مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في وعود الله و وعود العالم ـ الفصل ( 3 ) من الكتاب الأول ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في وعود الله و وعود العالم ـ الفصل ( 3 ) من الكتاب الأول ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل الثالث
في وعود الله و وعود العالم

يا بني ،
أريد منـــــك ألاّ تميــــل إلى منْ ينعمون في هذا العالم ، بســـعادة كـــــــــــــاذبة ، باطــلة ومغريـة ،
لا تغـــــــذي سوى كبريائهم فيجـــف قلبهـــــم من الله ، ويقسو على شآبيب نعمته فلا يعطي ثمــراً .


أريد منــــك ألا تنصرف إلي ما يُري ، بل إلي ما لا يـــــــــــري ،

               لأن ما يــــــري زمني ، وما لا يــري أبـــــــــــدي .

وعودُ العالم دائمــــــــــاً كذابـــــــة ، و وعود الله دائماً صادقة .

و بما أن العالم يبدو لك ، و كــــــأنه يحقق وعوده           في أرض الأمـوات هـذه ،

                               بخلاف مَنْ يحقق وعوده لـــــــك في أرض الأحيـــــــــــاء ،

أراك تمـــلّ من ترقـــــبّ الســــــعادة الصحيحـــــة وتهوي بلا خجل سعادة كــــاذبة .

تأمل في الكتاب القائل :
( الويل لكم أيها الذين فقدوا الصبر ومالوا إلي طرق السوء )  "  سيراخ16:2  "
   
إن أبناء الموت الأبدي
لا ينفكــون يوجهون الإهانات إليك  ، أيها المجـاهد العامل برجولة المستمسك بالله بقلـب ثابــت ،
و يفاخرون بأفراحهم الدنيوية التي لا تروي لهم غليلاً إلاّ إلي زمن ؛ ثم يجدونهـــا أمرَّ من العلقم .

و يقولون :
أين ما يعدك به بعد الحياة الحاضرة ؟
و من ذاك الذي عاد مــــن هنـــــــاك ليؤكد لـــــك صحة ما تؤمن به ؟
أنظر إلينــــــــا نتمتع فرحين بملذاتنا نحن الذيـــن نرجو ما نــــــري .
أما أنــــــــــت فإنك تشــــــــقي مـــن متاعب العفة مؤمناً بما لم تر .

ثم يزيدون ما ذكرّ به الرسول في قوله :
فلنأكل و لنشــــرب لأنا غــــداً نمـــوت .
ولكن ، تأمل بما حذرنا منه هو عينه حين قال :
( استيفقوا للبر ولا تضلوا ، إن العشر الرديئة تفسد الأخلاق السليمة )
                                                                        " 1كور32:15-33 ".
إيـــــــــــــــاك أن تفسد أخلاقك ، بمثـــل هـــذا الكــــلام ،
فيضعف صبرك و يضيع أملك  و تسير في طرق السوء .

تسلًّحْ بالرجاء الحقيقي و لتكن لك ثقـــة عظمي ؛
و ليكـــن كلامــــــــــك مطيبًّـــــــــاً بملح النعمة ،
لتعـــــرف أن تجـــيب  كما يليق ، كل إنســـان .

أجــــــــــب : أين ملذاتكـــــم أيها الباحثــــون عنها في طـــرق السوء ؟
أنا لا أقول : ماذا تكون حالك بعد هذه الحياة ؟ بل ، ما هي حالك الآن ؟
وكمـــــا أن اليوم الــــــــــذي نحن فيه قد قضي على يوم أمـــــــــس ،
              و الغـــــــــــــــدَ يغيّــــــــــــــــــــب يومنـــــا هـــــــــــــذا ،
               فـــــــــــــــــلمَ لا ينقضي ويــــزول يوم الملذات التي تحبون ؟

ولمَ لا يهرب منذ أن يُلْقي القبضُ عليه طالمــــــــــــا أن الاحتفاظ به غير ممكن ،
              ســاعة واحـــــــــــــــــدة ، ولا يوماً واحـداً ، في هـــذا الحـــــاضر ؟
وكما يطوي اليومُ الثـاني اليــومَ الأولَ هكــــــــــــــــــذا يطــوي الثــالثُ الثـاني .
               ومن هذه الســــــــــاعة التي تبدو حاضرة ، لا يبقي شيء منهـــا ؛
                                            لأن هنيهاتهـــــــا وأجزائهــــــــا هاربـــــة .

ولهذا يأثم الإنسان حين يخطأ هــــذا إذا لم يكــن أعمـي .
                     وحين يخـــــــــطأ , فعليـه أن يفكـــرّ ؛
يمكنــــه أن يري البـــشر يشـــتهون اللــــذة بلا فطنـــة ،
لأنها لذة عابرة وإذا انقضت فليفكر أقله بالندامة عليها .

إنكم لتهزأون بي لأني أرجـــو الأبديــــات التي لا أراها ،
في حين إنكــــــم تستســـلمون للزمنيــــات المنظـــورة ،
                    وتجهلــــــون الغـــــد الطـــالع عليكــم .
وإذ ترجــــــون أن يكــون يومَ خـير ، إذا به يـوم شــــــــؤم ،
ومتى جــــــــاء فلا يمكنكـــــــــم أن  توقفوه عن الهــــــرب .
إنكم لتهزأون بي لأنــي أرجــــــــــو الأبديات التي لا تنقضي ،
                     لأنهـــا لا تـــــأتي بل تثبــــت إلي الأبـــــد .

إنما أنا أجيء إليها ، سالكاً طريق الرب ، فأجدها في نهـــــــــــايتها .
أنتم لا تنفكــــــون ، طــوال يــوم واحـد ، ترجون الخـــيرات الزمنية .

الخيرات الزمنية :
و إن خدعتْ حدسكم إنها : تضرم أشـــــــواقكم متى طلبتموها ،
                                 وتفســـــــــــــــــدكم متى نلتمــوها ،
                                 وتعذبكـــــــــــــــــــم متى فقدتموها ،
أو ليست هي الخيور عينها التي أضرمت رغباتكم ،
حتى إذا ما حصلتم عليها ، حطـت من كرامتكـــم ،
وإذا أردتم الاحتفــاظ بها ، تلاشـــت بين أيديكم ؟

كيف تستخدم الزمنيات ؟  
أنا أستخدمهـــــا وفقـــــــــــــــــاً لحاجــــــات الســــفر ،
إنما لا أضـــــــع فيها ســـعادتي ، كيلا أفشل إذا فاتني ،
واســــــــــتخدم هـــذا العالـــــم  كمن لا يســـــتخدمه .

رغبة في الوصول إلي خالقـــــــــــــــــه ،
لأثبت فيـــــــــــــه وأستمتع به إلي الأبد .

وما معني قولكم :
من ذا الذي عاد إلينـــا و اخـبرنا عما يجـــري في جهنــم ؟
لقــــد أخرســـــــــــــــكم ذاك الذي أقام المــــــيت من قـــــــبره في اليوم الرابع ، و قام في اليوم الثالث
                             هـو الذي لن يمـــــــــــــــــــــــــــوت ،
                            وهو الذي لا شــيء يفــــــــــــــــــوته
وصـف لنا قبــل موته ، في مثل الغنــــــــــي والفـــــــــــــقير ، الاســــــــــــــتقبال الذي يعُدّه للأموات .

أذهبوا الآن و قولوا :
فلنأكل و لنشرب لأنا غداً نموت .
الحق يجدهم مــــــوتي حين يقولـون هذا القــــــــول زاعمين إنهم سيموتون غداً .
أما أنت يا ابن القيامة ؛ و موُاطـــــن الملائكـــــــــــة  و القديســــــــــــــــــين ،
                             و وريثَ الله وشـــــــــــــريك المسـيح في مــــــــيراثه ،
                            فإيـــــــــــاك أن تقتدي بهؤلاء الذين يموتـــــــون غــداً ،
                            حـــــــــــين يلفظون أنفاسهم ويدفنون اليوم في قبورهم وهم يشربون .

و يقول الرسول بالمعنى عينه :
( اســـــــــــــتفيقوا للــــــــبر ولا تضـــــــلوا ،
إن العشر الرديئة تفســـد الأخــلاق السليمة )
أنت تســــــير في طــــــــــــــــــريق ضيقّ وآمن ،
أنه يوصلك إلي أورشليم السمائية ، الرحبــــــة ،
             التي هي أمّ لنــــــــــــا إلي الأبـــــــد .  

ترجّ بثبات ما لا تــــــــــري وأنتظــر بصـــبر ما ليــس لـــك ،
Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac