الصفحات

الصفحات

رسالة من القديس مارإسحق ( بالكامل ) الى أخ يحضه على السكون - ميامر مار إسحق ـ الجزء الثانى

رسالة إلي أخ يحضه فيها
علي محبة السكون

  + حب السكون يا أخــي بحــــرص       لأن فيـــه تجـــد نفسك الحيـــاة .
     وليكـــــــــــن نظرك إلي ذاتــــك        و لا تتركه ليخــــــــرج عنـــــــــك ، 
     لأنه ما دمت تنظـــر إلي غــيرك         فـــــــلن تبصــــــــــر نفســــــك ،
     و إن أنـــــت رددت نظــرك إليـك         استطعت أن تبصـــــر نفســـــــك .

    هــدئ حواســــــك الخارجيـــــة        حتـــى يمكنك أن تسكت الداخلية .
    لا تهتم بالأشياء الباطلة ( أي الفانية ) حتــــى تكــتنز لنفســـك المغفرة .

    هـــدئ نفسك من الاهتمام الباطل     لتجـــــد نفســــك الفهـــــــــــم .
   اجمــــــــــع نظــــــــرك إليــــــــــك     حتــــــى تبحـــث عن  المعــرفة .

    حـــــــــــــب ســــكوت الإفــــــــراز     لأنــــــــه ينبــــــوع المعــــــــرفة ،
    فبالســــكوت يتنقــــي العقــــــــل     و بالصمت يقتنى الرأي (الحكيم ) .
    لأن السكوت يكســـب الحكمـــــة      و يجمـــع الحواس للمعـــــــــرفة .

      يا أخــــــــي انتبه لذاتك  دائمــــاً      لأنـــــــك فيهـــا تجـــــد العــــــلم .
     و إن أنـــــــت أحببــــــت الخلطــــة    فقـــــــد أبعدت ســـترك عنـــــــك . 

                لا تهبـــــط مع المــــــــــــــــــــــــتراخين 
               و إلا صيرت نفسك في الدرجة السفلى ،

               لكن لتكن مناجاتك مع محبي الخير ( أي الصلاح )
               لتكــــــون ســكناك معهم في الأعالي ،

              و كذلك أيضاً في المواضع التي فيها المعرفة السامية
              فهناك اجعل مقامك بشجاعة .

              ارتفــــــــــع إلي بلــــدة النور 
              و لا تهبــــط إلي الخطاة فحياة الحكماء متضاعفة ،  

              لأن مناجاتهم مع العلويين بالروح و الحكمـــة 
                             تعطي للذي يقتنيها رجاء الروح .

              و كذلك أيضاً يصير الإنسان ملاكاً لابساً جســــداً .
                         ذاك الذي يتدبر بالمعرفة بين الجهــــــال ،

             و كمثل الضـــــوء في الظلمة يضيء بنـــوره بين المــــائتين ،

             لأن الذي استضاء فهو يضيء للآخرين لأن ضوءه معه دائماً .

             و الذي عـرف ضــــوء النفـــس فهــــو يرشــد قومــــاً آخــــــــرين
              لأنـــــــــــه إذ أدرك المعرفة الحقيقية فهو يصير عينا لقوم آخرين .




     الــذي بإفرازه وجد خلاص نفسه  فهو قادر أن يرد الذين ضلوا وهلكوا.

و مادام الإنسان
     لم يجد خلاص نفســــــــــــه       فهو لا ينفع قومـــــاً آخـــــــــرين ،
     و مادام الخــــير مخفي عنـــه      فلا يقدر أن يعطي خيراً لآخــرين . 
     و مادامت نفسه مخفي عنها      فهو أعمى في هذا العــــــــــالم ،

و كذلك
    مادام لا ينظـــــــر إلي ذاتــه      فلا ينظر شــــيئاً في هذا العــالم ،
   لأنـــه ليس بنظر الجســد يرى عالم الروح
   لأن النظر الحقيقي إنما هو للنفس لا غير،

   لأن النفس تنظر بمعرفة كل شيء على الحقيقة ،
   فالنفـــــس تنظر دون تدخــــــــل الجســـــــــــــد 
   و الجسـد ،إذا نظر بلا عقل فهـو يشبه البهيمــة
   و النفــس بغير الجســد تنظــر نظـــــراً روحانيــــاً .

   لذلك أيضاً العقل و النفس غير مرتبطان بشيء ،

لأن النفس :
         و إن كانت ســـــــــــــالكة في الجســــــــــــد   
         و لكن معرفتهــا هي عن الكل 

 وهي و إن كانت مرتبطـــــــــــــة بالجســــــــــــــــــد  
         لكـــن أفكارهـــا متحــررة منـه

         وإن كانت مقيــدة مع هـــذا الجســد الثقيــــل  
         لكــــن فرحهـــا مع الروحـانيين ،

 وهي و إن كانت علي هذه الأرض يحتويهــا الجســــد  
         إلا أنها تزرع دائماً في السماء 

        و إن كانت محبوســـــة في هـــــذا الســـــفلى   
         لكنهـــا تحسب مع الفوقانيين ،

        و إن كانت داخــــــــل هـــــــذا الجســـــــــــــــد 
        فهـــي تطير بأجنحـة خفيفـة ،

       و إن كانت متداخلة مع الأجساد الترابية الظاهرة 
        إلا أنها مشتركة مع الروحانيين ،

لأن لها أجنحة خفيفة مثل السارافيم ومعهم دائماً ،
 تمجد الخالق وتسبحه هذا إن هي اختارت .

4 ـ ارتفع عن الارض و اصعد كلم خالقك :

 اجمـــــع نفســـــــــك يا أخــي        و احـرص أن يكون مسكنك عند سيدك،
 ارفـــــع أجنحتــك عـــــن الأرض        و تطلـــع إلي البلــدة التي أعـدت لك،

 لأن الخـــالق يشـــــــــــــــــــاء       أن تكـــــون ســكناك هنــــاك دائمـــاً ،
 لأنه مشتاق إليـــــــــــــــــــــك       عطشــــان لرؤيتـــــــــــــــــــــــــــــك .
 لأنه يحـــب كلامــــك وحديثــك       أفضــــــــــل من المراتـب العــــــــلوية ،

 و هو أيضـاً مشتاق إلي صوتك       أعظـــــــــم من هتـــاف الروحـــــانيين ،
 و هـو يحب التـــــــــــــــــرابي       أفضـــــــــل من مجمـع النورانييــــــــن ،
 و هو يفرح بحسن هذه الأقوال       أكــــــــــــثر من بهـــــاء الســـيرافيم ،

 و يحــــب صــــورة الإنــــسان        أفضـــــــــل من ضيــــاء الســــمائيين .

  و سماجة (أي ضعة ) آدم الذي خلقــه ،
  لهي أحسن بين يديه من كل الخليقة   وأفضل عند الخـــالق من الكــــل .

     فهـــو يريـــــــــــدك أكـــــثر من الكـــــــل    
  و أنت أكــــــــــــــرم عنـــده من الكـــــــل .


    الخالق الذي خلق الكل اهتم بك ،    لأنـه لمحبته لك أتى ليطلبــك ،   
    فاخـرج أنـــــــت في طــــــــــلب       الذي خــــــرج ليطلبـــــــــــك ،
   فهــــو تنــازل إلي حقـــــــــــارتك       حتى ترتفــــــع  إلي علـــــوه .

أظهر نفســـــه للســـــــــــفليين 
   لكـــــــــــي يرفعـــــــك أنــــــــت        إلــــي بلـــــــــده الحقيقيـــة ،
   فبالمحبــــة التي أتى بها إليــــك         اسـلك أنت بها و امض إليــــه ,

  و في تلك الطـــــــــــــريق التـــي
   نـــــــــــزل بهـــــا إلي بلـــــــدك        اصعــــــــد أنــت بهـــا إلي علوه .
  هـــــــــــو ســــــــــــــــــــــكت          في الأحشاء ( في بطن العذراء ) ،
  وبعد ذلك خـــــرج و خاطبــــــــــك        فاخــــــتر أنت الســـــــكوت مثله
  حتــــــى  تختــــــــــــــــــــــــص        أنـــــــــت  بمناجــــــــــــــــــــاته .

  إن الــرب ســـــــــــــــــــــــــــكت       فـــــــــــي الأحشــــــــــــــــــــاء
  و بعد ذلك في خروجــــــــــــــــه        خاطــــــب البشــــــــــــــــــــــر،
  فإســكت أنــــــــــــــــــــــــــــت        اضطــرابات جســـــــــــــــــــــمك 
 ،و بعـد ذلك تكـــــــــــــــــــــــــون         مخاطبتــك مع الروحـــــــــــانيين ،
  فيكــــــون ســـــــــــــــــــــكوتك         مثل الطفل في أحشــاء والــدته  
  و منه تولــــد الكلمــــــــــــــــة ،

  و مـــــن الســـــــــــــــــــــكوت          تأتــــي إلي الكلام مع خالقـــــك .
  مـــــــن الســــــــــــــــــــــكوت         خـرج و تنازل و أتـى إلي عنـــدك ،

   فاسـكت أنـــــــــــــــــــــــــــت         عن المناجاة مــــــع الآخـــــــرين ،
   و بعـــــــــــــــد ذلــــــــــــــــك         تسطيع أن تهــــــدئ أفكــــــــارك ،
   لأنـــه مادامت خلطتـك كثــيرة          فأفكـــــارك تائهــــــــــــــــــــــــة ،

   فانقص خلطتك مع الكثـــــيرين         حتى تقتني فكـــــراً صالحـــــــــــاً ،
  واقطــع حديثك مع المـــــائتين ،        حتى تتعــلم الحـديث مع الأحيـــاء  
  واجمــع نظرك عن كل منظـــــر         حتى تتفحص في خالقك و عظمته .

و أنــــــــــــــــــت :
  إن صرت ســاكتاً مع نفســــك ،        فإنك تحس بالســـكوت الإلــــهي .
  و إن أنت ســـكت و انقطـــعت          عـــــــــن حـــديث الكثـــــــــيرين
  فإنك بعـــــــــــــد ذلــــــــــــك         تتطلع إلي سبح خالقــــــــــــــك .


إن صــــرت متوحداً في مســــكنك ،
 تصــــــير فريـــداً في فرحـــــــك.

    وأنت لا تقـدر أن تتفـرس في         منظــــــر خالقــــــــك المفــــرح ،
    إن لم تبتعد عن النــــــــــاس        و تبعـــــد نظــرك وأفكـارك عنهم ،

   و لـــــــن تجـــــــد أحـلى من        عشـــــــــــــــــــــرتك مــــع الله ،
   و لا تجــد ألذ و أنعم من حديثه       و لا تجد كلمة أخــير من كلمتــه ،


    فلتحــــــــــــب كلامـــــــــه        حتى تكـــــــون حكيمـــــــــــــاً ،
    أن كلمة الــرب شــــــــهية        لمـــن يقـــــــدر أن يســـــــمعها ،
   لأن ليـــــــس كـــــــــل أذن        تقبـــل هذا التعليـــم الروحـــاني .

    لا يوجــد فــــــرح يعــــــــادل       ذلك الوجه المملوء من كل فــرح ،
    لأن كل جمـــال في الدنيـــا         مـا يســـــــــاوي حســــــــــــنه 
   و لا يسـتطيـــــــــــــــــــــــع        البشـــــــــــــــر نظـــــــــــــــره .

    الله محبــــــوب عنــــــد كـــل      من شعر به ومحبته تثبت عنده ،

   فالذي أحب الله و شـــــعر به ،      هو وحـــده فقط الذي يحب الله ،
   و الباقـــــــــــــــــــــــــــــــين       فكـل منهم علي قــدر رتبتــــه ،
   و كل منهم يخدمه بمخـــافة        بما سمع عن الله المرهـــــوب ،

   فأمــــــا الـذي اختبر محبتــــه         فهـــــو مُحب أكثر من الكــــــــل .
   و إلــــي أن تختــــبر خـــــف ،      و الذي يحفظ و صاياه لا يخــــاف ،
   فالاختبار يوصـــــل صاحبـــــه        إلي المحبة التي لا يعــــبر عنها .

موضوعات ذات صلة : 
 رسائل القديس مار اسحق .
 رسالة لأحد تلاميذ القديس مار اسحق  عن السكون .