطــــن ســــــيد كــــل الشـــــرور ،
لأن فـــــــــي أي وقـــــــــت يصطـــــدم  المتــــوحد بمـــلاقاة العــــــــــــــــــــالم
                                تضعف نفسه و تتراخى و بالأخص عند ملاقاة امرأة .

أما المغرمون بمحبة المجد الباطل و الذي يزداد بمــــلاقات الكثــــيرين
 فنقـــول عنهـــــم في إيجــــاز :
                                     إن تفكيرهم ليس له الاتجـــاه الصحيح ،
ففي كل وقـــت يلتقون بالعالم
         يكونون شبه النوتي السائر في البحر بهدوء و يقع بغتة بين الصخــــــور
        لأنـــه بمقدار ما يستهين الإنسان بهذا العالم و يهتـــــم بمخـــافة اللـــه
        فبهذا المقدار تدنو منه العناية الإلهية و يحـــس خفيــــة بمعونتهــــــــــــا
       و تعطى له حركات ( أي خلجات ) نقية ومعرفة معاني ( الأسرار الإلهية ) .

القريبون من الله بحياة المعرفة.
ضرورة الاتضاع :
+إن مارست الفضيـــــلة حســـــــــــــناً   ولكــــن لم تحـــس ولم تتــــــذوق معونتهـــــا
  فـــــــــــــلا تتعجــــــب مــــن ذلـــــــك ، لأنه إن لم يتضع الإنسان لا يأخذ مكافأة عمله .
  فالمكافأة لا تعطــــــى للعمــــــــــــــل   بــــــــــــل للاتضـــــــاع .
  والذي ليس له الثانية أي الاتضـــــــاع   فقد ضيـــع الأولـــــــــى .

  والذي سبق وتفاضل في هذا العمل ( أي الاتضاع ) ،
   فقـد تقدم علي ذاك الذي أخذ عمل الفضيــــــــلة ،
  لأن الفضيلة هي أم الأحزان ، يتـــــــــــــــــــولد الاتضاع والموهبة تعطى للاتضــــــــــاع
  وهكذا ظهــر أن المكافــــــأة  إنمـــــا تمنـــــــح للاتضاع وليــــــــــــــس للأحـــــــــــزان 
                                        التي من أجله بل للاتضاع الذي يولـــد من الأحــــــــــــزان 
                                         فــــإن انعـــــدام الاتضاع فلا نفع للأولى لأن عمل الفضيلة
  إنما هو حفظ وصايا سيدنا  ، وفضــــل العمـــل ونفعـــه هــــــــــــــــــــو نقــــاوة العقـل.
  التـــي تقـــــــــــوم علي الاحـــــــــــــــتراس و الاتضاع ،
  وعندما يكــون العمل ( أي الجهاد ) متعــــذراً ، فالاتضاع يكون مكـــــانه ،
  لأن سيدنا المسيح ليس قصده تنفيذ الوصـــايا فحسب
  بل نقــاوة النفــس  ، فهـــذه هــــي التـــــي من أجلها وضــــع الوصـايا .

+ إن الجسد يعمـــل باليمين والشمال ( الخير و الشـــــر ) على السواء
      والفكـــر حسب تغيراتــــه إمـــــا أن يتـبرر أو يخـطئ .

+ ثم من يربــــح حيـــــاته بالأعمال اليسارية بحكمة حظي بها من الله  ،
  وثم من يتاجــر بالخطية على أنها إلهيــــة .

+ الزلات التي تحدث عرضاً للمحترسين و المتحفظين هي صيانة لعمل البر .

+ موهبة بغــــير تجــــــارب  تهـــــــــلك قابلــــــــيها .

+إن عملت حسناً قدام الله فأعطاك موهبة ، تضرع إليه أن يجود عليك بمعرفة
   كيف ينبغي لك أن تتضـــــــع وإن تقيم عليهـــــا حافظاً  ( الذي هو الاتضاع )
  أو أن يأخذهـــا منك لئــــــــلا تكــــون لك ســبب هلاك ،
  لأن ليس كل أحــــد يستطيع أن يحفظ الغنى بغير ضرر .

الفضائل و الأحزان :
+ النفـــــس المهتمــــــــــــة بالفضيــــــــــــلة  و  تعيش بمخـــــافة الله حقيقــة ،
    لايمكن أن تكون بغير أحزان دائمــــــــــــــــاً   ،  لأن الأحزان مشتبكة بالفضائل ،
   والذي يبتعــــد عن الأحزان  يخسـر الفضيلة ،
    وإن كـنـــــــــــــــــــــــــت تشـتاق للفضيلة
    ســـــــلم نفســــــــــــك لجميــع الأحـــزان ،  لأن الأحــــزان تولـــد الاتضــاع .

+ الله لا يشـــــــــــــــــــاء  أن تكــــون النفــــــــــــــس بغـــــــــير هــــــــم ،
   والذي يشتهي هــــــذا   فانــه يوجد بفكــــــــــــــره خارجاً عن إرادة الله ،
   وأعني بالهمـــــــــــــوم  ليســـــت الخاصــــــــــــــة بالجســـــــــــدانيات ،
    بــــــل الهــــــــــــــــــم لقبـــــــول الضرر والمؤذيات التي تقترن بالفضائل
    إلــــــي أن يصـــــــــــــــــــــــــــل للمعرفة الحقيقية التي هي استعلان الغوامض .

+ بواســــــــــــــطة التجــــــــــــارب ندنو من الاتضاع
   والذي يوجـــــد بغــــير أحــــــزان في الفضــــــائل، فباب العظمة ( أي الكبرياء )يفتح له 
     ( وهذا يكون بالنسبة للــــذي يشتهي أن يكـون بغـــير حــــــزن بأفكــــــــاره )  .

+ لا يمكــــــن للضمــير أن يثبت في الاتضــــــــــاع من غير الهــــــــــوان أو المقــــــــت ،
  ومـــــن دون الاتضـــاع لا يستطاع  الثبـــــــــــــات في مفاوضة التضرع إلي الله بالنقاوة .
  فإذا ابتعـــــد الإنسان أولاً بفكره عن الاهتمــــــام بالأمـــور الواجبـــــــة  و  العمــــــــل ،
  عنــــد ذلــك يدنو منه روح العظمة ( أي الكبرياء )
  وإن ثبت في هذا ابتعد عنه مـلاك  العنــــــــــاية ،
  هذا الذي ما دام قريباً من الإنسان فإنه يلقي فيه الاهتمــــام بعمل البر ،
  وإذا خالفه ابتعد عنه ،
  وبعد ذلـــك يدنو منه الروح الغريب ، فلا يبقى فيه اهتمام واحد عمل البر ،
  حسب قول الحكيم :
 " مـــن قبل السقطة تتقـــدم ( يسبق ) الكبرياء ،
  ومـــن قبل الموهبة يتقـــدم الاتضــــــــــــــــــاع " ( أم 16 : 18 )
  وعلي قدر شــــدة الكبريــاء الظاهرة في النفس على ذلك الحد
               تكـــــون السقطة و الكسرة المسموح بهــــــا من الله .

ولا أعني بقولي عن الكبرياء إذا ما جازت أفكارهـــــــــــــا في الضمير ،
  أو حـــــتى إذا مــا غلب منها في وقت ما عرضـــــــــــــــاً ،
   بـــــــــــل أعنــي تــــــــلك التـــــــــــي  تدوم في القلب ،
   فالنــــــوع الأول   يتبعـــــــــــــــــــــــــه  النــــــــــــــدم ،
  وأما هـــذا الثاني  إذا ما أحبه فلا يعـــرف النـــــــــــــــدم .
التغيرات الكثيرة للضمير و التي تختبر و تميز بالصلاة
  اختيـــــــــار عمل الصلاح هــو مـن الإرادة الجيــدة ،
 و الاشـتياق لتكميلهــــــا هــو مـن الإرادة الفاضـلة ،
 و هذا يكون من الله ، بمعونة كثيرة مؤازرة تأتي منه ،
 لــــذا نقرن الشهوات الجيدة المتحركة فينا بصلوات متصلة على الدوام  ،
و ليس فقط نطلـــــــب منــــه المعـــرفة عن تكميـــــــــل الخـــــــــــــير ،
  بــــــــــــل و ليمنحنــا إفرازاً لنعـــــرف به إن كان يوافـــق إرادتـــه أم لا ؛

لأنه ليست كل شهوة صالحة تقع في القلب تكون من الله بل النافعة فحســـــب ،
لأنه ثـــــــــــم شهوة صلاح يشـــتاق لها الإنســـــان و لا تكــــون نافعـــة لــــــــه ،
 و نشــــــوء هذه الشــــــــــهوة التي يظن إنها نافعــــة يكــــون مــــــن الشيطان ،
و مـراراً كثــــــيرة تكـــــــــــــون         ممارســـتها تفـــــوق منزلتــــــــــــه ،
و العــــــــــــــــدو يحتـــال بهـــا        لأذية الإنسان و يدفعه لطلب عملها ،
و هو لم يبلغ بعد لتدبيرهـــــــا   ،    أو تكون غريبـة عن رتبة اســكيمه  ،
أو أن الوقــــــت لا يوافق عملها ،     أو أنه ليس فيه الكفاءة للقيام بها ،
إما لقلة المعرفة أو لضعف الجسد ، أو أن الزمــــــان لا يســــــــــــاعد ،
و في كل هذه الحالات يظهرها له الشيطان
أنها من أعمال الصلاح و يزعجــــــــــــــــــه في جســــــــــــــــــــده
                              أو يخفــــي لـــــه فخــــــــاً في عقـــــــله ؛

و لهذا ينبغي لنا كما قلت أن نقرن تلك الشــــهوة  التي تتحــرك فينــا
و التي نرى إنها صلاح و جيـــــــدة بصلوات متصلة ، و ليقــل كــل منــا
      " كمل في يارب إرادتـــــك لكي أفعل هـذا الأمر الذي اشــتهيت عمله ،
       فإن كان هــــــو صــــــلاح و يوافق مســــرتك ســهل عـــــلي فعـــله ،
        لأني بغــــــــير عنايتـــــــــــــــــــــك لا أقـــــدر أن أفعــــــل شــــــــيئاً
       لأن الأمــــــرين ( أي الاختيار و الفعل همــــــــا من عنـــــــــــــــدك ،
       و مـــــــــــن دون نعمتــك لا أريد أن أخضع لهذا الشيء و لا أعمله " .

 إن هذه عادة الذين يشتهون الصلاح مع تميــــــــيز العقـــــــــل ،
 فإنهــــــــــم يتعبون في الصــــــلاة لأجل ذلك الأمر على الدوام
 لكي يأخذوا المعاضدة لعمــــــــله ،
و حكمـــة تختـــبر و تفرز الحق عن الغش بصلوات كثيرة 
و عمل و احتراس و اشـــــــــــــتياق بـــــلا فتـــــــــــــور .

و الصـلاح يظهـر في مداومـة الدموع و الاتضــاع  و معــونة ســــــــماوية.
                     و بالأكـــثر   مقاومة فكر الكــــبرياء
                                               الـــــــذي  بسببه نفقد المعونة الإلهية ،
                                               هــــــــذا   الفكر نبطله أيضــــاً بالصــلاة .