الفصل الحادي عشر
يتحرك اللسان بسهولة في جوّ الرطوبة حيث يقيم وينزلق بسهولة في المنحدر .
وبقدر ما يتحرك بسهولة بقدر ذلك عليك أن تكــــون صارماً معه .
تتغلّب عليه ، إن كنت يقظاً ؛ وتكون يقظاً ،
إن خفت وفكرت بأنك مسيحي .
أنت تروضّ الحيوان البري وتعجـــز عن ضبط لســـــــانك ؛
وتروضّ الأســـــــــــــد و تعجـــز عن ضبط لســـــــانك ؛
وتروضّ الأســـد بالذات وتجهـــل كيف تروضّ نفســـــــك ،
تروضّ ما تخاف منـــه ولا تخاف مما يجب أن تخاف منه
لكي تقهـــــر نفسك .
إن لم تســـــــتطع أن تتغلب على لسـانك فأفـــزع إلي الله يرّوضْـــه .
بالصواب نطقت : ( لا أقدر أن أكبـــــح جماح لساني ) لأنك إنســان .
تأمل بالحيوانات التي تروّضـــــــــها :
الحصــان لا يروضّ ذاته بذاته وكذلك أنتَ .
إن شئتَ أن تــــــروّض الحصان والثور والجمل
والفيـــل والنمـر والأســـد طلبت إنساناً :
أطلب الله كي يروّضك .
قل : ربّ ،
جعلتَ ذاتك ملجــــأ لي ؛ أني أسلّمك نفسي لكي أجد فيك خـــيري ؛
إذ ليس فيَّ سوي الشر . تخــــــلَّيت عنــــــــك فأسلمتني لنفسي ؛
سوف أجد فيـــــك ذاتي لأنــــــــــــــــــــــــــــي هلكت لوحــــدى .
صـــــــــلّ إلـــــــــي الله فيجـــــــــعلك طيّعـــــاً إن استسلمت إليه لكي يروضكّ .
الأسد الذي لم تصنعــــه . قد روّضته ،
والذي صنــــــــــعك ألا يســتطيع أن يروّضك ؟
صـــــــــــورة الله تخضع لها البهيمــــة ؛
أوَ لا يستطيع الله أن يخضع له صورته ؟
أجعل للســــانك ضــــــابطاً ؛
لأن المهــــــذار لا يعـــــرف كيف يسير على الأرض .
المهــــــــــــــــذار يهــــــــوي الأكــاذيب ولا يلتذ إلا بالكلام . إن تكلم لم يفكّر بما يقول ؛
وبقـــــــدر مـــــا يبــــــدي من فضـــــول نحو عيوب الغير
بقــــــــدر ذلـــك يخف اهتمامه بخطاياه ؛ يبحث عمَّا يجرح ويغفل ما يصلح ؛
وبما أنــــــــــــه لا يســــــــــــــــتطيع أن يجد عذراً لنفسه فهو أبداً مســـــتعدّ لإتهام الآخرين .
المهـــــــــــــــذار ملئ بالسم القتال الذي يؤذي ولا شك أكثر من سم الحيوانات المفترسة والأفاعي ؛
لأن هــــــــــــذه تقتل الجسد وتلك تقتل النفس" إن الفـــــم الكـــاذب يقتل النفس " حكمة 11:1 ".
أجتهــــــد في أن تـــــــــــروضّ لســــــــــانك واستعن بالآخـــــــــرين على ذلـــــــــــــــــــــــــــــك ؛
صلّ بلســـــــــانك لكــــــــــي يروضّــــــــــــــه ذاك القائل إلي خاصته :
( لستم أنتـــــــــــم بالمتكلمــــــــــــــــــــــــــين بـــل أبوكـــــــــم هــــو المتكلم فيكم ) " متى 20:10 ".
بعد أن تدعوك الشريعة إلي القيــــــــام بواجبك
فتعجز عـــن القيـــام به بواسطة قواك الخاصة ، أطلب مساعدة الله.
أمامك البر والإثم ، ولــــك لســــــــان ، أنيّ تشأ توجّههُ ، فلمَ توجههُ إلي الإثم دون البر ؟
أنت لا تعـــــــــطي معدتك أطعمة مـرة فهل تعطي لسانك الخبيث طعام الإثم .
كما تختار طعامــــك إخــــــــتَرْ كلامـــك ؛ لا تخطأ بلســــانك وأنتبه إلي ما تقول ؛
وخـــــــــــــــــذ رأي الحقيقة الداخليـــة ثم أفصحْ عن فكرك لمن يصـــــغي إليك .
غالبــــــــــــــــــــــــاً ما تضطــــــــــرب بســــــــــــــــــــــبب رغبة لك في الكلام ؛
فلا تتأكد مما تقول ، فتقول ما لا يجوز :
الصــــــــــــــــــمت أفضل عــــــــــــلاج لهــــــــذا المرض .
أحفظ هذه النصيحة :
من الأفضــــــل لك أن تستمع ، لا أن تتكلم ؛ وفقاً لما جاء في الكتاب :
( ليكن كل إنسان ســـــريعاً إلي الاســــتماع بطيئــــــاً عن التكـــــــلم ) " يعقوب19:1 " .
وإن أمكنــــك ذلك فأعمـــل على ألاّ تضــطر إلي الكـلام والتعــــــليم .
هاأنذا أقول لك : أكلمك الآن لكي أعلمك شـــــيئاً ؛
وما كـــــــــــان أفضل ثقافتنا لولا حاجة أحــــدنا إلي التعلم من الآخر ،
فــــــلا يتكــــلم فـــــــــــــلان بينما الآخر يصغي ؛
بل نستمع إلي تـــــــــــــــلك الكلمــــة الوحيــــدة التي قيــــل لهـــــا :
( تســــــــمعني سروراً وبهجـــــة ) " مزمور 10:50 ".
ما كان الرسول يوحنــــــا يفرح بالوعظ والكلام فرحه بالاستماع لأنــــه قــــــــــــال :
" أما صديق العــــــروس الواقــف يســــــــمعه فهو يفرح فرحاً لصوت العـــــــروس " ( يوحنا 29:3 ) .
فليمتحن كل واحد نفسه ؛ لا لكي يصـــــــــمت بل لكي يتكــــلم ، وفقا لأصول الكلمة .
وليكـــــــن له من ارادتـــه فرح الصـــــــــمت ؛ وفي الضــرورة صــوت التعـــــليم .
ان ســــــــــــررت بالتعــــــليم الدائــم طلبت جهالاً لكي تعلمهم ؛
اما ان كنت محباً وشئت العلم للجميع فلا تطـــلب ان يظل دوماً أناس جاهـــــــــلون .
ممارسة علمك واختباره ، لا يتعلقــــــان بارادتـــــك ، بـــــل همـــــــــــــا رهن بأحكام الضرورة .
افـــــرح بكلمـــــــــة الله ولا تتكلم الأ عند الضرورة ، لماذا تريد ان تتكلم ولا تريد ان تســــــمع ؟
تذهب دوماً الي الخـــارج وتـــــــــــــــــــــــــأبي الدخول الي البــــاطن .
في الداخل معلمك ؛ متي علمــــت خرجت من نفسك لتعــــلم من هم في الخارج .
من البـــــــــــــاطن تسمع الحقيقة ثم تتكلم إلي من هم بعيدون عن هذا الباطن .
أما إذا ســـرَّك عملك الذي في الخـــارج فأحذر من أن تمتلئ كَبْراً فتعجز عن الدخول من الباب الضيق ؛
ولا يقول لك إلهك : ( أدخل فرح سيدك) " متى21:25 " . أحـــــــــب إذاً الداخــــــــل أكثر من الخارج .
أفــــــــرح من الداخـــــل وتستسلم إلي الخارج ، حـــــــــــــــــــــــــــراً ، بل عن ضــــــرورة .
إن طلبت في هذا العالم أيام الســــــــــــــــــعـد ، فأســــتمع إلــــي رأي العــارف بمكــــانها .
قال الكتــــــــــــــــــاب : ( من هو الرجل الذي يهوي الحياة ويحب أن يري الأيام الصالحة ) ؟
( أحفظ لســـــــــــانك من الشــــــرّ وشــــفتاك لا تتكلمان بالغــدر ) "مزمور14:13".
يشير الكتاب إلي المكافأة ؛ فمــــــا هـــــــي ؟
إنها الحياة والأيام الصالحة ، الحياة الأبدية ، والراحة بلا ألم .
ولـــــكي تحصل عليهـــا ، لم يأمـــرك بعمـــــــــــل متعـــــــب ؛
إنمـــــــا أوصــــــاك بأن تحفظ العضو الذي تحرّكه بســــــهولة أكثر من سائر الأعضــاء ؛
أبعـــــــد لســــــــــــانك عن الشـــــر ، ألاّ يعدّ عملاً بناءُ عمارة ؟ أوليس عملاً حفظُ اللسان ؟
أحفظ لسانك من الشر ؛ و لا تكـــــــــــــــــذب ؛ و لا تتهــم احـــــــداً زوراً ،
و لا تنم باحــــــــــــــد ، و لا تشهد بالــــزور ، و لا تجــــــــــــــــــــــــدف .
احفظ لسانك من الشر ؛ أنظـــر كم تغضــــــب متى نــــــمَّ بــــــك أحـــــد ؛
وكمــا أنك تغضــــب على من قال فيك سوءًا ،
أغــضب على نفســـــك متى أسأت إلي آخر بكلامك .
وشفتاك لا تتكلمان بالغدر ؛
ليكـــــن ما تنطــــق بــــه ، في الخــارج ، نابعاً من أعماق قلبك ؛
ولا تُخْف في باطنك شيئاً وينطق لسانك بشـــــيء أخــــــــــــر .
أبعد عــــــــن الشــــر وأصنع الخــــــــــــــير وبعدئــــــــــــــذ أنتـــــــــــــــــظر ،
مطمئناً ، الحياة والأيام الصالحة .
أتُلحّ في طلب المكافأة وتتقاعس عن العمل؟ لا شيء يحـــــق لمـــــن لا يعمــل .
10 ـ في فائدة التجــارب
|
12 ـ في تحمل الضيقـات
|