الميمر الخامس
العمل في الوحدة ، و سهر الليالي ،
و كيف ينبغي السلوك فيه ،
و المواهب الإلهية
المحتــــــــويات :
+ إن بداية طــريق الحيــاة هي تلاوة العقل لأقوال الله دائمـــــاً
و التصرف بمسكنة ،
و الارتـــــــــــــــــواء من هذه يساعد إلي النهــــــايـة ،
أعنــــــي الارتــــــواء من :
أقـــــــــوال اللـــــــــــــــــه يساعد علي التمسك بالمســــــــــــــــــكنة ،
و البلوغ إلي عدم القنيــــة يجعلك تتفرغ للتمسك بالهذيذ في كلام الله ،
و المعونة التي من هذين ، ترفــع إلـــي أعـــــــلي بســـرعة وســهولة
و تكمـــل بـرج الفضـائل كلها .
+ تســــمك بالإيمان و التواضع و معهما الرحمة و المســــــــــــاعدة للآخــــــــــرين
فتجد في قلبـــــك كلامـــــاً يقـــــــوله الــــــــله حافظك و الملازم لك سراً وعلنا .
+ إن كنت تريــد أن تقتني هــــذا تمسك
أولاً بالبســـاطة و سلامة الطوية ، و سر قدام الله ببســــــــــــــاطة لا بمعرفــة ،
لان الإيمــــــان يتبع البســــــاطة ، و يتبع الكبرياء التنميق في الأقوال و تشعبها .
+ إذا وقفـت مصليــاً أمـــام الله ضـــع فــــــي فكــــــــرك
أنك مثل نملة و كالذباب الذي علي الأرض ، و كالعلقة .
كن قـــــدام الله كطفـــــل ينـــــاغي ،
و بذلك تؤهل لتلك العناية الأبوية نحو بنيهم الأطفال ، فقد قيل :
" إن الرب يحفظ الأطفال " ( مز 114 قبطي ) .
و ليس هذا عن الأطفـال الصغـار السن و الأجسام ،
بــــــــــل و عن حكماء العالم التاركــــين معرفتهم ، و المستندين علي تلك الحكمة
التــــــي فيها الكفايـــــــة ، والصائرين أطفــــــــالاً بمشيئتهم .
كيف تبدأ الصلاة :
إذا شئت الوقوف في السهر في خدمتك (أي صلاتك) أعمل ــ بمعونة الله ــ ما أقوله لك :
أجثو بركبتيك ، ثم قف ، و لا تسرع إلي خدمتك ، بل عند بدء صلاتك ،
صلب علي قلبك و علي أعضائك ، و أرشهما برسم الصليب المحيي ،
و قف مقدار لحظة صامتاً إلي أن تستريح حواسك ، و تسكن حركاتك ،
و عد ذلك أرفـــــــــــع نظرك الداخـــلي إلي الـــــــــــــــــــــــــــــــــــرب
و أطلب منه بحـــــــــــــــــــزن ليقوي ضعفك حســب مشيئته ،
ثم حرك لسانك و خلجــات قلبـك بتــــــــــــلاوة المزامـــــــــــــير .
قل بهدوء بصلاة قلبية :
ياربـي و الهــي المدبر خليقته ، العارف بضعف طبيعتنا و آلامنـــــــــــا ، و قساوة عدونـا ،
نجي أنت يـارب من شــــــــره ، لان قوته شديدة ، و طبيعتنا ضعيفة و قوتنا متراخيـة .
أنت الآن أيها الصالح العارف بضعفنـــا و حامــــل عجــــــزنا ،
خلصني مــــــــــــن سجس الأفكــار و من صعـــوبة الآلام ،
و أهلني لهذه الخدمة المقدسة لئلا يفسد مذاقها بآلامي ( بشهواتي )
و أوجد قدامك متجاسراَ .
كيف نصلي :
ينبغـــــي علينـــا أن نســـــلك بكل حريـــــــــــة في خدمتنــا ( أي صـــلاتنا )
بعيداً عن كل فكـــــــر متقلقل و عن الرأي الجـــــــــــــــاهل ،
فإن رئينــــــــــــا أن ليــــــــس فســــــــــــــــحة من الوقــــــــــــــــــــــــــــــت،
فلنتــــــــــــــــرك باختيــــــارنا مزمورين أو ثلاثة مما جرت بنــا العــــــــــــــادة،
و لا نترك القلق يبيد حـــلاوة خدمتنـــــــــــــــا و يكدر مزامير الساعة الأولي .
و إن أنــــــــت : أخذت في خدمتك ، و وسوس لك فكــــــــــر ما ،
فبــــادر عاجــــــلاً بالعمل لتتخلـص منــه سريعاً ،
أحــــــــــــــذر : لا تسجس نفسك ، وإن أنت اضطربت و قلقت ،
فأرجع في الحال إلي خلــف مرمـيت أو أكـــثر ،
و كل أستيخن : يحمـــس للصـــلاة أتلـــوه دفعات كثيرة بتفهم .
و إن عــــــــــاد و أزعجك فكــر ما و أشـتد عليك ، فأتــــرك تلاوة المزامير و أجثو مصلياً ،
و قـــــــــــــل : أنا لا أريد تلاوة العديد من الألفاظ ، و لكن أشاء أن أصلى لله المبــارك ،
لأني أريد أن أصل إلي المنزل بأي طريق يؤدي إليه ،
لان ذاك الشعب الذي صــــاغ العجــــل في البــــــــرية داروا أربعــين سنة تائهـــــــين
يصعدون جبال و ينزلون أودية و لم ينظـــــروا أرض الميعاد و لا من بعد .
التمتع بحلاوة المزامير :
فـــي الصلاوات و القراءة في كل ساعة لا تهتم بعـدد الآستيخونات
متـي لـــم تقــــــــــترن بهــــا يقظــــــة شـديدة و خشـــوع دائــــم .
إن شئت التمتع بحلاوة المزامير في خدمتك،و تنال الإحساس بأقوال الروح التي تتلوها ،
فدع عنك الكمية تماماً ، و لا تتوقـــــف علي معــرفة عددهــــا ،
أترك عنك الاسـتظهار ( حفظ المزامير ) ،الذي جرت عليه العادة
و أفهم ما أقوله لك :
ليكــن عقــــلك متعمقـــــــــاً فــــــي الهذيــــــــــــــــــــــــــــذ بهــــا ،
حتي يستيقظ الفهم العظيم للنفس بالذهول من السياسة الإلهية ،
و مــــن هنـــــا تتحــرك النفس إما لتمجيــد اللـــــــــه و إما لحــــــزن نـــــــــــــــــــافع ،
و كل ما هو في الصلاة ( أي معاني كلمات المزامير ) خــذه عليــك ،
و إذا تمكــن ذلك فيـك فإن التخبـط يمضـي و لا يكـون له مكــان ،
لان هــــدوء النفـــس لا يكـــــــــون مــــــع خـــــــدمة العبـودية ،
إذ فـي حـرية الأولاد و عتقهــــم لا توجــــد بلبــــــلة التخبـــط ،
لان من شأن البلبة إزعاج حلاوة الفهم و المعرفة و متابعة المعانى ،
وهي كالعلقــــــــة التي تمتــص الــدم من أعضـــاء الجســـــــــــم ،
لان البلبلة هي مركب الشيطان،و الشيطان شبيه بماسك العنان ــ
و هــــــذا شــــأنه دائمـــــــــــاً ــ فهــــــــــو يتسـلط علـي العقـــــل
و يدخل إلي النفس المجاهدة بكثرة الآلام ( أي حروب الشـهوات )
ليغرقهـــا في بحــــر البلبــــلة .
لا تعتبر كلام من غيرك :
+ ميز هذا و أفرزه ، و هي أن لا تكون في استيخونات صلاتك و تلاوتك
كأنك تأخـــــــــذ الأقــــوال من غــــيرك ، لمـــاذا يحـــــدث هــــــــذا ؟
و تفــــــــتر من الهذيذ الدائم ،
و تعبر و تجوز ( أي تبتعد ) تماماً عن التخشــــع و الفــــرح فيـــــه ،
لكـــن أعتبر الأقوال كأنها منك،
لكيما تتلو الأقوال في طلبتك بتفهم فهماً حقيقياً و بتخشع و إفراز.
نصائح بشأن الصلاة :
+ لا تحسبها باطلة الصلاة الطويلة التي بتركــــــــــــيز
والتي ليست منمقة بسبب تركك المزامــير .
+ أحب المطانيات في صلاتك أكثر من الهذيذ،
و متي أعطاك الله فيها تعضيداً، فهي كافية تماماً عوضاً عن الخدمة المعتـاد عليهـــا .
+ إذا أعطيت موهبة الدموع أثناء الخدمة ، فلا تظن أنها باطلة بسبب اللذة التي فيها ،
لان موهبـــة الدموع هي تمام الصلاة .
القـــــراءة :
ــ في الوقت الذي يكون فيـــــــــه فكـــــــــرك مشــــــتتاً ،
أثبــت في القـــراءة أكـــثر من الصــــــــــلاة ،
و ليس كل كتــــاب نافـــــــــع كمـــا قيـــــل .
أحب الصمت والســــــــــــــكوت أكثـــر من الأعمـــــــــال ،
و ألزم القراءة إن أمكنـــــــــــــك أكثــــر من الوقــــــــــوف
لأنها ينبوع الصلاة النقية و عرفها ( أي رائحتها الطيبة ) .
لا تتهـاون أبداً بل احـــــــــــــــــــــذر الكبريـــــــــــــــــــــــاء
فأصل السيرة و عرفها هو التلاوة و القراءة ،
و أعرف أيضاً :
أن الجهادات الجسدانية تنفع أكثر مــــــن التماجيد المنمقة ،
و حزن التفكـــــــــــــير يفوق في فائدته جهـــــاد الجســـد .
الصمت و السكون :
+ و أعرف هذا أيضاً أيها المميز و تبصر ، إنه
ما أعطانا آباؤنا قانون
الصمت و السكون و السكنى مع أنفسنا ( أي منفردين ) لنمـــــارس جهادات فائقة
بــــــــــــــــــــــــــــل
لنتصل بالله بلا قلـق لأننا نعرف أن مشاركة الكثيرين تنشط أكثر .
لكن في ذلك اليــوم لـــــــــــــــــــن يحاكمنـــا الـــــــــــله و يديننـــــــــا
لا من أجـــــــــل المزامير و لا من أجل إبطـــال الصلاة ،
لكن تركنا لهــــا يعطي للشــــــياطين مداخل إلينـــا.
استمرار الجهاد :
+ الراهـــــــب في صلاته كل ساعة يتطلع إلي الميناء التي يشـــد ســفينته إليهـا ،
و منهــــــا يتـــــــــــــــــــــــــزود ثم يصوب طريقــه إلي جزيرة آخري ،
فهذه هي ســـــــيرة الراهــب في هــــــــــــــــــــــــذه الحيــــــــاة
أنهــــــــــا كســـــــــــــــــــــلوك أهـــل العــــــــــالم في البحــــــــــار
يســـــير من جزيرة إلي جزيرة أعني من معرفـــة إلي معرفــــــــة .
+ ذوي الراحـــــــــــــة ( أي عديمي الجهاد )
لا يحل فيهــم روح الـــــــــــــــــــــــــــــله ، بــــــــــــــل روح الشـــــــــــــــيطـان ،
لكن أحـــــــذر أن تضعف جسدك كثيــــراً لئــــــــــلا يقوي عليك المـــــــــــلل
و تبرد نفسك عن تــــــــــــذوق عملهـــا ، يليـــق أن تــــــــــوازن جهــــــــادك .
الجهـــاد ليــــلاً :
+ إن كنت تتعب من الوقوــــف في ســـــهرك من طـــــول مدتــــــــــــــه ،
و يوسوس لك الفكر مخادعاً كالحية بأنه لم تبق لك قوة القيام ،
قل له : أن أجلس و لا أنام ، و لمـــا أنتـــهي مـــــــــــــن المزامــــــــير
فان لساني يسكت لكن عقلي يتفاوض بالصلاة و الحديث مع الله .
فاليقظــــة هــــي علي أي حــــــــــــال أفضـــــــل مـــــــن النــــــــوم ،
فليـس القيام فقط هو العمل أو تلاوة المزامير ، بل الانتباه .
+ ثم من يعبر الليل كله بتلاوة المزامــير ،
و أخــــــــــر بأداء المطانيات و الصلاة الحزينة و الركوع علي الأرض ،
و أخــــــــــر بالبكـــــــــــــــاء و الدمــــــــــــوع و النوح علي خطــاياه .
+ و قيل عن أحد الآباء إنه مكث أربعين سنة كانت صلاته جملة واحدة :
" أنا أخطأت كانســــان أغفـــر لي أنــــــت كاله " .
و كانوا يسمعونه يتلو هذه الكلمة بحزن و بكـــــاء بغير فتـــــــــــور ،
و كانـت هـذه له عوض الخدمة ليلاً و نهــــــــاراً .
و آخر كان يخدم المزامير من العشاء و بقية الليل يعبره بالتسابيح و الألحان ،
و آخر بالقــــــــــــــــــــــــــــــــــــاءة ،
و آخر ما كــــــان يحني ركبتيـــــه ،
بـــــــــل يقــــف منتصبــــاً هذا كان يحاربه شــــــيطان الزني .
لا تثق بنفسك :
+ إذا رأيــــــــــــــــــــــــــت انك قد استراحت من انزعاج الآلام ( أي حرب الشهوات )
فــــــــــــلا تثق بنفســك لان العدو قد كمن لك كمينـــــــــــاً ،
فتوقع بعد الراحــــــــــــة انزعـــاج كثـــــــــــير و اضطـــــــراب .
إذا عبرت منازل الفضائل جميعها فلن تصادف راحة من تعــب ،
و لن تجد فســــــــــــحة من المحاربات الي أن تبلغ إلي محل أتضاع العقل .
يرحم من يشاء :
ما أحسن ما يقول الرسول :
" إن الله يرحم من يشــــــــــاء و يقسو علي من يشاء
لان من للذي يقوم أمام وجهه أو يضــــــــاد مشيئته ") رو 9 :18 ،19)،
و ذلك لان الله :
في بعـض الأوقـــات يمنــــــــــح مجــــــــــاناًً ،
و فــي و قــت آخر يطـــــلب منــــــــــــا الأعمــال و الطهـارة ثم يعطــي ،
و يكون و قـت لا يعطى في هـذه الدنيا و لا بعد الأعمال و لا بعد الطهارة ،
لكنه يحفــــظ لنـــا ذلــــــك في موضعـــــــــــــــــــــــــــه .
( ومثل هذا ) إن الله في المعمودية :
يصفح عن الخطـايا مجــــــاناً و لا يطلب منـا غير الإيمـــان وحــــده ،
فأمـا في توبتنا عن خطايانا بعد المعمودية فلا يصفح مجــاناً ،بل يطلـب منـا أن
نتعب و نحزن و أحزان التوبة ، دموع و نــــدب و بكاء زماناً طويلاً ، و بعد ذلك يسـامح
وووو اللــــــــــــــــــــــــــــــــص باعترافــه ســــــامحه مجــــاناً علي الصـــــــــليب ،
و صفــح عن خطـــاياه و و عـــــــده بالفــــــردوس،
ووووو المـــرأة الخاطئــــــــــة طلب منهـــــا الإيمـــان و الدمـــــــــــــــــــــــــــــوع ،
و من الشهداء و المعـترفين طلب أيمـــــان قلوبهـــم و اعــتراف أفواههـــــــــــــم
و ضيقات و عقوبات و ميتــات متعـددة الألـــوان .
تميز قدرات العقل غير المادية ،
و الاستعلاانات والمناظر الروحية .
نظـــــــــر الإلهيـــات : هو استعــلان عقلي غير محســـــــوس ( أي غير مادي ) .
و الاستعلان الإلهي : هو حركة العقـــــــل بالمعاني الروحيــة بشأن اللاهــوت .
و هـــــــــــــــــــــــــذه ليســت موضوعــة و لا فــــــي طبيعـــــــة الملائكــــــــــــــــة ،
لكنهـــــــــــــــــــــــــا تتحرك من ذاتهــــا في النفوس بأســـتعلان النعمـــــــــــــــــــة ،
لان رؤية الكائنـــــات شيء آخــــر غير الحركة القلبية بالأستعلان عن الطبيعة الأزلية ،
وووو الأولي ( أي الرؤيـــــــــة بعينـــــــــــــــــي الجســــــــــــــد )
هي بسبب المحسوسات التي تكون أمــام العـــين ،
أما الثانية فليســـت بسـبب المكـــان ( أي وجود أشــياء مادية ) ،
بل بالعقل من النقاوة المثلثة الأجزاء الرئيسية(أي نقاوة النفس و الجسد والروح )
و حسب قول الآباء فواحد من ألاف من الصديقين استحق أن يؤهل لهذا الإحساس الأعظم الذي هو الثاؤريا ) أي التأمل الروحي )
و حسب قول الآباء :
فواحد من ألاف من الصديقين استحق أن يؤهل لهذا الإحساس الأعظم
الذي هـــــــــــو الثاؤريــا (أي التأمل الروحي)
في تجسد سيدنا و ظهوره بالجسد مرتبطاً بتأمل الأزليات .
و أما نظـــر الملائكـــــــــــــة الحقيقـــي فهـــو الإدراك الروحي لهـــــــم ،
لان طبيعة القوات الروحانية لا يمكـــن أن تــــري خارجـــــاً عن العقــــل ،
وإذا إستحق الإنســــــــــــان أن ينظرهم في طبيعتهم بحالتهم كخليقة روحانية
فهذا يكون باســــــــــــعلان من النعمة بتصور روحاني يتحرك في العقل نحوهم .
لان النفس إذا تطهرت تستحق أن تنظر أنسباءها و رفقاءها الذين رقـدوا
و لكـــــــن ليس بهذه الأعـين تنظـــرهم لان ليـــــس لهــــم أجســــــــاد ،
و من غير النظــر النفســـاني الذي هو الثاؤريــا الحقيقيـــة لا ينظــــرون ،
إلا إذا تبدلت طبيعتهم عند ظهورهم ،
و هذه الرؤيـــا من غير النقاوة الثانيـــة التـي للعقل لا يمكن للإنسان أن يقبلها ،
و أما ظهورهم ( أي الملائكة ) لأناس و لهم أشكال فهذا ليس نظـــراً حقيقيـــاَ ،
بل هـــم يخدمـــون ترتيـــب التدبـــير و السياســـة الإلهيـــــــة ،
إذ هــــــــــــــم يرسلون لتعزية وتشجيع السذج البسطاء فيظهرون بنظر محسوس ،
بل و حتــــــــى اللذين ليســـــوا مزكين ،فقـد يحصل لهم هذا النظر و هذه الرؤيـــا .
و المرتبة الأولي ( أي الاستعلان الإلهي )
إنما تكون فقــط لأنــاس مســـــــتنيرين بالمعـــــــــرفة
و ارتفعـــــــــــوا بتدبـير ســــــــيرة السكون الممجد إلي رتبة النقـــــاوة
هؤلاء الذين عرفوا جثـــو الركــــب الحـــــلو اللذيـــــــــذ
الــذي مـــــــــــع سكوت اللســان يمجــد القلب بهـدوء
و تســــــــــبيح لاتتوقف حركتــــه من اللــــــــــــــــــذة
إذ يكون الجسد منحنيـــــاً على الركـــــــــب بسكــون .
طوبي لمن أغتدي من هذه الاستعلانات علي الدوام ،
لأنــــه ليس من الإرادة و لا يجـده في كل وقت يطلبه ،
و هذا هو التنعم الجزئي الذي يعطي لتعزية من يتدبر بسيرة السكون بوداعة قدام الله .
و إن ثبت فيه ( أي في السكون ) بالبساطة
و أهتــم بنقــــــاوة عمله و أهلـــت ســـيرته و أســـتحق ،
فبعــد وقت قليـــل :
يؤهل أيضاً لتلك التي ذكرناها في أول هذا الحديث ( أي الاستعلان الإلهي ) .
و أما المبتدئون في هـــذه الســيرة و قصـــدهم مستقيم ،
فأنهم أولاً بالقراءة تذيقهم النعمة مثل هذه الأمور وما يشبهها ،
و تبتعــد أفكـــــــارهم عـــن الهذيــــــــذ بالأرضيـــــــــــــــــــــات
و تدنيهـــم النعمـــة إليهـــا و يعملـــــون ( أي يجاهـــــدون ) و يسـهرون و لا يتعبـــون ،
وإذ تعمقوا قليلاً في أسرار السكون يكون لهـم ذلك الإحساس بالصـلاة و خدمة المزامير .