الفصل الخامس عشر
في أن ما فيك يظهر واضحاً أمام المسيح الديان
ســــــــوف يأتي يـوم يخضــع فيـه كل شيء للقضاء :
إن كان هذا اليومُ بعيـداً في الزمــــــــــن ،
فهو قريـــــــــــــــــــب من كل إنســـــان ،
لأنه آخـــــــــــــــر يوم من حيـــــــــــاته .
وشـاء الله أن يظل هذا اليوم خفيــاً عن البـــــــــشر .
إن أردت ألا تخــــــاف اليــــــــوم الذي تجهــــــــله ،
فاســــتعدّ لمجيئـــــه .
شـــاهدُك الوحيدُ ، ضميرك .
فلا تخفْ بين القاضي وضميرك سوي قضيتــــــــــــــك :
إن لم يكن لديك دعوى ســـــــوء فلن تخشى شاهد زور ؛
ولن تطلب شـاهد حق .
أطلـب اللــــه قاضيــــاً لك وشــــــــــاهداً ؛
ولـــن يرفض القاضي أن يكون شـــاهداً .
أن الشـــــــــــــــاهد هو قــــــــــــــاض ،
فأطلب منـــــــه أن يســـــــــــــــرع في دعـــــــــواك .
انـــه شـــــــــــــــــاهد لا يستشهد بآخــر لأنه يعــــــــــرفك .
وهو قاض له سلطان أن يحكمَ بالمــــوت وأن يعفــــــــــــــــو ؛
أن يلقـــــــــــــــــي في جهنـــــــــــــــم ،
و يرفــــــــــــــــع إلي الســـــــــــــماء ؛
أن يســـــــــــــوق مع الشـــــــــــــيطان ،
و يكـــــــــــــــــــلل مع الملائكـــــــــــــة .
يــــــــــــــراك الآن من سوف يحاكمــك فلن تستطيع أن تغشّه ،
ويقـــــــــول الله لك :
احتقرتني فرأيتــــك وكفـــــــــــــــــــرت فلم أسحب دعواي
بل أرجــــــــــــــأتها وما تراجعت عنها .
رفضـــــــتَ تعليـمي فذقْ تهديـــــــــــــــــدي :
لو أنك قبلت تعليمي لما كنت تكبدت العذابات التــــي حدثتك عنها ،
بـــل الخـــــــــــــــــيرات التــــي وعدتك بهــا .
أنه يمتنـــــــــــــع الآن عن أن ينتقـــــــــــم
بـــل يرجئ العقاب منتظراً التوبة .
ومــــــاذا تريد أن تعمل ؟ سلْ نفسك حـــــــالاً ،
ادرس وضَــعْك وتأمـــله باطنيــــــاً ،
وضـــــع ذاتك أمام ذاتك وافحصهـــــــــــــــا من الـــــــــــداخل
واجلــــــــــــس إليها وابســــــــــــطها
عـلى مركبة الوصايا الإلهيـــــــــــــــة
وخوّفهـــــــــــــــــــا ولا تغــــــــــــــترّ
وأجـــــــــــــــــــــــبْ نفسـك بنفســـك .
تأملْ نفســــــــــك منذ الآن وافحصهــــــا ؛
لأن الله يدينـــــك علنـــــــاً ساعة مجيئــه .
وماذا يصنــــع بك مـــتى قاضــــــــــاك ؟
يريك مـــــــــــــا لا تـري الآن .
لــــو انك فحصت ذاتـــك بحســــــــــب الحــــــق ،
وما رضــيت بهــــا لكنت أرضيت الآن الله .
ولكن بما أنـــــــك عميت فارتضيت بذاتك ؛
فلن ترضـــي الله ولــــن ترضــــي ذاتــك :
لــــن ترضـــي الله ساعة يدينــــــــــــــــك ،
ولــن ترضي ذاتك ساعة تحترق بالنــــار .
وكيــــف يقنعــك ؟ يضعك أمام نفســــك ؛
ولمــــاذا تخفـــي نفسـك عن نفســــــك ؟
تقف إلي الــوراء كيلا تـــري نفســـــك ،
أمــا هو فســـــــوف يريـــك مـــــــــــا أخفيت وراء ظـــــهرك
فيضعــــــه أمامــــك لــــــــتري قذارتك وتخجل منهــا ؛
ولن يبقـــــــــي لك مجال للإصلاح .
كــــــــن مطيعاً مــا أمكـــــــن ومـــــــــا دام ساكتاً ،
لأنه آتٍ ولــــــــن يســــــكت ،
ومـتى اتهمك فلـــــن يبقـــــــي لك مجال للإصلاح .
أعمـــل الآن مـــــا سيهددك بـــــه اللـــــــــــــــه ؛
قم من وراء ظهرك حيـــث لا تريد أن تري ذاتك
مختبئاً عن أعمـــالك .
وقــف أمام نفسك ،
أصعد قوس نفسك وقاضيهـــــــــــــــــــــــــــــا ،
واتخذ الخوف مهماز عذاب ،
ينتزع منـــك اعــــــــــترافاً .
تقول فيــــه لله :
( أنـــــــــا عارف بآثـــــــــــامي
وخطيئتي أمامي في كل حين ) .
ضــــــــــــــع أمـامك
مــــــــــا كان وراءك
مخــــافة أن يضـــعك اللهُ ديانُك بعدئذ أمام نفسك ،
فـــــــلن يبقي لك مجــال للهـــــرب .
أمـــــــــا إن انقضتْ حيـــــــــاتك بكرامة بين الناس .
ولــــــــــــم يجـــدوا فيها مـــــا يستحق اللوم العادل
تبـــــــــدأ محاكمتك ، وفقـــــاً لقـــــــــــــــــــــاعدة ؛
فيتفحصك بنظــــره ،ويجد فيك ما لا يرضاه القاضي
حتى ولو لم يجـــــد فيهـــــــــا حسُــــك البـــــــاطني
ولا الناس ما يسـتحق اللــــــــوم .
وإذ تخشى هذه الأمور تضطرب ، فيسرّ إليك عقلك قائلاً :
ولما تخشى وأنت لا تســــــتطيع أن تتحاشــــــاها بالتمام ؟
أرجُ الله وضع ثقتك فيه :
الصـــــــــــــــــــلاة تشفيك من بعض الأخطاء ؛
والاعتراف الصادق ينقيـك من البعض الأخــر .