الميمر
السابع عشر
اسمع أيها الأخ الحبيب :
إن كنت تريد ألا تكون أتعابك فارغة و
أيامك باطــلة عديمـة المنفعــة ،
و هذا ما يأمــــل العارفــــون ذو
التمــييز أن ينالــوه في الســـــــكون ،
فليكن دخولك إلي الســــــــكون بتمييز و معرفة و ليس كيفما اتفق
و لا بحسـب العـادة الجــاريةلئلا تكون مثل كثيرين ( الذين
بلا تمييز ) .
+ ليكن لفكـــرك غرض و قصـــد و اليــــــــه صــــــــــــــوب و قــوم كل عمــل ســـيرتك ،
و أسـأل الذين يعرفــون هـــذا بالاختبــــار
الشــــــخصي و ليــس من القــراءة فقـــط ،
و لا تهدأ حتى تتعرف على جميــــع
طـــرق أعمـــــالك ،
وكل قدم تضعه فتش و افحص :
إن كنت ســـــــــائراً
في الطـــــــــــــــــريق
أم زغت إلي سبل أخرى تـــؤدي إلي التيه .
و لا
تظـــن أنه بالأعمـــال الظـــاهرة فقـط يكمـــــــــل تدبير ســيرة السكون الحقيـقي .
إذا كنت تريد أن تكــــون عارفــــاً و مختــــبراً ،
و
تكون لك علامات وإشارات و أدلة خفية في نفسك فكل قدم تضعه استوضح
الحقيقة ،
هل هذا حسب ( طريق) آبائنا
أم من ضلال الشياطين .
و أنا أوضح لك بعضاً منها لكي تكون حكيماً في طريقك :
علامات السكون الجيد :
1ـ عندما تكون في السكون و
تجد فكرك يستطيع بحريته أن
يسـتعمل إرادتــه في الأمــــور اليمينيــــــة (أي النافعة
)
بلا تغصـــــب و لا بمحـاولة
التحكــم في أي
من نزعـــاته ،
فاعلــــــــــــم أن سكــونك مستقيم .
2ـ إن كنت في و قت خدمة ( أي صلاة ) المزامير :
تمارس خدمتك بتمييز بلا طياشة بقدر الإمكان ،
و ينعقد لســـــــانك بغتــــــة عــــن
الكــــــــلام ،
و
يلقي على نفسك قيـــود الصمـــت لا إراديـــا ،
و كـان هــــــــــذا يحــــــــــــــدث
دائمــــــــــــاً ،
فأعلم أنك متقدم ناجح في سكونك و بدأت بســاطته تتضـــاعف ،
لأن السكون الساذج مرذول ،
فالتدبير الساذج يعتبره ذوي
التمييز :
كمثل العضو المنفرد الذي ليس له
تعضيد من عضو آخر .
3ـ إن كنت وأنت في السكون تجد أن : مع كل فكر يتحـــرك في نفســـــــــــــــــك
و كل تذكــــار و كل منظر تمتلئ عينيك دموعــاً
و تمطرهــــــا عــــــــــلى خديـــــــــك لا إراديــاً ،
فاعلم أنه بدأ
الانكسار لمعسكر الأعداء .
4ـ إن كنت في وقت ما : قد غاص فكرك داخــلك دون أن تحـاول أنـت ذلك ،
و كــــان هــــــذا على غـــــــــــــــــير المــــألوف ،
و يثبت هكـذا
دقيقة أو ســـــــــاعة أو أقل أو أكثر
و بعـــد ذلك تجد أعضاءك كأنها في ضعف شــديد ،
و قــــد مــلك الســــلام علي جميـــــع أفكــــارك ،
و كـــان هـــذا
على الـــــدوام ( أي يتكرر حـدوثه )
فأعلم أن السحابة قد بدأت تظلل المسكن .
5ـ إن
كان بعد مكوثك زماناً في السكون و تجد أنه : قد تسلطت على نفسك
أفكـار مشتتـة تســـــوق إلي
الغضـــــب كل وقـت ،
و
ينجذب فكرك كل
حــين إلي ما فعلتــــه قديمـــــاً ،
و أيضاً تشتهي أن تفتش وتبحث في الأمور الباطلة ،
فأعلم أنك باطلاً تشقى في السكون ، فالطياشــــــــة متســــلطة على نفســــــك ،
و مســــــبباتها إمـــــــــــا من خــــــــــــــارج ،
أو أنك متهــاون في الأمــور الواجبــة من داخل ،
فمارس السهر و القراءة و أصلح أمرك .
6ـ إن كنت عند دخولك السكون لاتجد سلاماً بسبب كثرة التلذذ بالآلام( فكر الشهوات)
فلا
تتعجب مـن ذلك لأن
مثـــل هــــذا ملمــــــوس في العــــــالم ،
إذ بعد ما تغيب عنه أشعة الشمس يبقى تأثير حرارتها و
قتا طويلاً ،
و رائحة الأدوية ( أي الكيماويات ) وبخور اللبان عندما يطلق في الفضاء
يبقى وقتـــاً إلي
أن تتلاشـــى ، فكـــم بالأكــــثر الآلام ! .
فهي مثــــل الكلاب التي اعتادت لعــــق الدم في المجزر ،
إلا إذا منعت عنها ( أي عن الآلام )
المسببات التي اعتادت عليها قديمـاُ .
علامات السكون الخاطئ :
إذا بدأ الإهمــال يتســلل إلي نفســك (و هذا يكــون دون انتبــاه كمـا يحـدث )
في حــــــــــالات الســـــــــــــــــــرقة ، فتتـراجـــــع إلي الــــوراء في ظــــلام ،
و عندما يوشك بيتك ( أي حياتك ) أن يسوده الظلام ، تكون لك هذه العلامات :
1ـــ تشعر خفية في ذاتك أن إيمـانك يضعف ،
و تكــون شـرها للأشــــياء الماديـة ، و تنقص ثقتـــك و تخســـر قريبــــــك ،
و تمتلئ نفسك لوماً لكل إنســـــان ، بالفم و بالقلــب و بالأفكار أو بالحواس ،
و على كل أمر ، و كل شيء تلاقيه ، و حتــى علـــى الـــــرب العــــــــلي .
2ـــ تخــاف من مؤذيـــــــات الجســــــد التي بسببها يتسلط عليك صغر النفس
و في كل و قت ترتعب نفسـك خوفاً حتى تخـــاف و تجـــــــبن من خيــالك .
و قــــولي الإيمـان (يضعف إيمانك) لا أعني الإيمـــــــان العــــــام الأســـــــــــاسي ،
بل القوة المعقولة ( أي الروحية ) التــــي باستنارة الفكر تسند القلب بشهادة النية ،
تحــــرك في النفــس ثقة كبيرة و اتكـالاً على الله ،
وأنه ليس هو الذي يحمـل هــم نفســـه بـل يلقي على الله اهتمامه في كل شيء .
علامات التقدم :
أما عندما تتقدم في العمل فانك تنظر في نفسك هذه العلامات والدلائل :
ــــ تحــــس في ذاتك بالرجاء ،
ــــ تتشـجع في كـــل أمــــر ،
ــــ و فــــي الصــــلاة تنجـــح ،
ــــ لا يخلـو فكرك من أمر نافع على الدوام .
+ في كل شيء تصـــادفه تحـــــس بضعـــف و عجــــز الطبـــــــــع البشـــــري،
و هذا لكــــــي تحفظ من التكبر من ناحيـة ،و من ناحية أخرى يهون عليك زلل قريبك .
و تشتــــــــهي الانتقال من هذا الجســـد ،
شـــــــــــــــوقاً إلي اقتراب الأشياء التي نحن عتيدين أن تكون فيها ( في السماء ).
و في كل ما يصادفك من المحزنات الظاهرة أو الخفية تجد أنه قد وقعت عليك بالعدل
( أي يشعر الإنسان أنه مخطئ و أن هــذه المحـــزنات ما هي إلا عقــاب يستحقه )
و يكون ذلك بيقين كامل و بدون شك،وتعترف و تشكر ( الله )على جميع ( ما يصادفك )
ــ هذه الأشــياء وضعتهــــا للحريصين و الثابتـــــــــين في الســــــكون
الذين يريــدون البلــــوغ إلي تحقيـق (الهدف من هذه ) الســـــــيرة .
ــ أما المنحلون و المتهـاونون فليســـــوا محتــــــــــــــاجين إلي الدلائـل الدقيقة
( التي تكشـــف لهــــم ) مكامن السقطات لأنهم بعيدون عن الفضائل الخفية .
فعلى أي حـــــال إذا بـــــدأت واحــــدة مــن هــــذه تظهــــــر في نفســـــــك
فميز في الحـــال إلي أي ناحية قد ملت ، و في الحال تعرف من أي نوع هي .
الذهاب الى :