الفصل العاشر
في صبر الله على الخطاة
بقدر ما يجب عليك أن تتكل على رحمة الله ،
بقدر ذلـــــــــــــــــــــــــــــــــــك تخشي عدله .
لأن من افتـــــــداك برحمتــــه ،
يدينـــــــك بعـــــــــدله .
وأن تَرَفَّــــــــــق بك ، أيهـــا الخاطئ المتمادي في غيّــه ،
فلا تعتبر موقفه هذا ، إهمالاً بــــــــل صـــــبر منه عليك .
لم يفقد قدرته إنما أبقـاك لــزمن توبـــة :
خفت عـــدله إن رغــبت في رحمتــــــه ؛
يُســـــــامح الآن إنمـــــا لن يصـــــــمت ،
وإن صـــــمت فإلي حين ،
ولن يصــــمت إلي الأبـد .
متى كلمك الرب في شريعته ، فأصــغ إليــه .
وإن شــــــــئت أن يترفق بك ، يوم الـــدين :
اليـــــــــــــوم ، ينبهــــــــك بلــــــــــــــطف ،
أما بعدئـــــــذ ، فأنـــــــــــه يطالبــــك بعـدل ،
ويجازيــــك بحسب أعمالك .
الوقت الآن هو وقــــــت رحمـــــــة :
يدعو الخاطئ ، ويغفر للتائب آثامه ، ويصبر عليك حتى تتــــوب .
أياً كــان الوقـــــــت ، الـــــذي فيــــه تتــــــــــــوب ،
فأنــــــــــــــــــه يتنـــــاسى المـــــاضي و يعــــــــــــدك بالمســتقبل ،
نـــــــــــــــــراه يستـــــــــــــــــــــحثك إذا كنــــــــــــت كســــــــــولاً .
ويؤاســــــــــــــــــيك إذا كنـــــــــــــت متضــــــايقا ،
و يعلمــــــــــــــــــــك اذا كنــــــــــــت متنبهـــــــــا ،
و ينصــــــــــــــــــرك إذا كنــــــــــــت مجــــــــاهداًَ ؛
ولا يتخـــلًًّى عنــــــك إذا كنــــــــــــت في شــــــــدة ،
وصرخــــــــــــــــــت إلي الرب إلهك ليعطيك كفافك ،
فترفع إليه الذبائـــح ، إذا منحــــــــك ما به ترضيــه ؛
فــــــلا تــــــدع زمــن الرحمـــــــــة ، هذا الطــــــويل يمــرّ ويفــوتك .
لقــــــــــــــــد أعطيت زمناً للإصــــــــلاح .
ولكنــــــــــك آثــــــــــرت المهلة المعطاة ،
عـــــــــــــلى الإصـــــلاح عينـــــــــــــــه .
إن كــــنت شريراً بالأمـــس ، فكن اليـــــــــــوم صــــــــــالحاً ،
وإن قضيت يومك في الإثــــم ، فغيّر ما أنت فيه غداً على الأقل .
إنــك لتنظــــر دائماً رحمة الله ، وتعد نفســـــــــــــــك بهــــــــا ،
كما لو وعدك بحيــــاةً أطــول ، يوم وعـــــــــــــــدك بالغفران .
وأنيّ لك أن تعرف ما يحمـــــــل لك الغــد ؟
ســــوف يكـــــون خــــــــــــزْيك مشـئوماً ،
إن لـــــم تقبل الخزي ، اليـــــــوم ،
حبـــــــاً بالخـــــــــــــــــــــــلاص .
إتضع فــوراً واطرح عنــــــــك الســبل المعوجة .
واحتفظ لنفســـــك بالسبيل القـــويم .
لا أحد يحيا ولا واحد يخـــــزي ،
إلاّ وعـاش أولاً في الخــــــزي .
يمنحك الله في الوقت الحاضر سبيلاً إلي خزي خلاصي ،
إن لم ترفــــــــض الاعــــــــــــــــتراف دواءً .
أمّا إذا لم تشأ أن تخزي الآن
فسوف تخزي ساعة تسوقك آثامك أمام الديان
وتخزي حين تقول :
إليكـــــم من سخرتُ منهم وعيّرتهــــــم ،
لقد كنت في جهلي أعــتبر حياتهم جنوناً ،
فكيــف بهم يحصـــــــون مع أبنــــاء الله ؟
وأي نفع لي مـــــــــــــــن كــــــــــبريائي ؟ .
قل الآن ما قد تقوله آنذاك تكن لك منه فائدة .
و قل للحال : " و أي نفع لي من كبريائي ؟ "
خـــــــــــــــــــــزيك ، الآن ،
وفي زمن التوبـــة ، لخـــلاصك .
أما بعدئذ فقد يكون متأخــــــــراً ،
عقيمـــــــــاً ،
لا فائدة منه .
استمسكْ باللـه في اعــــترافك ؛
ولا ترضَ بما لا يرضي عنــه .
حياتك الشـــــريرة لا ترضيـــــه ،
إن أنت رضيت بها انفصلت عنه ؛
وإن لم ترضَ بهـا انضممتَ إليه بالإعــتراف .
أنظـــر كـــــــــــــم أنـــــــــــــــت مخالــــف له .
حين لا يرضــــــي عـــــــــــــــن تبايُن بينكما .
على صورة الله خلقت ؛
فشوَّهتَ فيك هذه الصورة وقضيتَ عليها بحيــاةً شريرة .
وأصبحــــــــت مناقضـــاً لـــه .
إن نظرت إلي نفسك لم ترضَ بهــــــــــــا .
ســــــــوف تستعيد الشــــبهَ به .
حين تأنف من كل ما يأنف منه .
ومـــــتى أنفـــــــت من نفســـــــــــــــك .
أتـــــــــاك الله راحمــــــــــــــاً ،
ولو شاء أن يعــــــــــــــاقبك ،
فأنه يغفـــــــــــر لك .
إن ندمـــــتَ ندامةً صحيحة ، أصلحتَ نفسك بنفسك .
كن صارماً مع نفســـــــــك ، يــــكن الله لك رحيمـاً .
وإن عرفت إثمــــــــــــــــك غــــــــــفر لك .
تحولْ جهدك :
مهّد النتوءات بالمحراث ونقّ الحقل مــن الحجارة ،
واقتلـــــــع منــه الأشواك .
لا يكـــــن قلبك جــــافاً ، فتقع منـــه فوراً كلمة الله .
ولا يكن أرضاً خفيفة ، لا يدخلهــا جــذرُ المحبــة ،
ولا تخنــــــــــــــــــقْ بهمــــوم العالم وشهواته ،
زرعـــــــاً صــــــالحاً نــــــثرته فيــــك يـــــــداي .
ولا تَقُـــــــــــــــــلْ : خطئـــــــــــــــت وماذا أصـــــــــــــــــابني ؟
ما فقد الله قدرته ؛ ولكنه يطلب منك أن تتوب .