مدونـة رئيــس الملائكــة روفائيـــل



بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة روفائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقول ايضا افرحوا
Home » » في منافع تجسد المسيح ـ الفصل ( 13 ) من الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس

في منافع تجسد المسيح ـ الفصل ( 13 ) من الكتاب السابع ـ خواطر فيلسوف القديس اوغسطينوس


الفصل الثالث عشر
في منافع تجسد المسيح

إن كل مـــــا فعـــــــله المســــــيح

قـــــــــــــــــد فعــــــله لتعليمـــــك و تثقيفـــــــــــــــك .

تأمــــــل في ولادتين : ولادة آدم و ولادة المســــيح :
                           كلاهمـــــا إنســـــــــــــــــــان ؛
بيــــــــد إن أحدهمـــا إنســـــــان و حســـــــــــــــب .
          و الأخــــــــر إلــــــــــه و إنســــــــــــــــان .
أنــــــت في الإنســان خـــــاطئ و في الله بـــــــــــر .

ولادتـــك من الأول    إلي المـــــوت ،
        و من الثاني   إلي الحيـــــاة :
الولادة  الأولى تجرّ معها الخطيئة ،
      و الثانيــة تحــرر منهــــــــا ؛
          لأن       المسيح جـاء إنسـاناً ،
      ليحـــــــل النــاس من خطــاياهم .

ولد المسيح في مذود ؛ بيـد أنه يحــــمي العــالم ،
                           و من ثدي أمه يرضع بيـــــد أنه يقـــــوت الملائكــــة .
                            بالأقمطـــــــة يلُـــــف بيــــد أنه يكسوك عدم الموت .
                            يتنــــــــــاول الحـليب طعاماً في حـــــين أنه يعبـــــد .
                            و في الفندق لا يجــــــــــــد له محـــــــــــــــــــــــلاً ،
                              في حــــين أنه يقيــــــــــم في قلوب المؤمنين به .

صارت القـــــــوة ضعفــــــاً ،
ليصير الضعــــف قـــــــــوة .

تأمَّل مليـــاً في ولادته بالجسـد  ، و لا تحتقرها ،
لتـــــــدرك قيمة تنازله العميق ، حباً بخلاصك ،
أضرم فيك محبته لتبلغَ أزليته .

لــــــم يكـــــن بوســـــــــــــعك أن تتــــــــــــذوق في ذلـــــــك ،
حــــلاوة الله التي لا أســــمى ولا أنــــــــأي منهـــــا عنــــــك ،
و لهــــــــــذا فقد أرسل الوسيط ليقطع تلك المسـافة الشاسعة .

  و بما أنك إنســـان عاجـــز عـــن الوصـــــــــــــول إلي الله ،
                          فقـــــد صـــــار الله إنســـــــــــــــــــاناً ،
                          ليتمكن مــــــن المجـــيء إلي الإنســان ،
                          و تتمكن أنـــت من المجــــيء إلي الله ،
بواســطة الإنســـــان فصــــــــــــــار يسوعُ المسيح الإنســانُ ،
                          و سيطاً بـــين الله و البشـــــــــــــــــــر .

و لكن لو أكتــــفي بأن يكـــون إنسـاناً و حسـب مثــلك ، لما وصلت إلـــي الله .
و لو كان إلهاً وحسب و ليس على شيء مما أنت فيه ، لما وصلت أيضاً إليه .

إنما صار الله إنساناً :
حــتى إذا اقتديــــت بالإنســـان الذي يسعك أن تقتدي به ،
تصل إلي الله الذي لا تصل إليه عن غـــير ذاك الطـريق .

إنــــــــه ذاتــــــه الوســـــــــيط  و لـــذلك فقد صار عـذباً ،
كنــــــت مريضاً ترفض الشفاء و تتبـاهي بعافيتــــــــــــك .

و أعطيت الشــــريعة فقَّيــــــــــــدتـك .
وجدتــك مذنبــــــــــاً فشكوت قيودها ،
و جاء الـــــــــــــرب فعالجك بأدوية صعبة و مرة ،
و قــــــل لك في مرضك :
صبراً صبراً ، لا تهَو العالم ، صــــــبراً ؛
نـــــــــــــار العفــــــــــة تشـــــــــــفيك ،
فاحتمـــــل في جراحـــك نار الاضطهاد .

و مع أنك موثــــــق فقـــــد كنت مضطـــــــــــرباً ،
أما هــو : و إن يكـن حـــــــــــراً ، طليقــــــــــــــاً ،
            فقد شرب ما أعطي الآخرين أن يشربوه .

لقــــــــــــــد كـــــــــان أول المتــــــألمين
لكـــــــــــي يعــــــزيك و كأنه يقول لك  :
أنـــــــا أولّ من تحمَّل حباً بك آلامــــــــاً ،
خفـت أنت من تحملّها حبــــــاً بــــــــي .
فيا لهـــــا من نعمـــة عظيمــــــــــــــة .

جاء المسيح ليفديك أنت أيها القائــــــم تحــــــــــــــت السّنة ،
                              لئلا تبـــــــقي منذ الآن تحت السنة ،
                                                       بل تحت النعمة .

إن الذي وضع الســـــــــــــنةّ  ،
هو عينه وضع النعمــــــــــــة :
          وضع الســـــــــــــنة بواسطة عبــده  ،
               و النعمــــــــــــة وضعها بنزولـه .

كنت تحت السَّنة :
لأنــك لـــــــم تحفظهــــــــا و تكملهـــــــــــــا ،
إذ إن حافظ السنة هو معها و ليـــس تحتهــا ،
و من عاش تحتها سحقته و ما ارتفع معها .

أقمـــــــت تحــت السنة فصـرت مذنبــاً ،
و وضعت على عنقــــك نــــــــــــــــيراً ،
لا لترفع عنك خطاياك بل لكي تكشفها .

السَّنة تأمر ،
و واضع السَّنة  يشفق على مــــــــــا تـــــــــــأمر بـه .
و متى حاولـــــت بقــــــواك أن تتـــم ما تأمر به السَّـنة
 عــــــــــــــــــــــــــــــثرت و تدهورت بسبب وقاحتـك،
و ما عــــــدت ملازماً للســـنة ،
بل صـــــــرت مذنبـــــــــــــــــاً
و تحت نيرهـا تعيـــــــــــــش ،

و حين تطلب من مخلصك أن يســــــــــــــــــــــــــــاعدك ،
  تصبــــــح أنــــــــــــت الذي تتهم السنة علَّة المستكبر .

اعتراف من يتواضع
داء      من يستكبر :
اعترفت بمرضك :
فوجـــــب على الطبيب أن يجيء ليشــــــــفيك ،
و إنساناً جاء ليشـــفي الناس من عيــــــــوبهم  .
و حـــــلّ فــــي أرض ليشفي عينيك الباطنيتين ،
           اللتيــــــــــن أعمتهمـــــــــــا الأرض ،

حتى إذا شفيتُ عيناك أيها الظلام أصبحت بالرب نـــوراً ،
و لم يعد النور يشع في الظلمات أمام من لا يكن حاضراً ،  
          بـــل لكي يظـــــهر واضحـــــــــاً للناظــر إليـــه .

ينهض الختن من سريره  ،
و ينتفض كجبار ليقطــــــع مســـــافته جميــلاً كالعــــروس ،
قويــــــاً كالجبار لطيفــــــــــــــــــــــــاً و حـــــازماً شــــديداً ،
                  و ليناً عذباً مع الأبرار و قاسياً مع الأشـرار .

جعـــــــلك اللــــه أخاً  لابنه دون أن يلدك ، فتبنــاك و جعلك له شريكاً في الميراث :
ثم جعــل المسيح شــريكاً لك في المــوت ، ليؤهلك إلي الاشتراك معه في اللاهوت .

إن قدوة المسيح جعــلت ، ما لم يكــــن ، يكــــون ؟
و ضعف المسيح حفــــظ من الهــــلاك ما قـــــد كان :
                   بقدرتــــه خلقك و بضعفه بحث عنك .

الضعيـــــــــــفُ يقــــوت الضعيفَ كما تقوت الدجاجة فراخهَا ،
                   و قد تشبّه بها حين قال :
                 ( كم مــــــرة أردت أن أجمع بنيـــــــــــــــك
                  كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيهـــا
                  فلم تريدي ) ( متى 23/37 ).  
تأمــلّ  : ضعفَ الدجاجة مع فراخها دون سواها من الطيور .
كل يوم :
تري الطيور كالســــنونو و الحمام و البجع تبني لها أعشاشاً ،
و لا نمـــيز أمهاتهـــــــا إلاّ إذا     رأيناهـا فــي الأعشـــــاش  .

بخــلاف الدجاجـــــــــة التي تقـــــلق عــــــــــلى فراخها ،
فتـــدرك إنهـــــــــــــــــا أم و لـو لم تـر خلفهــــــا فراخـاً ،
فــــــــتراها تصــــــــفق بجناحيها و تقف بريشها أحياناً  ،
و تقــــوق بصوت أجش  ، ثم تـــــتراخي أعضــــــــاؤهـا ،
و كما قلت لك أنفـــــــــاً  ، تــــــدرك إنهـــــــــا أم  ،
برغم أنــك لا تــــــري  لهـــــــــــــــا فراخــــــــــاً .

تـــــــلك هي حـــال يســـــــــوع الضـــــعيف ،
و قـد أنهكــه تعـــــــــــــــــــــب الطــــــــريق :
الجســـــــــد الذي أخذه حباً بنــا هو طريقـــه .

أنظـــــــــــر كم قد أحبك الله من قبل أن تحبه .
إن كــان الله قـــد أحبَّـــــــك بهــــذا المقـــدار ،
فجعــــــــــل ابنه المسـاوي له إنســــــــــــاناً ،
               حبـــاً بـــك ، قبل أن تحبَّــه أنت ،
فكيــــــــف لا يحبك الآن و قد صرت تحبــــه .

أشكر الرب وأقبل عطاياه لتؤهَّـــل إلي :
Share this article :

أرشيف المدونة الإلكترونية

 
designed by: isaac