مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في التسليم المتواضع لمشيئة الله ـ الفصل ( 6 ) من الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في التسليم المتواضع لمشيئة الله ـ الفصل ( 6 ) من الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل السادس
في التسليم المتواضع لمشيئة الله

ما أحسن إله إسرائيل لذوي القلوب المستقيمة !

ما أحسن إله إسرائيل للذين لا يقاومــــــــــونه بل يخضعون إرادتهم لإرادتــه .
                                                      و لا يخضعــون إرادتــه لإرادتهم .

إليك وصــــــية وجيزة توجيهاً لقلبك : أعمــــــــــــل إرادة الله و لا تردْ أن يعمل الله إرادتك .

إذا لم تكن قادراً على فهم حـــــكم ما و السبب الذي من أجله صنع هــذا دون ذاك ،
فمن الأفضل لك أن تقبل بحكمتـــــه و تؤمن بحسن صـــنيعه ، و لو لم تفهم السبب .

رسخّ هذه الفكرة في قلبــــــــــــــــــــك و لا تدع العدو ينتزعها منك :
وهــــــــــــــــي : أن الله قــــادر على أن يعمل دون ان تفهم السبب ،
                     و إن من لا إثم عليه لا يرتكــــــــــب إثمـــــــــــــــاً .

إن خـــــــــــــــفي السبب عليــــــــــــك فأنظــــــــر إلي ذاتـــــــــــــك ،
                                               و إلي ما أنت عليه من الجهـل .

لا تطلب ما هو أقوي منك ، و لا تســتقص ما هو أعمـــــــق ،
                                 بل تأمل دائماً بما أمرك الرب به ،
إن الله يعــــرف ما يعمــل . أما أنت فخـفَ و كن صالحــــــــاً .

أعلم أن  : ما يحدث ههنــــــــا ، ضد إرادتك ،
             لا يحدث إلا بإذن الله و إرادته و سابق علمه و أمره و بمعرفته منه .
فإن لــــــم تدرك الســــــــــــــبب فدع هذا الهمَّ للعناية الإلهية التي لا تعمل شيئاً بلا ســــبب .

و إن بدأت تناقش أعمال الله قائـــــــلاً : لمَ هــــذا ؟ و لــــــــمَ ذاك ؟
           و هذا ما كان لازماًُ لأنه شر ، فكيف تسبح الله بلســــانك ؟

أنظــــر إلي كل شـــيء نظــــرةً ترضــــــــــــي الله ،
و سبح الخــــــــــــالق لأنك إن دخلت حانوت حداد ،
          لما تجاسرت أن توجه اللوم إلي الكور و المطارق و المنافــــخ التي فيــــه .
و مع أن صــــــاحبه رجل جاهل لا يدرك علل الأشياء فلا يجرؤ أن يوجه إليها لومه .

إذا لم يكن عامـــــــــــلاً حــــــاذقاً ، بل كان راجح العقـــــــل ، فماذا يقـــــــول ؟
المنفــــخ لم يوضع هنا بلا سبب : المعــلم يدرك الســـبب و إن لم أعــرفه أنا .

أنت لا تجرؤ على أن ينتقد الحداد في حانوته ؛ ثم أتلوم الله في هذا العالم ؟
يحــــــــــسن بك أن تنصاع طوعاً لإرادة الله التي تريـــــــــدك :
                   حيناً ذا صحـــــة جيــــــــدة و مريضاً حيناً أخر .

إن قبلت إرادة الله متى كنتَ في صحة جيدة ،
                   و رفضتهـــــــــا مريضــــاً فلستَ مستقيم النية .

إرادته قويمة أما أنت فأعوج ، قـــــــومّ إرادتك بحســب إرادته ،
                                   و لا تخُضع إرادته لإرادتـــــــــــك .

إن أصبت نجاحاً في هذه الدنيـــا فسبّح الله عـــــــــــــــــــــــزاءك ،
و إن تألمـــــــــــــــــــــــــــــــت فسبح الله الذي يؤدبك و يمتحنك .

إن طلبتَ صحة الجسـد فلا تهتــــمَّ بطلبــــك هـــذا كثـــــــــــيراً ،
إلاّ إذا طلبت الصحـــــة لكي تخــــدم الله الذي يعطيكهــــــــــــــا ،
                           إن رأي فيها ، خيراً لك و إلاّ منعها عنك .

كم مريض سمر على سريره ولا خطيئــــة عليـــــــــــــــــــــه ،
لــــــو أن صحته جيـــــــــده لكان أستعملها لإرتكاب الجرائم .

كم من الناس يؤذيهم حسن الصحة .
و من الأفضل للســــــارق الذي يسطو على الناس بقوته أن يكون مريضــــــــــــــــــــــــــــــاً ،
و من الأفضل لمن يسطو عـــــــــلى أمـــلاك النــــــــــاس أن يكون مريضاً بالحمى في فراشه :
                  كم هــــو بريء مريضــــاً و أثيم معافي !

الله عالم بما ينفعك : نقّ ضميرك من الخطـــــــأ و إذا ما حلت بك مصيبـــــــــة جسدية فتتضرع إليه .
  كيف تعـــــــــرف أن اللــــــــه لا يريـــــــــــــــد لك الشـــــــفاء؟ التــــــأديب لا يزال مفيــــــداً لــك .
و كيف تعـــــــــرف مقدار الفساد في اللحــــــــــم الذي يقتطعه الطبيب حين يضع مبضعه على الفساد ؟       
                        لا يـــــــــدري ما يعـــــــمل و أنيّ يجـــــــــــــــب عليه أن يصــــــــــل ؟
                        و ما نفعـــــك من الاعتراض عــلى مبضع الطبيب الذي يجري عمليته ؟
أنت تصرخ و هو يبتر:
                      أنــــــــــــــــه لقــــاس لكنــــــــــــــــــه لا يسمع لصراخــــك ،
                      أو بالأحرى انه لرحيم لكونه يتابع الشق ليشفيك من مرضك .

قال ابن الله: أنا لا أطلب مشـــــــــــيئتي بل مشيئة الذي أرسلني
                                                 و أنت تطلب مشــــيئتك ؟
قوّم قلبــــــك و وجهه صوب إرادة الله ، و إذ أفســـــــــــــــــــــد الضـــــــــعف البــــــشريّ
                                                 عليـــــــك صفـــــــــوك فالعدل الإلهي هو عزاؤك.

و مع أنك تريد لنفسك بقلب فإن ،شيئاً فقد تظنـــه ضـــــــرورياً في الوقت الحاضر لقضيتك أو لعملك
 عليــــــك حيثما تفهم و تدرك أن إرادة الله مخالفة لإرادتك أن تؤثر إرادة من هو أفضل على إرادتـــك
              و إرادة القــــدير على إرادة الضعيف و إرادة الله عــــلى إرادة الإنســــــــــــــــــــــــــــــان.

إذا كــــــنت غير مستقيم ،
فباركت الله في الســـــراء ، و لعنته في الضراء ،
كنت فــــــي تجديفك عليـه ، ســــــاعة المحنـــة ،
كالخــــــادم الخســــــيس الذي يحب معلمه ، ملاطفاً ، و يكرهه ، مؤدبــــاً ،
و كأنـــــــه لا يعــــــد لك المـــــــيراث ســــــواء الاطــــــــــــفك أم ضربك .


Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac