الصفحات

الصفحات

في أن المسيح الديان يأتي بشكل منظور في نهاية العالم ـ الفصل ( 17 ) من الكتاب الأول ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس



الفصل السابع عشر
في أن المسيح الديان يأتي بشكل منظور في نهاية العالم

نؤمن بمجيء المسيح الأول والثاني :
الأول     تم ولم يفهمه اليهود ،
والثاني آت وكلنا نرجـــــــوه .
إن الكتــــاب المقـــدس يشــــير ، لو انتبهنا إلي دينونتين :
الأولي سرية وهي القائمة الآن .
                                       وعنها يقول بطرس الرســـول :
                                      { قد آن للقضاء أن يبتدئ بيت الله }
                                                                         " بطرس 17:4 "
            وهـــي هذا العقاب الذي يتمرن عليه كل إنسان لكي ينتقَّي ويهتدي .
            أمـــــا إذا احتقــــر دعـــــــــــــــــــــوة اللـــه . فيسـاق إلي الهلاك .


أمــــــا الدينونة العلنيــــــة     فهي تلك التي بها  يديــــــــن الـــــرب ،

فـــــي مجيئــــــه الثــــاني ، الأحيــــــــــــــــــاء والأمـــــــــــــــــوات ،
ويعرف الجميــــع أنــــــــه    يهـــــــــــــــــــب  الصـالحين عطــــاياه ،
                                    وينزل بالأشـــرار شتى العذابـــــــــات .

إن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح :
 علّــــــــــق في بداية الأمــــــر على خشـبة الصـليب .
وها هو الآن جالس في السماء ، على الصـــــــــليب دفـــــع عنا دينــــــاً ؛
وها هو الآن في الســــــــــماء  يجمـــــــــــــــــــــــع مـــــن قد اشـتراهم .
               وبعد أن يجمــــع  من ينتقيهـــــــــــــم عـــــلى مر الأزمنــة ،
                ســــــوف يــأتي  في نهـــاية الأزمنـــة علنـاً .
               لا خفيــــــــــــــة ، كمــــــــا جــــــــــاء فـــــي المرة الأولي .

وجب عليــــه أن يأتي خفيــة ليُحـكَم عليه .
ولكنـــه ســـوف يـأتي علنـــاً ليـــــــــدين ،
ولو انه جاء في بــدء الأمـــر ، علنـــــــاً ، وأظهر نفسه ،
لمــا تجاســـــر أحــد مـــــــن  النــــاس أن يحـــكم عليه .

وجــــب عليــه أن يصمــــت    فـي آلامــــــــــه  ، ولكنــــه لـــن يصـمت في دينـونته ،
وبمــــــا انــــه قبل ، بتواضعٍ ، حكم الناس عليه ، فسوف يصدر حكمة بقوة عظيمـة .

يوم جـاء خفيةً أظهـــــــر نفســــــــه لخدامـــــــة دون ســــــــواهم ؛
ولكنــــــــــــــه حين يأتي علناً سوف يظهر نفسه للاخيار والأشرار .

لــــــــــــــــــزم الصمت في محاكمتــــــــه ،
بيد انه لن يلزم الصمت متى أتي للدينونة .
ولـــــــــن يلزم الصمت تجــــــــــــــــــــــاه من عرفوا صوته واحتقروه .

يسخر بعض الناس مـــــن وصايا الله ، لأنه تعــــــــالي لــم يظُهــــــــــــر ما وعد به ؛
ولا هــــم يـــــــرون فــــي الحـــــــــال عاقبه تهديداته ؛ فلهذا يسخرون من وصاياه .
أنه يظهر في حينه ويدين بالشكل عينه الذي به أدين .

حــــــــــين رآه الرســــل يصعد إلي السماء
سمعوا بأنه ســـــــــوف يأتي كما صـــعـد :
         { إن يســــــوع هــــــذا الـــــــذي   رأيتمـوه يرتفـــــــــــــــــع ،
            سوف يعود على مثـــــــــــــال ما رأيتموه صاعداً إلي السماء }
وســــوف يــــراه بالشكل ذاته الأحياء والأموات .
                     الصالحـــــون والأشـــــــــرار :
فالأبـــرار يرونه إنساناً كالذي آمنـــــوا بــــــــه ،
والأشرار يرونه إنساناً كالذي احتقروه ورذلوه .

إن الـــذين يتحملهـم الآن خطــــــــــــاة ســــــوف يدينهــــــم مرذولـين .
في بـــــدء الأمــــــر جــــاء متواضعاً ، أما بعـــــد فســــيكون ممجــــداً .
في بـــــدء الأمـــــر جــــاء مثـــالاً في الصـــــبر وقــــــــــدوة ؛
أما بعــــــد فسـيأتي ليـدين الأشـــــــــــــــــــرار والأبــــــــرار ،
                               حســـــــــــــــــــــــــب ما يسـتحقون .

في بدء الأمر جـــــاء ليجمــــع ،
أما بعــــــــد فسـيأتي ليفــــرق .
إن لـــــــــم يخـــــش أحــــــداً ، متواضعاً ،
فهـــــــــــل يخشـــــــــــــــــــاه ممجـــــداً .

إن قـــــــال الحقيقة كاملة على طــــريق الآلام ،
أفلا يقولها حـــين يلفـــــــــظ حكمـــــه للدينونة ؟
في البستان قال لأعـــــدائه : { عَّمن تبحثــــون ؟ }
               فأجابـــــــــــوه :{عــن يســـــــوع . }
إذ ذاك قال لهم ( أنا هو ) فتراجعوا للحال إلي الوراء ،
                               وسقطوا عـــــــلى الأرض .

ومــــاذا يحـــــــــل بمـــــــــــــــن ســــــــقطوا عـــــــــلى الأرض ،
لدي سماعهــــــــم كلمة واحـــده من يســــوع السائر إلي الموت ،
متى سمعوا صوته في الدينونة ؟
سيظهر مخيفاً من كان محتقــراً .

لقـــد اظهـــــر صـــــبره فبقي عليه أن يظهـر مجـده .
على الصليب كان صبراً وفي الدينونة سيكون قـــوةً .

ومع ذلـــــــك لـــــــــــــــــــو تأمـــــــــــــلت الصليب ،
لوجدتـــــــــه قاعة محاكمة : في الوســــط القاضي ،
ثم اللـــــــص الـــــــــــــــذي آمن فغفرت له خطاياه ؛
والآخـــــــــر الـــــــــــــــذي رذل بســــبب إهـــاناته .

بهذا المشهد عينه
            أشـار إلي ما سـوف يصنع بالأحيــاء ،
                                             والأمـوات ،
حــــــــــــــــــــــين يقيـــــم أناســــاً عـن يمينــه ،
                     وآخـــــــــــــــرين عن يساره :
لــص الشمال يمثل المرذولـــــــين ،
ولص اليمين يمثل المختـــــــارين .
وبينمــــــــــا كــان المسيح يحاكم ،
               كــان يهدد بالدينونة .