مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في التوق إلي السعادة الأبدية ـ الفصل ( 5 ) من الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في التوق إلي السعادة الأبدية ـ الفصل ( 5 ) من الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل الخامس
في  التوق إلي السعادة الأبدية

 لقد علمت بوجود مدينتين :
و متميزتين الواحدة عن الأخرى ههنــــــا ، جسماً و قلباً ،
و باقيتين على هــــــذا الحــــــــال على مـر الأجيـــــــــال :
  أحداهما تبغي السلام الأبـــــدي و تدعي أورشــــــــليم ،
و الأخرى تفرح بالسلام الزمنــــي و تدعي بابــــــــــــــل .


بابـــــــــــــــــــل تعنــــــــي البلبلــــــــة ،

و أورشــــــــليم تعنـــــــي رؤية العالم .
هاتان المدينتان همـــــــــا
وليدتا حبيــــــن اثنيــــــن :
أورشـــــــــليم وليدة حب اللــــــــــــه ،
و بابـــــــــــــلُ وليدة حب العالـــــــــم .

أنــــظر إلي الحب الذي فيـــك تعرف إلي أية مدينة تنتسب :
   إن كنت مواطناً بابليـــــــــاً فانتزع منـــــك الشــــــهوة  ،
                                    و أغــرس محلهـــا المحبـــة ،
أما إن كنت مواطناً أورشليمياً فأحتمـــــــــل الأســــــــــــر ،
                                       و ارجُ المحبــــــــــــــــة .

بـــــــقي الشعب الإســــرائيلي في الصحراء أربعــــين سـنة ،
قبــــل أن يدخـل أرضَ الميعـاد و يمــــلك عليهـــــــــــــــــا ؛
وأنــــــت في هذه الحياة عينها ، حيث الهمـــوم و الأخــطار ،
تحيق بك من كل جــــــــــــانب ،  تسيرُ كمــــا في صحـراء .

وعــدك الله بخـــــــير لا توصف عذوبته ،
وفقــــــــــاً لما جــاء في الكتـــــــــــاب :
( ما لــــــم تـــــــــــره عـــــــــــــــــين ،
ولم يخطـر على قـــلب بشـــــــــــــــــر )
                                  "1 كور2/9 ".

ضــــــــيق الزمـــــــــــــان يعلّمك ،
و تجارب الحياة الحاضرة تصقل ،
مــا فيــــك مــــــــــــــــن شـــوق .

و إن أبيت أن تموت عطشاً في تلك الصحراء ،
             فــــــارو عطشك من المحبـــــــــة .

لمحبــةُ ينبوعُ فجرة الله ههنـــا ، كيـلا تخور قواك على الطريق ،
فاشـرب منــه و اســـــــــــــتزد ، لــدي وصـــولك إلي الوطــن .

إن لـــم يشــــــــق عليـــــك الســــــــفر فلســـــــــــت تحـــــب الـــــــوطن .
أما إن كان الوطنُ عـزيزاً عــلى قلبـك ، فستشــــــعر بمـــرارة الســـــفر .
إن شقّ الســــفر عليــــــــــــــــــــــــك كانت التجربة ملازمةً لك كــل يوم .

هنــــا الضيـــــــــق ، و فوق ، نهاية الأحزان و الأتعـاب .
هنـــا الصـــــــــلاةُ ، و فوق ، التســــــــــــــــــــــــــبيح .
هنـــا الأحـــــــزان ، و فوق ، أناشـــــــــــيد الفـــــــرح ،
                                   حيث تختلط أصواتنا بأصوات الملائكة .
هنـــا الرجــــــــاء ، و فوق ، المشاهدة الدائمة و الحـــب إلي الأبـــد .
طالما أنك لســـــــــت فــوق ، فلســــــــــــت على خــــــــــــــــــــــير .

و إن وفـــرت لديــك الخـــــــــيرات ،
فهل تطـــمئن إلي بقائهــــــــــــا لك ؟

مهما بلــــغت ثــــــروات هذا العالم ،
فهـــل أنــــت واثــــــق من بقائها ؟
وهب أن الله قال لك من عليـائه :
انـــت لهــــا إلي الأبـــــــــــــــد ،
وهـي لـــــك إلي الأبـــــــــــــــد ،
إنمـا لـــــــن تري وجـــــــــهي .

إيــاك أن تســــتشير الجســـــدَ بل الــــــــــروح ،
و خـذ الجــــــــوابَ من قلبــــــــــــــــــــــــــــــك ،
و مما فيــــــــــــــك من إيمان و رجاء و محبــة .

إن ثبت لك إنك :
سوف تملك خيور العالم ، بأسرها ، حتى الأبــــد ،
و قــــــال اللـــــه لــــــك : لـــــن تـــري وجهــي ،
فهل تفرح بمـــا لديــــــك مـــــن خــــــــــــيرات ؟

و إن كان لك الكـــثيـــر ، و عشتَ في بحبوحـة ،
و أكتفيت بمــا لديـــــك ، فلســتَ تحـــبّ اللــه ،
و لا تتنهد كالأســــــير .

حاشا ، حاشا ،
أطـــــرح عنك المغريات و الطيبــــات الكاذبـة ،
وارفــــع نفســـــــــــــك إلي الأعــــــــــــــالي ،
وأعترف باكيـــــــــــــاً على ما فيك من شـقاء .
وليكــــن مـــــــــــا لك مــــراً مــا عــــدا الله .

قل لإلهــــــــك : رب ، أني أرفـــض كل ما أعــــطيتني ،
                          إن لــم تعطني ذاتــــــــــــــــــك ،
                           يا مـــــــــن وهبتني كل شـــيء .

ليت الإنسان ، يتوق بقلبـــــــه إلي مجـــد الله غير الموصـوف .
ليتك تشـــعر ، أثنـاء ســــــــفرك ، بأنــــــــك : لا تحب العالم ،
                   بل تتوق باستمرار إلي مـــــن  يدعـــوك إليه .

الشوق هو : أن يفتــــــــح الإنســــــان قلبـــــــــــه ،
                 و ينبســـــــط ما استطاع نحو غايته .

إن كتاب الله وجمهور الناس و الاحتفال بالأسرار المقدسة ،
              وسر العمـــــــاد و الترانيـــــــم الروحيـــــــــة ،
             هـذه كلها أمــور تولد فيـــــــك هذا الشــــــوق ؛
لا لكـــــــي يظهــــــر وحســــب ،
بل لكــــــي ينمــــــو وينمــــــو ،
ويصــــيرك أهـــــلاً لأن تــدرك :
            ( ما لم تـــــــــره عـــــــــين ،
              ولم يخطر على قلب بشر ) .




Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac