الفصل الثالث
و مع أن الرب :
قـــــاض عادل يشـــــجب البخـــــــل في كل آن و مكان ،
فأنــــــــــــــه يبيــــن لنــــا نظـــــير معلّــــــم حقيقــــي ،
كيـــــــــــــف ينبغي لنا أن نسـتعمل ثــــــروات الأرض .
كن يقظـــــــاً فـــــــــــــي اســــــتعمال ثـــــــــــــرواتك ،
لئــــــــــــــلا تبقي عطية الله لك بــلا فائدة بين يـــديك ،
هل عنــــدك ذهـــب و فضة ؟
إن أحسنت التصرف بهمــا كانـــــا لك خـــــــــــــــيراً .
و إن كنــت شـــــــــــــــريراً فستسيء التصرف بهما .
الذهب و الفضة هما شــــرّ للأشــــــــــــــــــــرار ،
و خــــير للأبـــــــــــــــــــــــرار .
لا لأن الذهــب والفضـــة يجعلان النـــاس أبراراً ،
بل لأن النـاس الأبـــــــرار يستعملونهــــا للخـير .
هل تشتهي المجد ؟ خـير هــــــــــــو شرط أن تحســن التصرف به .
كــــم من النــــاس كان المجــــــــــد ســــبباً لخـــــــــــــــــــــرابهم ؟
و كم من النــاس أفادوا من المجـــد قيامــــاً بصــالح الأعمــــــــال ؟
كــــــــــن شجرة صالحة . لا تفــكر بأن تحمل ثماراً صـــالحة .
إن بقيت شجرة عاطلة ، لــــــــن تــــــــأتي الثمـرة الصالحة ،
إلاّ مــــــــــــــــــن الشجرة الصالحة .
غير قلبك يتغير عملك ، أســــــتأصل الشهوة ،
وأغـــــرس المحبــة .
وكما أن الشـــــــهوة هي أصل الشــــــرور كلها ،
هكــــــذا فالمحبـــــــة هي أصل الخـــيرات كلها .
آه ! لو تعـرف ما هــــو الخــــــــــــــير !
بسيط هو ما تـــريد الحصول عليه ،
أمــــــــــا ما لا تريد أن تكـــــــــون ،
فــــــذاك هــــــــــو الخير الحقيقي .
وجّه عينيك إلي نفســـك ، و تعلّم أن تعــرف ذاتك بالتمام .
ناقش نفسك و أمتحنهــا ، و أبحــث عنهــــا وجــــــــدها ،
و أهدم فيها ما لا يليــق ، و أزرع محــــــــله ما يليـــــق .
إن وجدت خالياً من الأعمال الصــــالحة ،
فكيـــــف تتـــوالي الخيرات الخارجية ؟
و أي نفع لضمير فارغ مـــن صندوق ملئ بالثروات ؟
و أي نفع لــك ممــــــــــــــا فــي حــــــــــــــــــوزتك .
حـــــــين لا تملك ذاك الذي أعطـــــاك كل شــــــيء ؟
لا تضع رجاءك في الــــــثروات الزائــلة ، بل في اللــــــــه ،
الذي يوفر لك كل شـــــيء بكثرة لتتمتع به .
الزمنية منها للإســــتعمال والأبدية للتمتع .
لو تأملت بحكمة قلق الـــثروات ، لمــــا أســـــــــــــــــــــــــــــــتكبرت ،
بـــــــل لأستولي عليك خوف مستمر .
وكلما زدت غني كلما زدت قلقاً ، لا على هـــــذه الحيـــــاة وحســـــب ،
بل على الحيــاة الأخـــرى أيضـــــــاً .
وفي الواقـــع :
فقراء كثيرون كانــــــوا أكثر طمأنينـة وســــــــط مشــــــاكل العــــــــــــــالم .
وكثـــــــيرون اشتهروا ولوحقـــــــوا بســـــــبب ما جمعـــوا من ثـــــــروات ،
وآخــــــــرون تذمـــروا لأنهــــــــــم لم يستطيعوا الإبقاء على ما وصل إليهم .
و كثيرون أسفوا لرفضــــــــهم مشورة ســيدهم القائل :
( لا تكنزوا لكم عــــلى الأرض كنــــــــــــــــوزاً ،
حــــــــــــــيث يرعى السوس و العــــــــــــــث ،
ويثقــــــــــــب اللصـــــــــوص فيســــــــــرقون .
بـــــــــــــــل أكنزوا لأنفســكم كنوزاً في السماء )
" متى20،19:6 ".
كثيرون رفضوا مشورته فحـزنـــــوا لأنهم لـــم يطيعـــــــوا ،
ولم يخســـــــروا خيراتهم وحسب ،
بل خســـــــــــروا نفوسهم بسببها .
إليك رأيـــي في الثروات التي تبـــغي الحصـــول عليهــــــــــا ،
إن كنــــــــت تحبهـــــــــا فــــــــلا تخســــــــــــرها ؛
و إن كـــنت تحبهـــــــــا ها هنا فسوف تهلك معك .
أرسلها قبلك حيــث يجــــب عليـك أن تذهــــب ،
مخافة أن تخسرها ، حياً أو ميتــاً ،
حبــــاً بهـــــــــــــــا فوق الأرض .
لقد أعطيتك ، منــــــــــــــــذ الآن ، رأيـــــــــــــــي ،
وأنا لم أقل ، أخســــــر بل أحفظ . أتريد أن تجمع ؟
حســـــــن ، أنا لا أقول لا تجمـــــــع بل أين تجمع ؟
خـــــــذني مسـتتشاراً ولا تعتــــبرني خـــــــــــائناً .
أعط الله باطمئنان ،
وألـق بنفســـــــك بين يدي من يحتفـــــظ لك بخيرك في السماء ،
لأنـــه هـــو ذاتــه يرعــاك فوق هذه الأرض طــالما أنت حــيّ .
أتريد أن تحتفظ بثروتك ؟ دبرهـــــــــا كمـــــــــــــا تريـــــــــــــد ،
إن وجـــــــــــــــــدت لها حارساً أفضل من المسيح فسـلّمه إياها .
أنفض عنــك كســـــــلك وأقبل مشورتي ، أعط المسيح الجائع وأكنز للسـماء .
أصنع ميثاقاً ! قد تخشي أن تخدع و تسلب وتبحـــــــث عمًّـــن يحمل رسالتك .
المسيح هو معـــــــك :
لكــــي يأخذ مالــــــك ، و يحفظه لــــــــــــــــــــــــــك ،
لــــــن يخـــــــــــــونك ، بــــــــل سيحمل كنزك بأمانه ،
لســتُ أقــول لـــــــــك ، أعــــــط كـــــل مــــــــــــــا لك ،
أحتفظ لنفسك بكفافهـا ، و أحتفظ لها بأكثر من كفافهـا .
أعــط جــــزءاً مما لك ، وأي جزء ؟ العـــــــــــــشر؟
.. الكتبة والفريسيون يعطــــون عشـر أموالهـــم ؛
إخجل ؛
لان الذين لم يسفك المسيح دمـــه فى ســــــــــبيلهم ،
قـد اعطـــــوا العــشر .
الكتبة والفريسـيون يعطـــــــون عشـــــــــــر اموالهــــــــــــــــم ،
وأنـــــــــــــــــــــت تدًّعي الكرم حين تعطي الفقير كســرة خــبز ،
قــــــــــــد لا توازي جزءًا من ألف مما لك ؟
ومع ذلك ، فلست أوبخك أعمـــل هـــذا على الأقــل ،
بيـــــــــد ، أني لســــــــت أسـكت عمّـــا قاله الــربّ .
( إن لم يزد برّكم على الكتبة والفريسين ،
فلن تدخلـــــوا ملكــــــوت الســــموات )
" متى 20:5 ".
هو لا يمالق { أنه الطبيب الذي يدخل إلي الصميم } .
ســــــل ذاتك وأنظــــر إلي أعمـــــــــالك ، وإلــى إمكاناتــــــــــــــــــــك ،
أنظــــــر إلي ما تعطي و إلي ما تعـطــي ، وإلــى ما تبــــقي لنفســـــــك ،
أنظـــــر إلي ما تنفقة على عمل الرحمة ، وإلــى ما تحتفــظ به لذاتـــك ؟
أشرك قريبك بما لك ، وأعطه بســهوله ، وأكنز لنفسك كنزاً للمستقبل ،
بلوغاً إلي الحيـــــاة الأبديــة .