مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في النية المستقيمة ـ الفصل ( 2 ) من الكتاب السادس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في النية المستقيمة ـ الفصل ( 2 ) من الكتاب السادس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس



الفصل الثاني
في النية المستقيمة
في براءة أعمالك اســتعدَّ لأن تســـبحَ اللـه   طــوال النهـار .

من ذا الـــــــــذي يواظبُ على تسبيح اللـه ، النهـــارَ كله ؟

إليـــك الــــــدواء الــذي يجعلك تسبّح اللـه ، نهـــارك كله ،

إن شــــــــــئت ؛ و ذلك بـــــأن تصنع جيداً كل ما تصنعه ،

                                                    فتســـــبح الله .

إنــــك لتسبح الله حين ترنم :
ومــــــاذا يعمـــل لســـــانُك إن لم يسبح ضميرك ؟
لا يطلب الله منك كلامــــــاً بـــــــــــــــــل قلبـــــــاً .

لو أنَّ لله آذاناً لحمية لاحتــــــــــــــــــــــــــاج إلي صـــوت جســدك ؛
و لو بقـــــــــــــــــيتَ صامت اللسان لمكثت كذلك دون تســــــــبيح ،
أمـــــا  وهـــــــــــــو يطـــــــــــلب القلـــب فأنـــه يفحـص القــــلب ؛
باطني هــــــــــــــو الشـــــــــــــــــــــــــــــــــاهد و القاضي والمؤيدّ ،
                     و المســـــــــــــــــــــــــــــاعد و المكــــــــــــــافئ .
                       حسـبك أن تقــــدّم إرادتــك .

صــــلّ بلســــــــانك متـــــــى أســــتطعت ،
و إلا فسبّح بقلبــــك و بـارك بقلبــــــــــك ،
و ضـــــــــــــــــــعْ ، مـــــــن قلبــــــــــك ،
على مذبح ضميرك القرابين المقدســــة .

لا يتوقف الله عند العمل إنمــا يكـــــــــافئ الإرادة .
هو يعلــــــم بأنــــــــــك شئت و ما أســـــــتطعت ؛
فيعتــــــبرك قد عملتَ مــــــــــــــــــــــــــــا أردت .

   إن لم تستطع أن تقتفي آثار الشهداء فعـــلاً ،  
   فقـــــــم بــــــــه شـــــــــــــــــــــــــــــعورياً ،
و إن لم يكــــــــــن بالمجـــــــــــد  فليكــــــــن  بالابتهــــــــاج .
  إن لم يكــــــــــن بالاســتحقاقات فليكـــــــــن بالتمنيــــــــات ؛
و إن لم يكــــــــــن بالألــــــــــــــم  فليكــــــــن بالترثي لحالهم ؛
 إن لم يكــــــــــن بامتيــــــــازهم  فليكــــــــن بالارتباط بهــم .

لا تظــــــــــــــــنن انتســــــــابك إلي هذا الجســـــم أمـــراً قليل الأهميــــــــــة ،
                     كعضو بين أعضاء لا يســــعك أن تكون مســـــاوياً لهــــــم .
ولا تظنَّـــــــــــــن الابتهاج بفضائل من فاقوا سواهم نزراً بسيطاً في الإقتداء .

هــــــــــــم كبــــــــــار و أنت صغـــــــير ، بيـــــد أن الـــــــــرب يبارك المسـكين و العظماء .
و طــــــــــــــــــالما أن الأبرار و الأشرار يعملون الأشياء عينها و يحتملون الشيء نفســه ،
لا بالأعمال و العقبات بل بالأســــــــباب ، فهكذا يتمَّـــــــــيزون عن ســـــــــــــــــــــــواهم .

كان فرعـــون يقســـــــو عــــــلى شــــعب الله بالأشـــــــغال ،
و كان موسى يفــــــرض عقوبات صارمة على الشعب ذاته ،
                لأنــــــــــه أتي أعمـــــــــــالاً منكـــــــــــــــرة ،
لقد قامـــــــا بالشـــيء عينــــه إنمـــــــــا بنيــــة مختلفــة ،
فرعــــــــون بدافــــــع من السيطرة ،
و موســــي بدافــــــــع المحبــــــة .


و كان في المحل ذاته صلبــان ثــــــلاثة ،
عــــلى الأول            لـــــص للخلاص ،
و على الثـــــــــــــاني لـــــص للهــلاك ،
و على صليب الوسط المسيح
الــذي سوف يخلص الواحد و يشجبُ الآخر ،
ما أشد الشـبه بيـــــــــــــن تـــلك الصــــلبان ،
     و التبـاينَ بيـــــــــــن المعلَّــقين عليهـا ؟  


الأشــــــــرار يضطهـدون الصــــــــــالحين ،

و الصالحون يضطهـدون الأشــــــــــــــرار ،
الأولــــــــون يؤذونهـــــم ظلمــــــــــــــــــاً ؛
و الآخـــرون ينصحونهم عن طريق التعلم :
أولئـــــــــك بقســــــــــــــاوة وهؤلاء باعتدال ،
أولئـــــــــك يعبدون شهوتهم وهؤلاء محبتهم .

إن الجــــــــــزار لا يهتــم كيـــف يقطـــــــــع ؛
أما مــــن يداوي فأنــــــه يــري كيــف يقطع ،
                   لأن هــذا يبـــــغي الســلامة ،
                       و ذاك الفســـــــــــــــــاد .

فَتَــــــكَ الكفرة بالأنبياء وَ قتَلَ الأنبياء الكفــــرة .
جـــــلد اليهود المسيح و جلد المسيح اليهــــود .
أســــلم الناسُ الرســــلُ الى ســــلطة النـــــاس
و أسلم الرسل النــــاسَ إلي ســـــلطة إبليـــس
و ماذا نري في هؤلاء كلهـــــــم ، سوي أن :
البعــــــض عملوا من أجـــــــــل الحــــــــق ،
و الآخرين مـــــــــــن أجــــــــــل الإثــــــــم .

أنــــــــاس عمـــــــلوا للـــــأذى ،
و آخرون للإصــــــــــــــــلاح .

يكون العمل صالحاً متى كانت نية القائم به صادرة عن المحبـــــة كالســـهم .
حــــــــــــــــتى إذا عــــادت من جــــــــديد إلي مركزها تسـتريح في المحبة .

ما أكــــثر من يدّعون الاستشهاد في البدع و الهرطقات ؛
فيظهرون و كأنهـــــم يبذلــــــون نفوسـهم عن أخوتهـم .

لو أنهـــــــم بذلوا نفوسهم عن أخوتهم ،
لما انفصلوا عن الأخــــوة الشــــــاملة .


و ما أكـــثر مـــن يعطـون الكـــــثير و يبذلـــون ، حبـــاً بالظهور ،
فلا يرجون مــــن كل ذلك سوي المجد العالمي و الثناء البشــري ،
             المليء بالهواء غير المســــــــــتقر عــــــلى حــــــال .
عُدْ إلي ضميرك ، وأختــــــــــــــبر عَمــــــــــــلك لـــــــــــــــــــــــــتري :
إن كانــــــــــــت ، فروع أعمالك خارجــــــــــــةً عن جذور المحبة أم لا .
أمتحــن عمـــلك ، يكُــن لك في نفســـك المجــد ؛ و ليـــس للآخـــــرين ؛
                    و لا في شـهادة من أخــــــــر ، بل في شهادة ضميرك .


أنـــــت تحجب قلبك عن الإنســــــــــــان ،
         فاحجبــــــه عن اللــــــــــــــــــــه إن أسـتطعت .

إفــــزع إليــــــه معـــــــــــترفاً  ، و لا  تفـــــــــــزع منــــه مختبئـــــــــــــاً ،
إذ لا     يســـعك أن تختبئ عنه ، بـــــــــــــــــل أن تعـترف بـــــــــــــــــــه .
أنـــــــمِ فيــــــــك المحبــــــــة  ، التـي وحـــــــدها تقــودك إلي الحيــــــاة ؛
وخــــذ ضمـــــــــــــــــــــــيرك ، الذي هـــــــــــــو مــــن الله ؛ شــاهداً لك .
لا تتباه بأفضـالك أمام النــاس ، لأن   تقريظهم لك لا يرفعك إلي الســـماء ،
                                       و لا   يســقطونك منهــــــــا بانتقــاداتهم .

فلينظـــــــــر إلي أعمــــالك ذلك الـــــــذي يكافئـــك ،
و أجعــــــــل من الــــــديان الذي يقاضيك شاهداً لك .

إن كـــــــان : قلبــــــــــــــك عــــلى الأرض
أي إن كـنت تعمـــل لكـــــي يــراك النـــــــــاس .
فكيـــــــــف يســــتطيع أن يحافظ على نقاوته
             من كان يتمرغّ عــــــلى الأرض ؟؟ .

أمّا إن كان : في الســماء ، فيكـــــــــــــــــــون نقيـــــــــاً ،
لأن كلّ مــا في الســـماء نقــــــــــــــــــــــــيّ هـــــــــــو ،
و مــــــــن أختلط بمادة أحطّ منــــــــــــــــــــه تلطّـــــــخ ؛
و إن لم تكن فيــــــــــــك تلك الطبيعــــــــــــــة وســـــــخةً ،
طالمـــــا أن الذهــــــــب الذي يمتزج بالفضة ، يتلطخ بها .       

و هكـذا فــــإن نفســـــــك تتدنس بالشهوة الأرضـية ،
مع أن الأرض بطبعها و جنسها نقيــــــــــــــــــــــة .

أطـــرح عنك ما في الأرض ، إن شئت كنزاً لك في الســــماء .
و أعـــلم أن : أعمــــــــالك ســــوف تكــــــون نقيــــــــــــــة ،
و إن اللــــه يرضي عنهـــا متى قمـــتَ بهـــــا ببسـاطة قلب ،
أنظــــر إلي ما تعمـــــــــــل و أذكر النية التي بهــــا تعمــــل .

Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac