الميمر الاول
+ قال المرتل :
مخـــافة الله هي بـــــــدء الصــــــــــــلاح ،
و هى تتولد من الأيمان وتزرع في القلب
و تسهل له التخلص من مجــــاذبات (أي إغـــــــــراءات) العــــــالم ،
و إن يجمع خلجــــــاته من الطيــــاشة
إلى الاهتمـام بالعالم الأتي.
+ الذي يريــــد وضع أساس الفضيلة ،فليس هناك أفضل من أن :
يقبـــــــض (أي يعزل ) ذاته عن الاضطراب بالأمور (أي المشاغل العالمية)
و المداومة على كلام النور و الاســـتقامة في الســـــــبل المقدســــــــــة.
+ بالكـــــاد يوجد إنسان صبور ،
و عسى ألا يوجــد مطلقاً و لو كان يشبه الملائكــــــــــــــــة ،
و ذلــــك من اجل سرعة استجابتنــــــــا للتغير و الرغبـــات.
+ بدء طريق الحياة اســــتعانة العقـــل بكـــلام اللــــــــه و ملازمة المسكنة ،
و العــــــزاء الذي يكون من هـذه يعين على تكميل تــلك ،
أعنى أن زيادة التجرد التي من تلك (أي من المسكنة) ،يعطى مكاناً لهذه ،
أي أن ما يبنى من كــــلام الله يقـــوى و يعــــين ما يقتنى من المســـكنة
و التعضيد الذي يكون من كليهما يعين على ســرعة ارتفــاع بناء برج كل الفضـــائل.
+ لا يقدر إنسان على الدنـــــو من اللــــه
إلا بالابتعاد عن العـالم ،
و قولي الابتعاد ليس الخـــروج من العالم لكن الابتعاد عن الأشياء (العالمية) .
+ الفضيلة هي : أن يكون فكر الإنسان خالياً من العالم.
+ مادامت الحــواس تمـــارس الأشياء العالمية
فلا يقدر القلب ان يهدءا من تخيلها و تذكرها ،
لان الآلام ( أي الشهوات ) الجسدية لا تبطل
و الانفعـــــــــــــــــــالات الســـيئة لا تموت الا فى البرية.
+ إلي أن تُقتنى النفس السُكر بالإيمان بالله نتيجة الإحســاس بقـوته،
فــــــــلن تشــــــفى من ضعـــــــــف الحــواس،
و هى دون أن تدرى لا تستطيع أن تطـــــــأ بشجاعة الأشياء الهيولية
( أي المادية) المرئية التي تحجز ذاك الشيء الباطن ( أي الإيمان بالله) .
+ الإرادة و ليـــــدة الحرية ، وثمر الاثنين الرغبة،
و بـــدون الأولى لا تـــــــوجد ثانيـــة،
و بانعدام الثانية تلجـــــــــم الثـالثة.
احتمال البلايا :
+ إذا كثرت النعمة في الإنسان :
حينئــذ يحـــــب البر والتقوى ، و تهون عليه مخافة الموت.
يجد فى نفسه دوافع كثيرة تدله على انه ينبغي للإنسان احتمال البلايا مخافة الله .
و كل ما يظن انه مؤذى للجسد – و هى( أي البلايا )
فمن الضروري و من الطبيعي التعـــــــرض لهــــــــا ـ
فتؤلمه و تحزنه على الــدوام ،و لكنها ليست شيئاً :
بالقياس لذلك النياح ( أي الراحة ) المزمع ( أي في الدهر الأتي).
+ بغير التجربة لا يمكن أن نعرف الحقيقـة ، فالعقــــل يقتنع اقتناعاً حقيقياً من التجارب
و يرى جليـاً أن الله يعتني بالإنسان كثيراً ، و لا يتركه للصــدفة أو كيفمــــا اتفــــــــق ،
و بالأكــــثر من خرجــــــوا في طلبـــــــــه و يقاسون الشــــــــدائد من اجــــــــــــــله .
( في بداية هذه الفقرة قال :" إذا كثرت النعمة" وهنا يأتي إلى العكس)
فيقــــــول :
إذا ما نـــدرت النعمـــة :
تكـــــــــون معرفـــة ما هـــــو ضــد هـــذه جميعهــــا (التي سبق ذكرها) ،
فيعتقد أن الثقة بالله ليســــت مناســـبة دائمــــاً في كــــــل وقــــــــــت،
فهــــو لا يعتنـــــي بالإنسان مثلما يظن ،
و إن الإنسان يدبـــر أمــــــــوره بالمعرفـة ، فهــــــذا أفضــل من الإيمـــــان .
و كثيراُ ما يطعن بهذه ( الأفكار ) من الذين يكمنون في الظلام ليلقوا سهامهم.
عمل الإيمان :
+ رأس الحيـــــــاة الحقيقيــــة للإنســـــــــــــــان مخـــافة اللـــــــه ،
وهذا الخوف لا يبقى في النفس عند الاهتمام بالأشياء ( العالمية) .
لان العقـــــــــــــــل عندما يخدم الحــواس يتشتت عند التلــذذ بالله ،
لان الأفكار الداخلية تربطهــــا وتحبســــها الحــــــواس التي تخدمها.
+زعزعة القلب تدخــــــــل الجــــــــــبن إلى النفـــــــــــــس ،
أما الإيمـــــــان فيشجع العقل حتى (احتمال) تقطيع الأعضاء .
+ ما دامـت مغلـــــوباً مـــن حــــــــب الجســـد ، فلا تستطيع أن تكـــــــــــــــون لبيبــاً
بل جباناً تجاه كثرة البلايا و المعاكسات الدائمة التي تأتى على الجسد الذي أحببته .
+ الذي يحب الكرامة لا يستطيع التخلص من أســـباب الأحزان .
+ لا يوجــــــد إنسان لا يميل فكرة بين أمرين عند تغيير الأمــور .
+ إن كانــــــــت الشـــهوة تتبع الحواس ، إذ- كما يقال – إن منها تتـــولد الشـــــهوة ،
فليصمت الآن الــــــــذين مع ممارسة ( نشاط) الحواس والاشتباك ( بأمور العالم )
يعدون بحفظ عقولهم.
العفة و الدهش :
+ العفيف : ليس هو الذي كفت عنة حركات السماجة بسبب الجهاد ،
بـــــــل : الذي ثقة قلبه أن يجعل نظر فكره عفيفاً
لئــــلا يرمـــق وقاحـــة الأفكـــار الرديئة ،
و يشهد لعفـــــة نيتـــه نظر عينيه المحفوظ بالحياء ،
لان الحياء مثل حاجز قد وضع في عالم الفكر الخفي
الذي تحفظ طهارته بالثقة بالمسيح .
+ لا شــــيء يقدر أن : يبعد العادات السمجة من النفس ،
و يقمع الذكريات المحركة للرغبات المضطربة في الجسم مثـــل
الشغف بمحبة التعلم و غوص العقل في عمــــق معـــني أقـــوال الكتب المقدســــة
حتى إن الخلجــــــات تغوص بلذة لتتبع الحكمة المدخرة في الكلام و بقوة يرضع التمييز
و مـــــــن هنـــــــــا ، يترك وراء جسمه المسكونة و جميع ما فيها ،
و ينســـــى كل ذكــــــر لهيئــــة العــــــالم ،
إذ آن هـــــــــــــــذا يستأصل من النفس حتى التفكير فيما يحتاج إليه التدبـير الطبيـعي
و تبقى النفس في دهش من الأشياء الجديدة التي صادفتها في بحر أســرار الكـــتب.
و إن كان الذهـــن يســـــــــبح في الميــــــــــاه العاليـــــــــــــة ( التي لهذا البحــــر) ،
فــــــــــــــــــــأنه حتى و لو كان لا يستطيع الغوص في العمق ( أي عمق الأسرار )
فـــــــــــــــــإن :
فالهذيذ بمحبة الله يربط العقل بقـــوة بالدهش بفكـر واحـــــــــد،
فتتوقف الأفكار عن الشــرور التــــي تخــــــص طبيعة الجســــد ،
كقول واحد من لابسي الله :
" إن القلب المتوانى :
لا يقدر على تحمل الشرور التي يلقاها من خارج
و الحروب المتحركة من داخل" .
واعــــــــــــــلم إن الفكر الجسداني السيــــــئ ثقيل جـداً ( لذا )
إن لم يتفــــــاوض العقــــــــل بالعـــــــــــــــلم
فــــلا يستطيع أن يصبر لحرب اضطراب الجسد.
طريق الله :
+ كمثل
اهتزاز كفى المـيزان مقابل اضطراب الرياح ،
هكذا الحياء و الخوف مقابل رغبة الفــــــكر .
و بمقدار العوز ( أي الاحتياج بسبب التجرد و الفقر الاختياري )
يــــــــــــــزداد ســــــــــــلطان الحــــــــــرية ،
و الحـــــــــرية تبعد الخــــوف عــــن النفـــــــــــس .
و ميزان الفكر ممكن أن يميل إلى أي ناحية بحدة .
و التحرك ( نحو الله ) يأتي من الحرية ،
و تغييرات الفكــــــــر تأتى من الرغبة .
+ ضع أساساً لمسيرك في طــريق الله بحكمـــــة ،
ففي أيام قليلة يقيمك في باب الملكـــــوت
من غـــير طـــواف أو دوران في الطـــــــــرق .
روحانية الكلام :
+ لا تنظر ( فقط ) إلى كــــــــــلام ســـــــائر المعلمـــــــــين
عن معرفة على انه وضـع لتقويم تدبيرك ،
بل لترتفــــــــــــع نفســـك بالدهـــــــــــــــــش بمعـــــانيـــه ،
لذا افحص قصـــد كل كـــــــلام الأســــــطر ،
و لتغض نفســـك في المعـــــــــارف العظيمـــــــــــــــــــــــة
التي وضعهــا أناس عارفــــــين مســـتنيرين ،
الذين من اجـــــل تدابيرهم ( الحكيمة ) أرشدتهم النعمــــــة
ليفهمــــوا وينـــيروا على الـدوام ( هــؤلاء )
يحســــــــــــون كشبه شعاع غير منظور يسـير بين الألفــاظ
يفرز أمام الفكر الكلام الساذج عمل قيل بضـــمير مرتفــــــع .
+ الــــــــذي يقـــــرأ الكــــــتب ، بغير تفهم للمعاني العظيمــة ،
فهــــــــذا يتقسي قلبـــــــه ، ويفقـــــــد القــــوة المقدسة
التـــــــــي تعطى القــــــلب ، مذاقـــــــاً لذيـذاً للمعـــــــاني
الـــــــــتى تحرك الدهـــش فـــــــي النفـس .
+ كل شــــــيء يســــرع نحــــــو ما يناســـــــــــــبه ،
و النفــــــس التي فيهــــــــــــا قدر من الـــــــــروح ،
إذا سمعت كلمة مخفي فيها قــــــوة روحيـــــــة
فإنهـــــــــا تنجـذب لســيرتها بحــــــــــــــــــرارة .
+ الكلام الروحاني فيه قوة عظيمة و لكـــــــــن ليــــس لكل احــــــــــــــــد ،
لان الكـــــــلام عن الفضيـــــلة يطـــلب قلباً قد تجرد من الأرضيـــــــــــات
و من جميع أحاديثها :
فالإنســــــــــــــان المثقـــــــــــــــــــــل فكـــــرة بهم الأمــــور الزائــــــــلة
فإن الأحـــــــاديث عن الفضيلة لا تنبــه فكـــــرة لمحبة طلب اقتنائهـــــــا.
الارتباط الروحي بالله :
+ الارتبــــــاط بالله يســـــــــــــــــبقه الانحــلال من الهيــــــــولي ( أي المــــاديات)
و لكن بتدبير النعمة فانه بالنسـبة لبعـض أفـراد تتقـدم هـذه على تلك ،
و هـذا الاختـــــلاف يكون من التدبير ( الإلهي ) حتى لا تحجب المحبة ،
أما أنت فتمسك بالقاعــــدة العامــة ، و إن حدث و تقدمت إليك النعمة فهــــــذا شأنها ،
و إن كان لا ، فسر في الطريق المرسوم لكل احد ،
و أقبل على صعــــــــود البـرج الروحاني بالتـدريج.
+ هناك ما يتم بالفكــر
و هناك ما يتم بالفكـر و العمل.
و ما يتم بالفكـر لا يزيل الم القلب.
و أعمـــــــــال النقاوة لا تزيل الأفكـــــار ،
بل تـزيـل من القــلب التلــذذ بالفكـــر (الـــرديء)،
و يتبقى مما يجوز بالفكر شره النفس،
و يتبقى مما يجوز بالفكر شره النفس،
و باقتنـــــــاء الفضيلة يغلــب شره الجسد للمرئيات .
+ كل شيء له مقدار و بدون هذا المقدار لا يصان ، وإذا زاد عن ذلك يعـــود بالأذى .
+ إن كنت تشـــاء الاشتراك بعقــــلك مع اللـــــــــــه
للحصول على تلك اللذة التي لا تخضع للحــــواس (أي اللذة الروحيــة )
فتمسك بالرحمة ، لكي إذا وجد داخلك ما يشـــبه (أي القلب الرحيــم )
فإنـــه يطبـــع فيـــــك ذلك الحــــس المقــدس ،
و فعـــــــل الرحمة الكلى الذي لا ينقطـــــــــع فــي أي وقــــــــــــــــــت
يوحد النفس و يشركها في مجد شعاع اللاهوت .
+ الاتحاد الروحاني (بالإلهيات) هو ذكر يتحرك في القلب و لا يفارقه من تأجج العشق.
+ من يحفظ الوصايا دوماً :
ينـــال قـــــــــــــــــوة الارتبــــاط بالإلهيـــات
و يجد النظر النفساني(أي الروحي) في ذاته لا مستعاراً من خارج ،
و هــــو أيضاً ليس طبيعياً لأنه ليـــس صــــــــادراً عـــن الــــــــذات.
من اجل ذلك يرتبط الدهش بالكف التام الزائد للحـــــواس الجسدية و النفســـــــــانية.
+ليس طريقا آخر يوصل للحـــب الروحـــاني حيث تتصور الصـــــــرة غير المرئية ( أي الله)
إلا إذا بدأ الإنســـــــان بالرحـــــــــــــــــمة
حسب قول سيدنا إنها مثال لكمال الأب، و أمــــــــر مطيعيــــــــه باقتنائهـــــــــــــــــا .
كلام المختبر :
+ الكلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــة التـــــــي مــن العمــــــــل ( أي التي عن اختبـــــار ) ،
تختلف عن الكلام المنمق المجرد من دون تجربة الأمور ،
لان الحكمـــــة ( العالميــــــــة) تعرف أن تزين كلامها و تتكلم بالحــق دون أن تعــــرفه ،
و تظهــر الفضيــــــــلة و هــى لم تختــبر عملهــا قـط .
أما القول الذي يكون من العمل
هو كنز الاتكال والرجاء ، والحكمة الباطلة هي كنز الخزي .
و مثل المصــور الذي يصــور المــــــاء على الحــــــــائط
و لا يقدر ذلك الماء أن يبرد عطشه ،
و مثل الإنسان الذي ينظــــــــــــــــر الأحــــــــــــــــلام ،
هكـــــــــــــذا الذي يتكلــــــــــــــم عن غير عمــــــل .
أما الذي تجربة أعماله يتكلم عن الفضائل ،
فهو مثل الذي من بضاعة تجارته يعطي كلمــة لسامعيه ،
و من الشـــــــــــــيء الذي اقتناه لنفســه يزرع التعليــــــم في أذان الســـــــامعين ،
و يفتح فمه بدالة مع بنيـــه الروحـــــــانيين ،
كشبة يعقوب الشيخ في قوله ليوسف العفيف :
" هوذا قد أعطيتك نصيبــاً أفضــــل عن أخـــوتك ،
الذي اكتسبته من الأموريين بسيفي وقوسي ".(تك 22:48 )
زوال الجسديات :
+ كل إنســـــــــــــان ســيئ التـــــدبير
فإن حياة هذا العالم شهية عنـــــــده ،
و مثــــــــــله مثـــــل قليل المعـــــرفة ،
و نعم ما قيــــــل أن خـــوف المـــــوت
يرعــــــــــــــــــــب الرجــل الناقــــص ( المعرفة )
و الذي له في نفسه شـــــــــــــهادة صــــــالحة
هو الـــــــــــــــــذي يشتهي الموت مثل الحياة .
+ لا تعتبره حكيماً حقاً ذاك الــــذي مـن أجــــل حيــــاة هذا الزمـــــان
يســــــتعبد فكـــــــــــره للأشــــــياء ( الزائلة ) .
+كل الخيرات و الشرور ( أي التجارب ) التي يتعرض لهـا الجســـــــــــــــــــــــــــد
لتكن عندك مثـــل الأحــــــــــــــــــــــــــلام ،
لأنك لا تنحل منها بموت الجسد فحســـب ،
بل مراراً كثيرة- قبل الموت- تتركك و تذهب .
فأن كان منها شيء متغلغـل في نفسك
فضع في حسبانك إن هذا هو ما تقتنيه في الأبدية ،
لأنهـــا تذهـــب معــــــــك إلي العــــــــــالم الأتي ،
فإن كانت صالحـــــــــــة فأفــــرح و أشـــــــــكر الله في قلبك ،
و إن كانت رديئــــــــــــة فأحـــزن و تنهـــــــــــد
و اطـــــلب الابتعاد عنها ما دمت في الجســــد .
دعينا للأعمال الصالحة :
و ليكن مفهوماً لديك أن :كــــــل خــــــير يعطي لك سواء كان مدركاً أو خفيــاً ،
فهـــذا كـان لك بواسـطة المعمــــــودية و الأيمـــــان ،
هذه التي بها دعيــــــت ليسوع المسيح لأعمــــــــال صالحـــــــة . )أف 2 : 10)
+ شكر الذي يأخذ ، يحــرك مُعطى المواهــــب إلي ما هي أعظـم مـــن الأولي .
+ الذي لا يشكر على الصغار ، لهو كاذب و ظالم إن قال إنه يشكر على الكبـــار .
+ المريض الذي يعترف بمرضه شفاؤه هين ، و الـــــذي يقر بأوجـاعه فهـو قريــب الـبرء ،
أما القلب القاسي فتكـــثر أوجــــــــاعه ، و المريض الذي يخالف الطبيب يزيد عذابه .
+ ليســـــــــــت خطية بلا مغفرة إلا التي بلا تــوبة ،
و ليســــــــت موهبة بلا زيادة إلا التي بلا شكر .
+ نصيب الجاهـل صغــــير دائمــاً في عينيــــــــه .
قـــــوم ذاتــــك :
+ تذكر الذين هم ارفع منك في الصلاح
لكي تحسب نفســـك ناقصــاً بالنســــــبة لهــــــم .
+ تفرس كل وقت في البلايا الصعبــة ،
و أفحــــص الــــــذين هـــــم في شـــدة وضيـــــــق ،
لكي تشكر على ما عندك من( الضيقات ) الصغـيرة ،
و تســـتطيع حينئـــذ أن تصـــبر عليهــــــــــا بفـــــرح .
+ في الوقـــــت الذي تكــــون فيـــه
مغلـــــوباً ومهزومــــــاً وفي ملل وكســــــل
و قد قيدك عدوك بسماجة فعل الخطيـــــــة ،
اذكر الأوقات القديمة التي كنت فيها نشيطاً ،
و كيف كنــت حريصـــاً حتــي على الأمــــــور الصغـــيرة ،
و كنت تتحرك (روحياً) بالغيرة على الذين يعوقون سيرك ،
و وتنهد علي القليـــــل مـــن عمل الفضــــائل إذا فاتـك ،
و كيف كنت تأخذ أكليل الغلبة على الأعــــــداء .
فبمثل هـذه الذكريات تتيقــظ نفســـك
كما من نــــوم عميـــق ، وتلبــــــــس حـــــرارة الغيــــرة ،
و تقوم من سقطتها مثل القيــــــــــام مـــــــــن المــــوت.
و تصلب ذاتها حني تعود إلي درجتهــــــــــــــــا الأولـــي
بالجهاد الحـــار مقـــابل الشــــــــياطين و الخطيــــــــــة .
+اذكر سقطة الأقوياء لكـــــي تتضع في صلاحك .
+ اذكر عظم خطايــــا القدماء الذين سقطوا وتابوا ،
و الشرف و الكرامــــة التي نالوها بعد ذلك لكي ما تتعزي في توبتــك .
+كن مضيقاً علي نفسك ومحزناً لها فيطـــــرد العــدو من أمـــــامك .
+ أصطـلــــح أنت مع نفســــــــــك فتصطـلــح معك السماء والأرض .
+ أحرص على الدخــول إلى الكنز الذي في داخلك ،
لكـــي تبصــــر مـــا هـــو في الســـــــــــــــــماء ،
لأن هــــــــــــــــذا و ذاك هو واحــــــــــــــــــــد ،
و بمدخـــــــــــــل واحد تنظــــــــر الأثنيــــــــن .
فدرج ( أي ســــــــلم ) الملكـــــــــــــــــــــــوت
مخفي داخل نفســك.
غــــــص في ذاتـــــــــك . اختفٍ من الخطيــــــة ،
و هنـاك تجـــــــــــــــــد . مصـــعد ترتفـــع بهـــا.
العالم الجديد :
+ أمور العالم الجديد لم تفصح لنا الكتب هيئتها ،
و مـا أظهـــــــرته و أفصحـت عنــــــــه هــــو :
ما سيكون من إحســـــاس بالتنعــــــــم ،
حيث يحدث تغير للطبيعة و انتقال مكاني .
و بالكناية أوضحت ( الكتب ) الأمور الشريفة الممجدة لكي تجذبنا ، مثل قوله :
" ما لم تنظره عين ولم تسمع به أذن.... " الخ)أف 1كو2: 9 (
لأن التنعم الروحاني ليس هو استعمال لأمور توجد خارج نفوس المتنعمـــــين ،
بل في ذواتهم حسب قوله :"هوذا ملكوت السماء داخلكم" )لو21:17 (
ففي داخــل كل منا نحـــــــــــس بأشياء ممدوحــة ،
و هي عربون التنعم الذي بالضرورة سيكون مثلهـــــا ،
فنحن نقتني ههنـــا شــــــببها جزئيـاً كعربون ،
و أمـــــــــــــا هنـــاك سندركها كامـــــــــــــلة ،
حسب قول الرسول :
كمـــــا بمــــرآة و ليـــس بذاتهـــــا ،
و اقتناء الشبه هو الشهادة الصادقة علي ما في الكتب ،
و هـــــــو عمـــــل غـير مـــادي من الــروح القــــــــدس ،
جزئيــــاً ههنــــــا ،
و كليـــاً هنــــــاك ،
و مـــن غـــــــير العمــــل الروحـــاني الـــذي نحـــس به ،
لا يوجـــــــــــد الإحساس بالنعيــــــم لدي القديســــــين
لان الأحضان ( الإلهية) ،والنور الإلهي ليست أموراً مادية .
طريق الفضيلة :
+ محُب الفضيلة ليس هو الذي يحرص علي فعل الصالحات فحسب ،
بل و الذي يقبل بفرح البلايا التي من أجل الفضيلة ،
فهذا ليس أمراً كبيراً
أن يصبر الإنسان علي البـــــــلايا و الضيقات من أجل الصلاح ،
بل و حتى من خــــداع و وساوس المحاربات لا يضطرب فكره .
+ الــــذي لا تنحاز أرادتــــه للصالحــات ،
فبالندم يحرر هذه الإرادة (الخاطئـــة) ، و ينــــــــــــــــال الفرح ،
و لا تحسب عليه دينونة .
+ اسـتر الخاطئ وقوية دون أن تخسره ،
لكي ما تحملك رحمة سيد الكــــــــل .
+ أسند الضعفاء و صغيري النفس بالكلام و بما تقدمه بيدك
فتســــــندك اليمـــــــــــــــــين التي تحمــــــل الكــــــل .
+ كن شـــريكاً لمتألمي القلــــوب بالصلاة الحزينــــــة و بأنين القـلب ،
لكيما تفتح لطلبـــاتك ينبوع الرحمة .
+ أتعب ذاتك كل وقت بالطلبة قدام الله بقلب متوجع يحمل فكراً نقياً .
+ أحفـــــظ قلبـــــــك من الأفكار الرديئـة
لئلا ترذل نفســـك طـــــــــــــريق الله .
+ وجــــه نظـــــــــرك دائمـــــاً للقـــــــــراءة بفهـــــــــــــــــــــم ،
لئــــلا بســــــــب إبطالهـــا يشتط نظرك و يتسخ بأمـر غريب .
+ لا تجـــــــــــــرب فكــــــرك أي لا تختبـــــــره
بالأفكار السمجة و تظــــن انــك لا تُغـــــــلب
فحكمـاء كثيرون اضطربـوا بهذا وصاروا جهلاء .
+ لا تضــــــع لهيبـــاً في حضنك كما قيـل ،
لئلا تزعجك حركات الجســـد القاســية.
أعــــــني : لا تجــــرب فكـــرك بالتأمـــــــــل فى محاربات الشر التي تجــربك
لأنــــــــه عســــــــــــــــــــر علي الشــاب أن يخضــــــع لنير القداســــــــة
إن لم يتأدب بكثرة أتعاب الجسد .
+ ظلمة العقــل أول علامتهــــــا في نفســك هـــــــي :
الكســــــــــل في خدمـــــــــة الصــــــلوات ،
و ليس طريق أخـــر لضـــــــلال النفــــــــس مثل هذه ،
إذ تتـــــــرك مـــــــن المعونــــة الإلهيــــــــة التي تأتي بسهولة بالصــــــــــــــــــــــلاة ،
تســـــقط بــــــين أعــــــــدائك و محاربيك .
+ إذا تخيلت عـــــــن الاهتمام بأمور الفضيلة فلا محــال أنـــــك ستقع فيما هو ضـدها ،
لان المبدأ أن الانتقال من ناحية اليمــــــــــين
سيكون إلي عكسها أي الشـــمال.
لــــــــــذا فلتكثر النفس من عمل الفضيـــــلة
و لتهتـم بالصــــــلاة .
+ اكشف ضعفك قــــدام الله كــــــــــــــــــل حـــــــــــين
لئلا تســــلب الأعداء قوتك عندما تبتعد عن معينــــــك.
صعود الصليب :
+ عمل الصلب مزدوج كازدواج طبيعتتنا ( أي النفس و الجسد ) ،
( فالأ ول ) هو : الصبر على ضوائق الجسد يتم بعدم الخضوع لغضب النفـس ،
و (الثاني ) هـو : العمل السامي للعقل بالتفكير في الإلهيات و دوام الصـــلاة ،
و هذا يكـــــــــون مــن شهوة الروح و يسمي الثــــــــــــاؤريا .
و الأول يطهـــــر جزء النفس الشـــــهواني بقـــــــــــوة الغـــــيرة
و الأخر بتأثـــــــــــير الحب الروحــــــــانى أي الاشتياق الطبيعي للفهم النقي ،
و الذي قبــل البلوغ للأول (أي الصبر على مضايقـــات الجســــد )
يتطلع إلــي الثاني
بدافع من اشتياق لذاته – و لم اقل من اجــل مللــه و كســـله
فإن الغضب كرذيلة ينهض أمامه ، لأنه لم يمت أعضاءه الأرضية ،
و تجاسر و تخيل في عقله مجد الصليب ،
و هو لم يشفٍ سقم أفكاره بالصبر على أتعاب الصلب ووضاعته ،
مثلما قال احد القديسين القدماء :
" إن الذي لم يعالج الحواس من ضعفها ، أعنى الـــبرء مـن الشــهوات ـ
و مع ذلك ـ يريد عقلة الصعود على الصليب فإن غضب الله يأتي عليه ".
+ إن صعود الصليب :
الذي يحـــــرك رجز الله ليس هو الجزء الأول أي الشدائد التي هي صلب الجسد ،
لكن الصعود إلى الثاؤريا الذي هو الجزء الثاني ، و ذلك قبل بلـــــوغ صحــة النفـس
فمن تنجـــــس فكــــره بالشهوات و يتخيل في ذهنه هذه الأفكار ،
فإنه بعصا الحـــــق يكــــــف و يســـــكت ،
لأنه لم ينـــــق فكــــره من قبل بالضوائق و قمع شـهوات الجسـد .
و الـــــــــــذي من سماع الآذان و قراءة الكتب فقط دون الجهاد يريد الجري للأمام
فأنه يمشي في طـــــريق مظلـــم تمامــــاً و قــد عمــيت عينــــاه.
و لا يمكنــــــه التشـــبه بأولئـــــك الـــــذين صــــحت أبصـــارهم و امتــلأت نــــوراً ،
و قد اقتنوا إرشاداً من النعمة و هــم في الشــدائد الليـــل و النهــار ،
و عيونهم مملوءة دمـــوعاً ، و بالصــلاة و البكـاء يعبرون الليل و النهار ،
بســـبب سعيهم باهتمام و المصاعب الشديدة التي تلقـــــــــاهم ،
و الظهــــورات المتعددة الخادعة ،أما التي من الله فهي تأتي من ذاتها دون إن تشعر
و ذلـــــك أذا كـــان الموضع ( أي القلب ) طـــــــــــاهر و غـير دنــــس .
كما انك لا تجســــر أن تشخص فــــــــــي قرص الشمس لئلا تفقد النظـــر العـادي ،
كــــذلك إن لم تنق نظر نفسك فإنك تفقد الإيمان البسيط و الاتضاع و الشكر القلبي
و العمل القليل حسب قوتك ،
لئـــــلا تلقـــي روحيـــــــــاً في مواضع ظلمة بعيداً عن الله
و تكـون كمــن في الجحيــم ،
و كمثل الذي تجاسر ودخـــل العـــرس بثيــــــاب قــــذرة .
+ من الأعمال ( أي الجهاد ) و الحرص تنبع نقاوة الأفكار ،
ومـــــــــــــــن نقاوة الأفكار يســـــــتنير العقـــــــــــــــــل
و من هنــــا ترشد النعمة العقل إلي ما ليس للحواس سلطان علي عملها أو تعلمها.
+ فكر و أفهــــــم :
إن الفضيــــــلة مثل الجسـد ،
و الثــــــــاؤريا مثل النفــس ،
و الاثنين هما إنسان واحد كامل تام روحاني
متحد من جزئين محسوس و معقول ( أي غير محسوس )
و كما أن : النفس لا تســـتطيع أن تــــــأتي إلي التكـــــوين و الميــــلاد
دون أن تكمل جبلــة الجســــــد ،
هكــــذا : لا تستطيع ثاؤريا النفس الثانية التي هي روح الاستعلامات
أن تتصــــور في البطن القابل مادة الـــــــزرع الروحــــــاني.
من دون كمال عمل الفضيــــــــلة
التي هي بيت المعرفـــــــــــــــة و قــــبول الاســــــــتعلان .
+ الثاؤريا : هي شعور بالأسرار الإلهية المخيفة في الأمور و الأسباب .
الخروج من العالم .
+ إذا ســـمعت عـــن :
الهرب من العالم أو ترك العالم ، أو النقاوة من العالم،
فينبغي أن تعــــــرف و تتعــــلم أن هـــــذا ليـــس كيفمـــــــــــا اتفـــــــق
بل دافع من معرفة ما المقصود بلفظ العالم وطبيعتــه ،
و مــــــا هــــــــــــي الأمـــــــور التــي يطلق عليهـا هذا الاسم ،
و عـــند ذلـــــــــــــك تستطيع أن تعرف مقدار بعد نفسك عن العالم أو خلطتهــــــــا به ،
فإن لم يعرف الإنسان ما هــو العــــالم ، فأنه لا يعـــــرف مـدي بعده أو مدى ارتباطه به .
كثيـــــــــــرون يظنون أنهم إذا ابتعدوا عن العالم بأمرين أو ثلاثة منعوا أنفسهم عنها
فأنهـم بتدبــــــيرهم هــــذا يكــــــــونوا قـــــد خرجـــــــــــوا منـــــــه ،
وفى الحقيقة هـــم لا يفهمون و ليســـت لديهـــم حكمــة التمييـــز ،
لأنهــــــــــم إن كانوا بعضــو واحــد أو بأثنــين ماتــــوا عـن العـــــــالم
و لكــــــــن باقــــي أعضــائهم حيـــــــة داخـــل جســـم العـــــــالم
فإنهــــــم لم يستطيعوا الإحساس بآلامهم( أي الشهوات الجسدية)
وبســبب أنهم لم يحسـوا بها لذا لم يهتمـوا بعــــــــلاج أنفســـــهم .
العالم اسم يعنى عدة شهوات متميزة ، أي إن العالم هو اسم لها كلها ،
أما إذا نظــرنا إلى كل منهــا بمفردهــــا فلهــــــا اســــــمها الخـــــــاص
و الشهوات السارية في العالم هي :
محبـــة المــال وجمع الأشياء ( أي محبة الامتلاك ) ،
و تنعم الجســد الذي منـــه تكــون شـــهوة الجســد ،
و محبة الكرامـة التي هي ينبـــــــــوع الجســــــــــد ،
و محبة الرئاسة ،الافتخار ،و جاه الســلطة ، الطرمدة ، الصـــــلافة ،
( محبة) المديح من الآخرين التي هي سبب الحقد ، جبن الجسد ،
و بمقدار توقــــــــف هـــذه عـن الســريان
بمقـدار ما يتــوقف العـالم( عن الســريان فــــــي حياة الإنسان ) ،
مثــــل كل القديســـين، فقد كانوا أحياء و موتي أحياء بالجسد و لا يعيشون جسدانياً .
+ إذاً ميز بأي من هـذه أنت حي ،
و عند ذلك تدرك بكـم من هذه أنت حي فى العالم ،
و بكم منهــــا أنت ميت عنـــــــــه.
+ واذا عرفت ما هـــــــو العـــــالم بتميز هــذه الأمـــــــــــور
فإنك تعرف إن كنـــــــــــــــــــت مرتبط به أو تحللت منـــه ،
و باختصـــــار فإن العالم هـــــــو الســلوك الجســــــــداني و حســـب الفكـر البشري.
و التخلي عن هذين الأمـــــــرين يعرف من تغيير السلوك و من الميول المختلفــــــــة.
+ فمن حاجات فكــــــــــــــــــرك و من الأشياء التي يطيش فيها تعـرف اتجـاه تدبـــــيرك
فهذا يظهـــر من الأمور التي تشتاق إليها أرادتك تلقائياً.
و أي منها يتحـــرك فيــــك دائمـــــاً و أيهمـــا يكــــــــــــون تحـــــــركه عارضــــاً ،
وتعــــرف إن كان الفكر قد بلغ إلي الشعور غير الجسدانى أم يميـــــل للماديات ،
وهل هي ماديــــــة شهـوانيــــــة ، أم هي انطباعــــات تُشــجع علي الجهـــاد ،
وتأتي إلي الفكــــر تلقائيــــــــــــاً بأشــــياء تدعــــــــو إلي عمــــل الفضـــــائل ،
ومنهـــــا و بدون معــــاناة يأخـــذ الحماس لجمع الأفكار ،
و بعـد ذلـك يعمل الفكــــر فيمـــــا هو حســــــــــــــــــن
ولا يتوجع بعد من أفكار الجسد بسبب زيــادة شـــوقه لله
تلك التي ـ عــادة ـ تقطـــــــع التذكارات الباطلة .
+ إن هذه الوصايا الصغيرة التي في هذا الفصل تكفي لإئارة الإنسان
إن كـان عمالاً و منفــــرداً عــــــــــــــــــــــــوض كــــــتب كــــــــثيرة.
إن كـان عمالاً و منفــــرداً عــــــــــــــــــــــــوض كــــــتب كــــــــثيرة.