الفصل العاشر
كـــــل تجــــــــربة امتحان ،
ولكـل امتحــــــــان ثمـــرة .
في أغلب الأحيان : تجهل نفسك
تجهل قدرتك
أو عدم قدرتك على العمل .
وفي أغلب الأحيان : تخطئ ظاناً بأنك قادر على تحمّــــــل هــــذا الامتحـــــــان ،
وأحياناً : نراك تيأس من قدرتك على النهوض بعبء يمكنك حمــله .
التجربة تدنـــو منـــك لتســأل ، وأنت أيهـــــا الجاهل لنفســك
تكتشف نفســك بنفسك .
التجربة مزدوجة :
الأولي تجـــــــــــربة خــــــــــــــــداع ،
والثانية لا يدركهـــا من تنصبّ عليه ،
بـــــــل يدركهـــــــا الشــــــــــــيطان ،
واللـــه يســمح بهــا لكي يمتحننــــــا .
لا يمتحنك اللـــــه توصــــــــــــلاً إلي معرفـة ما يجهل ،
بــــل لكي يظهر بواسطة السؤال مــا قد خفي فيــــــك .
في الواقع أنـك لتنطوي على أمــور تخفي عنـــــــك ،
لا تظهـــر ولا تـــــــري ولا تنكشف إلاّ في التجارب .
لـــــــــولا تجارب الله لا نقطــــــــع المعــــــلّم عن التعليــم .
أقول هذا لأنـــــــــــك تجهل نفسك ولا تدركها إلا بالتجربة .
ولكـــــــــــن متى عرفتها فلا تستهن بها .
إن أحتقرت نفسك يوم كنت تجهلهـــا ،
فلا تحتقـــــرهــا الآن وقد عرفتهــا .
الشيطان مقيد فلا يسعه أن يعمل مــــــــــــــا أراد ،
وكـــل ما يسعه أن يعمل بيد أنه حرّ هو :
بـــــــأن يجرب ســـــاعة يــــري
التجربة نافعـــــة لمـــــن يحرزون تقدماً .
لا يفيــــــــــــــــــــــدك أن : تعيش بعيداً عن كل تجربة .
لا تســــأل الله ألا يجــربك ، بل ألا تســـــقط في تجـربة .
أنـــــــك تطالع في الإنجيــل تجربة الشيطان للســيد المسـيح في الصحراء .
تجربت في المسيح ، لأنه أخذ منك جسده ومنه أخـــذ لك الخلاص ،
منـــك أخذ لنفسه الموت ،
ومنه أخذ لــــــك الحياة .
لقـــــد أخذ منك الإهانات ليعطيك الأمجاد
وأخــــــــذ التجربة ليعطيك النصر.
فيـــــــــــــــــه تتجــــــــــــــــــــــرَّب ،
وبــــــــــــــــه تنتصر على الشيطان .
أنت تسأل عن ســـــبب تجــــربة المســــــيح ،
ففكّـــــــــــــر بالسبب الذي من أجله أنتصر .
أعرف ذاتك ، فيــــــــــــــــــه مجربـــــــــــاً ،
وبـــــــــــــــــــه منتصــــــــــراً .
كــــــــــــان بوسعه أن يمنــــــع الشــــــــــــــــيطان من الاقتراب .
و لكن لولا تجربته لما جعل لك سبيلاً إلي الإنتصار على التجربة .
عـــــــــــلى المسيح بنيـــــــــــــت ،
والمسيح هو الصخـــرة ،
فأنـظر إلي القـــــوة التي أراد أن يجعلها لك أساساً .
وقــــد تأتيك ساعة رهيبة فتخير إذ ذاك بين ارتكــــاب الإثـــــــــــــــم ،
وتذليل ما فيك من شهوة .
فتضطــــــرب نفســـــــك .
تطـــــلّع إلي معلمـــــك :
علَّمـــــــــــــــــــــــــــك مــــا يجب أن تفكّـــــر فيه وتعلمــــــــــــــــــه ؛
كما دلًّك على الشخص الذي يجب أن تدعــــــــوه وتضع فيه رجاءك .
لمّــــا تنــــــازل فتجرب ،
أجاب الشيطان بما يجب عليك أن تجيبه ساعة تجرّب .
لقــــــــــــــــد تجرب حقاً ،
ولكـــــــــــن بـــلا خطر .
لقد تجـــــرب ليعلّمك ما تجيــب به المجـــــــــــــــــــــــرب ،
حـــــــــــــين تتعرض للتجربة فلا تسير وراء المجـــــرّب ،
بل تنجو من خطر التجربة .
قــد تجاهد بقوة ضـــــد التجــــارب ،
حــــين تحيـــــــــــا في مواعيد الله التي هي نعمة عظمي ،
وقد تضطـــرب حــــين تـري مــــــا في العـــــــــــــــــالم من شـــــــــكوك .
ولا تســــتطيع الشكوك شيئاً ضدك لأن الــــــــــــــــــرب قد وضع لها حداً .
التجـــارب والضيقــات ، وإن كـــــــــــــــــثرت ،
ســبيل لك إلي الكمــال ، وليست سبباً للهــلاك .
عالمنـــــا شبيه ببحر لا تســـتطيع أمواجـــــه ،
أن تتجـــاوز الشــــاطئ ،
الذي وضعه الله حداً لها .
تأمــــــل : إن كانت هذه التجارب مفيدة لك أم لا ،
أصــــــغ إلي الرسول القائل :
( إن الله هو أمـــين لا يسمح بأن تجربوا فـــــــوق طاقتكم ؛
إنما يضع للتجـربة حداً لتطيقوا احتمالها )
"1كور13:10 ".
أنه لم يقـل : لن يســـمح الله بتجربتكم
لأنكـــــــم : إن رفضتـم التجـــــــــربة
رفضتم التقـــــــــــدم .
ستجــــــــدد قواك ،
وإن جـددت قـــواك كنــــــــــــــــــت بين يـــدي فنـــــان ،
ينزع عنك شــيئاً و يصلح شيئاً آخر ،
فيصقـــــــــــــــل و ينــــــــــــــــقي ،
ويعمل فيك آلاته التي هي بمنزلة الشكوك في العالم ،
فعليــــــــــــــــك أن لا تســـــــــــــــــقط من بيـــــــن يـــدي الفنـــــان .
ليس في التجربة ما يفوق طاقتـك .
بهذا يسمح الله ، لمصلحتك ،
ولكي يمكنـــك من التقــــدم .
الإنسان والشيطان ،
كـــــــــل شـــيطان ، يعطيان القـدرة على الإيــــــــــــــــــــذاء .
إنمـــــــــا يؤذيان من يصلحون نفوسهم .
الشــيطان مقيــد ،
وفي الواقع لو استطاع أن يؤذي بحسـب هواه .
لما بقـــــــــي بــــــــار ولا مؤمن على الأرض .
الشـيطان يجرّب ، ولكن وفقـــــــــــــــــــاً لما سمح له به ،
الرب يعضـــــــــــــــدك لئلا تســـــــقط ،
لأن مــــــــــــــن أعطي الشــــــــــــيطان أن يجــــــــرّب ،
هو عينـــــــــــه يعطي الرحمـــــــــــــة لمن يجــــــــرَّب .
لا تخـــــــــــــف من أن يسمح للشيطان بأن يعمل شـــــــيئاً .
لأن لك مخلصاً رحيمــــاً لا يسمح بتجربتك ،
ألاّ بقدر ما هي التجربة تمرين لـــــــــــــــك
وامتحان تدرك به نفسك بعد أن كنت تجهلها .
العنقـــــــــــود مدلي في الكرمه ،
وحبة الزيتون على أمهــــــــــا .
وطالما همــــــا عــــــــــلى أمهمــا ،
فأنهما يتمتعان بالهــــواء الطـــلق .
فـــــلا العنقــــــــود يصـــير خمراً ،
ولا حبة الزيتون تصــــير زيتاً .
ما لـم يمـــــر فوقهما حجر المعصرة .
تلك هي حال البــــشر الذين دعــــــاهم اللــــــــه قبـــل الأجيــــال ،
ليجعلهـــم شبيهين بإبنـــــــــــــــــه ،
الذي ظهـــر ،بنوع خاص ، في آلامه ، وكأنه كرمــــة ثمينــــــة .
إن كنت منهم قبل أن تباشر خدمة الله فسوف تتمتع بحرية لذيذة في العالم نظير العنب والزيتون المدليّ على الشجرة ، ولكن ، بما أنه قيل :
( يا بني إن أقبــــــلت لخدمــــــة الــــرب الإلـــه
فاثبت على البرّ والتقوى وإعداد نفسك للتجربة )
" بن سيراخ 1:2 ".
أعـلم أنك إذ تقبـــــــل عـــــــــــــلى خدمة الرب الإله :
تقبــــــل إلي المعصـــــــــــــــــرة ،
لتفـــــرك وتســـــحق وتضغـــــــط ،
لا لكــــي تهــــــــــــــــــــــــــــــلك ،
بـــل لكي توضع في اقبيـه اللـــــه ،
وكمــــــا ينزع عن العنب قشــــره ،
هكــــــذا ينزع ، عنــــك أيضـــــــاً ،
معطف الشهوات اللحمية .
التي قال بشأنها الرسول :
( أخلعوا عنكم الإنسان العتيــق
وألبســــــوا الإنسان الجـديد )
" كولوسى 9:3 ".
وهـــــذا كـــــــــــــــله لا يتـــــــــم
ألاّ تحت ضغــــــــــط الألــــــــــــم .
حين تدخل المعصرة تسحق
ويسحق فيك الميل إلي المسرات العالميـــــــــــة ،
الزمنيـــــة الهــــــاربة ، والزائــــــــــلة ،
وبـعد أن تتحمل بسببها في هذه الحيــاة العذابــــات ، والتجــــــــارب ،
والضيقــات ، والبلايا الكثيرة .
تشرع تبحــــــث عن الراحــة ،
الــتي ليست في هذه الحيـــاة ،
ولا من هــــــــــــذه الأرض .