الفصل الثامن
أنه لمن الصعب عليك أن تتــــــــغيَّر كليــــــــــــاً بحيث لا يبقي فيك ما يسـتحق اللـوم .
إن احرزت تقدمـــــاً وعشت وفقاً لما يتطلبه البرّ فلستَ تحيا ههنـــا بلا خطيئــــــــــة ،
لأن الأخطــــــــــــــاء التي تسميها جرائم كمثل :
انتهــــــــــــــــاك حرمة الأقداس ، والسرقة ،
وشهادة الزور، ليســــــــت وحدها خطيئة ،
ولكنه خطأ أيضاً :
أن تنــــظر إلي ما حرَّم عليك النظر إليـــه ،
وأن تســمع مــا حـــظر عليك ســــــــماعه ،
وأن تفكــــر بما لا يجـــوز لك التفكـير بــه .
كــــــــم خطيئــــــــــة يرتكبها اللسان ؟
وكــــــم أقوال تافهــة لا تليــــــــــــــق بالمناسبات التي فيها تقال ؟
ألا تعمــل اليــــــــــد شــــــــــــــــــــراً ؟
ألا تسرع الرجـــــل إلي المحــــــرمات ؟
ألا تتجــه العــــــين إلي المخجــــــلات ؟
ألا يتوق اللســـان إلي ما لا يليــــــــق ؟
قـــل لـــي . ما الــــــــــــذي يضبط أفكــــــارك ؟
في صـــلاتك غالبـــــــــــــاً ما تفكّر بشيء أخــر
وكأنــــــــــك تنــــــــــــسي ذاك الـــــذي أنــــت واقف أو ساجد بحضرته .
وأنــــــــــــك لتخطـــــأ فــي ما تجــيزه لنفســك ، متى تعديت القيـــــــاس ، مثـــلاً في الأكــل ،
مع العلم أن الأكل ضروري ،الخطايا التي عنها نتكـــــلم ، يوميــــة هــي ، برغم أنها أخطاء ،
وهـــــــــي ليســت خفيفـــة لأنهـــــا كــــــثيرة .
أني أخشي السقوط بسبب عددها إن لم يكن بسبب ثقلها ،
لا تهملهـــــــــــــا لكونها خفيفة بل خــــــف منهـــــــــا ،
لأنهــــــــــــــــا يومية صغيرة ، هي حبات الرمـــــــل ،
ومــــــع ذلـــك إذا وضع منها في الســـــــــــــــــــفينة أكثر مما يلزم غرقت السفينة .
صغيرة هـــي نقــــاط المــطر ومع ذلك أليســـــــــــت تملأ الأنهار التي تهدم البيوت ؟
ولو تألبت عليك هذه الخطـــايا كلها ألا تضغط عليك برغم خفتها ؟
وما همــــــــك ؟ أســـــــــحقك الرصـــــــــاص أم الرمـــــــــــــل ؟
الرصـــــاص وحده متراصة والرمـــل مجمـــــــــــــــوعة حبات صـــــغيرة ،
إنمـــــــــــــا كثرتهـــــــــــــا هي التي تضغط عليك كدس الأشياء الصغيرة ،
وأجعل منهــــــا كومـــــــة لا بـــأس بهــــا :
وأجعل منهــــــا كومـــــــة لا بـــأس بهــــا :
صغيرة هي حبّات القمـــــح إذا جمعتها جعلت منها كدسة تمـــــلأ الأهــراء .
وأنت سوف تلقي في المستقبل الكومة التي كنت تجمعها كل يوم ،
أنت تجمعها واحــدة واحـــــده لتجدها بعـــــــــدئذ كومة كـــبيرة ،
فـــــــــــــلا تســـــــــــــــــتهن بهذه الأخطـــــــــاء الخفيفــــــــة :
إن إســتهنت بهـــا ساعة تقـــــوم بهــــا فخف منهـــا ساعة تحصيها .
تجــــنبت الثقيــــــــل منهــا ولكن ماذا تفعل بالخفيف منهـــا ؟ ألا تخاف منهـــا ؟
لقــــــــــد ألقــــيت الحــــجر فحذار مــن أن يخنقك الرمــــل .
وبالتالي ، إن خفّت خطاياك ، ثم كـــــثرت ، صــــــــــــــارت كومة تضغط عليك ،
وغفر الله لك بصــــــــلاحه الخطايا نفسها ، التي تتمكن من الهرب منها ههنـــا .
إن تجاوزت الحد أهــــــــــــنت الله وأحصاك مع المجــــرمين ،
وحين لا يكــــون لأحد عليك شيء فأغفر لكل من خطئ إليك .
لكي يغفر الله لك ما خطئت به إليــــــــــه ،
أمــــــــــــــــــا إن رفضت استعمال الدواء على هذا الشكل ،
فقــــدت كل أمــــــل لك بالخـــــــــلاص .
لا يغفر الله لك إلاّ إذا غفرت أنتَ لمن أساء إليك .
ضع هذا الرأي في قلبــــــــــــــك بمثابة دلـــــــو تسحب به المـاء من الســــــــفينة ،
لأن ماء البحـــــر يتسلل حتمـــــاً من ثقوب هيكلها حتى إذاً كَثُر فيها .
ولم يكن فيها دلو غرقت السفينة .
وعلى هذا النحو تدخل الخطيئة في حياتنا ههنا مع أمواج هذا العالم ،
من خـــــــــــلال شــــــــقوق ضــــــــعفنا وطبيعتنا الآيلة إلي الموت .
تمسَّك بهذا الرأي بمثابة دلو تفرغ به من قلبك الشرّ لئـــلا تغـــــرق ،
أترك لمدينيـــــك ديونهــم لك لكي يترك الله لك دينك ،
وتعتمــــــــــــــد هذه الطريقة لتفــــرغ كل ما فيـــــك من شــــــــــــــرّ .
إنما عليك أن تكون فطنـــاً يا مـــــــــن لا تزال عـــلى البــحر ؛
ولا يكفيك أن تقـــــــــــــوم بهـــــــــذا العمــــل مــــرة واحده ،
بل عليــك أن تقــــوم بـــــه مراراً إلي أن تجتاز أرض الوطن ،
حيــــــــث لا أمواج تضربك
ولا يبقـــــي عليــــــــــك أن تغـــــــفر إساءةً لأحد ،
ولا أن تستميح الغفران عن خطــــــايا لم تقترفها .