الصفحات

الصفحات

ميامرماراسحق ـ الجزءالثانى ـ الميمر السابع ( كامل ) ــ ما تطلب النفس الغوص فيه بعيداً عن الأفكار المادية .

الميمر السابع
ما تطلب النفس الغوص فيه
بعيداً عن الأفكار المادية
 كل شـــــيء يختفـــــي عــــــن الأدنـــــى منــــــه ،
 ليس بسبب وجود أجسام أخرى حاجزة بينهما ، و لا بسبب خواص طبيعته ,
بحيث أنه :
 إذا شاء يقدر أن يظهـــر خفاياه ، لكـــن كل شيء ( أي المخلوقات )
التي لها جوهر معقول ( أي روحاني ) خواصها ليست منفصلة عنهــا
بل موجــــــودة داخـــــــــل حركــــــــــــاتها ( أي طبيعتهـــــــــــــــا ) ،

و تستطيع بالأكثر إذا ما غاصت وتعمقت  ( في الروحانيات ) بزيادة
يمكنها بدون أي وسيط قبول النور الأول.


 أما الرتب الأقل فلا تؤهل لذلك ( أي موضع النور الأول ) ،
بل هذا بقــدر زيـــادة النقــاوة و قــدرة الأذهان علي قبول الأمور العالية ،
 لأن كل طبـــع معقـــول ( أي روحـاني )مكتــــوم عمـــن هــو أقل منـه ،
 إذ ليسوا من ذات الطبع لأن له ( أي الطبع المعقول ) حركات الفضيـلة .

و أعنـــــــــي بقولي هذا عن :
  الطغمـــات (أي الرتب) المقدسة  أي الملائكة ،
 و طغمـــات النفـــوس ،
 و طغمـــات الشياطين ، 
  فالأولـــون أعلى من الوسطى بالطبع و بالموضع و بالحركات ،
 و الوسطى أعـــــــلى مـــــــــــــن الأخـــــــــــــــــــــــــيرين ،
              وكل واحدة من هــذه الرتــب معرفتهــا مخفيـة عن الأخــرى ،
 و سواء نظروا أو لم ينظروا فهم مخيفون عن الرتب الأقل منهم بالطبيعة ،
لأن نظر غير الجسدانيين ليس إلي ما هو خارج عنهم كالجســـــدانيين ،
بل نظــــرهم بعضهـــم لبعـــض يقـــال عنـــه أنه في داخــل حركـــاتهم
و على قدر سمو حركاتهم ،

و لأجل هذا فإن كانوا متســـاويين في الســمو فإنهـــم حتى لو كانـــوا على بعـــد ،
فإنهم كانوا ينظرون بعضهم بعضاً ليس علي سبيل الخيال بل نظر حقيقي وطبيعي ،
 طبعــــــــاً ما عداً الذي هو علة ( أي خالق ) الكل المتعالي عن هذه الصفات كلهــا
الذي هو وحده معبود و مسجود له .

ــ و أمـــــــا الشــياطين فهـــم غير عـــادمي النظـــر بعضهــم لبعـــض ،
و لأنهــــم أنجاس جداً فلا ينظرون هاتين الطغمتين المرتفعتين عنهم ،
لأن نظـــر الــــــــــروح هو ضيـــاء الحركـــات لذا لا ينظـروا الطغمــــات
                           لأن نظرهـــم و أعينهـــم مغمضـــة مظلمــــــة ،
 و إذا ما أظلمت الحركات فــــلا تنظـــر الطغمــات المرتفعــة عنهـــــم ،
 لأنهم أكثر كثافة من الرتب الروحانية ، لكنهم ينظرون بعضهم بعض .

ــ و أما الأنفس : فإذا كانت مظلمة نجسة فليس لها و لا لبنـي جنســــــها
                     بـــل هي عادمــة النظــر لذواتهــــا  و لبعضهــا البعــــــض ،
                     و لكن إذا تنقت و تتطهرت و رجعت إلي خلقتهــــا الأولى
                     تـــــــرى بنــــــــور مضــيء هــــذه الثـــــلاث رتـــــــــــــب ،
                    أي التي أقل منها و التي أعلي منها،و تنظر بعضهـا بعضاً ،
  و لكن تلك الرتب كلها لا تنظرهــــا لأنهــــا تتغـــير لأشـــكال جســمانية ،
  كأن الملائكة أو الشياطين أو الأنفـس متقاربين،كلا ،لكنها تنظرهم على طبيعتهم  
و هم على حالهم فى طقس روحانيتهم  ، سواء الملائكة أو الشياطين أو الأنفس  ،

   إن كنت تقول : انه من غير الممكن ان تنظر الملائكة او الشياطين
                      إن لم يتشـــكلوا بأشـــــــباح ،
  فإن حسب قولك لا تكون النفس هي الناظرة بل الجسد  ،
  و إذا كان الأمر كذلك فما ضرورة النقـــاوة إذا !؟
  فهوذا الشياطين و الملائكة تظهر لغير الأنقياء ،
  لكن هؤلاء ينظرون بعين الجسد ما يظهر لهم
 وفي هذه الحالة لا ضــرورة للنقــاء و الطهـارة .
 لكن الأمر ليس كذلك
 بل النفــس إذا تطهــرت تنظــــرهم بروحــانيتهم بعــين طبيعتهــــا
 ( أي طبيعة النفس و ليس الجسد ) أعني بالعقل و الفهم و أيضاً  ،
 الأنفس تنظر بعضها بعض و إن كانوا بالجسد ،
 و الدليل نأخذه من قول القديس أثناسيوس بطريرك الإسكندرية
 بما ذكره في ســـــيرة القديس أنطونيوس ،
 إنه في وقت كان القديس أنطونيوس يصلي
 نظــر نفســـاً صــــاعدة بكـــرامة عظيمـــــة
 فأعطي الطوبى لذلك الإنسان الذي أهل لهذه النعمة العظيمة ،
 و كانت هــــذه نفــــس أمونيــــوس الذي من جبـــــل نتريــــــــا ،
 و كان بعد ذلك الجبل عن الموضعالذي كان ساكناً فيه أنطونيوس
  مدة ثلاثة عشــر يومــاً ، و على هذا يكون الأمر صحيحاً
 لأن في هذا الدليل عن هذه الثلاثة رتب التي ذكرناهـــا

 أن الطبائع الروحانية و لو كانـــت بعيــــدة لكنهـــــــا تنظـــــر بعضهــــا
                          و لا يحجب رؤيتها بعد مسافة و لا حاجز مادي ،

 و إن نظر الأنفس لبعضها ــ إذا  تطهـــرت ــ ليــس نظــراً جسـمانياً ،
      فإنها عندما تنظر فذلك بالطبع الروحـــاني  ،
 لأن الأمر معروف أن الأعين الجسمانية لا ترى إلا ما هو أمامها فقط  ،
 و أما الشيء البعيد فيحتـــــاج إلـــــــي نظـــر مــــــــــن طبيعة أخرى .

 ــ أما الطغمات العالية فهي كـثيرة لا تعـد منـذ خلقتها ، و لهــا درجــات و رتب ،
                            منها ما تســمى رؤســــاء و سلاطين و قوات و سيادات ،
 و لعل المكرمين بالرياسة و السلطان أقل عدداً من الذين و ضعوا تحت أمرهم
 حسب قول القديس ديونيسيوس أسقف أثينا .

و هــــم من حيث القدرة والإدراك فيهم كبار و صغار حسب عظم رفعة مرتبتهم ،
و هــــم يتدرجون صعوداً من درجة إلي درجة حتى يصلوا إلي ذاك الواحد الكبير
الـــذي هو ذو قوة أكثر من الكل و هو أول و أساس ( أي رئيس ) كل الخلائق ،
و قولي أول لست أعني بذلك الخالق تعالى و تقـــدس
 بــــــل المتقـــدم الأول في عمــــل عجـــائب الخـــالق .

و الملائكة ورؤساء الملائكة ناقصين جداً عن معرفة تدبير حكمـة الله خالقنا وخالقهم ،
 كمـــــــــــــــــــــــــــــــــا إن الذين هم أقل منهــم هــــم أنقص عنهم في المعــــرفة ،
 و ارتفـــــاع و انخفــــــــاض بعضـــــهم عــــــــــــن بعــــــــــــــض
 ليــــس بالمواضع و المنازل ، بل بالقدرة و الفهم ( أي الإدراك )
 ففيهم مرتفعين و ناقصين ( أي أقل ) فمدى القدرة و الفهم لديهم أزيد عن بعضهم ،
 وحسب قدرهم تكون لهم المعرفة إما ثاقبة عظيمــة أو قليلة منخفضـــة.

و  التعليم الإلهي : حدد جميــع الكائنــات السـمائية بذكر تسـع أسـماء روحانية ،
                        و هي ثلاث طغمات مثلثة ( أي الطغمة تحوي ثلاثة ) متميزة :
أولهـــــــــــــــــم : الجلـــــــوس ، أعنـــي المراتـــــــب المرتفعـة العاليــة المقدسـة ،
                     و الســـارافيم ذوي الستة الأجنحة ،الشاروبيم ذو الأعين الكثيرة .
الطغمـــة الثانية : ذو الثلاث رتب السيادات و القـــوات و السلاطين ،
و الطغمة الثالثة : المثلثة ، الأراخنة و عظماء الملائكة و الملائكـــة .

وهذه الأسماء بالعبرانية وتفسيرها :
الجـــلوس : قبـــــــــــــــول نيــــــاح اللـــــــــــه .
السارافيم : محمــــــــــيين موقـــــــــــــــــــدين .
الشاروبيم : كثيرو المعرفة و ذوي حكمة فائضة .

و قد سميت هذه الطغمات " المعقولة " لأن ليس لهم أشكال محسوسة
و هم ينظرون روحياً ، و لا يدركون الأزلية من الكتب الروحية ،
لكنهــــم ممتلئـــــــون إشـــــــراقاً و نــــــــوراً معظمــــــــــــاً ،
 و كل المعارف غير الجسدانية ، و يمتلئون ــ حسبما يسمح لهم ــ
من الثاؤريــــا عـــن الثالــــــوث الأزلي عن حســــــــن البـــــــــاري ،
و يؤهلون للشركة مع يسوع ليس بصور مقدسة وبالشبه يتصور لهم مثال اللاهوت ،
بل بالحقيقة هم قريبين منه ، و ترتسم فيهم أولاً معــرفة عن الأنــــوار الإلهيــــــــة ،
ومن قبل اللاهوت الازلي يمتلئون معرفة ،خلاف باقي الملائكة فيكون إدراك اللاهوت ،
 كإشراق و استضاءة بزيادة أولاُ.

و تسمى الرتب المتعالية :
الجلــــوس : مكرمـــين ، 
السـارافيم مقدسـين ،
الشـاروبيم : حاملــــين ،
الســيادات : متسلطين علي الممالك ،
الرؤســــاء : مدبـــــــري الجـــــــــــــــو ، 
السلاطين : ذو القــوة و الســلطة علي الشـعوب و عــلى كل واحـــد من البشــر، 
              القوات المخـــــــوف منظـــــرهم و شــــــديدي البــــأس المتيقظــــــين
              حراس،الملائكة مرسلين.
عن الخليقة :
في اليــــوم الأول خلق فيه ثمانية طبائع ، سبعة بسكوت ( أي دون ذكر ذلك ) ،
              وو احـــــد بالصـــوت الــذي هـو النــور ،
و في اليوم الثــــاني الجلـــــــــــــــــــــــــــــــــــد ،
و في اليوم الثـــــالث مجمع المياه ونبات الأشجار ،
و فـــــــــي الرابـــــع قســــــــمة الأنـــــــــــــــــوار ،
و فـــــــــي الخامس الطائر والدبيب والأســــــماك ،
و فــــــــي السادس الحيــــوان و الإنســــــــــــان .

وضع هذا العالم كله طولاً وعرضاً ،    رأســـــه المشرق   و منتهاه المغرب ،
                                            و يمينه الشمال ، و يساره الـتيمن ،( الجنوب )
                                            و الأرض شبه السرير و السماء العالية كالخيمة ، 
                                            و السماء الثانية كالعجلة ملتحم بذلك العــــالي .

و أطــراف الســماء و الأرض متلاحمة ببعضها ،
و أوقيانوس كالحياصة ( أي الحزام ) يربطهم .

و هناك جبال شامخة  تصعـــد إلي الســــماء ،
       و الشـــــــمس وراء تلك الجبال العالية تكون رحلتها الليل كله ،
       و البحر الأعظم حولها  ، و هـو يغطـــي ثلاثـــــة أربـــاع الأرض .