مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » ميامرماراسحق ـ الجزء الثانى ـ الميمر السادس عشر ( كامل ) ـ مشورات مفيدة

ميامرماراسحق ـ الجزء الثانى ـ الميمر السادس عشر ( كامل ) ـ مشورات مفيدة

  الميمر السادس عشر
مشورات مفيدة
كيف يقتنى الإنسان تدبيرا حسناً .
تحذيرات من اجل الاحتراس والتوبة.
                   

ــ التـــــوبة هي أم الحيــاة , تفتح لنا بابهــا بفرارنا من الكـــــــل .
ــ  نعمــــــــــــة المعمودية التي أضعناها بانحــــلال ســـــــيرتنا     
   تجديدها فينا التوبــــــــة بتمييـــــــــــز العقـــــــل.

ــ من  الماء والروح لبســـــنا المســـيح  و لم نشــــــعر بمجــــــــــــده ,
   و بالتــــــــــــوبة ندخل إلى نعيمـــــة  بنعمته التمييز التي  تظهر فينا .

ــ  عدم التوبة يحرم من النعيم الأبدي  .
ــ القريب من الكل هو بعيــد عن التوبة ,
 و المبتعد عن الكل بإفراز هو تائب حقاً ,
   لان عندما يبعد الإنسان عن البشر وينقبض ( أي ينفرد ) على ذاته ،
   فمن  وقته ترتسم في عقلة خلجات التوبة ،
  و يتقبل من النعمة زرع الحياة مثل الجنين ،
  و يتحرك فيه حزن الإفراز ويختلج بقلبه ذكر 
  حيـــــــــــــــاة   العالم الجديد
  و انتظـــــــــــار   القيــــــــامة 
  و الاهتمـــــــام   بالدينـــــــونة .
   لا تظن انه بدون النعمة الإلهية يقـــــع الحـــــزن في القــــــــلب ،
   فهو يقبل هــذه الموهبة خفية رحمة من الله ليجذبه للحياة بالندم ،
    حسب قول مار أوغريس :
"  إن العقار المطهر هو :
   ندم النفس الحار الذي يكون من الرب بواسطة الملائكـــة القديسـين
   و هو يُعطـــــــى بالتدبير و العناية لمن يتوبـــون للتطهر من الشهوات ".

   و أيضـاً قــال :
" نار الكور هي ندم النفس الحار الذي يولد فيها ــ بنعمة المسيح ــ وقت الصلاة
   حيـــــث يدرك و يتذكر صورته (الأولى عند المعمودية) ،
  و هـــــو مـــــاء الحيــــاة الــــذي يمنـــح الشــــــفاء ".

ــ أساس التوبة هـــــو الاتضاع  غير المصطنع وليس الرياء الكاذب .
ــ مــــــع ارتداء الثياب الحسنة اللامعــــــــة لا توجد توبــــــــــــة .

ــ طريـــق الحكمــة  ضبط الأعضاء ،
   طمــــوح الجسد  تخبــــــــــــط .

ــ الحكمة الحقيقيــة  هــــــي    النظر بالله ( أي المشاهدة الإلهية )
   و النظــر باللــــــه   هـــــــو     صمت الأفكار .
ــ سكوت الضمـــير    هـــــــو     هدوء بإفراز ( أي بتمييز ) ،
  و اضطراب الحواس  هـــــــو     ينبوع الأفكار .
ــ الإحســاس بالله    هـــــــو     عمق الاتضاع  .
ــ ثاؤريا تصور الحق( الله ) هي  موت القلب ( عن الخطية ) ،
                                        و القلب الذي مات بالحقيقية عن العالم 
                                                         فــــــــــــانه يتحرك باللـــــه كليـــــــــة ،
  و الموت الحقيقي  هــــــــو  التحرك ( أي تحرك بالفكـــر ) بالحــــــق .

ــ الأخــــــــير لنـــــــا أن نستنشق الحيــــــــاة بالبعــــــــد عـــــن الكــــــــل ،
   عن أن نعزي الأحباء بالاستنشاق ( أي نعطيهم أن يستنشقوا هم الحياة ) .

ــ الذي يبني نفسه أخير له من أن ينفع المسكونة جميعها ،
                        وأخير له       أن يأخذ الحيـــــاة من أن يقسم الحياة .

ــ من ماتت أعضاءه الخارجية عاشت أعضاءه الداخلية .

ــ التواضـــــــــع بتمييز هو معـــرفة الحــــــق ،
   و معــــــــرفة الحق هي ينبـــوع الاتضــاع .
ــ متضع القلب :
                  متضـــــع بجسده ، 
               و المتكـــبر بجسده   متكـــبر بقلبه ،
               و المضطرب بجسده   مضطرب بقلبه ،
                                        والمضطرب القلب جاهل العقل ،
                                                            و الجاهل بعقله طرقه رديئة ،
         و هذا مائت وهــــــو حي .

ــ إن كنـــــــت محبــــــاً للتواضع  ، فلا تكـــن محبــــــاً للــــــتزين ،
  لأن الإنسان الذي يحب الزينـة  ،  لا يستطيع أن يتحمل الازدراء ،
 و لا يسرع إلي الأعمال الحقيرة ، إذا هـــو صعــب عليه جــــــداً
 أن يخضـــع لمــــن هــو أقل منه ، و يخجــــــــــــــــــــل من ذلك .

 المتعبد لله لا يـــــزين جســــــــــــــده ،
 و اعلم أن كل من يحب زينة الجســـد
 هو ضعيف الفكر ، و لو كان له حسنات.

ــ من يحب الربح المنظور ( أي المادي )
  لا يستطيع أن يقتني حباً حقيقياً لأحد .

ــ كل مـــن يسرع إلي الكـــــــرامة فهو متعبد لهذا العالم .
  فإن كنت تكـــــــــــره فاعلي هذه فأبتعد أنت عن فعلها .

               الاتضـــاع و العفــة شيء واحد و يعضدهما التحقـير  ( للنفس ) ،
والذي يحب التزين و الكرامــة لا ترجـــــو منــــه هذه  ( الفضائل ) كامــــلة .

إن كنت تحب العفة فــــــــــلا تكــــن محبـــــــاً للطياشة
                          لأن اللقاءات التي تنتج عن الطياشة
لا تدع نفسك تتمسك بالحرص على العفــــة ،
                             فكل من يحب الطياشة لا يكون عفيفاً .

كل من يتعلق بالعلمانيــين ،    لا تصـــــــــدق أنــــــــــــــــه متواضـــــع .
كل من يحـــــــــــــــب الله  ،   يحب الحبس و الثبـــــات في القلايـــــــة .
و إنسان طائش لا يمكنه أن     يحفظ الحق ( الله ) في نفسه بغير دنس .

كثيرون يعــــــدون و يتظاهــرون بالتوبــــة و لا يقتنيها أحد حقاً    
   إلا     الحـــــــــــــزين فـي قلبــــــــــــه ،
و كثيرون يســــــرعون إلي الحــــــــــــزن و لا يجده ( حقيقته )   
    إلا      الذي اقتني الصمت على الدوام .

كثيـــر الكـــلام فارغ من الداخل حتى لو أخبر بأمور عجيبة .
الحزن الداخلي هو لجــــــام الحـــواس
 فــــإن كنـــت تحـــــــــــب  الحـــــــق 
           كـــن محبــــــــــــاً  للصمـــت 
                                      فالصمت مثل الشمس يجعلك تنير بالله ،
                                     و يخلصـك من أوهــام عـــــدم المعـــرفة .
                                     و السكوت يجعل لك خلطـــــة مـــع الله .
احــــــــــرص أن تجعل الوقت الذي يحلو لك فيه أداء المطانيات ألا يتوقف ،
                 فلعـــــله لا يتــوقـــف ما دمـت في هذه الحيــــاة .

في الوقـــت الذي فيه يتجمــــــــــع فكـرك لا تقطـــع صـــلاتك ،
و لا تحسب مداومــة الصلاة القلبية باطلة لأجل تركك المزامير .

أداء المطانيات أفضـــــل مــن تــلاوة الألفاظ ( في الصـــــــلاة ) ،
فهـــــــــــــذه إذا بلغتك فهي تكفيك عوضـــاً عن الخـــــــــدمة ( أي صلاة المزامير ) .

و إذا ما أعطيت في الخدمــــة موهبة الدمـوع ،
 فلا تظــــــــن أن التنعــم بهــا توقــف للخدمة ،
 لأنــــــــــــــه كمال الصلاة هو موهبة الدمـوع .

عندما تكون جاثياً في الصلاة و قد تركز فيها فكرك و هدأت حواسك ،
 فلا تتعجب من ذلك
 فهذا يكون أحياناً وقت الخدمة ( أي الصلاة ) و أحياناً وقت القــراءة .

و في الوقت الذي يتشــتت فيه فكـــرك 
أثبـــــت في القراءة أكثر من الصـــــلاة .

الهذيذ الروحاني هو المفاوضة الدائمة ( التفكير الدائم )
                      في ذاك الأمل الـــذي بعد القيـــــامة ، 
و تبـــدأ حركتـــه (عند بلوغ ) حــــــــد التــــــــــــــوبة .

ضابط التــــــوبة في النفس هو الهذيذ الدائم بالأمور المزمعة ( في الدهر الأتي ) .

إذا ما تحرك ( القلب ) بالتوبــــة  ، انتقــــــل برجـــــائه للعالم الجديد
 الذي ينسي هذه ( أي التوبة )  ، فإن ضميره متمسك بالعــــــــــالم .

  الــذي يحب الحديث مع المسيح يحب أن يكــون وحـــــده ،
 و الذي يريد أن يكــون مع كثــيرين هــــــــــــــــــــو محـــب للعالم .

التوبة هي حــــزن القلب الدائم بهذيذ مستمر بتـــــلك الهيئة العظيمة ،
              التـــي تكـــون فـــي العالم الجديد ، و التي لا توصـــــــــف ،
              و بفكر كيف يصل إلي ذاك المدخل الــــــذي لا يعــبر عنـــه .

إن كنــــــــت تحب التوبــــــة  فلتحب السكون أب التــــــوبة  ،
و لتحب أيضـــاً أن تقبل بلذة  الخسارة الجســـدية و اللوم الكثــير الذي يقــع عليـــك ،
 لأن بدون هذا الاستعــــداد  لا تستطيع أن تعيش في هذا السكون حراً بغير اضطراب
و إن كنت تحتمـــل هــــذه   فإنــــــك تقتنــــي الســـــكون الذي حســـب إرادة الله .
إذا ما ظُلمــــت و هـزأ بـــك  أو فقـــدت ما هــو لك و ما يشـــابه هـــذه الأمـــــــــور
                                     لأجـــــــل محبـــــــــة الســــــكون فلا تنـــــــــــــزعج ،
لأن محبـــــة الســكون هي  انتظــــــــــار المــــــــــوت عــــــــلي الـــــــــــــــدوام .

 و الذي يدخل الســـــــكون  دون أن يكـــون لـــه هــــذا الفــــكر بل له فكـــر آخـــر ،
 فانه لا يستطيع التطلع إلي  الأشــياء التي نضـــطر مـــن أجلهــــــا
                                     أن نصــبر و نقاســى في أي مكــــــان
                                     و أن نموت من أجل الله لكي نحيا بالله .

                       كمال الحيـــاة هو الهــذيذ بالمــوت لأجــــــــــــل الله ،
                       و هــــــــــــذا هو الذي يقرب عقلنا إلي الاتحــاد بالله .

قال القديس أوغريس :
                        " أعلم أيها العارف ذو التمييز ،
                  إنما نحـــــن نطلب الانفراد مع أنفسنا في الوحدة و السكون و الحبس
                  ليـــــــــــس من أجل الازديـــاد في ممارســة الواجبــات الرهبــانية ،
                  لأنه معـــلوم أن الشـــركة مع كثـــيرين في المجمـــــع ( الرهباني )
                 تساعد على حفظها ( أي هذه الواجبات ) و ذلك لأجل نشاط الجسد " .

الذي يشـــــــعر بخطـــــــــــاياه
      أفضــل له من أن ينفــع الخليقــــة بمنظــــره .

الذي يتنهد على نفسه كل يوم 
      أفضل من أن يقيم موتى بصلاته ،و هو مقيم في وسط كثيرين .

الذي اســـتحق أن ينظــــــــر خطــــــــــــاياه
  أفضل من الذي ينظر الملائكة ، لأن هذا ينظرهم بعين الجسد أما ذاك فبعين النفس 

الذي بالنوح في الوحدة يتبع المسيح كل يوم
 أفضل من الذي يُمــــــــــــدح في المجـــــــــامع  ( من أجـــــــل فضــــــــــــــــائله ).

كيف يولد في النفس الإحساس الروحاني
ومدى ارتفاع منزلته
يتولد من الهذيذ إحساس روحاني يعطي النفس النعيم و الفرح و البهجة ،
و قد يوجد هذا الإحساس في الإنسان من ذاته .

و بمجرد نوال هذه الأمور  المتولدة من الهذيــذ    و محبـة التعــــليم
                                 بتفــــــاوض الضمــير    و لهجه بمخافة الله على الدوام ،
                                 و بالهذيــــذ الحسـن      فـــي محبــة الله ،
                                 و الاهتمام بالإلهيات ،   و اهتمام نفسه بتقويم عمله
 ـ فإنه شيئاً فشــــيئاً ـ  يتولد فيه على الدوام     نظر الأمـــــــــور بالــــــــــروح .

و إذا ما تنقت نفسه قليلاً بسبب خوف الله و الاحتراس ، فعنــــــــد ذلك :
 تحل في النفــــس  ـ دون ســـــــــــــــــــــــــــــعي ـ  الثاؤريا الروحانية ،
                                         و في كل وقت يجد الإنسان في ضميره
                                         فهم ما ( أي مدارك و إحساسات إلهية جديــدة ) ،
و للوقت يصبح الضمير بلا حركة ( أي بــلا فكـــــر عالمــــــي ) بغتـــــــــــــــــــــــــة ،
                                        و كـــــــأن عليه ســـحابة إلهيــــة تذهـــله فيصمـت ،
                                        و ثم وقت يكون  (العقل ) كأنه متوقف عن التفكـــــير ،
                                        و وقـــــت يقع على الإنسان بغتة ذهـول لا يُعبر عنــه
                                        فيغـــــوص الضمــــــير داخـــــله .

 و هذا هو ميناء الراحـــــة الذي ذكـــره آباؤنـا في كتبهــم  ،
                      إن الطبع  ( البشري ) يدخل إلي هناك ( أي إلي ميناء الراحة ) ،
                      و هــــذا إذا ما دنا إلي تدبير السيرة الروحانية ،
                      و هـــذه هي بداية الدخــول للمنزلة الثالثــة التي هي التدبير الروحاني .

و تطلعاً لهــذا المينـــــاء يكون كل جهاد المتوحد بالجسد و النفس
و الممارسات المتعددة من بداية رهبنته و حتى القـــــــــــــــــــبر .

و إذا ما اقترب المتوحد إلي ههنا و وصل إلي الميناء و دنا من التدبير الروحاني ،
فهنا تدركـــه أشــــياء مدهشـــة و يأخذ العربــون بنعمـــة ربنا يسوع المسيح .

ما تسأل عنه أيها الأخ لا يناسب كل أحد بل الذين لهم ســـــــــر الــــــــــــروح
                              و قلب هدأ بالسلام  و بالنعمة  و ذاق الحق في الخفاء ،
                              و بالموت عــــــن الكـــــــــــل ، و يسعى تابعاً النقــاوة ،
                              لأن الله يحــل حيــث السـلام .

المتوحـــد :
الذي يريـد أن يكون قلبه مسكناً لله ينبغـــي عليــه أن ينشـــط في تفليحـــــه بالجهـاد ،
و أن يجعله هادئــــــــــاً من جميـــع خلجات الطبع (الإنسـاني) التـــــــــــــي تسجسه ،
ومــــــــن المحادثات و اللقاءات سواء النافعة أو المسببة للخسارة،وبالأكثر مع الأقرباء ،
لأنـــــــه بواســـطة هــــــــذه يســـجس الشــــــيطان النفـــــس و يكــدر نقاوتهـــــا ،
لذا فهــو يهتم ألا ينشغل الضمير في داخله مع أحد كلياً،لا بذكر الأصـدقاء و لا الأقـرباء
بل يضبط محبته و مودتــــه ( السابقة )غير مميز واحـد عن الآخــــر ،
 فهــــــذا يعطي قلبه الهدوء ، لأن ( أمور) هذا العالم تُسجس وتكدر
    فينفعل في داخله بالصلاح وبالشرور ، لأن العالم لا يمكن أن يتخلص من الشرور .

يمكننا عمل الفضيلة بالبر الطبيعي  مثل نوح و إبراهيم و أيوب فهذا مستطاع ،
 لكن لا نستطيع و نحن في العالم   أن نكــــون مســــــكناً لله بالطهـــــــــارة
                                               و لا أن نقتني القداســــة لذواتنــــــــــا .

و قد يكـــون هذا لأفراد قلائـل  بمعـــونة الله بنــوع مـن التدبــــير ( الإلهي )
و لهذا هرب آباؤنا القديسون  من المناطـــق المأهـــــولة إلي القفــــــــر ،
                                     حيث كانوا في مجمع متوافق و أخوة و احدة ،
كما كتب في الإبركسيس ( أي سفر أعمال الرسل ) :
              "أن الشيء الذي يقتنونه هو للجميع ، و كان كل الإخوة نفساً واحدة 
              و رأياً واحداً بسلام و مودة بلا انقسام قلب ( أع 4 : 32 )" ،  
و كانـــوا باجتماعهم مع بعضهم يصعدون إلي السماء بضمائرهم .

أما في زماننا هذا فيتم علينا المكتوب :
                  اثنـــــــــين ينقسمون على ثلاثة و ثلاثة على اثنين ( لــــو  12 : 52  )
                  و يكـــــــون الناس محبـــين لذواتهــــم و للشهوات  
                  أكــــــثر من حــب الله مفتخـــــرين متكبـــــــــــرين ( 2 تي 3 : 2 ــ 4 )
                 و أشـــر من هــــذا .
لذا  ،  فالعاقل  ـ  في هذا الزمان ـ   ( يلجأ ) إلي السكوت
                     و يهرب من التشويش إلي السكون لأنها أيام رديئة ،
فليس فقط اثنين منقسمين على ثلاثة ،
                          بل في جيلنــا هذا فالواحــد منقسـم علي ذاتــه ،
                         و يتكــدر من كثرة المحادثــات التي تلاقيــه كل يوم ،
 لأن قلبــــــــه سوف ينشغل داخله ( مما سمع ورأى ) عندما لا يكون في الســكون،
 و هو بهذا يظل على الدوام يبني ويهدم دون تقدم بسبب اللقاءات المتعددة الحتمية .

و أيضاً في الأيام الأخيرة  :
                               لما كثرت المجامع بدأ الانحلال يتسرب
                              و بردت الحرارة ( أي حـــرارة الجهــاد ) .
أما آباء تلك الأجيــــال :
                            فقد خلصـــــوا أنفســـــهم بالأعمـــــــــال النشـــــــــــطة
                           بالحبس و السكون في القلاية وهم في مجمع مع كثيرين ،
و عنــدما شـــعروا أنه :
                      قد بدأت تظهــــر فيهــم ثمـــار الــــــروح لجأوا إلي السكون الدائم ،
                     و بذلــك هربوا لئلا يفقدوا سلام قلوبهــــم بسبب التشويش الكثــير
                     و التكـدر الناتــــج مــــن اللقاءات الحتمية مع الســـاكنين بينهــــم .


وحســـبما أظــن أنه كما بدأت الوحـــدة المباركة ،
بأن يقيـــم الإخـــوة المتوحدون في مكان منفــرد
و يمارسون الفضائل بالسلام في الوسط ( أي دون تشويش حيث لا تكون لقاءات ) ،
وذلك عندما اتسعت المجامع والأديرة و نمت جداً ،
فهكــــــــذا هو مزمع أن يكون في المنتهى ، كما يلوح ذلك من كلام سيدنا و الآباء ،
 لأنه عسر على الكاملـــين الســكنى مع كثـــيرين لأجل اختــلاف ســير الإخــوة ،
لأن الضمير المتحفظ المصلوب إلي الواحد عندما يريد أن يسير في جميع الســـبل
( وذلك مسايرة لفكر كل واحد ممن يعيش معهم ) و أيضـــاً يمـــارس الفضيـــــلة ،
فان معرفة الأخ الممـــيز تتخبــــط في وســــط طـــرق الإخـوة ،
                    لأن الطبع البشري الضعيف غير قادر على ذلك .
إن من جاهد في برية التوبة مدة من الزمان
يتضايق ويتكدر في وسط سبل أخرى كثيرة ، بسبب الإخوة المنحلين  ،
لأنه بواسطتهم يصنع الشيطان قتالاً مع النشطاء الذين يكملون الفضيلة
كما قال أوغريس :
                 " تثير الشياطين الإخوة المنحلين على الشيوخ العمالين 
                   في المجمع و لهذه الأسباب هرب الآباء من المجامع " ،
مثلما هرب شيشوي و سكن في جبل أنطونيوس لأنه قال :
                   في الأول كنت مستريحاً مع سبعة إخوة ( فقط ) 
                   و الآن لا أقــدر أن أســـــــــــــكن مـع كثيــــــرين
                   لأن قلبي يتكــــدر و يتخبــــــــــط بغير إرادتـــــي .

 و آخـــرون كانـوا يبتعـدون عن المجـامع بالجســـد
               ( في مغـــائر خــارج نطـــاق الأديـــرة ) ،
و يتلقـون احتياجاتهم من المجمع باتفاق مع الإخوة .

و الأب أمون قال للأب بيمن : لما اضطرب لأجل أخيه :
" أنت للآن حي يا بيمــــــن ، مٌت الآن عن كل أحد و ضع في ضميرك
                                       أن لك سـنة في القــبر لعــلك تهــــــدأ "
 و الآباء الذين كانوا يُرسلون من الله لبنيــان النفوس
 كانوا يكملون  ( جهادهم ) في القفر و في الوحدة أولاً
  و بعد ذلك يٌرســــــــلون لخــــــلاص آخـــــــــــرين ،
 و منهــــم من سكن في المغائر و النواويــــــــــــــــــــــــــس ( أي القبور )
              و الجبـــــــــــــــــــــال و الجزائر المقفرة فهؤلاء نجوا ( أي نقوا )
              حياتهم من التشويش إلي الصلاة الطاهرة
هذه التي لا يبلغهـــــــا الســـــــاكن بين كثـــــيرين .
أما  ( بلوغ ) الصلاة الروحانية ،  حيــث يكـــون قلب الإنســـان قدســــاً للــــــرب ،
 فلا يؤهــــــــل لهــــــــــــــــا   من يتجـــرد فقــــط من المفاوضــــــة البشـــــرية ،
 بل وأيضــــــــــــــــــــــــــــــاً   من كل تذكار عالمي ،هذا لكي يتجدد قلبه بالروح .

و أيضاً من يتفاوض عقله خفية مع الروحانيين و مع أرواح الصديقين الذين كملـــــوا ،
و ذلك كما كتب القديس يوحنا التبايسي :
" إن الذي يبتعد طلباً لحـــرية الســــكون ينجـو من أمور كثيرة خارجية تسـبب له الضنـك ،
  و يتحـرر قلبه منالمفاوضات غير اللائقة التي تصادف سمعه كل يوم باللقاءات الحتمية  ،
    و كـــذلك ينجو من المثلبة و الدينونة و الحنق و الغضـــــب
       هذه التي تثير الإنســـــان و تنجـس و تكدر نقاوة نفسه " .

 كما قال القديس مقاريوس :
" إذا غضبنا على الإخــــــــوة   يُنزع من قلوبنا ذكر الله  ويظلم العقل ويتكدر ،
 و إذا غضبنا على الشياطين    فالعقـــــــل يثبـــــت بـــــــلا ضــــــــــــرر " .
        
كان الآباء يطلبــــون من أجــــل  ( النجاة من ) الشياطين و النــــار و الوحوش
                                    و بهــذا كانـــوا ينتفعــون و يجدون عزاء بسبب بساطتهم ،
وأما من جهة الإخوة المنحلين و تعـــدد تدابير الإخــــوة العمــــالين
                                        و لقاءات الإخوة المسببة الخسارة في وسط الكثيرين ،
فـــــلا كــــــــان القديســــــون يصلون من أجل أذيتهم  و لا أن يغضب الله عليهــــــم .

الفضائل الكبار و الجهادات الشــــــــاقة التي يعملهــا المتوحد ( أي الراهـــب )
                   و هو في المجمــــــــع و سط كثــيرين تكــــون ناقصة في عينيه
                                                بالقيــــــــــاس لعمـــل آخــــــــــــــــرين ،
لأنه ليـــــس في شــخص الكفــاءة  أن يكمــــــــــل جميع أعمال التوبـة و النسكيات
التي يتمــيز بها كل واحد من الإخوة ، و أن يضعهـــــا عـــــــــلى ذاتـــه دومــــــــــــاً ،
لأنه لم يأخذ قوة على إتمامها كلها ، بل نال جزء من النعمة كمثل اللسان من الجسم  ،
                                                  ( أي جزء صغير جداً).

أحد المتوحدين قال لشيخ :
                                  أنه قد اصطلح مع النار و الوحوش  ،
  فأراد الشــــيخ المختـــبر أن يكـــسر افتخـــاره ، فقــال له :
 " إن أردت أن تعرف كمالك ، امضي اخضع نفسك ( أي أسلك بالطاعة )
    في المجمـــــــــــــــــع ، لأن هنـاك ليـس لك سلطان عــلى كـوز ماء " .

Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac