الصفحات

الصفحات

ميامرماراسحق ـ الجزءالثانى ـ الميمر الرابع ( كامل ) ــ الأسباب التي من أجلها يترك الله التجارب على محبيه

الميمر الرابع
في الأسباب التي من أجلها

+ محبــــــة اللـــه مكنــوزة في  قلـــــــوب القديســــين
  الذين من اجــــل اســــــــمه   يحتملون أن يكونــوا في الشـدائد
  و لا يبتعدون عما يحبـــــه الله ، وبهذا تقتنى قلوبهــــم دالـــــــه
  لينظروا إليه بـــلا حجـــــــــاب ، وبالثقة يطلبـــــون منه سؤالهم.

+  عظيمة هي قـــــوة الصلاة النقية  ،
  و لأجل هذا يـــدع الله قديســــــيه يجربون من الأعداء ،
  لكي بالتجربة  يعرفون معونتــــــه
  و كــــــــم هـــــــــــــو معتنى بهم ، و انه يكون لهم مخلصاً في شدائدهم ،
  و هم يقتنــــــون مــن الشـــــــدائد حكمـــــــــــــــــــــــــــــــة
  كيلا يكــونوا امـــــين بلا المعـــــرفة  و مدربين على الناحيتين  ،
  فهم مــــن التجربـــة يقتنــــــــــــون معـــرفــة كــل شــــــيء
  و أيضـــــــاً لا تســخر بهــــــــــــــــم  الشـــــــــــــــــــــــياطين .

  فلـــو انه يدربهــــم بالصــلاح فقـــط لكان تدريبهـــم ناقصــــــاً في الأمور الأخرى ،
                                           و يكونون امين في القتال .

  و إن قلنـــــــــــــــــا انه يمكنــــــــــه تدبيرهم أي  يسوس أمورهم
  دون أن يكــــــــــون لديهــــــــــــــــم معــــــرفة أو تــــــــــــــــدرب ،
  و لمن يفكر بذالك نقــــول :
 لعله يريدهم أن يكونوا مثل الثيران أو الحمير الذين ليـس لهم حــــرية في شــــــيء.
 فالإنســـــــــــــــــــــــــــان لا يتذوق الـخـــير إن لم يجرب أولا بالبلايا وتصادفه الشرور ،
  و هو بمعرفة وحرية يجرب حاسباً إياهــــــا أموراً خاصـــة به (أي لمنفعتـــــــــــــــه).

+  كم   هي حلاوة المعرفة التي تكــون عن تدرب واختبــــــار للأمــــور ،
    و كم مـن قوة عظيمــــة تمنحها التجربـــة للمختـــــــــــــــبر الــــــذي
                                 نال هذه المعرفــة في نفســــــــــه ، 
  و هــــــى معلومة لمن تذوقوها ،و أدركوا أيضاً ضعف الطبيعــــة و معونة القوة الإلهية
  و عند ذلك يدركون انه منع عنهم قوته ، أولاً
  و عندمــــا دخلوا بطبيعتنا الضعيفة في صعوبة البلايا وشرور العدو  ،
  و شــعروا بما عليهم من قتال وأي  طبيعــة هـــــم لابســـــــون ،
  و كيـــــــف هم محفوظون بالقوة الإلهيـــــة،
  و كيــــــف أنهم مهما سعوا ومهما ارتفعــوا
  فإنهــــــم يضعفون و يخــزون أمام كل وجــع
  و ذلــــــك إذا ابتعدت عنهـــم القوة  الإلهيــة ، 
   لكـــــــي من كل هذا يقتنــون الاتضــــــــــاع  فيتقدمـــــــون إلــــــى الله
                و لمعونتـــــــــــــــــه يربحــــــــــون   و على الصلاة يداومـــــون ،
   فمن أين اقتنوا هذا؟!
  لولا أنهم اكتسبوا التجربة و الخبرة من بلايا كثيرة تركهم الله ليجربوا بها
  كما قيل :
  لكيلا  أتعظم بكثرة النعمة ترك على جسدي منخاساً ملاك شيطاني .
                                                                          ) 2كو 12 : 7 )
+  و لكي يقتنى الإنسان إيماناً ثابتــاً
                               فإنـــــه من البلايـــا يختـــبر المعونة الإلهيـــــة ،
                              و يزداد في الإيمان بالاختبار مـــرات كثــــــيرة ،
                              و من هنا فهو ـ  لا محالة ـ  يقتنى ثقة  و قوة من التأديب ،
      إذ  أن   التجارب و البلايا نافعة لكل إنسان ،
   و إذا كان   بولس قد انتفع من التجــــــــــارب ،
                حـــــــــــــين إذ يستد كــل فـــــم و يبهت العالم كله قدام الله .
    الحريصون يجربـــــــــــــون ليزداد غناهــــــم ،
  و المتوانون بالضـــــــــــربات يحفظـــــــــــــون ،
  و كل ابـــن لا يقبل التأديب لا يكون أهـــــلا لغنــــــــى أبيه ليتقــــوى به ،
  من اجل هذا يــــــؤدب الله ويضنـــــــــك أولاً و من بعد ذلك يظهر عطاياه.
  المجد لذلك الافتقاد الذي بالعقاقير الحـادة يقدمنـــــــا إلى نعمة الصحة.

  ما مـــــــــن احــــــــــــــــــد لا يكون وقت التأديب عليه شديداً ،
  و لا احد لا يتوجع إذا شرب مـــــــــرارة ســــــم البـلايــــــــــــا  ،
  التي بدونها لا يمكن اقتناء مـــــــــزاج صحيـــــــــــح .

  و كل صــــــــبرنا في هذه البلايا ليس هو منـــــــــــا ،
  فمن أين للوعاء الذي مــن الطين أن يصبر لتيار الماء ،
  إلا إن تشــــدده و تقــــويه النـــــــــار الإلهيـــــــــــــة ،
     فإن نحن انحنينا  و طلبنا باتضاع  و بشوق  و دوام  و تجلد
  فإننا نأخذ كل شيء.


ينبغي ألا نسأل أو نشتهى 
عمل أعجوبة ظاهرة أو استعلان
من غير ضرورة ملحة 

  و إن كان الـــــــــرب قريبـــــــــــــاً في كل حــــــــين بمعونتــــــــه للقديســـــــين ،
  لكنه من غير ضرورة لا يظهر قوته ، وبدون  ســــــبب لا يفعـــــــل أية ظــــــــــاهرة
 و ذلك لكيلا تكون  معونته الخاصة بلا طعم  ، و مزدراة انه يفعل هكذا لاهتمامه بهم
 و يريد أن   يظهـر لهم أن اهتمـامه الخفـــي  بهم لا يتوقف و لا سـاعة واحــــــــــدة .

              و ذلك لكي يكون لهم حرص حسب قوتهم و يتعبون في الصــــــــــــــــلاة
                                         حتى لا يتركهــــــــم فــــــــي أي شـــــــــــــــــيء.
  إمـــــــا إن كان هنـــــاك شــــيء عســــر لا تدركــــــــــــــــــــه معرفتهـــــــــــــــــــم
                و ضعفوا و احتـــــاروا بســـبب عدم كفــــــــــــــاءة الطبيعــــة الإنسانية ،
   فهو حين إذ يتممــه كعظيــــــم قوتـــــــه كمـــا ينبغــــــــــي ، 
               فيعرفـــون أن لهـــــم معـــــين ،
 و هو كقادر يقويهـــــــم خفيـــــة تجـــــــاه الشدة بالمعرفة التي يعطيها لهم ،                       و تنحـــــــــــل عراقيل ضيقاتهم 
  و بالنظر و الثاؤريا  (أي التأمـــــــل ) ينتبـــــه إلــــــــــــــى التمجيـــــــــــــــــــــــــــد ،
                      و بهـــذا تكـــــون المنفعـــة للناحيتــــين (أي النجـاة و تمجيــد الله) ،
                      و لكــن إن كـــان الأمر يحتاج لفعل ظاهر لأجل الضرورة يصنع ذلك .

 حكيمة هي تدابيره و هو يعمل بحسب الحاجة و الضرورة و ليس تخبطاً أو كيفما اتفق ،
و الذي من غير ضرورة :
      يجثر على هذا أو يطلب من الله و يشتهى أن يفعل  على يديه عجائب وآيات ،
       فهذا قد امتحن و ســــــــخر به الشيطان المستهزئ و ضعفت نيته طلباً للافتخار .

   لأجــــل الشـــــــدة ينبغـــــــي أن نســــــــــــــــأل معــــــونة الله ،
   و من غير ضـــرورة لا ينبـغي أن نجــربه ،لان هذا الأمـــــــر خطر ،   
   و الذي يشـــتهى هذا فليـــس هـــو صـــــــــديق حقــــــــــــــــــاً ، 
   أما كل القديسين فالـــــرب كان يفعــل المعجـزات على يدهـــم من غــير إرادتهــم ،
  إما إن الإنســـــان يشـتهى هـذا فهو سقوط من الاحتراس و قد ذل عن معرفة الحق ،
                                   و إذا أعطـــيت هذه لمن يســأل( هذا مجـــرد افــــتراض )
                                   فإنــه سيشـابه ذلك الذي تجاســـــــر على ســــــيدنا
                                  و يجد الشيطان الفرصــــة ليجــــربه بمـــا هو أعظــــــم .

 الصديقـــــون الحقيقيـــــون يفكرون على الدوام في أنفسهم أنهم
                                 لا يسـتأهلون النظــــــــر إلــــــــى الله ،
 و ليس فقط لايشتهون هذا  ، بل وان أعطـوها فلا يريـدوهــا ، ليـس فقـط قدام النــاس ،
                                 بـــــــــــل و لا بينهم و بين أنفسـهم ،

  حتى إن احد القديسين ـ  لأجل نقاوته ـ 
  أعطى هذه الموهبة إلا وهى أن يعرف مسبقاً أن إنساناً يريد المجيء إليه ،
  فطلـــــب مـــــن الله وســأل آخـرين إن يطلبــوا معــه ليأخذهــــا منـــــــه ،

  و إن كان احدهم رضي بذلك الأمر ، فإن من الضرورة أو من البســــاطة صنـــع هــذا ،
  و إما الباقــــــــــون فكان الافتقـــاد الإلهــــي يتحــرك فيهـــم ليـــــس كيفمـا اتفق ،

  فهوذا القديس امونيوس لما مضى لزيارة القديس انطونيوس ،
 و ضل الطـــريق انظــر ماذا قـــال ؟  و مــاذا فعــل الله معـــه ؟
  قال :  " يارب دلني إلى مغارة عبدك "
             فرأى يدا تــــريه الطـــــريق . 

و اذكر أيضاً ما صنع مقاريوس :
لما كان ماضياً في الطريق وزنابيله على كتفه قال :
 " يارب أنت تعلم أن ما بقـى في قـــوة "
 فوجد في الوضع الذي كان ماضياً إليه .

 الصديقــــون الحقيقيــــــون يفكرون على الـــــدوام  ، أنهم لا يستحقون الله ،
                                   و هم بهذا يختبــــــــرون    أنهم متســــــــــحقين ،
 فهـــــم يحسبون أنفسهم حقراء و غير مستأهلين  ان    يهتـــــــــم بهـــــم 
 و كانوا يعترفــون بهـــــــذا ســراً و علانيـــــــــــــــة  لأنه كانوا يعطن حكمـــة
  كيـــلا يتهاونـون فـــــــي الشيء الــــــــــــــــــذي ينبغـــي التمسك بـــــه ،
  و لم يتوقفوا عن العمل كل حين ،
  لان زمان النياح محفوظ لهم في العالم الجـــــديد ، و الذين يسكن الله فيهم
       لا يشتهون أن يكونــــوا في نيــــاح ههنــــــا و لا خلوا من الأحــــــزان ،
       و إن كانوا يعطــــــــــــــــون العزاء بالروحيات خفية من وقـــت لأخـــــر .

الفضيلة و الجهاد :
ليست فضيلة تلك التي إذا بلغ إليها الإنسان يتوقف عن الاهتمـــام  و  التعــــب ،
بل من هـــــو مسكن الروح فإنه منه و به  ـ على الدوام ـ يخضع نفسه ويكلفها  ،
                 حتـــــــــــــى و إن كان له حيلة لعمل شيء بالنياح (أي براحــة ) ،
لان هذا هــو هــوى الروح الذي يسكن فيهم إلا يعــــــــودهم التهـــــــاون
و لا أن يجلب لهم النيـــاح ، لكن يعلمهم التعب والبلايا الدائمة و التيقــظ  ،
فان بالأتعاب ينشـــــطهم و للحكمــــــــة يقدمهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم .

هذه هي إرادة الروح أن يكونـــــــــــــــــــــــــــــوا محبيـــــــن للتعـــــــــب،
 أم الــــــــــــــــــذين يتدبــرون في امورهــــــــم بالنيــــــــــــــــــــــــــــاح
                        فهــؤلاء ليس فيهم روح الله  و لكـــن روح الشـــــــيطان ،
                        كما قال واحد من محبي الله إنه كان يموت كل يـــــــوم.

لكــــم ضيـــــق :
+  بهذا يفرز بني الله من غيرهم ، أنهم بالبلايـــا يعيشــــــــــــــــون ،
   فأمــــــــا بنــــــي العـــــــــــــــــــــــالم فبالنياح و النعيم يبتهجون ،
   و اللــــه لا يــــسر أن يتنيـــح (أي يرتاح) محبـــــــوه جســـــــــدياً ،
   فإرادته ــ ماداموا في هذه الحياة ــ
   أن يعيشوا في العالم :
   بالأحـــــزان و الضنـــــــك  و الشـقاء  و التعــــــــــــــــب ،
   عـــــــــــراة محتاجـــــين   مرضــــــي مهانين مرذولـــين ،
   منكســــري القلــــــــوب ، تعــــــــابي بالجــــــــــــــسد ،
   يكفـــــــــــر بهـــــــــــــم   أصــــــــــــــدقائهــــــــــــــــم ،
  عقولهــــــم ممتلئة أحزاناً ، غربــــــاء بمنظرهم عن العـــــالم ،
  وفــــــــــــي جلوســــــهم  غربـــــــاء عـــــن كل النــــــــاس ،
  متوحــــدين منفـــــــــردين ، اسقطوا هذا العالم من نظرهم  ،

  متخلين عن كل  أفراحـــــه و همــــــــــــه ،
   هم يبكـــــــون  و العالم يفـــــــــــــــــــرح ،
  هم يعبســـــون و العالم يضحــــــــــــــــك ،

   هم يصومـــون  و العالم يتنعــــــــــــــــــم ،
  بالنهار  يتعبـون  و بالليل للجهاد يسـتعدون .

   هــــــــم فـــي الشــــــــــــدة و التعـــــب ،
  فمنهــــم أناس في الضيقـــــــة بهواهـــم ،  و منهم من هم بالضنك من أوجاعهم ،
  و منهــــم المرفوضون من الناس بقســــوة ، و من الشــــياطين وما يشــــبه هـــذا.

 + آخــــــرون طــــردنوا  و آخـــــرون طافـــــــــوا   و هم لابســـين لباس المســــــكنة ، 
    و هــــؤلاء تمت فيهم كلمة الرب :
    في العالم تكونون في الشدائد لكن بهذا يكون لكم فــــــــرح بي .
    إن الرب يعلم انـــــــــــه لا يمكن أن يدومــــــوا في محبتــــJJـــــه
    و هم في نيـــــاح الجسد ، من أجل هذا منعهم عنه و عن لذاته .

    إن حب المسيح يقهر كل ميتــــات الجســـــد ،
    و هو يظهـــــر فينـــــــــــــا قـــــــوة حبـــــــــــه 
            أمين .
ما أكرب الطريق :
+ ماذا تقـــــــول أيهــــا الإنسـان :
   إن كنـــــــــــــــــــــت تريـــــــــــــــــــــد ،   أن تصعـــــد إلي الســـــماء ،
   و لتــــلك الملكــــوت تأخــــــــــــــــــــذ ،   و الشركة مع الله تنـــــــــال ،
   و لتلك الطوبه و النيـاح الذي للقديسين ،  و الخلطة مع  الملائكـــــــــة،
   و لتـــــلك الحيـــــــــاة التي لا تفنـــــي ،  تريــــــــــــــــد أن تــــــــــدرك ،
   و أنـــــــت دائمــــــــــاً تســـــــــــــــــأل  ،  إن كان في هذا الطريق تعب !

 يا للعجب ،
  إن الذين يشتهون أمور هذا العالم الباطل 
            يعبــــرون البحـــــــار الهـــــــائلة ،
           و يسلكون الطـــــرق الصعبــــــة ،
           و لا يرون في هذا تعب أو حزن من اجل الشيء الذي يحبون الوصول إليه ،
            أمـــــــــا نحـــــن ففي كل شـــيء نفتـــــش و نســـــأل علي النيــــاح !

  أما إن وضعنا في عقولنا طريق الصلب و عنه نفتش و فيه نفكر ،

  فــــــأي حزن و شدة لا تكون هينــة و خفيفــــة علينــــا ! ،
  فــــــان كان لا يمكن  أبداً لإنسان نيل الغلبة في القتــال ،
  أو يكلل أو يبلـــــــــــــــــــــــغ إلي شــــهوة إرادتـــــــــــه
  إن لــم يقنـــــــع نفســـــــــه أن يصـــــبر إلي المـــــــوت ،

 هكـــــــــذا ليس أحد يمدح فـــــــــي  الأمـــور الإلهيــــــــــة
 أو يقـــــوم بشـــــــــــــــــيء مـــــــن  الفضائل والخدمـــــات ( أي العبادات )
 إن لم يكن قد هانـــــت عليـــــه أولاً   الأتعـــاب والأحـــــزان ،
 و يبعد عن اهتمامه كل شيء يحركه  للنيــــــــــــــــــــــــاح
 الذي يتولد منــــــه الغفــــلة   و       التهـــــاون و الخــــوف
 الذي يكون منــــــه العجـــــز  فــــي  كــــــــــــل و قــــــــت .
الغيرة الروحية :
إن لم يغر القلب من اجل الفضيلة و كذلك الحواس الظاهرة
أي النظر و السمع و الشم و التذوق و اللمس مقابل شدة الأعمال المعاندة لها ،
فلا يقدر الإنســـــــــــان  عـــلي غلبة قـــــوة الطبيعــــة ،
حينئـــذ يتدبر بالغضب ،  و تكون حياة هذا الجسد هينة ،
و إذا كان القلب بالغيرة الروحانية يتدبر ، فعند ذلك لا تقوي الأحزان علي الجسد
         و لا تهوله المفـــــزعات ، إذ يعضده العقل   ( المنتبـه مقابل كل البلايــا )
و يسير مثل حجر المغناطيس فنغادر بغيرة الروح من أجل مسرة الرب يســــوع ،
 و نبعـــد منا كل غفـــــــــــلة ، 
              فهي التي تولـــــــــد فــــــي العقــــل التهــــاون ،
               لان الغيرة تولــــــــــد فــــــي النفـــس الجــــرأة 
                          و الشـجاعة   و      حــــرص الجســد .

 فأي قـــــوة تكـــــــــون للشياطين إذ حركــــت النفـــــــــس غيرتها الطبيعية مقابلهم !
                           النشــــــاط يقــــال عنه انه يلــــــــد الغيرة ،
و الغيرة إذا حركــــت قوتها للعمل تصـــــــــــير قـــوة ثابتـــة في النفـس لا تفـرغ ، 
            فأكاليـــــل المجـــاهدين التي يقبلها الشــــــهداء في صــــــــــبرهم
 هـــي من جــراء الناحيتيـــن :
اعنـــي الغــيرة و النشــــــاط ، و هــذان يتولدان من قــوة الغضب الجيـــد ،
و يصير الإنســان بلا حـــــزن   و لا وجع و هـــــــــو فــــي شـــدة العذاب .

الاتضاع يجلب المواهب :
+ إن أنت عملت فضيلة و لم تحس بمذاق منفعتها فــــلا تتعجــــــــــب ،
                              لأنه إن لم يتضع الإنسان لا يأخذ مكافأة عمـــــله ،
   فالذي لا يحفظ الثانية ( أي الاتضاع ) يهــــــلك الأولي ( أي الفضيلة ) .
   الفضيــــــلة هــــــــي الأحــــزان ،
                 و مــــــــن الأحــــزان يولد الاتضـــــــــاع ،
                                            و  للاتضـــــــــاع تعطي النعمة و المواهب
   و هي تعطى ليس للفضيـــــــلة  و لا للأحـــــــــزان التـي تكـــــون من أجـــلها 
                    بــــل للاتضـــــــاع  الذي يولد منهــا  ، فإن انعـدم فالأولي باطـلة .
  
+ عمل الفضيلة هـــو حفظ وصايا الرب .
  أفضل عمـــــل هــو نقـــاوة الفكــــــر  و هي تقوم  بالاتضاع و التحفظ  ،
  و إذا كانت قوة الأولي ( أي نقاوة الفكر ) ناقصــــــــــــــــة ،
  فالاتضاع و التحفــــظ يقبـــــــل عوضــــــاً عنهــــــــــــــــــــا
  المســـــــــــــــــيح لا يطـــــلب فقــــــط أعمـال الفضيـــلة ،
  لكن نقاوة النفس التي من اجلهــــــــــا وضعت الوصايـــــا ،
 أمـــا الجســـــــد فإنه يعمل سواء الى اليمين أو الى الشمال حسبما توجهه النفس ،
 وأمـا العقــــــــــل  فكمـــــا يشــاء
 إمـــا أن يكــــون في البـــــــــــــــــــــــــر أو  يخطئ و يزل  فهــــو معرض للتغــير .
 ثــــم من يقتني الحياة بالأشياء الشمالية و ذلــــــــــــــك بحكمة أعطيها من الله  ،
 و ثم من يسقط فـــي الخطــــــــــــــــايا بما منــــــح من الإلهيات
 و ذلك بزلة واحدة ثـــم تليهـــــــــــــــــا أخـــــــــــــري .

 المتحفظون هم حراس الصدوقية أي البـــــــــــر .

 موهبــــــة بلا تجارب تبيـــــد من الذين يقبلونها .

 إن أنــــــت عملت شيئاً مـــــن  الصلاح قدام الله   و أعطاك موهبـــــــة ،
 فأطلب منه أن يعطيـــك معرفة  كيف ينبغي أن   تتدبر فيها باتضـــــاع  ،
             و أن يقين لك حافظاً ، 
             أو يأخـــــذها منـــــك  لئلا تكــــون لك   ســـــبب هلاكـــــك  ،
 فليـــــــــس كل أحـــــد يحفـظ الغني بلا مضرة .

الفضيلة والأحزان :
+ نفس عزمت علي الاهتمام بعمل الصلاح والفضيلة و الحياة باستقصاء خوف الله ،
                          لا تقـــــدر أن تكـــــون بلا حــزن كل يــــــوم  ،
                         لان الأحزان متشابكة مع عمــــل الفضيــلة.

   والذي يفــــر مــــن الأحـزان  فلا محال أنه يبتعد عـــــن الفضيلة ،
   و أن اشتقت إلـــي الفضيلة  فســـــــلم نفسـك لكــــل حــــزن ،
    لان الأحــزان تولــد الاتضاع  ، واللـــــــه لا يريد أن تكون النفس بعيدة عن الهم ،

   فالذي يريد أن يكون بلا هم فأنه يوجد بعيداً بفكره عن إرادة الله. 

و قولي : " هم "
   ليس من اجل الجســــــــــــــــديات لكن عن الضوائق التي تلازم الفضيلة
   حتى نصل إلي المعرفة الحقيقية التي هي انكشاف الســــــــــــــــــــرائر .

+ لا ندنـــــو   من   الاتضــــــــــــــــــــــــــاع    إلا  بالتجـــــــــــــــــــارب ،
  أما الذي يوجـــــد بلا أحزان في الفضيــــــــلة فقد فتح له باب الكبرياء ،
  أذاً فمـــن الــــذي يشـــتهى أن يكـــــــــــــون بلا حـــزن في فكـــره ؟!
  إن العقل لا يقدر أن يثبــــت في الاتضــــــــاع من غير مسببات الاحتقار و المقت ، 
   و لا يمكــن و هــو بعيـــــــد عن الاتضــــــــاع
  أن يـــــداوم عـــلي التضــــــرع و المفاوضــــة مـــــع الله بنقــــاوة .

الكبريــــــــــــاء :
+أول مـــــا يـــــؤدي إلي السقوط في الكـــــــــــــبرياء
  هو ابتعاد الإنسان بعملـــه عــن الاهتمام بما ينبغي ،
      فبعــد هــــــذا يدنــــو إليـــــه شـيطان العظمـــة ،
             فان دام الإنســـــــــان في الكــــــــــــبرياء حينئذ يبتعد عنه الملاك المعتني.

   هذا الذي عندما يكون قريباً منه يحرك فيه الاهتمام بالبر ،
   وإذ خالفه ابتعد عنه و حينئذ منه المحتال ( أي الشيطان )
   و لا يكـــون فيه فكــــر واحـــــــد للاهتمــــــــام بالـــــــبر .

+ يقول الحكيم : " من قبل الســــــــــقوط الكبـــــــــــــرياء " ( أم 16 : 18 )
                     و من قبل الموهبــــــــة الاتضــــــــــــــاع ،
   و بمقدار الكبرياء الذي يكون ظاهراً في النفس تكبر السقطة ، و تأديب الله .

 + و الكبرياء : ليس هو عبور أفكار في العقل ، 
               و لا أن غلـــب منــه أحـــد قليلــاً  ، و لكــــــن ذلك الدائم في الإنســــان ،
    فالأولي يتبعهــــــــــــــا النــــــــــــــــــدم  ، أما الثانية فمن يحبها فلا يعرف الندم .
التغيرات التي تحدث في العقل والتي تميز بالصلاة
المشتاق للمشيئة الصالحة :
 يحتاج إلي الله الذي يتمم هذا الاختيار الجيــــد ،و الإنســان محتاج إلــــي معونتـــــه ،
                  و لهذا نحن نقرن الشهوة الجيدة المختلجــــة فينـــا بصـــلاة دائمـــــة
 ليــس فقـــط لطلب التعضيد بل ليكـون لنا تمـييز : هـــل هي حسب مرضــــــاته أم لا
 لأنه ليســـت كل شهوة حسنة تقع في القلـب تكون من الله  
                  بل التي تكون بل التـــى تكــــــون للمنفعــــــة،
 لأنه ثـــــــــم صــلاح يشـــتاق إليه الإنســان و هو لا ينفعــه ،و لا يعاضـده الله عليـه  ،
 لأنه قــــــــــد يكون من الشـــــــــــيطان و مثل هذه الشــهوة يظــــن إنهــــا نافعــــة ،
                  لكنهـــــا ليست مناسبة لمنزله ذلك الإنســان ،
و الشيطان هو الذي يتحايل ليؤذيه بها و يلح عليه إن يعملها ، و هو
 لا يكــــــون قد و صــــل بعد و لا بلـــغ مقدارهــــا ، أو تكــــون غـريبة عـن حالتــــــــه ،
 أو الوقــــت غير موافق علي فعلها و العمــل بهــا ، أو لا تكون له الكفـاءة لذلك الأمر :
 إما من جهة المعرفة أو من جهة الحالة الجسدية ،أو الــزمن لا يساعد عـــلى ذلـك ،
 لكن الشيطان بكل نوع يتحــــايل أن يسـجســـه ، أو  أن    يؤذيـــــــــه جســـــــــدياً ،
                                                            أو يخفي له فخـــاً في فكــــــــــره ،
 و لهذا قلـــت ينبغي علينا أن نحـــــرص عـــــــــلي تقديـــــم صلاوات دائمة
 بخصـــــــوص تلـــــــــــــــــك الشـــــهوة الجيــــــدة المتحركة فينـــــــــــــــا ،
و ليقل كل واحد منا :
" يارب:إن كانت مشـــيئتك في فلتتــمم العمـــل الصــــــــالح الذي اشتهيت أن أعمله،
       و إن كان يوافق إرادتك فســـــــهل علــــــــي عمــــــــله ،
       لأني بغير معونة وبغير موهبة منك لا يمكنني عمــــــله . 
       فكلا الأمـــــــرين منـــك أعنــــــــي الإرادة و العقــــــــــل ،
     لأني ما اقتنعــــت أن أفعــــــــــــــل هذه الشهوة السائرة خلـــواً من نعمتـــك ،
                                                و إلا ابتعدت عنهـــــا " .

فهــذه عادة المشــــتاق إلي الصالحــــــــــات فإنــه بإفــراز ( أي بتمـيز ) 
العقل يعمل بها بمداومـــــــة الصـــــــــــــــلاة من أجلهــــــــــــــــــــــــــــا،
                و بواســـــــــطة الصــــــــــــــــلاة يقبل قوة تعينه علي فعلها 
 و ينال أيضاً حكمة بها يفصل الخير عن الشر ، و الحــــــــق عن ضــــــده .
 فبالصلوات الكثيرة و العمل و الاحتراس و الشوق بلا فتور ،و دموع متواصلة و مسكنة،
 مع التعضيد الســماوي  ، يميز الصـلاح و بالأكثر إذا كانت أفكــــار العظمــة تقــــــاتله ،
لان هذه تمنع معونة الله عنا  ،و نحن فلنبطل هذه الأفكار بالصلاة .

تميز الأفكار :

سؤال : كيف أعرف
              الفكر  الذي من اللـــــــــــه 
            و الفكر  الذي من الطبــــــــع ،
            و الفكر  الذي من الشيطان ؟
الإجابة : يا أخي سؤالك هذا مقداره عظيـــم .
           إن لم تنظـــــــــف العــــين الجوانيــة ( أي البطنيــــــة ) بالعـــرق الكثــــــير ، 
                لا تتمكن من إفراز هذه،و هنا تهزأ بك الشياطين ،و تضل عندما تصدقهم
           لأنهم يغيـــــــرون أشكال الأمور كما يريدون سيما عند ذوي المعرفة بحيلهم 
 أقطع مشيئتك لله و قل في سائر الأمور : ليس كما أشـــاء أنا بل كما تشـــاء أنـــت .
 و هو يعمــل معـك كمشـــــــــــــــــيئتــه . توكل علي الرب وهو  يعطيك طلبات قلبك .

أسمع يا أبنى التمايز بين الأفكار التي سلف ذكرها :
                         متى عرض علي الفكر فعل شــــيء حســـب مشيئة الله
                        و يجد في الأمــر فرحاً و لا يضاده حزن ، فاعلــــم انه من الله ،
                        و صارع لتثبت كما ثبت بولس القائل :
" إني اخضع جسدي و استعبده لئلا أكون قد أنذرت
   و كرزت  لقوم آخرين وأكون أنا متهاونا غير محنك " 1 ) كو 9 : 27 ) ،
 و تمم مشيئة الله  .

        فإن عــــرض لك فكــــــــــــــر طبيعـــي فأجحـــده ،
        و جحده هو أن تترك عنــــــك المشيئات الطبيعية ،
لان بهذا افتــــــــخر القديس بطرس قائـــــــــــــــــــــــــلاً :
                      " ها نحن قد تركنا كل شيء و تبعناك " ( مت 19 : 27 )
 لأنه ماذا ترك و هو لم يكـــن غنيـــاً ، لم يترك إلا مشيئاته الطبيعية و عنها تحدث .

             و كمـا لا تثبت     مع المـــــــــــــــــــيت مشيئاته الطبيعية بالمرة  ،
             هكذا لا تثبت أيضاً مع من أمات جسـده روحيـــــــــــــــــــاً .

   فإن كنـت قد مـــــــــت بالجســـــد   فكيف تحيــــــــا فيك الأشــــياء الطبيعيــــة ،
  و إن كنـت لســــــــــــــت بعـــــــــــد  مــــــــــــــــــــن ذوي المـــنزلة الروحيـــــــة
   بل أنــت صبي و طفل في  عقـلك  فتذلل لمعلمــــــــــك ليؤدبـــك برحمتـــــــه ،
    و بـــــلا مشــــــورة لا تعمل شيئاً  و لـــو ظننـــــــت انه جيـــــــــــــــــــــــــــــد.

لأنه ضيــاء الشــياطين يصير فيمـــا بعد ظلمــة.

و أفكـــار الأبالســة هــي أولاً متخبطــة   و ممـــــلوءة حــــــــــــــــزناً
و تجذب و تســـرق خفية إلي الـــــــوراء ، وهي تلبس لباس الخراف ،
 أعنـــــــــــــــــــي يحركون أفكـار صالحــة و هي من داخـل ذئاب خاطفــــة ،
و مثال ذلك أنهم يخطفون بأقوال صالحة ظاهرياً ،و يخدعون القلوب الساذجة ،
فمهمـــــــا سمعته أو عـرض بفكــرك و نظــرته متخبطـاً و لو مقـدار شــعرة
                        و تحرك ذلـــــك في قلبـك فأعلم انه من الشــــــياطين .