من الميمر الثالث والعشرين
فـي أفكـــــــــار التجــــــديف
† قال بعض الآباء : أولاد العظمة اشر منها واردهم هو التجديف .
† شجرة خبيثة أنبتت غصناً أكثر خبثاً ، أعنى أن الكبرياء أنجبت التجديف الذى لا يباح به .
† لابد لنا من إظهار أفكار التجديف على حقيقتها خاصة لانه ليس هو بخصـــــم عـــــــادى
بل اقسى أعدائنا ومحاربينا .
والاسوء من هذا إنه ليس من السهل الإفصاح عنه والاعتراف به أو كشفه لطبيب روحاني .
لذا فكثيراً ما يسبب يأساً لكثيرين فأفنى كل رجاء لهم على مثال فعل السوس فى الخشب .
† هذا الشر الأعظم ليس من أنفسنا ولكنه من قتال الشياطين.
لذا لا يحسبن أحد ذاته مصدر لأفكار التجديف ،
لان الرب يعرف خفايا القلوب وهو يعلم أن تلك الأفكار انما هى صادرة من أعدائنا.
† يجدف هذا العدو الخسيس على الرب ،غالباً فى الصلوات الجامعة وإثناء القــداس الالــــهى ،
وهذا يبين بوضوح أن ليست نفسنا هى التى تنطق داخلنا بتلك الكلمات الفاجرة التى لا تصدق
ولا يصح ذكرها ، لكنه الشيطان الماقت لله الذى هــرب من السـماء لأجل توقحـه بالتجــديف .
† إن ذلك الشقى الفاجر لا يجدف على الله فقط ، لكنه ينطق بكلماته الشنيعة البذية داخل عقولنا
إما لكى ننقطع عن الصلاة وإما لنيائس من انفسنا ،وقد منع كثيرين عن الصلاة وفصل كثيرين
عن الأسرار المقدسة.
† إن هذا الطاغية الخبيث والظالم قد أنهــك أجســام البعـض بالغـم واخـرين بكـــثرة الصــــــوم
دون ان يفسح لهم راحة ، وهو يفعل هذا ليس فقط مع العائشين فى العالم بل فى العزلة أيضاً
هاجساً إليهم : انه لا رجـــــــاء فى خلاصــــــهم عـــــــلى الإطــــــــــــــلاق .
موكــــداً لهم : إنهـم أكثر شقاءاً من جميـع الكافرين ومن الوثنيين انفسهم.
† فمن يعذبه روح التجديف ويريد ان يتخلـص منه : فليعلم يقينا انه ليس هو مصــدر مثل هــذه
الأفكار بل الشيطان النجس الذى قال مرة للرب"أعطيك كل هذا ان خررت وسجدت لى"(مت4: 9)
لذلـــك فلنزدريه نحن أيضاً ولا نعتد بما يقوله على الإطــلاق بل لنقــــل له :
" اذهب عنى يا شيطان فاني سأسجد للرب الهي عابداً إياه وحده " ( مت4 :10)
" فليرتد عملك وكلامك على رأسك وعلى هامتك سيهبط تجديفك " ( مـز16:7).
فى هذا الدهر وفى الآتي أمين .
† كما إن الشخص المغلق عليه فى بيته يسمع أقـوال المجتازين فى خارج دون إن يوافق عليهـا.
كــذلك النفــس التى تخلـو الى ذاتهـا تسـمع تجاديف الشـيطان وهو يعـبر بها وتضطـرب لهـا.
† إن السكر علة التعــــثر والكــبرياء عـــلة الأفكــــار الســـمجــة .
فالسكران لا يُلام على عثراته بحد ذاتها، لكنه يعاقب على سكره.
كذلك العظمــة تتسبب فى تحــريك الشــيطان لأفكــار التجـــديف .
† هذا الشيطان عــادته أن يحـــارب الودعاء والســذج الأبريــــاء
ليــــس نتيجــــة ترفُعهــــــم وعجبهـــم بـــل لحســـــده لهـــم .
† يقـوى هذا الشيطان علي من يـــــدين قـريبــــــــــه .
لـــــذا إن كففنــــا عــــن
إدانة القريب والحكم عليه لا تقلقنا أفكــــار التجــديف.
أمـــــــــــــــا قتـــــــــــاله فهــــو إهمـاله و رذلــــــه،
ومن لا يـــــــــــــــــرذله ولا يلتــفت إلى هواجــــسه
فهـــــــــــو لايتركـــــــــة الى المــــــــــــــــــــــــــوت .
† من يــزدرى بهــذا العـــدو قد إنعتـــق مــن عــــــذابه .
وأما مـــــــــــن يخــــــترع أســــلوباً أخـــر لمصارعته
فســـــينتهى أمــــــــــــره بالخضـــــــــــــــــــــــوع له .
فانه من يشاء بواسطة الكلمات يضبـــــــــــــــــــــط الأرواح
يشــــــــبه مـــــن يشـــــــاء إن يحبـــــــس الريــــــــــــــاح.
† فقد عـــذب هذا الشــيطان راهباً حريصــاً مدة عشرين سنة فأذى جســده بالاصـــوام والاسهار
فلما لم يجـد فائـدة ذهـب وكتب أمـره على ورقـة وأعطاها الى رجـل قديـس بعد ان جثـا طريحاً
عــلى وجهــه لا يجـسر النظــر اليــه ، فلمـا قــرأها الشــيخ تبسـم وانهــض الأخ وقــال :
ضع يا ولدى يدك على عنقى فامتثل الأخ وقال الشـيخ الكــبير: لتكن هذه الخطيئة على يا آخى
مهما فعلت بك مدة سننن الماضية ومهما ستفعل اما انت فعليك فقط ان تتجاهلها ,
وقـد أكـد لى ذلـك الأخ انه لــم يخـــرج من قـلاية الشـيخ الا وقد تــلاشــى عنه روح التجـديف،
لقد اخبرنى بهذا الامر من اختبره بنفسه وكان يشكر الله .
من غلب هذا الهوى فقد اقصى عنه الكبرياء..