مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في قيمـة النعمة ـ الفصل ( 10 ) من الكتاب السادس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في قيمـة النعمة ـ الفصل ( 10 ) من الكتاب السادس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل العاشر
في قيمــــــة النعمـــــة
النعمـــة هي : ما يعطي مجاناً دون النظر إلي استحقاقات من يعمل ،

                                   بل برحمـــة ممّـــــــــــــــن يعـــــــطي ،

النعمة محبة : ومن يثبــــت في النعمــة يثبــــــت في المحبــــــــة .
إن حفــــــــظت وصايا المسيح تثبت في محبتــــه ،
أنــــــــــــــــت لا تحفظ وصاياه أولاً لكي يحبــــك ؛
إذ لـولا حبه لك لما أســـــتطعت أن تحفظ وصاياه .

هذه هي النعمة التي تنكشف للمتواضعين وتحتجب عن المتكبرين.
أسمع صوت الربّ إلهك :
( أثبتوا في و أنا فيكــــــــم كما أن الغصن لا يقــــدر أن يأتي بثمـــــر من ذاتـــه
إن لم يثبــــت في الكــــرمة كذلك انتم أيضــــــــــــــــاً إن لم تثبتـــــوا فـــــــــــي
أنا الكرمة و انتم الأغصان الذي يثبـــت في و أنا فيـــه هـــــذا يأتي بثمر كـــــثير
                                لأنكـــــــــــــــــم بــــــــدوني لا تقدرون إن تفعلوا شيئاً .

إن كان احد لا يثبت في يطرح خارجا كالغصن فيجف و يجمعونه و يطرحونه في النار فيحترق
إن ثبتــم فـــــــــــــــي و ثبت كلامي فيكـــــــم تطلبون ما تريدون فيكون لكــم ) " يو15/3-7 " .
أثبت في المســـــــيح يثبـــــــــــت فيــــــــك :
لســت أنت فيــــــــه كمـــــــــا هو فيــــــــك ، والإفادة ليست له بـــــل لـــــك.

الأغصان في الكرمة لا تعطي الكرمة شيئاً إنما تحيا بها ،
وهكذا هــــــــــــي الكرمة في الأغصــــان فأنها تقدم لها الغذاء الحيوي ولا تأخـــــــــذه منهـــــــــــــــــــا .
وعلى هذا النحــو فإن ثبوتك في المسيح وثبــــــــــــوت المســيح فيك كلاهما يفيدانك ولا يفيدان المسيح .

إن قطعت غصناً يمكـــــــن لأخر أن ينمــــــــــو إذا كان له جذر حيّ ،
أمّا إن قطعـــــت فلا يمكنك أن تحيا بدون جذر .ما أعظم قيمة النعمة !

  إنها تــــــرفع قلوب المتواضــعين وتسدّ أفواه المتكبرين ،
 إن ظننت بأنك تحمل ثمراً من نفسك فلست في المســـيح ،
وإن لم تكــــــن في المســــــــــــــيح فلســــــت مســـــيحياً ،
تلك هي الأغوار التي تـــــــــــــؤدي إليها الكـــــــــــبرياء.
لا تظنن نفســـك أهلاً لأن تحمـــــــل ثمرة واحدة صغيرة .

إن المسيح لم يقل : بدوني تستطيعون أن تعلموا القليل
   بـــــــــــــــــل  ( بدوني لا يمكنكم أن تعملوا شــــيئاً )
لا يمكنك أن تعمل لا قليلاً ولا كـــــثيراً بــدون المســيح ، بدونه لا يمكنك أن تعمل  شـــــــــــــــيئاً .
ومـــــــــــــع أن الغصن يحمل قليـــــلاً فــإن الحــــارث ينقيـــه لكـــــــــــي يحمل أكـــــــــــــــــــثر :
وعليــــــــه فإن لم يثبت في الكرمـــــة يحي من الجذر فلا يســـــــتطيع أن يحمل من ذاته أدني ثمر.

تتــــدني قيمـــــــة الأغصان جداً بقـــدر ما تبتعد عن الكرمة ،
وبالعكس تـــــــزداد قيمتهــــــــا بقـــدر ما هــي فيهـــــــــــا ،
   لأن   الأغصان المقطـــوعة لا تفيد الحرَّاث شـــــــــــيئاً ،
ولا يمكن استخدامها للصناعة.

فأما أن تكون في الكرمـــــــــة أو في النـــار : واحد من اثنين .
إن لم تكــــن في الكرمـــــــــة ، صــــــــــرت إلي النــــــــــــار ،
ولكــــــــي لا تكون في النار،  يجب أن تكون في الكـــــــرمة .

أعــــــــرف أنــــــك لست شيئاً بذاتك ،
ولا تردّ إلي قواك ، بل إلي نعمة الله ، ما أنت فيه.
أعرف ما قد قيل: ( أفتخـــــــــــر بأوهــــــاني )  " 2كور12/9 " .
وأعرف ما قيــل: ( لا تســــــتكبر بل خــــــف ) " روميه11/20 " .
وأعرف ما قيــل: ( لأن القوة تكمل في الوهن ) " 2كور 12/9 " .

أسمع المسيح القائل : ليس أحد  يأتي إلي ما لم يجتذبه الآب الذي أرسلني
                                                                         ( يوحنا6/44 )
لا يمكنك أنْ تقبل إلي المسيح إلاّ مجتذباً .

لا تحكم على من يجتذب ومن لا يجتذب ،
ولا لمـــــاذا يجتذب هذا ولا يجتذب ذاك إذا لم تشأ أن تضلّ في حكمك .
إن لم تكــــن حتى الآن مجتذباً فصّل لكي يجتذبك.
لا تفكّر بأنك تجتذب قسراً القلب يجتذب وعن محبة .

إن جاز للشاعر أن يقول :
ينقاد كل إنســان لشــــــــــهوة ، وليـس عن ضــرورة بل عن شــــــــــــــــهوة ،
وليس قســــــراً بـــــل بلـــــذة ، فكــــــــــم يجـــــب علينـــا أن نقــــــــــــــــول :
أن الإنســــــــان ينقاد للمسيح ، فينعم بالحقيقة والسعادة والبر والحياة الأبدية .

وهذا هــــــــو المسيح بالتمام .
وهل لحواس الجسد ملذاتهــا من دون النفس؟؟  كـــــــــــلا .
أعط المحـــبّ فيشـــــــــــــــعر بما أقـــــــــول ،
أعط المشتاق ، أعط الجائع ، أعط الغـــريب في غربتـــــــه
                                     وأعطِ العطشان التائق إلي معين الوطن الأزلي
                                    أعط فــــــــــلاناً ليـــــــعرف مـــــــاذا أقـــــــول.
                                    أما إن تكلمت إلي بادر فلا يعــــرف ماذا أقــــول .

تعـــــــــــلم أن يجتذبك الأب إلي الابن ، تعلّم من الآب واســــمع كلمتـــــــــــــه .
لقد سبق للأب إن اجتــــــــــــــــــذبك وقبـــــلت الإيمان أيها السائر في الإيمان ،
                                                                   أنت تســــير في النعمة.

كيف أستحققت هذا ؟ وما هي استحقاقاتك السابقة .

لا تخدع نفســــــك ، بل عد إلي ضــــــــــــــــميرك وسلْ خفايا أفكـــارك ،
                       وأرجع إلي مجموعة أعمالك ،
لا تنظـــــــــــــر إلي من أنت إن كنت شــــــــــيئاً ، بل أنظر إلي من كنت ،
لتكون شــــــيئاً مــا ، فــــــلا تجـــــــد نفســـــــك أهــــــــلاً إلاّ للعـــــذاب .

إن كنت أهلاً للعذاب وجاء من لا يعاقب على الخطايا
                                      بل يغفـــــــــــــــــرها
                      فسيعفة عنك إنما لن تعطي أجــــراً .

أيها الخـــــــــاطئ لقد أخـــذت هذه النعمة الأولي ،
                                     لكي تغفر خطاياك .
ماذا استحققت ؟ أسأل الــــــبر: لقيت العقـــــــاب
                     سل الرحمة : لقيت النعمــــــــة
.

أما وقد أتبعت نعمة الإيمان هذه فستبرر بالإيمان
( لأن البــــــار بالإيمان يحيا ) " رومية1/17 "
وسوف تستحق الله بالحيــــاة مــــــــن الإيمـــــــــــان ،
    وإذ تستحق الله بالحيــــاة مـــــــــن الإيمــــــــــان ،
     فســــــــوف تنال الخلود مكافأة مع الحياة الأبدية .
                                  وتـــــلك هي النعمـــــــــة .

إن كـــــــــان الإيمـــــــــــان نعمة فالحياة الأبدية هي أشبه بمكافأة الإيمان ،
وكـــأني بالله يعطي الحياة الأبدية كدين واجــب ،
ولكـــــــــــــن الإيمان عينة نعمة والحياة الأبدية بمثـــــــــابة نعمـــــــــــة .

ولكن خـــــــف من الادعــــــــــــــــــــاء بوجود الطريق المستقيم ،
                   لئلا تهـــلك في الطريق بســــبب وقاحتــــــــــــك ،
وإياك أن تقول لقد جئت حراً وبإرادتي ، ولم تضطرب وتستكبر ؟

لا يســـــــــعك أن تذهب إلي المسيح ، ما لــم يجتـــــــذبك الآب إليـــــــــه ،
أعمل خلاصك بخوف ورعــــــــــــدة ، لأن الله هو الذي يعمل فيك الإرادة ،
والعمـــــــل على حســـــب مشيئته .

إن عمل الله فيك بنعمة الله تعمــــل خــــــــيراً وليـــــــــــــــس بقــــــــــــــــــــــــواك
وعليــــــــــــــه إن سررت فخــــف مــــن أن ينتزع من المتكبر ما يعطي المتواضع
                                                      إياك أن تقــــــــول استحققت فأخــــذت .
ولا تعتقد بأنك أخــــــــــــذت لأنك استحققت أنت الـــــــــــــذي لو لم تأخـــــــذ أولاً
لما كان بوسعك أن تســــتحق سبقت النعمة اســـــــــتحقاقاتك
وليست النعمة من الاستحقاق بل الاستحقاق هو من النعمــــة .

لو صــــــدرت النعمة عن استحقاق لكنت أشتريت ما أخـــــــــــــــــــــذته
ولما كـــــــان بلا ثمـــــــــــــــــــن أعتصم بالإيمان ما أعطي لك أن تعيش
ولا تشـــــــك في عـــــــــــــدل الله لا تعتقـــــد بأنه لديه ظـــــــــــــــــــلماً
لئلا تقـــــــــع في غـــــــور سحيق مــــــــــــــــــن الإثـــــــــــــــــــــــــــم .

وستقتنع متى أكتمـــــــــــــل إيمـــــــــــــــانك بأن ليــــــس في اللــــــه ظــــــــــلم .
وإن كـــــــنت لا تري حتى اليوم ما تؤمن به فمتي أكملت شوطك تصل إلي الوطن .
إن ما تعجـــــز عن رؤيته في عهد الإيمــــــان سوف تشــــاهده في زمــــن الرؤية .

ومتى بلغـــــت إلي المشــــــــــــــــاهدة رأيت عــــدل الله وما عــــاد لك أن تقــــول :
لمَ يلاطـــــــف هـــــــــــــــذا دون ذاك  ؟
ولمَ تقـــــــــود العنـــــــــاية الإلهيـــــــــة هــــــذا إلي قبـــــول العمــــــاد دون ذاك ؟
ولم يتــــــوب هذا في مرضــــــــــــــــــه مع أنه عاش في الإثــــــم فتغفر خطاياه ؟
تبحـــــــــث عن الاستحقــــــــــــــــــــاقات فلن تجد سوي العقـــــاب .
وتبحــــــث عن النعمـــــــــــــــــــــــــــــة فيا لعمـــــق غــــــــني الله .
بطرس أنكــــــر واللص اليمين أمــــــن : فيا لعمـــــق غــــــــني الله .

أتظن أنه يسعك أن تـــــــدرك ســــــــــــر خوف الرسول المغبــــــوط ؟
وإذ راح يتأمـــل في هــــــذا الســــــــــمو وهذا العمق خاف فهتف قائلاً  :
يا لعمـــــــــــــــق غني حكمة الله ومعرفته .

أنت تبحث عن السبب
وأنا أخــاف العــــــمق أنت تريــــــــــــــــد أن تدرك الســبب
وأنا أعجــــــــــــــــب أنت تنـــــــــــــــاقش وأما أنا فسأؤمن :
  أري العـــــــــــــــــلوّ ولا أصل إلي العمق :
يا لعمق غني حكمة الله وعـــــــــــــــــــلمه !
ما ابعد أحكامه وطرقه عن الاســـــــــتقصاء .

لقد قـــــال الرســـول : أحكــــام الله لا تدرك وأنت تحاول أن تدركهـــــا ؟
                          إن طرق الله لا تدرك : وأنت تأتي لكي تستقصيها ؟

إن كنت قد جئــــــت لتدرك ما لا يـــــــدرك وتســــــــــــتقصي ما لا يستقصي ،
                        كنت كمن يريد أن يري ما لا يري ويصف ما لا يوصـــف .

Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac