الفصل الثاني عشر
في تحمــــــل الضيقـــــات
إن كنت للمسيح تلميذاً حقاً ، فأنتــــــظر الضيقات في هذا العالم ؛
ولا تــــــرجُ ما هــــو أفضل منها وأدعي إلى الطمـــــأنينة .
لا تعد نفسك بمـــــــــــــا لـــــم يعـــــــدك بــــــــــه المســـــــيح .
الإنجيل يقول في آخر الأزمنة تكثر الشكوك والآثام والضيقات ،
ولكـــــــــن( مــــــــــــــــــــن يصــبر إلي المنتـــهي يخــــلص )
" متى13:24 ".
يحســن بك أن تنتــــــــــــــظر المســـيح الــــــــــــذي لا يغــــــــش أحــــداً ،
أنتظـــــــره لأنه وعدك بالفرح في ذاته ، وليــــــــس في العـــــــــــــــــالم ؛
وطلب منك أن ترجــــــــــــــو الملك معه إلي الأبـــــد ،
بعــــــــــــــد زوال هـــــــــذه الأشياء كلها ،
خوفاً من أن تفقد ســـــــعادتك فــــــــوق هذه الأرض ولا تجدها في الأبدية .
إن شـــــــــــئت أن تمـــــــــــــــــــلك في هذا العـــــــالم .
أحمل صليبـــك ، وتحمَّل المشقات ، وأتبع المســـــــيح :
متى بــــــــدأت تقتـــــــــــــــــــــــفي آثار المســـــــــيح ،
متبعاً وصاياه ، ســـــالكاً ســـــــلوكه قام ضدك الكثيرون وصدوك عنها وحوّلوك ؛
وبين هـــؤلاء تجـــــــــد أناســــــــاً من تلاميذ المســــيح أنفســـــــــــــــــــــــــهم :
إن الذيـــــــن منعـــــــوا العميـــــان من أن يهتفــــوا لــه كانوا يمشــــــون معــــه .
وبالتـــــــالي إن شئت أن تتبع المســـيح فاتجه إلــــــــي الصــــليب ،
مهمـــــــــــا تهددوك ومنعوك وتملّقوك : تحمَّله أحملْه ، ولا تقنط .
إن أبغضك العالم فاعـــــلم أنــــــه قد أبغض المسيح قبلك ؛
وليعلم هذا أيضاً جميــــع النـــاس لأنه ليس خاصاً بالعذارى دون المتزوجات ؛
إن عرفته الأرامل وجب على الزوجات أيضاً أن يعرفنــــــــــه .
وإن عرفه الإكليريكيون فعلي العلمانيين أيضاً أن يعرفوه على الكنيسة بأســــــــرها ،
على جســـــده كـــــــله وعلى جميع أعضــائه بما لهـــــم من مراكز خاصةً بهــــــم
ومميزة أن يتبعوا المسيح .
لطهارة العذارى مكان فقرب المسيح كما لعفة الأرامل وحياء المتزوجين .
على هــــؤلاء الأعضـــــاء كلهم الذيـــــــــــــــــــــن يحتلون مركزهم في جســـــــــــــــــد المســيح ،
وفقاً لجنسهم وحالتهم ودرجتهم أن يتبعوا المسيح ويحملوا صليبـــــهم ويحتمــــــــــــلوا في العالم ،
حبـــــاً بالمســـيح ، كل ما في العالم من ضيق ،
وعليهــــم أن يحبـــــــــــوا ذاك الذي وحده لا يخون ،
ووحده لا يغـــش ولا يغــــــش . عليهم أن يحبـــوه . .
لأن مواعيده صادقه ،
إنمــا عليهـــــــــــــم ألاّ يترددوا في إيمانهم به لأنه لا يلّبي طلبهم للحال .
أحتمل باستمرار وأنتظـــــــــــر ، تحمــــــل آنذاك .
لا تطلب المسيح آلاّ حيث أراد أن ينــــــــادي بـــه ،
حافظ عليـــــــــه وأحفــــــره على صفحــات قلبك .
تعليمـه ســـــــور بوجه هجمــات العدو ومكــائده .
لا تخـــــــــف لأن الشيطان لا يجرّب ألاّ متى سمح له بذلك ؛
ومن الواضح أنه لا يعمـــــل شـــيئاً إلاّ إذا أستأذن وأرسل .
أنه يرســــــــــــل ، نظير الملاك الشرير ،
ويعطي ما يطلب ، إمتحاناً للأبــــــــــرار واقتصاصاً من الأشرار .
وماذا تخشي إذن ؟
سر في الرب إلهك وكن مطمئناً فلن تقاسي ســـوي ما أراده لك .
إن ما يسمح به من عــذاب لك ، يكون بمثابة عصــــــا تــأديب ، وليس عقاب من يهــــــــــــــلك :
أو تعد للميراث ثم تحتقر الَجلَد ؟ هَبْ أن ولداً رفض ضربات أبيه وصــــــفعاته فكم يكون متكبراً ؟
كم يكــــــــون غير قابل للإصلاح ومحتقراً تأديب أبيه ؟
ولِمَ يعلـــــــــمّ الوالــد إبنـــــــاً له وهو إنســـــان مثله ؟
أنه يعلمــــــــه لئلا يضيـــــــــــع الخيــــــور الزمنيــــة التي ربحها وجمعها له ،
وعليــــــــــــه أن يتركها يوماً ما طالما أن الاحتفاظ بها إلي الأبــــد غير ممكن .
انه لا يعلم أبنه لكي يملك معــــــه بل لكـــي يمــــــــــــــلك بعــــــــــــده .
إن كــــان الأب يعلّــــــم الابــــــــن الــــــذي ســـــــــوف يخــــــــــــلفه
ويمـــــــــــــــرّ في جميع الحالات التي مَـــرَّ هـــــو عينـــه فيهــــــــــا ،
أفلا يعلمك أبوك الذي لن تخـــلُفَه إنمــــــــا تذهــــب إليه لتقيـــم معــــه
في المــــــــيراث الــــــــذي لا يفني ولا يزول إلي الأبد ؟
وهذا الميراث هو الأب بالــــذات : أتملكــــه في المســـــــــــــــــــــــتقبل
وتأبي أن تعرفه الآن ؟
أحفظ إذن تعليم أبيك .
أتبع المســيح على طـــريق العذابات والإهانات والإفتراآت الكاذبة والصليب والموت .
من الضروري أن تتحمـــل الإهــانات وســــخرية من يأبـــــون أن يعيشوا في تقوي ،
هؤلاء الذين وضــــعوا ســـعادتهم كلهــا في الأرض.
أن الله يدّربك بواسطتهم ويعلمك من خلال ملاحقـــــاتهم لـــك ،
لأن خـــــبث الشـــــرير يجــــلد البــــــار والعبد يؤدبّ الابن .
الله يستخدم ههنا الخاطئ لكي يجربك كما أستخدم الشــيطان ،
لكي يجــــــرب أيـوب ويهــــــوذا لكــي يســـلّم المســــيح .
الكافر يغضب عـــــــــــــــليك إمتحــــاناً لـــــــــبرّك ،
ومتى انقضي زمن امتحانك وزلت أنت أيها الممتحن ،
يزول معك من هذا العالم منْ كانوا يمتحنونك .
أبحث الآن عن دور الخاطئ تجـــــــــــــــــــــــــــــــده .
صنع الله من الخاطئ عصا ومنحه الكرامة والسلطان .
بهـــــــذا يقوم أحيـــــــــاناً فيمنح الخاطئ القدرة على مقاومة مشاريع الناس وعلى تــــأديب الأتقيــــــاء .
يُعطــــــي الخـــــاطئ ما له . لكن اللــــــه يستخدم لخير البار وهلاك الكـــافر . أبحث عن مكانه فلن تجده .
ولمـــــــــاذا يفـــــرح الكـــــــافر ؟ الأن الله اتخذه عصـــــا تـــأديب ؟
لخدمتــــــك أتخــــــذه ، وعلّمـــه ، من أجـــــــــل الميراث الأبــــدي .
لا تنظر إلي ما يسمح به للأشرار بل أنظر إلي ما يحتفظ به للأبرار .
كثـــــــــــــــــــيراً ما يعمل الله عملك :
حـــــــــين تغضب تتناول عن الأرض عصا أو غصناً من كرمـــة ،
فتضرب به ابنك ثم ترميه في النار وتحتفظ لابنـــــك بمـــيراثك .
وعلى هذا النحو فإن الله يعلم الصالحين بواسطة الأشرار .
وبالقوة الفانية للذين أعدَّهــم للهــــلاك يدّرب على الطاعة أولئك الذين أعدهًّم للحرية .
التبن شيء والحنـطة شــــيء أخــر،
ومـــع ذلك فالنورج يمرّ فوق كليهما ليســحق التبــــــن ،
وينـــــقي القمـــــح .
أيًّ خير لم يتـــــح لك اللــــــه على يــــــــــــــد يهــــــــــوذا الخــــائن الشــــــرير ؟
وكم خير جنت الشعوب المؤمنة من قســـــــــاوة اليهــــــــود أنفســـــــــــــــــــــهم ؟
لقـــد مــــات لكـــــي تتــــــأمله ، مصلوباًَ ، أنت ، يا من كان عليك أن تقتلك الحية !
أنه يعرف خاصته ، إن كانت حبات الحنطة مطمورة في التبن ،
فــــــــإن عيني المغربل لا تنخـــــــــدعان .
لا تخفْ من أن يجرفك التيار مع التبن .
ومــــع أن التيار قــــــوي ، فأنه لا يحمــــل حبة واحــــــدة لجهة الـتبن ،
لأن مـــــــــــن يمــــيزّ الحنطة عــن الــتبن ،
ليـــــــس مزارعاً عاديــاً بل الله الثالوث وهــــــــــــــــــو يكون حَكَماً .