مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في الفضائل الرئيسية الأربع ـ الفصل ( 15 ) من الكتاب السادس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في الفضائل الرئيسية الأربع ـ الفصل ( 15 ) من الكتاب السادس ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس



الفصل الخامس عشر
في الفضائل الرئيسية الأربع
 إن أدت بنا الفضيلة إلي الحياة السعيدة  :  فأني أؤكـــد بأن لا كمال في الفضيـلة ،

                                                     إلا بمحبـــــة اللـــــــــــه الســـــــــامية .

أما ما يســـــــــــمي بالفضيــلة الرباعية : فهو تنوع في التعبير عن الحـب ذاتـــه ،
                                                     بقدر ما يدركه عقلـــــى .

و تلك الفضائل الأربـــــــع : التي أرجو الله أن يضع قوتها في عقول الناس ،
كمـــــــا هي أســــــماؤها في أفواههم أتجاسر فأحددهـــا على الوجه التالي :
الإعتدال هـو : الحب الذي يقــدمه ذاتــــــــه لمحبوبــــة كـــــاملاً .
القــــوة هي : الحب الذي يحتمل كل شيء في ســــبيل محبـــوبة .
الـــــبر هـو : الحب الذي لا يخدم سوي محبوبة فيسيطر بصـدق .
الفطنـة هي : الحب الذي يميز بين ما يساعد على البلوغ إلي الله ،
                             و بين ما يمنع عنه .

و لكن هذا الحب ليس حباً عادياً بل حـــب اللـــــه الخــــــير الأسمى ،
                                    و الحكمة السامية و الســـلام السامي .

لذلك يجوز لنا أن نحدد تلك الفضائل على النحو التالي :
فنقــــــــول أن :
الإعتـــدال هـو : حـــب الله الكامل من دون عيب .
و القــــوة هي : الحب الذي يحتمل كل شيء وبسهولة في سبيل الله ،
و الـــــبر هـو : الحب الذي لا يخدم سوي الله .
                                 و لذلك فهو يسـيطر جيــداً على البـــاقي ،
                                أي على ما هـــــــو خاضـــع للإنســـــان .

و الفطنـة هي : الحب الذي يميز بين ما يقرب من الله وما يبعد عنه .

الاعــــــــتدال : يقوم ويهدئ ما فينا من ميول تدفعنا إلي ملذات تبعدنــــا عن الله ،
                  ووصــــاياه وعن ثمر صـلاحك التي هي كما أوجز الحياة السعيدة ،

هنــــاك كرسي الحقيقة التي تصيرنا ولا شك سعداء متى تمتعنا بمشاهدتها واتحادنا بها ،
أما إن ابتعدنا عنهـــا ووقعنـــا في أضــاليل كــبيرة وألام فادحـه أسمع قـــول الرســول :
      ( حـــب المال أصل كل شر ، وهـــــو الـــــذي رغـــب فيــه
         قوم فضلّوا عن الإيمـان ، و طعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة ) .

  الإنسان الأول أرضـي من الأرض ،
والإنسان الثاني سماوي من السماء .

 كما في الأرضي كذلك الأرضيـــــون :
وكما الســــماوي كذلك الســـماويون ،

وكما لبست صورة الأرضــي ،
     ألبـــس صورة السماوي ،
  أن أخلع الإنسان العتيــــق ،
     والبس الجـــــــــــــديد .

وعليه ، يقـــوم الاعتـدال في أن ينزع المــرء الإنسان العتيق ،
                                     ويلبـــــــــــــس الجديد في الله ،
أي أن يــــرذل مغريات الجسد والمجـــــــــــــد البشــــــــــري ،
      ويصوب محبته كاملة إلي ما هو إلهي وغير منظـــــــور .

أحــــــب الله وحـــــــــــــــــــده ،
وأرذل كل ما هـو محســـوس ،
        واســـــتخدمة فقــــــط ،
         لقضاء حاجات الحياة ،
       والدنيـــــــــــــــــــــــــا .

ضع فيك حداً للجشع الفكري الباطل ،
إن شئت أن تظـــــــل عفيفاً في خـــدمة الله كـــلامي عن القــوة قليل :
القــــوة هي الحــــب الذي يجــــــــب أن يكــــــون مضطــــــرماً لله ،
فيكبح جماح رغباتنا في الخيور الأرضية حتى إذا خسرها كان قوياً .

لما خســــر أيـــــوب مـــــاله كلّه وأًصــــبح معدمــــــــــــــاً ،
ظـــــــــــــل متحــداً بالله في قلبـه اتحــــاداً لا يتزعـــــــتزع ،
وأظهــــــر عدم اكتراثه برزقـــــه وأعتبر الله أسمي كنز له .

لو تحــلي أبنـــاء عصـــرنا بجــــرأة ممـــــــــــاثلة ،
لما كنــــا بحاجـــــــــــة إلي قـــــدرة الكتب المقدسة ،
كي نبعـــد عنا تلك الخيــــور بلوغـــــاً إلي الكمـــــال ،
لأنـــــــــه أفضـــــل لنـــــــا ألاّ نتمسـك بتلك الثروات ،
التـــــــــي في حوزتنــــــــا من أن لا نملكهــــا أبـــداً .

ومـــــاذا عن الــــــــبر الـــــذي لله ؟
يهبُ البر من يحـــــــب الله قاعدةً للحياة ،
تساعده على أن يخــدم الله الذي يحبــه خدمـــةً طــــــــــوعية ،
لكونـــه الخــــير الأســـمى والحكمة السامية والسلام الأسمى ،
وعلى أن يســيطر عـــــــلى ما هــــو دونــــــــــــه ،
ويحسن ظنـــــــــــــــــــــــاً بما يجب أن يخضع له .

وعلى الفطنة أن تتسلح بالانتباه والسهر التام ،
لئــــلا تقـــــع فريســة مشــــــير عــــــــاطل ،
ولذا قال الـــرب اســهروا وصـلوا ثم يضـيف :
( ما دام لكم النور لئـــــــــــــــــــلا يدرككـم الظـــــــــــلام ،
و الذي يســـــــير في الظـــــــلام لا يعلم إلى أين يذهب  )
" يو12 :  35 "

وهـل نقــــول عن الخمول النفساني ،
الـــذي يمنعنا من إدراك خبث الحية ،
كلاماً واضحاً من كـــلام النبي القائل :
                                         ( إن الذي يحتقر اليسير يسقط شيئاً فشيئاً ) .
                                                                                    " بن سيراخ  19/1 ".

إن أعوزتك الفطنة :
                        فلا مجـــال لسـواها من الفضائل ،
                       التي ســـبق الكـــلام عنهـــــــــا .

ومـــــاذا أضيـــف ؟
                       إن كـان الله خــير الإنسـان الأسـمى ،
فـــلا ريـــــب إن   كل  من تاق إلــــي الـــخير الأسمى ،
                       عـــــــــــاش عيشـــــــــــة صالحة .

ومن عاش بصلاح ،
                      أحــــــــــب الله من كل قلبه ونفسـه وضمــيره ،
                      فيحفظ الاعتدال هذا الحــب ، من كل فســــــاد ،
والقـــــــــــــــوة تحفظه من التحطم أمـــام التجارب ،
والــــــــــــــــــبر يخُضـــــــع كل شيء لله وحــــــده ،
أما الفطنــــــــــة فتحــــــــولّ قواها لتمييز الأشياء ،
لئـــــــــــــــــــلا يقع الإنســان شـــيئاً فشــــــــــــيئاً ،
                    فريســـــــة الغــــــش والخـــــداع .

ذاك هو كمال الإنسان الذي يؤهــــــــــــله
   لأن يتمتع بالحقيقة عن طريق الصــــــدق .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac