الصفحات

الصفحات

في استدراك حكم الله بحياة مسيحية ـ الفصل ( 14 ) من الكتاب الأول ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس



الفصل الرابع عشر
في استدراك حكم الله بحياة مسيحية

أوصـــــــاك الــــــــــرب باليـــوم الأخـير ،
وشــــاء أن ترقُبَ مجيئه بفطنــةٍ وحــذر ،
بمثَلَه خوّفـك لئــــــــــــــلا يشجبك قضاؤه .


حذرك الرب ، لا لكي تعــرف نهاية الأزمنة ؛
                  بل لكي تستمر فـــي يقظــــة ،
                  وتعمل خيراً ،
                  يا من تجهـــل أخر الزمـــان .

ولم ينبهـــــك لكـــــي تعــــــرف ما رسـمه ،  يا مـــن تجهل ساعة مجيئه  ؛              
بــــــــــــــل  لكـــــي تقتـــدي بالقديســـين ، بقــــلب مســـــــــــــــــتعـد .              

أســـــــــتعد طـــالما هــــــــــــــــــو آت ،
ومــــــا لك وللساعة التي فيهــا يجيء ؟

خفّف من فضولك واتق الله وعشْ كأنه ، اليــوم ، آت ؛
                       فلــــن تخـــــاف في  يـــوم مجيئــه .
                       أناة الرب ورحمتــه  فـرح لــــــــك .

ولكــن ، برغــــم فرحــــــــك برحمته ،
                    اخــــــــــش قضـاءه .

أصــــــغ إلي تحــــــذيره لتفيد منــه ساعة يلفظ حكمه .
في ســـــــــكوته يرحـــم إنمـــــــــــا سـكوته إلي حـين .
تدبرَّ الآن أمرك وقم به قبـــــــــــــل أن يصدر حكم الله .

الشـــــاهد عـــــلى أعمــــالك هـــو عينه يشهد على تلك النـــداآت ؛
فــــــــــلا تدعها تذهب سدى؛ بـــل حولهــــــــا إلي بكـــــــــــــــــاء .
لقـــــــــد حـــــان الوقــــــــت لكي تســــــــرع إلي مصالحة خصمك .

بقــــــــــدر ما يتحمـــــل الله الإثـم ، صـــــابراً ، ولا يعــــاقب عليـــه ،
بقــــــــــدر  ذلك نراه يسارع إلي الاقتصـــــاص منه يـــــــوم الـــدين .

تعودّ الناسُ أن يروا طـــويلاً مـــــا هـــو في عيني اللـــــه قصـير
ولكـــــــــن أي شيء يعوض عمــا يبدو ، بنظــــر الناس ، طويلاً في هذا العالم ؟
             إن كانت نهـــاية العالم بعيــــــــــدة ،
             فهل من أجـــلك أيضـاً بعيـــــــــــد ؟

القضـــــــــاء آت قريبـــــاً
وأنا أقول لك بأن تفــــرح
                لأن الـــــرب سيدين الأرض بعدله ،
                              والشعوب باســـتقامته .
أنه لمن الشر أن تخشي مجيء من تحبّـــــــــــه
وتتضـــــــرع اليه قائـلاً : " ليـــأت ملكــــوتك "
ثم تخشــــى أن يستجاب لـــــــــــــــــــــــــــك .

ولماذا تخاف ؟             الآن الديـــــــــان آت ؟
هـــــل هــــو ظالم تخشى منه شراً على نفسك ؟
أتظنـــــــــه يســـــــتفسر عن قضيتـــــــــــــــك ،
                               لدي شــخص غريب .
               لا عـــــــــلم لــه بهــــــــــــــــــــا ؟
هل يغشــك أم يحتـــــاج إلي الفصــــــــــــــاحة ،
فلا يجــــد الكلام اللازم
لإظهــــار براءتـــــــك أمام الجميـــــــــــــــــع ؟
لا تخف من هـــذا كله .

 إن كنت تحـــب المسيح فافرح واطمئن :
سوف ينير لك و لـــــــن يخـــــــــــــذلك ،
ان كنت بــــــــار فافرح ؛
أو شـــــــــريراً فارتعد ؛
لأن الرب
يدين المسكونة كلها بعــــــــدله ،
والشـــــــــــــــــعوب باستقامته .

بوسعك أن تنتظـــــر مجـــــيء المســـيح كما تشــــــــــاء ؛
       ولكن انتبه كيلا يرذلك ساعة يأتي متى تأخر مجيئه .

حتى الآن لم يأت : هــــــــو فـــــي الســماء ،
                       وأنـــــت عــــلى الأرض .
                       هـــــــــو يرجئ قدومــه ،
                       أما أنــت فـــــلا تتباطــأ ،
                       فـــي أن تكـــون فطنـــاً .

مجيئـــــــــــــــــــه قـــــــاس على القســــاة ،
                     وعـــــذب على الأتقيــــاء ،
فتأمَّـــــــــــل في من تكون :
إن كنـــــــــــــت قاســــــياً فباستطاعتك أن تلين ،
                   أو تقيـــــاً فاغتبط بمجيئـــــــــه .

استدركْ نظرة باعـتـراف منــــك إليه ؛ لئلا يستدركك ،
                 ولا مجـــال للانتقــــــــام بعد الاعتراف ،
                  إذا لــــــم تعد من جديد إلي الإثـــــــــم .

استدرك قبـــــــــل فوات الأوان :
إن كنت اليوم قلقاً فاقـــــــــض على قلقك معترفاً إليه ،
ليصبح يومُـــــــك يوم هــــدوء وغفــــــــــــــــــــران ،
                                      وخـــــــــــــــــــلاص .

 لا تتباطـــــأ في اتخــــــاذ العــــــلاج ،
يا من تشعر في نفسك بألم يعـــــذبك ،
                و يقض عليك مضجعك .

وإن وجـــدت في بيتك حجراً يزعج ناظريك ،
أمرت برفعة من البيــــــــــــــــــــــــــــــــت ـ
وبخــــــاصة إذا كنت تنتظـــر ضيفاً كبـيراً .

وحين تتوســـــل إلي اللــــه تدعــــــــــــــــوه إلــي نفســــــك ،
فكيف يأتي إليك إن لــــــم تنظــــف المكـــان المعد لاستقباله ؟
أما إن كنــــــت عاجزاً عن أن تنزع من قلبك مـــا وضعت فيه ،
                    فـــــــأدعه لكي يدخـــل هـو إلـــي قلبك لينقيه .

أعمل حالاً ما يجب عليك أن تعمل ،
طالمــــــا أنه يحــــــدثك منبهـــــاً ،
            ويقاضيــــــك ســــاكتاً .