مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » الهدوء والسكون ـ الجرء الاول من ميامر مار اسحق ـ الميمر الثالث ــ دلائل توضح بعض الأمور.

الهدوء والسكون ـ الجرء الاول من ميامر مار اسحق ـ الميمر الثالث ــ دلائل توضح بعض الأمور.

 الميمر الثالث


علامات الخروج من الظلام
علامات الخروج من الظلام :
+ إذا كنت في سكون مع عمل الاتضاع الجيد ,
فهذه هي العلامة على أن نفسك قد دنت أن تخرج من الظــــلام  :
إن قلبك يحترق و يشتعل كما بنــار ليلاً ونهــاراً  ؛
و تصير جميع الأمور الأرضية عندك كمثل الزبــــل ؛
و لا يحلو لك أن تدنو من الغذاء
بسبب لذة الأفكار الجديدة الحارة التي تتحرك في نفسك على الدوام ؛


و يُعطى لك من السكون ينبوع دمــوع بلا تغصـــب ,

أعني و مــع  قــــــراءتك و مــــــــــع صــــــــلاتك ,

        و مــع خدمتـــــك و مــــــــــع هذيـــــذك  ,

       و مــع أكــــــــــلك و شــــــــــــــــــــــــربك ,

       و مــع جميـع ما تصنــع تمتـــزج به الدمـــوع .

فـــإذا مـــــا نظـــرت هذا في نفسك ثق و تشـجع .

                      في طريق الوحدة و مداومة القلاية

+ المتـوحد يمكنه أن يحفظ طريق الوحدة بحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاوة ،
   وذلــــــك بتكميل قوانـــــين الوحـــــدة . أما إذا رفض قوانين الوحدة و تهــاون بهـا ,
  فإن أفكار العلمانيين تحدث له بسياسة (أو بالضرورة) في القلاية من غير أن يشاء .

  و لا أعني بقولي هذا أن الضعفاء يؤذيهم السكون بدون عمل قوانينه ، 
  بل أعـني أن الــــذي جســـــــــده صحيـــــــــــح و قــــــــــــــــــوي ,
  إن تهـاون بتكميـــل قوانين العمـــل ( لايؤذيه السكون فحسب, لكنه) ,
  لا يقـــدر أيضـــــاً ولا على الثبـــــــات في القــــلاية على الــــــدوام . 

و مــــــن المـلاقاة الشـــهوانية التي يصادفها على الدوام ينسى ( قصده ) قليلاً قليلاً , 
و بسبب مداومة نظر العلمانيين و أشكالهم المنحلة ، ينسى أيضـــاً الوعد المقـــــدس . 
كــــذلك إذا كان مشـــتغلاً (في قلايتـــه) بعمـل صنعــة مـا ,
و يتعطــل (لهذا الســـبب) عن الــــــــدوران و الطياشــــــة , 
و مع ذلك لا يحفــــــــظ قوانــــــــــــــين الوحــــــــــــــــــدة , 
فإن أفكـار الحيوان تكون له وتتحرك فيه وليس أفكار الحبس ، 
و يتــــــوه عنه أنهـــــــا قلايـــــة بـل دكـــــان حانـــــــــوت .

و مــــــن ههنــــا تتحــــرك فيــــه حركــــات العلمــــانيين ,
و ليــــس البتوليين و المتجردين و حــافظي العقل بالصلاة . 

فليســت القلايـة هي التي تحــرس العفيــف و تحفظـــه , 
بل قوانين العفة ، وبالأكثر (بالنسبة) للجسد غير المروَّض ,
و المــزاج الشـغِب الــذي يثـب دومـــاً تبـــع الشـــــــهوة . 

فى إيضاح القوانيين التي تجب على السكان في الهدوء
 + قوانين الوحدة التي تحفظ طريق السكون باحتراس وصيانه هي:
 تكميـــــــل خدمــــــــــــــــة الأوقـــــــــــــــــــــــات , 
 القـــــــراءة المفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروزة , 
  ضــــــــرب المطانيــــــــــــــــــات المحــــــــــــددة ,
  الصــــــوم إلى العشــــاء عـــــدا وقــــت المـــرض ,
 تصـــــــرف حســــــــــن محترس يتدبر به الإنســان ,
             مع نفسه داخل قلايته في ترتيب أعضائه ,
ألا يكــــون له خروج و دخول على الدوام بانحـــــلال 
               دون أمــــــــــــر ضــــــــروري ,
وأن لا تكون قلايتـــــــــه مـــــــــــــزاراً لكثيـــــرين .

 هذه هي قوانين الوحدة , وهي محــدودة بقياس (أي بدقة) ,
              و ليس فيها تعب كثير ,
وهي التي تحفظ المتوحد من العثرات و السقوط بمعونة الله .

+ وكمـا أن الله يقــدر أن يحفظنــــــــــــا في هـــذه الحيــــــاة , 
                    بـــــــدون الأكل والشرب كما في العلم المزمع ,
                   ولكنــــــه ما رأى أن يفعــل ذلك في هذا العـالم ,
                   بـــــــــــل بمـــواد كثــــيرة يمنــح لنـــا الحيـــاة ,
   هكــــــــــذا هــو أيضـــاً قــادر أن يقيمنـا بــــــدون تعبنـــــا ,
   وهمتنــــــــا فوق كل حـــركة فاســدة و بضمــير روحـاني ,
   لا يفكـــــــــر في شــــــيء خارجــــــاً عن اللــــــــــــــــه ,
   و لكنـــــــــه ما رأى أن يفعل ذلك لأجل تعليمنا و تخريجنا .
ما هى القلاية بالنسبة للراهب ؟
القلاية هى :
   كــــــــــــــــــنز الأفهـــــــــــــــــــــام ,
و بلـــــــــــــــــــد الثــــــــــــــــــــــاؤريا ,
و مــــــــــــــــأوى المعــــــــــــــــــــرفة ,
و مكـــــــــــــــــان الفــــــــــــــــــــــرح ,
و كـــــــــــــــــــور التجـــــــــــــــــــارب ,
و رجــوع النفس و نـــوم الخطيــــــــــة , 
و مذكرة بالمـوت عــلى الـــــــــــــدوام , 
و فيها تتيقظ في العقل جميع التاؤريات ,
حسـب مقـــدار منـــــزلة الإنســـــــان ,
و يمتـد ســريعاً إلى الأمور العظيمـــــة .


الاحتراس و التعفف
+ بنوعــين يصنــــــع الجســــد نياحـتـــــه ( أي راحتـــــه) بحمــــــــــاقة ,
   فيسبب للنفس أتعاباً و مشقات و روامـيز ( أو تصـــــورات) عظيمة للفكر  ,
  و همـــا  :
           عـــــــــدم ضبـــــط البطــــــــن بالخضــــــــــوع لتجــــــــلد الصـــــــــــوم , 
          و عــــــدم ترتيب الأعضاء التي تعطي دالة للنظر و اللمــس غير المتعفـف ,
          الــــــــذي يحدث منه فساد هيكل الله بواسطة الأفكار الطائشة في الأباطيل.

 لأنــــــــه بالجلــــوس المتعفـــــــف و حســــــــــن ترتـيـــــــب الأعضـــــــــــــــــــاء ,
ينبغي أن يتيقــــظ الإنســـــان بذاته و بتصرفه داخل قلايته في الوحدة بحياء و ترتيب . 

  فــــإن أمكـن لباســـــك الجــــــــواني لا تخلعــــــه أبــــداً , 
  حتى لو كنت شيخاً طالما أنك لم تعبر بعد من هذا القتال . 

  و لا تكشف رجليك من الثياب إن أمكن من غير ضرورة أكيدة 
                         و تظهر علامة ودلائل الشــغب في ذاتــك ,
 أو تنخـــــــــــــدع لأجل نيــــــــــاح قليـــــــــــل بجســــــدك ,
 لئـــــــــــــــــــلا يثب عليــك نيـاحٌ ثانٍ الذي هـــو نجاســة الأعضــاء ,
 وحـــــــــــــــتى لو كنت شيخاً لا تطمئن و تتهاون في حفـظ الأعضاء ,
                        كما لو كان لا فائدة فيها

 لأن سبب الانحـــــــــــــــــــلال الثاني (أي النجاســـــــــــــــــــة) ,
 يكــــــــون مــــن الانحــــــــلال الأول (أي راحـــــــة الجســــــــــد) ,
 و هــــــذا يحدث من عــــــدم التعفف في ترتيـــب الأعضـــــــــــــاء .
التدبير داخل القلاية صيانة للتدبير خارجها

+ الــــــذي يتضيق في نفسه و في قلبه  من أجل الخوف و محبـة العفــة ,
   و يفــــرح بالصـــــبر على الصــــــــوم ، و يأكــــــــل بقانــــــــــــــــــــــون ,
   لا ينخدع لانحـــــــــلال الحــــــــــــواس و لا يهمل أبداً ترتيب نظام الصوم ,
   و مــــــن هـذه يضبط ذاته من أن يصنـع دالة جهـــــــــالة مــــع نفســـه .
   و الــــذي يحـــترس فيما يخصـــه (داخــــل قلايـتـــــــــه) ,
  و يقتني عوائــــد جيـــدة باحـــتراس متعفــــف بجســـــده و جميــــــع أعضــــــــائه ,
   و يكــرم الله بنفســـه و جســده، معروف أيضاً أنه إذا اتفق وجــوده خـارج قلايتــــــه , 
  فإن ذلك التحفظ يرتسم على أعضائه جميعها بحيــاء نظره قبالة كل عارض يصــادفه ,
  و يقتني تلك الصيـــــــــــــــانة أيضـــاً بســــــــائر حواســــــــــــــه ,
  بسـبب تأسس العادة التي اقتناها لنفسه في الخفاء داخل قلايته . 

  فإنه من الكلام المنحل و الدالة مع الآخرين الذي يعتاد عليه و هو في قلايته , 
  وانحــــــــــــــلاله مع نفســـــــــــه إذا كـــــــــــــان وحـــــــد ه , 
  معروف أيضاً أنه يقتني تلك العادات وينفعل بها وهو خارج قلايته ؛ 

  لأن حسن نظــام العوائــد داخل القلاية يعلمه الحفــظ خارجــها . 

  فالـــــذي يتدبر في قلايته حسناً لا يمكن أن لا تظهر فيه 
  وهــــــو خارجهــــا تلك الأنــــــــــواع الحســـــــــــــــــــنة ؛
  لأن خارج الإنســان هو مــرآة و دليـــل على خفــــــاياه.

   في الأعمال التي يتدبر بها إذا كان في السكون  :
+ الصمت الدائـــــــم هو زينـــــة و بهـــــــــاء المتــــــــــوحد.

   لأنه نقصٌ في حق المتوحد أن يكون مفتقراً إلى الاحتراس ,
   فيما ينبغي أن يكون له في السكون, مع الاتضاع الدائـــــم .
   فإن انحلال تصرفه البراني هو دليل علي انحلال القلب الخفي .

 و المنحلُّ بحواسه    هو أيضاً منحلٌ بقلبـــــه ،
و المنحلُّ بقلبـــــه    منحـــلٌّ أيضــاً بحواسه .

و الذي هو هكذا منحل من الداخل ومن الخارج ,
 لا يمكن أن يكون له اهتمام بالله ، ولا بهذيذ تدبير السيرة ؛
 لأن
   التدبير البراني يصـون الجواني , 
و التدبير الجواني صيانة للبراني . 

الميمر الثالث ( 7 )

أعمال السكون ( الصوم و الصلاة )

+ العمل الأول في الفضيلة هو الســكون .
                 و العمل الأول في الســكون هو الصـــوم ؛
                                                      لأن الصــــوم يصــلح كثــيراً لعمــل الله .


 فالسكون هو نقــــض (أي إبطـــال) حواســـــــنا  مـــــــــن العـــــــالم ,
 أما الصوم فهو دليل الفعوليــــــة (أي العمـــــل)   مـــــــــع اللــــــــــه ,
                  و دليل الاســـتعداد للقتـــــــــــــال و الجحـــود بالعــــالم .

و العمل الثاني في الســكون هو الصــلاة .
   لأنه إذا كفــر الإنسان بالعــالم يحصـل في المفاوضة النقية مع الله،التي هي الصلاة.
                   فالصلاة هي طيران عقلنا إلى الله ,حسـب قــول القديس باسيليوس .                         
+ فلنداوم على الصــلاة بإفــراز ،
              كي يقتني عقلنا حياء وتعففاً من النظر الدائم في الله والكلام الهادئ معه .
+ لا نقدر أن نقتني قلباً متعففاً ،
                     طالما كانت الحواس تداوم الطياشة في أشياء كثيرة ، وفي كثـــيرين .
 فالسكون يصلح جداً لعمل الله ,

 و لهذا فإن القديسين قبضوا حواسهم أولاً من العالم , 
و بعد ذلك اهتموا باستعداد القلب بعمل الله الخفي .
 لأنه إن لم يرتبط الجسد :
                              أولا بعمـــل الفضيــلة لا يتفـاوض الفكــر بفلاحــة الفضيـلة .
                               فالجسد المتفرد (في السكون) يصلح كثيراً لعمل الفضيلة ؛
لأنه من السكون :
                    يقتني ذهناً مجموعاً وضميراً هادئاً وأفكاراً غير مضطربة بمناظر العالم .

 فلنحب النوم الهاديء في السكون
لأن خيالات أحلامه أنفع من أفكار اليقظة التي تكون خارجاً عن السكون .

 و لنحب الوحدة :
                    لكي نقتني منها ضميرَ متوحدٍ متحدٍ بسرِّ الوحيد الذي من حضن الآب . 
و لنحب الأمراض التي من العدم ( أي العوز ) :
                   لكي نؤهَّل بها للعزاء الحلو الذي يصنعه الله معنا .

  المريض و جهاد الوحدة
+ إن أعمال الوحدة المتعبة
                                   التي ينبغي للجسد القـــــوي الصحيح ,
                                                 و النفس الشجاعة تكميلهـا ,
  و مـا يقـــدر الجســـد الضعيــف المنحـــط أن يكملهـــا , هـي شـــيء ,
  بينما تلك الأعمال التي تحتاج فقط إلى يقظة واهتمام هي شيء آخر .
 فهي لا تحتــــاج إلى قـــوة الجســــد لتكميلهـــا بل اســـتعداد الإرادة .فإذا لم نقدر أن نسهر الليل كله :
        مثل كثـــــيرين ممن يقومون على أقدامهم من العشاء إلى باكر بلا نوم ،
        و نخـــــــــــــدم مراميت ( مزامـــير ) كثـيرة في كل وقت من النهــــــار ,
        و صلوات متواترة مع ضرب مطانيات كثيرة , وصوم أيام وطي (أي جــوع) ,

فيمكن لمن كان ضعيف الجسد
                                أن لا ينـــام من العشــاء  ,
  أن  يخـدم أيضــاً قليـل مزامــير وقـت السـتار ثم ينـام ,
و أن يغصــب نفســه في الليل ــ إذا لم يكن مريضاً ــ  و يكمل قليلاً من الخدمة ,
و إن لم يمكنه الوقــوف , فيستطيع ذلك و هو جالس .

و إذا لم يقــJJJدر أن يخدم سبع مراميت في كل وقت من النهار مثل الأقوياء ,
فعلى كل حال يقدر أن يخدم و لو مرميت أو مزمــور و احد في كل وقـــت ,
و لا يعـــــبرها بإهمـــال و لا يبطـــــل شـــــيئاً مـــن الســـــبعة أوقــــــــات .

و أن يصوم إلى العشاء مثل الضعفــاء أو إلى التاســـــعة أو لنصف النهـــــار ,
و لا يأكـــل من باكـــر . و هذا الحفــظ و الاحتراس لا يحتاج إلى قوة جسدية .

كذلك إذا لم يقدر الضعيف
                                 على الحبس الضيـــــــق مثل الأقويــــــــــاء ،
                                و لا   حبس الأسبوع كله مثل المتوسطين ,
فعليـــــــــــــــــــــــــــــه
                                 ألا يفتــح  بابه كل يـوم و يمضــي إلـــى أخيــه ,
                                 و يركِّــب له الأســباب أو يطــيش خـارج قلايتـه .
                                 و  هــــذا جميعه يقدر أن يعمله ضعيف الجسم .
و أيضـــــــــــــــــــــــــاً
                         يجب عليــه أن يتصــــرف في قلايتــــــه بحسن نظـــــام ،
                    فـــلا يخلع عنه ثيابه و يتعرى و يبعد عنه الحياء و العفــة ,
                        بـــــل يتقلــب (أي يتدبر) بخـــوف و اســـــتحياء مـن الله .

و لا يهتـــــم بغســــــــــــــــــــــل و تنظيف جسده  ,  و  يديـــــــه و رجـليه ،
             و لا بتسريح شعر ذقنه و تربيتـــــــــــه ,  و  لا بتنظيــف ثيـــابه ،
كمن يعتني أن يجلب على نفسه قتــالاً على قتــال ,
و كالزانيــــة التــــي تهتــــــــــــم بالشــــــــــــــهوة .

+ و يقدر الضعيف أن يقتنــي يقظة الفكر :                                         
                             حيـــــث توجد  مخـــــافة الله ,
                            فهنـــــاك توجد الصــلاة الطاهرة التي بغير طياشــة  ,
                           و هـي تشـجع الإنسان
                           و تعده للصـوم الكـثـــيرالذي يفــوق الطبيعة  .
 فمع مخافة الله
           و لـــو سكن الإنسان في النواويس ( أي المقابر )  و المغاير الضيقة  ,
            جميـــــــــع أيـــــــــــــام حياتـــــــه فإنـــــــــــــــه لا يتضجـــــــــــر  .

لأنه حيث لا توجد المخــافة فلا توجد التـــــــــوبة أيضاً .
و حيث تكـون مخافة الله لا يكون ذلك الإنسان محتاجاً إلى الوعظ أو الاحتراس الكثير .

+ كل صلاح في النفس يظهر فيه إشراق الفضيلة إما من الإرادة أو من الطبع .
  و الـــذي من الإرادة هو من غصبية خــوف الله (الذي يحـرك) إفـــراز الإرادة .
  أما الذي من الطبـع فهو من خاصية الطبيعة .

 و حيث لا يوجد هذان الأمران أو أحدهما :
                                             أى أن يكون الإنســان معاناً من طبيعتـه  ،
                                              أو  أن يكـــــون فيـــــــه خـــــــــــوف الله .
                                              الــذي يحـــــــــــرك إفــــــــرازات الإرادة ،
  فإنه لن يخلو من شيء من الشـــرور .
لأن كل صلاح يتحرك بالعقل في الطبيعة الناطقة ، يتحــرك القلب به من اللـه أولاً ،                            
و منه يقوى على الثبات في الصلاح بالفكر الذي ينتبه في القلب بحرارة ،
و بعد ذلك تُعين حركة الصلاح التي في الطبيعة اهتمـــام الإرادة الحـــرة .



 مداومة العمل :

 ا+ اعلـــــــم يا ابني أن الســــــــــــكون , أي الوحـــــدة ، و كـــــــل التــــــــــدابير ،
                         تعطي أثمــارها  بحسب المـدة ، و المفاوضـــــــــة بهـــــا .
فالسكون و عمل القلاية
                      علـــــى قـــــدر المــــــــــداومة  و حفظ العقل يعطي ثمرة  .
                      فإن كنتَ خاليـــاً من المداومــــة و مساواتها بالعمـــــــــــل ,
                      لا تنتظر أن يحصــــــل لـك منهــــا عــــــــــــزاءٌ حقيقــــــــي .

فكل تدبير بغير قيام و لا دوام مدة تجـــــده أيضــــــاً بغــــــير أثمـــــــار ,
                                      و يكون كأنك قد بدأت به بداية فقط  .
أما العمل الدائم و لو أنه قليــــل , فلأجل دوامه يُربّي كنـــوزاً عظيمـة .

أسباب الاحتراس 
+ نحن نمارس الأعمــــال و الاحـــــــــــتراس مـع أنفســـــــــــــــــنا لأجل الخوف ؛
   لأننا نعــــرف أن الراحة الجسدية تبعدنا من الله , وتخيِّب ضميرنا من الهــــــم به .

   كما أننا نتهاون أيضاً بالمفاوضة مع إخوتنا , وذلك ليس لاستخفاف أو ازدراء بهم ,
   ولا لأنهم ليســـوا أفضـــل منـــا – إذ أننا في كل وقت نســتعين بصــــلواتهم  
  بل لئـــلا نعـــدم التنعــــم مع ســــيدنا بســـــــــــبب المداومــــة مع النـــــاس.


               لأن الوحــدة تجعلنــا نتَّحــد باللـــه  ,  و هي تشركنا بالعقــل الإلهـي ،
             و توصلنــــــــــــــا إلى نقـــاوة الضمير ,   في زمن قليل بغــــير تعـــويق .

فكل موضع تكون فيه ، صِرْ متوحداً منفرداً بضميرك , وغريباً وخاطئاً .

و لا تظـــن أن كل التدبير والعمل في السكون يتوازن مع أن :
 يكون الإنسـان غير معــروفٍ و لا محســـوبٍ , و بعيـــد عن كل أمـــــــرٍ و كل شــــيء ؛
 لأن البعــــــد إنما يكون حدوثه من أن يكون الإنسان غير معروف,وهو بهذا يتربى ويحفظ.

+ تاه عن كثيرين و ما يفهمون أننا نحن المتوحــــــدين ,
    لا نحبس أنفسـنا داخل الباب لأجل عمل الفضــائل ,
   إذ أننا حتى ومن الفضــــــائل نكـون مـــــــــــــــوتى ؛
                    لأن الفضــــــائل  إنما يصنعها الأحياء الذين يعملون في وسط كثيرين ,

   فإن كنا نحن نطلب عمل الفضائل
   وإخوتنا الذين في المجمع يطلبون أيضاً عمل تلك الفضائل عينها ,
     فمالنا بالهـرب وقـــبر القلايـــة ؟

بل إننا نحن نترجى أن نقتني من السكون الشيء الذي 
إذا ما تعلقنا بجفون أعيننـا
ما نناله بين كثــيرين حيــث لا يُســتطاع اقتنــاؤه هناك.

+ بالحقيقة إن عمل مــــــــائة أخ يصومون ويصلون في السجس و المفاوضــــــة ,
   ما يــــــوازن عمـل متوحـدٍ واحدٍ جالـــــــــــــس في السكــون ولو كان ضعيفــاً ,
  بشـــرط أن يكــون :
                            عادمـــــاً  من الخلطة و مفاوضة الناس , 
                            و متجلداً  داخل الباب بغـــــير انقطـــاع , 
                            و ليـــس  من يدخــل عنده و لا يخـــرج .

   لأن الذي هو في الحبس و السكون ،
   و لم يقطع نفسه من كل تذكار و اهتمام ويبتعد من كل مفاوضة ,
  و يداوم في السكون باستقامة و محبة الأعمال ,
   فهذا لا لخطـاياه القديمـــــــــــــــــــة يذكـــر ,       ولا لزلاتــه فــي كل يـوم ينظـــر ,
         ولا لآلامـــــــــــــــــــــــــــــــــــه يعــاين ,      ولا لمجاذبات الشـياطين يفهـــم ,
         ولا للجهاد مع الآلام والشياطين يستعد ,      ولا لنقــــاوة القــــــــلب يصـــــل ,
         ولا الصــــــــلاة الروحـــــــــــانية يقتني ,      ولا حتى للصلاة الطاهرة يستحق ,
 ولا يشرق نور مجد المسيح الإلهي باستعلان الروح القدس داخل نفسه.

هذه المواهب والعطايا جميعها
        ما أُعطـيت ولا تعطى أبــــــــداً خارجـــاً عن الحبــس والســكون.
                    أما الذين يحبــــــون السكون ويحتملـــــون جميـــــع ضيقـــــاته و يصبرون 
  فإنهم ينالونها بلا نقص.

  وإن كان فيهم من يخرج من هذا العالم وما ينال هذه المواهــب لئلا يتكـــبر و يخسـر ، 
                                                     أو لأجـــــــــل أمور أخرى مخفيــة عن معرفتنا ,
   إلا أنه مــــــا يخـــيب من العطــــايا الأولى (التي توصــــله إلى نقـــاوة القـــــــــلب) , 
 و في العالم الجديد يتنعم بهذه العطايا ( أي بنور مجد المسيح ) في ملكوت السموات .
     و لهذا قلت إن السكون ينبغي أن يكون مكرَّماً عندنا أكثر من كل شيء .

  ومثلما قال العظيم في العارفين يوحنا التبايسي النبي :
 " إنه لا ينبغي أن نتدبر في السكون بصــــوم و سهر بغير قياس ,
                                              أو بضيقــات كثيرة بغير ترتيب  ,    
                                     بـــل أن    
                                                نعتنـــــي بعمــل العقــــل "
                                فالسكون الدائم مع تدبـــير العقـــل
لا يبطيء كثيراً من أن يُبلِّغ الإنسان و يوصِّله إلى ميناء الحياة و الفرح.



الميمر الثالث ( 12 )
أهم فضائل السكون
+ فضيلتان تحبسان جميع الفضائل ,
   ومنهما وبهما يقــــــــام تدبـــير العقـــل جميعه ، 
  و منهما يقتني الإنســان طهارة القلـب ،
  و همــــــا اللتان يفتقر إليهما طقس سيرة السكون :
  الصـــــلاة التي بغــــير طياشــــة و لا فتــــــور ،
  و هـــــدم لمح أفكار الآلام و مجاذبات الشياطين حالمـــا تظهر ,
                 و يُحــــــس بهــــــا و تتحـــــــرك في القلـــــــــــب .

  هاتان الفضيلتان و هـــذان العمــلان تُحـــــدُّ بهمــــا و تُحبــس ,
   كل أعمال الذهن و كل فضائل النفس .
  و هما تلدان وتمنحــــان موهبتـــــين إلهيتــين , وفيهما تنحصر جميع مواهب الــروح ,
  و يصفهما الأب إشعياء بأنهما تفوقان الفضائل ،  لأجـــل ارتفاعهمـــا عن الفضــــائل ،
  و لأنهمــا لا يُعملان بالجســــد ولا يفلَّحــان بالنفس ,
  بل إنمـا يُنعم بهما إنعاماً بقوة الروح القدس من قبل ,
  أن يهتم العقــــل بمــــــا يفــــــوق الفضــــــــــــائل .

 هاتان الموهبتان هما :
      حركة روحانية تُحرِّك بلا فتور حركات النفس بغلوة الروح القدس بحب الله الكامل ؛
ونظـــــرة نـــــور مجـــــد المســــــيح . 

الميمر الثالث ( 13 )
أقوال الآباء فى السكون 
+ مُكرَّمٌ أيضاً و محبوب هو تدبير السكون ليس عنـــد الآبـــاء المتوحــدين فقط ,
                                                      بــــل وعند معلمي البيعة الكبار أيضاً . 

و تعرف هذا مما قاله القديس باسيليوس و يوحنـا ذهبي الفم :
إن الإخوة الحبساء لا يُسمُّون متوحــــدين و صديقين كاملين فقط ، بل و شهداء عظاماً .
كذلك لما أراد القديس اغريغوريوس أن يعرِّف أخاه 
 أنه بدون الصمت و السكون و الحبس لا يُستطاع أن يتكلَّل (بإكليل البر) , قال : 
« إنَّ ســياجك إن تشـــاء هو  بســـتان غنــى الـــــروح
      و موضع المصاف (أي الجهاد) الذي تُضفّر فيه الأكاليل » .

أعني أنه مثلما تُجمع الأزهار بعناية داخل سياجات البساتين و الجُنيْنات ,
                                    لكي تُضــتفر منهـا أكاليـــــل ،
 هكذا أيضاً يمكنك أن تجمع أزاهير الفضائل و تُضفِّر منها أكاليل البر :
  إذا سكنت   في الهدوء و أحاط بك سياجٌ خارج قلايتك ,
   و داومـــــت الأعمال المرضية لله فهذا هو معنى قوله :
 " إن سياجك إن شئت هو غنى الروح " .

+ وقال أحد الآباء أيضاً :
إني ما وجدت غبطة في الفضائل كمثل أن :
 يهــــدِّئ الإنسان ذاته من جميع الأعمال
و يصمت عن كل مفاوضــــــة و  حــــديث ،
 و كمالها ( يعني الغبطة ) هو مخفي عن معرفة الناطقين .

+ و فيلسوف آخر قال :
                         « لا ينبغي للإنسان محب الســـكــون أن يصمــت و يهـــدأ فقــــط ، 
                          بل و ليصنـــع جهـــــاداً مـــع أفكاره و يقمــــع آلامــــــــــــــــــه ،
                         و هكذا سريعاً يبلغ إلى نقاوة القـب , و يكــــــون مسكناً للحكمة » .

+ احتراس الجسد و  إفـــراز الأفكــــــــــــار     يقنــــــــــي الفكــــر عفـــــــة نقيـــــة . 
 و حفــظ الحواس و  ترتيب الأعضاء حسناً      يولِّـــــــــــد حيـــــــاءً و استحياء الأفكار ,
                                                            و ضمــــــيراً نقيـــــــاً من غــير جهـــاد .
  أما عدم الاحـــــــــتراس 
  والقـــرب مــن النـــــاس والأمــــــــور   فقد ولَّد للشيوخ العمّالين الأعفّاء أفكارَ الشبان
                                                         و أقامهـم في قتال الصــبوة (أي الشـهوة) .

 كما أن الطياشة وعدم الانقباض تصوِّب (أو تسهِّل) للإنسان ســقوطاً على الــــــدوام . 

 وإن لم ينهمك في الشيء لعدم توفر سبب السقطة 
 فهي (أي الطياشة) تُقنيه عقلاً مضطرباً كل وقت، وتُبعد عنه هدوء القلــب و ســكونه .

+ السكون يساعد على الاحتراس :
  كذلك ينبغي للمتوحد أن يكون له احتراس لا من الأفكار فقط ، بل وبالأكثر من الأفعال .
  فيجـــب أن يحـترس من الدِّنو إلى جســـد إنســــان بالكليـــة لأي أمـــر من الأمــور ،
 و أن لا ينظر ســرير علمــاني ,لئلا نضيِّع هذا الزمـان الذي أُعطى لنا لفلاحـة الحيـاة .
  و عند موتنا نطلب زماناً للتوبة .

+ الذي يحـــب السكــــون ينبغـــي له أن يهــــــرب مــن كـــل محـــــــادثة ؛
  لأنه ليس شيء يرخي نشــاط الضمير و يُكثر البـرودة في الفكــر نحــو الله ،
  مثل الأحــــاديث الباطـــلة و دوام الكـــــلام الفــــــارغ و السِّـــير الخَرِفـــة ،
  فهذه تُبطِل من النفس تماماً الاشتياق لله و محبة سيرة الوحدة المقدسة .
    فاعتفِ من هذه (المحادثات الباطلة) بكل قوتك ،

          و امض ونم في البطالة ، أو طُف باطلاً (أي بلا عمل) في الجبل و أنت وحدك , 
          و لا تذكر شيئاً سمعته منها , و لا تعوِّد ذاتك القرب و الدنو من المعتـــادين بها ,
                      (أي بهذه الأحاديث الباطلة) ؛  و عند ذلك تعــرف : 
                      كم تنفـع البطــــــــــــــالة مع الوحــــــــــــــــــدة ,
                       أكــثر من الاستمـــــــاع للأمـــــــــور البـــــــاطلة .

      لأن الإنســان إذا انقبض من مفاوضــــــة النــــاس ,
      رجع إلى ذاته وإلى تقويــم سيرته حسناً قدام الله .

+ متوحد هادئ متواضع معترف بعجزه   مع التخــلف عن تكميـــل قوانـــين الســـــــيرة ,
    هـــو أفضــل ممـــن يقوم بتكميلها   بحياة منحلة و إطلاق اللسان و تسيُّب الحواس .

أهواء القلب الرديئة و الا فكار الإلهية 
 اهرب، يا أخي , من جميع أهوية قلبك التي تقيم عليك القتال
+ قال الأب إشعياء :
                                معـــونة ربنا تقهـــر جميــــع أعــــدائك . 
      أعني بهـــذا أنك : إذا ما جلست في الســكون , فلعدمك من الطياشـــة في الأفعال ,
                             و انقباضك عن مفاوضة الناس , و دوامك مع ســيدك بعمل وصــاياه ،
                              تغـــار منـــك الشـــــــياطين و تجذبك للتنازل في دغدغات الشهوة ،
    لكي تخيِّبـــــــــــك مــــن حــــــــب ربنـــــــــــــــــــــــــــا .
                             و من العـــــــزاء الروحـــــــــــــــــــاني . 
 و من الأجر المحفوظ لك لأجل سكونك و أعمالك .

   فاصنع أنت هكذا مثلما أقول لك :
   عندما تحرك الشياطين في قلبك
                                            أي فكـــــر شهواني ,  أو غــــــــــــــــــــــضب ,
                                            أو مجـــــد فــــــــارغ , أو أي شـيء من الآلام  ,
                                            فلا توافق ذلك الفكــر و لا تتنــــــــــازل معهــم ,
                                           و لا تتركهم يدخلـــون إلى قلبـــــــــك و لذذونه  ,
  بل اذكــــــــــــــر ســــــــــــريعاً تــــلك الــــلذة المُعـــــــدة لك من ســـــــيدنا , 
                                         و انهـــر تــــــلك اللـــــــــــذة الألميــــــــــــــــــة  ,
                                        و أغمض عيني فكرك عن النظـــر في الفكر الشـــــيطاني ,
                                        و اغصب نفسك - كلما جذبتك لذة الخطية – أن تهرب منها                                                  و انتقــل بشـــــــــهوتك لحــــــــب اللـــــــه  ,
                                       و اطلـب أن يأتيك منه عون و يعطيك أن تغلب .
 فإذا نظــــــر الله إرادتــــــــــــــك ,
                             أنك حتى و لا بالفكر تريد أن تتلذذ بالخطية من أجــل التنعم بمحبته ،
فإنه يشير إلى الملاك اللاصق بك
                           فيطرد الشياطين المقاتلة معك بمجاذباتها كالغبار قدام الريح العاصف .

و بعــــــد مـــدة ســــنين معلـــــومة ، كثــــيرة أو قليلــــة ،
إذا مـــــــــا اختُبرتْ إرادتك الصالحة و حبك الصادق لسيدنا ،
بالصــــــــبر في جهادك ومصافك (أي وقوفك) قبالة أعدائه ,
عند ذلــــك :
 ليس فقط كل وقت تقاتلك فيه الشياطين يمدك بالمعونة لتغلب  ,
 بــــل إنـــه إذا ما انقضــــــى زمــــان مجاهـــــدتك بالكليـــــــة ,
 يطرد عنك الشياطين و يمحــق ( أي يبيد) انجذابها من قلبـــك ،
و عـــــوض تلك الأفكار الرديئة الكثيرة المتحركة فيك وقت القتال ,
               يمــــــلأ نفســـــــك أفهـــــاماً روحــــانية كثــــــــيرة ,
  حتـــــى يبتهـــــج ضمــيرك في كل وقـــت بالأفكــــار الإلهيـــة  ,

 التي هــي  :
                 الهــــــــمّ بعظمة الطبع الإلهي ؛ الهذيذ بالثالوث المقدس ؛
                 تذكــــــــار لا ينقطع على الدوام بالاشتياق لحب المسيح ؛
                              و نو ر مجـده الإلهــي الساكن فيه في السـماء ؛
                 الهذيــــذ بالطغمـــــات الممجـــــــــدة الملائكيــــــــــــــة ؛
                 ذكـــــــر الفـــــردوس وأرواح الأبــــرار الــــذين كملــــــــوا ؛ 
                 استعلان مجــــــــــــــــــــــــــــد المســــــــــــــــــــــــيح ؛
                صعـــــود القديسين إلى السـماء و تنعمهـــم مع ســـيدنا ؛
               و أشــياء أخــرى مثــل هـــــذه .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  مرميت كلمة سريانية تعني 12 مزموراً.
   (2) اجزاء من التسبحة ومردات القداس والمدائح (معانيت أي تراتيل بالسريانية).



Share this article :
 
designed by: isaac