مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » ميامرماراسحق ـ الجزءالثانى ـ الميمر التاسع ( 3 اجراء ) ج 2 ــ تعاليم يجب تذكرها على الدوام (مما سمع ونظر من الشيوخ )

ميامرماراسحق ـ الجزءالثانى ـ الميمر التاسع ( 3 اجراء ) ج 2 ــ تعاليم يجب تذكرها على الدوام (مما سمع ونظر من الشيوخ )


 قصة ( 1 ) : الدهش لمدة ثلاثة أيام
 قال أحد القديسين :
                        كنــــت في ضنــــــك من الأحــــــــزان و التجـــــــــــارب
                        فمضـــيت إلي متـــوحد شــيخ عظيـم كان راقداً مريضاً  ،
و لما سلمت عليه قلت :
                        صلي علي يا أبي لأني مضغوط من تجارب الشياطين  ،
 ففتح عينيه و تميزني جيداً و قال :
                   يا ابني أنت شاب و الله لا يترك عليك تجارب ،
 فقلـــــــت له : أنا شاب و لكن علي تجارب الرجال الأقوياء ،
 قـــــــــــــــال : إعلــــم أن الله يريــد أن يجعــــلك حكيمــــاً ،
 فقـــــــــــلت : كيف أصير حكيماً و أنا أذوق الموت كل يوم ،
 أجابني قائلاً : اسكت فالله يحبك و هو مزمع أن يجود عليك بموهبة ،
 و قــــــــــــال : إعلم يا ابني أن لي ثلاثين سنة أجاهد الشـــياطين ،
                 و في مدة عشرين سنة لم انتفـــع شـــيئاً بالكليـــــة ،
                 و في السنة الخمسة والعشرين بدأت الراحة و كانت تتزايد ،
                 و بعد ثمانية و عشرين سنة كثـــــــــــــرت جــــــــــــــــــــــدا ،ً
                 و في تمام الثلاثين بلغــــت الراحـــة حداً لا اعـــرف مقــداره
                 و عندما أقـــــوم للصــــلاة لا أتلــــو غـــير مزمـــــــور واحـــــد
                و بعد ذلك أمكث ثلاثة أيام بالدهش مع الله و لا أحس بتعب .
                فانظر الراحة غير المحدودة التي تولدت من عمل زمان كثير .

 قصة ( 2 ) : ثمار الصمت و السهر :
                       كان أحـــــــد الآبـــــــــاء يــأكل مرتيـــــــــن في الأســـــــــــبوع ، 
هـــذا قال لنـــــــا : إنه
  في النهار الذي أتكلـــــم فيــــه مع إنســــان لا أقـــدر على التمســك بقــــــانونى
             ( أي نظامي ) في الصـــــــــــوم  ، بل أجـبر عـلى الأكل قبـــل موعـــده ،
 ففهمنـــــــــا جميعـــــاً أن حفــظ اللســـــــان ليــــــس فقـــــــط يوقظ العقل مع الله ،
 بل يمنح قوة عظيمة خفية لإتمام الأعمال الظاهرة بالجسد و ينشط علي إتمامها ،
 و يستضيء العقـــل خفيـة على الــدوام ، و هـــذا حســـب قول آبائنا :
 إن صمت الفم إذا كان بمعرفة يحفظ الضمير مع الله .

 و كان هذا القديس يسهر كثيراً و هو يقول :
   في الليلة التي أسهر فيها من العشــاء إلي باكـــر و بعـد ذلك اســـترح قليـــــلاً ،
               فعندما استيقظ من النوم أتمم نهــــاري كـــأني لسـت من هذا العالم  ،
              و لا يصعد على قلبي فكر أرضي ، و لا احتاج لتكميل القوانين المحددة
              و لكن أثبت نهاري كله في الدهش .

 و في أحد الأيام الـــــذي كنت أنــــوي تنـــاول طعـــامي فيــــه لــــم أذق شـــيئاً ،
                    بــــــــــل بعد أربعة  إذ قمـت أصــــلي وقت المســاء لكــي آكـــل ،
                    قمـــــت في دار ( أي فناء ) قلايتــي و كــانت الشـــمس غـــاربة ،
                    و شعرت فقط بتلاوة مزمور بدء الخدمة( ثم أخذت فى دهـــش )
                    فمكـثت إلي ثاني يـوم حتى أشـــرقت الشــمس في وجهــــي
                    و حميت الثياب التي علي جسدي و لم أشـــعر أيـــــن أنـــــــا ،
                    و لمــــا أحرقت الشمس وجهي تجمع عقلي علي ، و نظــــــــرت
                   و إذا هو نهار ثاني فشكرت الله على كثرة إنعاماته لجنس البشر
                   و لأي رفعة و عظمة أهل طالبيه .

قصة ( 3 ) : تذكر الأفكار الصالحة
 شيخ آخر كان مكتوباً على حوائط قلايته كلام و أفكار مختلفة ،
 و لما سألوه ما هذه ؟ ،
أجابهم قائلا ً:
              هذه أفكار البر التي تأتيني من ملاك العناية
               و من خلجــــات الطبـــــــــع المســـــتقيمة ،
 و أنا أكتبها في الوقت الذي أكون فيه على هذه الحال ،
  لكــــــــي في أوقات الظلام أتفاوض بها فتخلصني من طغيان الضلال .

 قصة ( 4 ) أفكار العظمة
  شيخ آخر :
              مدحته أفكاره لأجل أعمال سالفة ،مثل أنه أهل لرجاء عدم الفساد ،
 فأجاب الشيخ أفكاره قائلاً :
                                أنا الآن ســـائر في الطـــــريق ، و باطـــلاً تمدحـــونني
                                 لأن الطــــريق لم ينتــــــــــــــه حـــــــــــــــــــتى الآن .

 قصة ( 5 ) : لا تترك عمل الله
 مضيت مرة إلي قلاية شيخ كان لا يفتح بابه كثيراً ،
               و لمــا رآني من الطــــاقة و عـــــرفني
 قال لي : أتريــــــــــــــــــــد الدخــــــــــــــــــــــــول ،
 فأجبتــه : نعــــــم أيهـــــــا الأب المكـــــــــــــــــرم ،
             فلما دخلــت وصلينا جلســـنا نتحـــادث ،

فسألته أخيراً :
                 ماذا أعمل يا أبي لأن قوماً يأتون إلي و لا انتفع بحديثهم
                و لا أربح شيئاً و اســـتحي أن أقـــول لهــــم ألا يجيئـــــوا ،
                نعم و يعوقوني عن صلواتي في أوقـــاتها مراراً كثــــــيرة ؟

فأجابني : متى جاءك قوم محبين للبطالة ،
            فإذا ما جلسـوا قليـلاً اظهــر نفسـك أنك تريد القيــام للصـــلاة ،
            و أعطهم مطانية وقل لهم :
            يا إخـــوتي أريــد أن أصــلي و لا يمكن عبـور وقــت صــــلواتي
            حتى لا يثقل علي أن أوفي ما فات في وقت آخر فأقلق لذلك ،
            و من غير ضرورة شديدة لا يليق أن أترك صلاتي في وقتهـــــا ،
            و الآن لا ضرورة تدعوني إلي ذلك ؛
            أو : أدع الحاضر( إليك ) ليصلي معك
            فإن قــــــــال لــــــــــك :
                                       صـــلي أنـــت فأنــــا أريــــــد أن أمضــــــي ،
           فأسأله بمطانية و قل له :
           بالمحبة صلي معي و لو هذه الصلاة الواحدة لأنتفع بصلاتك معي  ،
           و إذ قمــت تصـــلي أطـــــل صـــلاتك عمــــا جـــرت به العـــــــادة .
           فإذا صنعت هذا مع من يجيئون إليك يعرفون أنك لا تحب البطـــــالة
           و لا يأتون ثانيـــــة إلي الموضــــــع الذي يســـــمعون أنـــــك فيـــه ، 
           و انظر : لا تحابي وجه إنسان و تترك عمل الله 
أمــــا إن طرق بابك أحد الآباء الكبار أو غريب متعب فجلوسك معهيحسب لك صـــلاة ،
          و إن كان غريباً ممن يحب الكلام البطالفأريحه حسب طاقتك وأطلق سبيله .
          و إذا دخلتك شهوة الاهتمام بغيرك كأنها نوع من الفضيلة ،
          فلكي يــــزول ما في قلبــــك من شـــــك قل لفكــــــــرك :
          إن طريق المحبــــة جيــــد و الرحمـة لأجــل الله مقبــــولة ،
          و لكن أنا من أجل الله لا أريدها .
قال راهب : إن لم تقف لي من أجل الله أجري خلفك ،
فقــلت له : و أنا لأجــــــل الله أهـــــــــرب منـــــــــــك .

قصة ( 6 ) : لكل عمل وقت
              في أحد الأيام مضيت إلي شيخ عجوز فاضل ، و كان يحبني كثيراً ،
              و هو أمي في الكلام ، نير مضيء بالمعرفة و عميق الغـــور بقلبــه ،
              و ينطق بما يمنحه الروح من النعمة .
فقلت له أيها الأب : إن فكري يقاتلني
              أن أمضي يوم الأحد إلي رواق الكنيسة و أجلس فيه و آكل باكراً
              لكيما أحتقر و يزدرى بي .
فأجابني الشيخ :
            قد كتب إن كنت :
            تعمل عملاً تجلب به عثرة و شك للعلمانين ( فإنك ) لا تبصر نوراً ، 
            فأنت لا يعـــرفك أحــد في هـــذه الكــورة و لا يعــرفون طريقتــك  ،
           لكنهم سيقولون :
            إن الرهبان يأكلون باكراً و لاسيما ههنا إخوة مبتدئون ضعيفو الأفكار ،
            و كثير منهم لهم فيك إيمان وينتفعون  بك، 
            فمتى رأوك تفعل شيئاً مثل هذا يتـــــأذون ،
أما الآباء القدماء :  
            فلأجل كثرة المعجزات و العجائب التي يعملونها ،  كانوا يفعلون هذا ،
            لكي يهينوا و يحقروا مجد سيرتهم و يبعدوا عنهم أســـباب الكـــبرياء ،
 إما أنـــــــــت  :  فما لك سيرة متميزة و لا لك هذا الاسم ،
            لأنك تســـــــلك كأحد الأخـــــــــــــــــــــــوة
           و لا تقــدر على منفعــــة نفســك و لا عــلى لا أذية غــــيرك .
  و أيضـــــــــــاً هذا السلوك ليس نافعاً للكل ، بل لأولئك الكبار الكاملين وحدهم ،
  لأن هـــــذا ينتــــــــج عنــــــه انحــــــــلال الحــــــــواس ،
              و يسبب خسارة للمبتدئين و المتوسطين ،
             إذا كانوا محتاجين إلي تحفظ و إذلال و إخضاع حواسهم ،
فأما الشـيوخ فقد عبوراً زمان التحفظ و هم يربحون في جميع ما يعملون ،
              لكن عديمي الخبرة فيخســرون كثيراً في الأمــور الكبيـــرة
             و يغرمــون غرامـــات ليست قليـــــلة ،
             لكنهم من الأشياء البسيطة الصغيرة
             يتقدمـــــــون إلي الأمــــام بســهولة ،
و أيضاً حسبماِ سبقت و قلت : فلكل عمل وقت و ترتيب و لكل سيرة( أي سلوك )
                                      زمان معلوم ، و الذي يتعـــدى طــــوره ( أي قامته )
                                      لا يربح شـــيئاً بل يســـبب لنفســـه الخســــــارة .
 و إن اشتقت إلي هذا ( أي احتمال الازدراء )
                        فاصبر على الاحتقار الذي يأتيك كرها على سبيل التدبير الإلهي ،
                        و اقبله بفرح و لا تقلق و لا تمقت شاتمك .

قصة ( 7 ) : لا بد من التعب في الصلاة
  كنت في وقت أتفــــاوض مــــع ذلك النشـــيط الفـــــــائق
                    الذي أكل من شجرة الحياة بالعرق النفساني ( أي بالجهاد )
                    من باكر شبابه إلي عشية شــــيخوخته ،
                    و بعد أن وعظني بكلام كثير عن الفضيلة ،
 قال لي أيضاً :
                 كل صــــــلاة لا يتعـــــب فيها الجــسد و لا يحــزن فيها القلب
                 فلتحســـبها مثــل الســــــقط الذي ليـــــــــس فيه نفـــــــس .
 و قال لي أيضاً :
                  كل إنسان يحب أن يغلب بكلامه ، 
                  و يكون ماكراً في فكره غير ضابط لحواسه فلا تعاشره نهائياً ،
                  لئلا يطـــــرد منـــــك النقــــاوة التي اقتنيتهــا بأتعــاب كثيرة
                  و يمـــلأ قلبــــك ظــلام واضطراب .

  قصة ( 8 ) : حرارة الجهاد
  في أحد الأيام مضيت إلي قلاية أحد الإخوة القديسين
                  و اتكأت في أحد الأركان لأني كنت مريضاً لكي يفتقدني من أجل الله .
                  لأنه لم يكـــن لي أحد يعـــرفني في تلك البلاد ،
   فكنت أنظـــر ذلك الأخ يقوم ليلاً قبل  (الميعاد ) بوقت طويل ،إذ كانت عادته أن
   يستيقظ قبل كل الإخوة  ، و يبدأ في المزامير .و بعــد أن يتلــو منهــــا قليـــــلاً ، 
   يترك الخدمة ( أي تلاوة المزامير المقررة في الصلاة ) بغتــة و يقع على وجهــه ،
   و يدق رأســـه في الأرض مقـــدار مائة مرة بحـــــــدة
     من الحـــرارة التي كانت تشتعل في قلبه من النعمة ،
                     ثم يقوم و يقبل الصليب و يسجد أيضاً و يقوم و يقبله ، 
                    و يخر أيضاًَ علي وجهه ، و هكذا كان يصنع مرات كثيرة
 حتى أني ما كنت أتمكن من 
  تعـــداد المطانيـــات ( أي السجدات ) التي يؤديهــا ذلك الأخ ليـــلاً ،
و كان يقبل الصليب عشرين مرة بشوق ومحبة ممزوجة بالمخافة ؛ثم يعود للمزامير . 
 و من وقت لآخر : من تواتر حركة الأفكار التي كانت تشعله بحرارتها ما كان يحتمل
                    ذلك الالتهاب ،و يُغلب من فرحه فيصرخ بغتة لعجزه عن ضبط نفسه .
 و كنت متعجبـــاً من النعمة الكثيرة التي كانت مع هــــذا الأخ ،
                    و هو حريــــص متيقــــظ فـــي عمــــــــل الله .
 و بعد صلاة باكر يجلس ليقرأ ، فكان يشبه إنساناً قد اختطف ،
                   و كل فصل يقرأه يخر على وجهه مرات كثيرة
                   مردداً الكلام و يرفع يده إلي السماء و يمجد و يشكر دفعات كثيرة .
  لقد كان كهلاً ابن أربعين سنة و أكله قليـــل و روحه حــــارة  ( و جسده يابس ) ،
                  و كان يغضب نفسه كثيراً فوق قدرته و جسده يظهر كأنه خيــال ،
                   و وجهه مقدار إصبعين ، 
وقلت له مرارا كثيرة :
                       أشفق على نفسك يا أخي و ترفـــق بها  ( كي تستمر)
  في تدبيرك المستقيم هذا و على هذه السيرة الحسنة ، لئلا تتخبط وتقطع
 و ها هي مثل السلســــلة الروحــــانية ( أي العمــــل الروحــــي مســـتمر ) ،
 حتى لا يصـير العمل القليـل زائـداً عن قدرتـك و هنـا تتوقـف كل ســــــيرتك .
 كل بمقـــــــدار حتى لا تضطر أن تأكل باستمرار ( بسبب الضعف و المرض ) ،
 و لا تكثر جريك زائداً عن قدرتك لئلا تتوقف تماماً .

 كان رحيمــــــاً بشوشاً شديد الحياء ، 
                   نقيــــــاً فـــي طبعــه
                   بسيطاً فـــي الطاعة  
                     حكيمـاً باللـــــــــــــه ،
  و من أجل وداعته كان محبوباً من كل أحد ،
 كان يعمل الطين ( اللازم لبناء القلالي) مع الإخوة في قلاليهم أربعة أو خمسة أيام ، 
 حتى يفرغ الأخ من شغله ،
 لأنه كان يجيد حرفة البناء ، وفي العشاء يعود إلي قلايته .

 و إذا كـــان له حاجة و لو ضرورية يستحي و لا يقـدر أن يقــول أنا محتــاج إليهــا  ،
 و أكثر خروجه لمساعدة الإخوة ، و من حيائه كان يغصب نفسه على غير إرادته ،
 و مرات كثيرة أفصـــــــح لي عــــــــن حـــــــــــزنه لخــــــــروجه مــــن قلايتـــــــه .
 و هكـذا كان تدبير هذا الأخ العجيب .

  قصة ( 9 ) : التفرغ للصلاة
  قال لي شيخ قديس :
                            أنا متعجب مما أسمعه عن أناس يعملون في قلاليهم
                           و مع هذا يكملون قوانين القلاية بغير نقص و لا يتخبطون .
  و قال كلمة يتعجب منها :
                              أني إذا مضيت أريق الماء أتخبط عن ترتيب العادة 
                              و أعاق عن تكميــــل عمـــــلي( أي الصــــــــلاة ) .
 قصة ( 10 ) : المتوحد عمله سمائي 
 أخ سأل  شيخاً :
 ماذا أصنـــــــع عندمـــا يكــــون لي شـــــيء مــا و أنا في حـــاجة ضــــرورية إليــــه ،
                  أما لأجل مرض و إما لأجل حرفة ،
               أو لأني أستعمله في أغراض أخري تساعدني علي الثبات في السكون ، 
  و إذا نظرت أخ في احتيــاج إليـــه أغــلب من الرحمــة و الشــفقة و أعطيـه له ،
                   أو إن طلبه أحد مني فما أقــدر أن أمنعـه عنه من أجـل الوصيــة ،
  ثم بعـــد ذلك أحتـاج إليه ،و احتيـــاجي هـــذا يلقيني في همــوم و اضطـــراب 
                   و سجس الأفكار و يتشتت العقل و الاهتمام بما يليق بالسكون ،
 و كم من مرة اضطــر للخـــروج من قــلايتي و من هــدوئي ماضيـــاً في طلبــه ،
                  و إن تجلدت و لم أخرج أكون في ضيق و شدة و تخبـط الفكـــــر ،
 و لهذا السبب أنا متكــدر و متســجس على الدوام و لا أعـــرف ما هـــو الأوفــق
                  و أيما أصنع ،  هل ما يعطــل ســكوني في ســبيل راحة القريب ،
  أم ما يثبتني في الهدوء و اهتم باحتياجات نفسي فقط مداوماً على سكوني
                  و مسكنتي و  لا أبقي في اهتمــام كثــير من أجــل أي إنسان ،
  قـــــــل لي : أيما أصوب لي؟
  أجاب الشيخ : كل صدقة أو محبة أو عطيـــة أو ما يظـــــن أنه واجــــب و لائـــــــــق
         أو أنه فعل من أجل الله و يعطلك عن الســـكون و يمنعك عن ترك العالم
          و يسجسك باهتمامه و يكدرك عن الهذيذبالله و يقطع مواصلة صلواتك،
          و يدخل عليك اضطراب الأفكار ،
                 و ينسيك مفاوضة القراءة التي هي السلام المقاوم للطياشــــــة  ،
                 و يشـــــتت تحفظــــــك و يدفعك للطواف عوض أن تكون حبيساً ،
                 و الخلطـــة عوض الانفراد ، 
                 و يثــــير عليــك الآلام ( أي حروب الشهوات ) التي سبق أن دفنت ، 
                 و ينقــــص نســــــــــك حواســــك ،
                 و يقيم موتك الذي مته عن العالم 
                 و ينزلك من عمــــل الملائكــــــة الذي هــــو الهــــــذيذ بالواحـــــــــــد،
                 و يجعلك من معشر خدام العلمانيين فلتهلك تلك الحسنة و هذا البر .
  إن تكميل واجبات حب القـــريب بإراحتــــه في الأمــــــــور الجســــدانية
                 هو بر أهل العالم أو الرهبان الذين هم خارج عمل السكون
                 أو الذين في مجمـــع ( أي دير ) المجتمعتتين مع بعضهــم
                 و يدخلون ويخرجـــون كل وقـــت فهــذا يليــق جداً بهــؤلاء ،
  أما المتوحدون الذين اختاروا البعد عن العالم بالجسد و العقل ،
                    الذين يريدون دوام ذواتهم في الصلاة وحدهـــا
                و ذلك بالمــــوت عن جميــــع الأمـــــور الزائــــــــلة
                و عن الاهتمام بأي عمل ، وعدم نظر أو ذكر كل الأشياء ( الجسدانية ) ،
                و أن يخدموا المسيح ، فهذا لا يكون بعمل هذه الأشياء الجســــــدانية
                و لا يتبررون بالأمـــــــور الظــــــاهرة أمــــــام العيــــــــون ،
                بل بإماتة أعضائهم الأرضية حسب قول الرسول( كو 3 : 5 )
                يتعبدون لله ويقربون له في كل وقت ذبائح أفكارهم النقية
                ( هذه التي تكون) باكورة أعمالهم مع أوجاع أجســـــادهم
               و احتمالهم الضوائق و ذلك لأجل الرجـــاء الذي ينتظــــــروه .

إن تدبير المتوحدين هو شبه الملائكة ،
فلا ينبغي أن نترك عمل السماويات لنربح البر بأمور أرضية .

ســؤال : هل يلازم أحد الإخوة لأنه ما عمل رحمة ؟
الجواب : فعل الرحمة ليس إلزاماً على المتوحدين .

من الظاهر و البين إن : الراهب الذي ليست الرحمة إلزاماً عليه ،
                         هو الذي يمكنه أن يقول للمسيح له المجد بصدق مثلما ، 
                   كتب : " ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك ") لو 18 : 28   ،( 
 يعنــــى بذلــك أنــــه : ليس له في الأرض مشيئة و لا يملك عليها شيء ،
و لا يتعب نفسه في الأمور الجسدانية و لا يخطر بباله شيء من جميع هذه المرئيات ،
و لا يهتم باقتناء شيء ، و ان أعطــاه أحد شـيئاً لا يأخـــذ منـــه إلا ما به إليـه حاجة ، 
و أيضاً لا يحفل بما يفضل عنه و تكون سيرته كسيرة طائر ،
فهــذا الذي هذه صفته فالرحمــة ليســت إلزامــاً عليــــه
لأنـــه كيف يعطي غــيره شـــيئاً قد تحـــــرر هـــو منـــــه .

 أمــــا إن كـان يعمل بيديه ، و أيضاً يأخذ من آخـــرين ،  ( ففي هذه الحالة )
 يجب عليه أن يتصدق ويعطي ، لأن إهماله لهذه هو تجاوز واضح لوصايا الله ،
 و هو بذلـــــك ليــــس له فضـــل بالـــروح أمـــام اللــــــه لأنه اذ يتهـــــــــاون
                 حتى في عمـــل ما تصـل إليه مقـــدرته بالأشـــياء الظاهــرة ،
فبـــأي شيء يترجى أن يقتني الحيـــــاة ، و هذا أيضــــاً يدل على جهــــله .

ســـؤال : ما دام الله صالح ، فلما خلق الخطية و جهنـــم و المــوت و  الشـيطان ؟
الجــواب : الله لم يخلق الخطية و لا الموت و لا الشيطان لأنها أفعال و ليست أقانيم ،

فالخطية هي ثمــــــرة الإرادة و لم تكـــن موجــــــــــــــــودة ،
                و أيضاً يأتي زمان لن توجـــد و ينعـــدم فعلهــا .

أما جهنم فهي ثمرة الخطيـــة و يأتي وقت  تبدأ فيه و أما نهايتهـــا فغـــير معروفـــــة 
و المــــوت هو ثمرة المخالفة ،
           و هو يحدث حسب حكمة الخالق ،
           و سلطانه علي الطبيعة إلي زمن ثم يبطل بعد ذلك .

و أما الشيطان فليـــس الشــــر من طبعــه ، ( أي لم يخلق هكذا )
 بـــل مــــــــن الإرادة وحتى اسمه يوضح انحراف الإرادة و جنوحها عن الحق .

ان هذه الأشياء و ما يشبهها ـ لا تظن أننا تكلمنا بهــا لكي نظهر ذواتنـا أننا معلمـون ، 
ولا لكي نمتــــدح بما هو قول الآخرين،بل أعلم أننا رضع نرضع من ثدي  ( تعاليم ) آبائنا ،
و قصــــــــــــــــدنا من ذكـــــر هــــــذه الثــــــــاؤريا ( أي التأمـــلات ) 
                     التي جمعناها ونضعها قدامنا أن يتفاوض العقل بهــا و يغتـذي ،
لأنه لا يغيب عنا أننــــــــا لا نرتفـــــع عن رتبــــــة المحتـــــاجين إلي التعــــــليم
                    طالمــــــا نحــــــــن لابســــــــــــــــــون هـــــــذا الجســـــــــــد .

التميـــــيز هــــو الحركــــــة الطبيعيــــة للأفكـــــــار ،
و إذا ما كانــــت تتحرك بشكل و بطريق طبيعي تدرك تغير العوالم و العناصر .

 سؤال : متى يثق الإنسان أنه استحق و أهل لمغفـرة الخطـــايا ؟
الجواب : إذا أحس في نفسه أنه قد أبغضها تماماً من كل قلبــــــه  ،
             ثم يصنع عكس تصـرفه الأول في الظاهــر و في الخفــاء .

 فالذي هو هكـــــــذا فلــــه ثقــــة أنـــه  ( نال ) من الله غفران خطـــاياه ،
                          و ذلك بشهادة الضمير النقي الذي اقتناه في نفسه 
حسب قول الرسول :
                          لأن القلب لا لوم فيه هو الشاهد على نفسه ) 1 تس 3 : 13   (
تأملات في رموز السبت والأحد

الأحـــــــد هو سر معرفة الحق التي لم يكن يدركها اللحم و الدم
                 و التي تعلـــــــو عـــــــن كل الأفكــــــار البشـــــرية .

هذا العالم ليس فيه يوم ثامن و لا سبت حقيقي ذلك الذي قيل عنه
              " اســــتراح الله في اليــــــــوم الســـــــــابع "  ( تك 2 : 2 )
هو ســـــر ســكون طبعنا عن ســــعيه و جيريه في هــــذه الحيــــاة .

الســـــتة أيـام هـــي  ( رمز) إلي الجهاد لحفظ الوصايا في هذه الحياة
و اليوم السابع فــــي القبر يكمــــل ،
و الثــــــــــامن يكون الخروج منـــــه .

و كما أن أسرار يوم الأحد يتمتع بها الذين يؤهلون لذلك هنا رمزيا  ( كعربون )
و ليـــس اليــــوم ذاتـــه ( أي الأبــدية ) إذ مازالــــوا بالجســــــــــد،
هكـــــذا أسـرار السبت يتمتع بها النشتطاء  ( روحياً ( ههنـا رمزيــا،
و ليـــس السبت الحقيقي الذي هو الراحة و التخلص من كل حزن ،
و لا هي الراحـــة التامة من جميـــع الضيقــــــات .

إن الله أعطــــانا تـــــذوق ســـــــــــــــــر كل الأشــــــــــــياء ،
و لـــم يمنحنــــــــــــا أن نعيشها بالفعل على حقيقتها هنا .

 فالسبت الحقيقي و ليس الرمزي إنما يكــــــــون بالقــــبر ،
و  هذا يوضح و يدل على الراحة الكاملة من ضغوط الآلام و من الجهاد في مواجهتها ،
 فهناك يسبت ( أي يستريح ) الإنسان كله النفس مع الجسد .

في ستة أيام رتب الله قيام هذا العالم
                  و وضح فيه عناصر عاملة تتحرك بلا توقف للخدمة ( أي لتؤدي دورها )
                  و ليــــــس لهـــــا حـــــرية التوقـــــــــف إلي أن تنحـــــــــــل  ،
و من هــــــذه العنـــــــاصر الأســــــاسية جبــل جســـمنا الأول ( أي آدم )
و لم تتوقـــــف حركتها بعد ، و لا لجسمنا المتولد منها أعطاه راحة من العمل .

و لهذه العناصر التي فينا وضع نهاية إلي أن تعود إلي أصولها الأولى
                  التي هي الانحــــــــــلال من هـــــــذه الحيــــــــــاة .

   حســـب قــوله لآدم : أن بعــرق وجهـــــــك تأكـــــــــل خبـــزك
                              حتى ترجع إلي الأرض التي منها أخذت ( تك 3 : 19 )،
  و تعمــــل فـــــي الأرض و تنبـــــــت لك شــــــــــوكاً و قرطبـــــاً ( تك 3 : 18 ) 
  الذي هو سر ( أي رمز ) عالم الشقاء و العمل طالما هو هي في هذا العالم .

  و هذه عبرها ســيدنا في تلك الليــلة التي عــرق فيهـــا
  و هو بــذلك بـــــــــدل جزع العمل في الأرض التي تنبت الشوك و القرطب
                 إلــــــــي العــــرق في الصــلاة و التعـب في عمــل الـــــــــــبر .

   خمسة آلاف سنة و أكثر ترك آدم ( أي الإنسان ) يعمل في الأرض ويشقي
                                   إذ لم يكن قد ظهـــــــر طــــــــــريق القديســـــــين ،
 و كمــــا قال الرســــــــــول أتى بنعمتــــــه في آخــــــــر الأيــــــام ( عب 9 : 26 )
 و أمــــــــــــر حريتنــــــــا أن تغير العرق بالعرق ، لم يأمرها بأن تتوقف عن العمل
                                  بل أرانا كيــف نبــدل ذاك بهــذا لأجـــل تحننه علينــا .

  و لكثرة تعبنا في الأرض ، فإن كنا نتوقف عن العرق في الصلاة ،
  فبحكـــــــــم الضـــــــرورة لابد أن نحصـد شــوكاً و قـرطب الآلام
 بســـــبب التوقــــــف عن تعب الصلاة و العمل في جسد الأرض ،
                               فإنها تنبــت الشوك حسب طبيعتهــــا .

الآلام هي بالحقيقـــــة الشـــوك الذي ينبــــت فينــــا من الــــزرع الجســـــدي  ،
                            لأننـــــــا حاملين صورة آدم فبالضرورة تتحرك آلامه فينا ،
                            فالأرض لا تتوقف عن أن تنبت وتنمي حسب طبيعتها ،
هكذا جســــدنا أيضـــاً الذي هو من طبيعة الأرض حسب قول الله لآدم :
                           أنك من الأرض أخذت ( تك 3 : 19 ) ، 
 فتــــــــــــــــــــــــــلك ( أي الأرض )                    تنبت الشوك ، 
و أما هذه الناطقـــــة ( أي صورة آدم التي نحملها ) تنبت الآلام .

إن سيدنا صــــار لنا مثــالاً في كل شيء بســـر تدابيــــــره الحكيمــة ،
لأنـــــــــــه إلي الساعة التاسعة من يوم الجمعة لم يتوقف عن العمل
             و      التعـب الذي هــو ســر عمـــل كل أيـــام حياتنــــــــا ،
و أمــــــــــــــــا السبت فقضـاه في القــبر أعني الراحـة من الأوجـــاع ،
و أما عن نهـار الأحـــــد فعظيــــم هــو القـــــول فيــه
لأن سبتنا هو يوم القبر اذ أن طبعنا يسبت ( أي يرتاح ) فيه بالحقيقة .

لذا ينبغي لنا أن نقلع منه ( أي من الجسد ) الآلام ( أي الشهوات ) كل يوم  ،
و هــــــــــذا ضروري طالما هذه الأرض قائمـــة ،
لأن            مداومة العمل توقف إنبات الشوك
لأن            النقــاء منه تمـــاماً غـــير ممكــن ،
لــــــــــــــذا إذا تكاســـلنا عـن العمـــل قليــــلاً 
يصعد الشوك و يغطــــي و جــــــــــــه الأرض 
                 و يخنـــــق الـــــــــــزرع الصالح
               و يجعــــــل عملنا و جهادنا الأول كلا شيء  ،
لهــــــــــــــــذا فنحن محتاجــــون أن ننقـي كــل يـــــوم ،
لأن التخلــــف عن التنظيف و التنقية يــزيد إنبات الشوك .

Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac