الفصل الثاني
في طبيعة الخطيئة
الخطيئــــة عمـــــــل وقـــــــــول وميل مخــــــــــــالفُّ للشـريعة الأبديــــة .
والحـــــال ، فإن الشريعة الأبدية هـــي العقل الإلـــهي والإرادة الإلهيـــــة ،
التي تدعو الجميع إلي احــــترام نظام الأشياء الطبيعي وتنهي عن تجاوزه .
وبالتـــالي فالخطيئة هي شــــــــــرُّ في الإنســـــــــــان وفوضي حقيقــــــــــــــــة ؛
وبالخطيئة يميل الإنســان عن الخالق الاسمي إلـــــي الكائنات الدنيوية .
أعمالُ الله لك ، خير كلها ؛ إنما فيها الكــبير والصــــــــــــــــغير،
وفيها الروحي والزمــــــــــــــني ؛
ومع ذلك ، فكلّها صــــــالحة لأن صانعها صالح .
ولـــــذلك قيل في موضع ما من الكتب الإلهية : ( ورأيته فيَّ المحبة ) " نشيد4:2 ".
لقــــــــــــــد خلقــــــــــك الله صالحاً إلي حدّ ما ،
ثم وضــــــــع ما هو أدني وأحــــط ووضع دونك شيئاً تعلوه
لتصير أرفع من هذا وأحــــــــــــط مــن ذاك .
إيــــــــــــاك أن تتخــــــــلي عن الاســـــــــــــمي وتتجــــــــــه الــى الادنى .
إن اسأت التصرف بخيــور حزتهــــا ، خطئتَ حتمــا ؛
اســـــــــــــــتعمل خــيور الدنيــــــــا اسـتعمالاً حسناً ،
لتتمتع تمتعاً تماماً بالخير الاســمى .
وتميل الى مـا ليــــس شراً بطبيعتــــه ؛ إنمـــــا يسوء باستعمالك له استعمالاً سيّئاً ،
وبمقاومتك لنظامه الطبيعي ، فتنحدر من الأرفــــــــع إلي الأدنـــــــــــى .
وفي الواقع ، فالبخل ليس عيباً في الذهــــــــــــــــــــــــــــب ؛
إنمــا عيب في من يحبّ الذهب حباً رديئاً ،
متخلياً عن العدل الذي هو أفضل من الذهــــــب ، في سبيل الحصول عليه .
وليست الدعارة عيباً فــي الأجسام الجميلة والأنيقة ؛
إنمــــــــــــــــا هـي عيب في النفس التي تهــــــوي إشباع ملذاتها الجســــدية ، عن طريق الإثم ؛
فتنبذ التعفف والاعتـــدال الذي به نتعلق ، بالــــروح ،
كــــــــــــــــلّ جمال ممتع ، بشــــــــكل صــــــالح ، لا يعرف الفساد إليه سبيلاً .
وليــــــــــس الإعجاب بالنفس عيبــــاً فــي مديـــــــــــح الناس ؛
إنمــــــا هو عيـب في النفس الوسخة التي تهوي تفريظ الناس لها نابذة شهادة ضميرها .
وليســــــت الكبرياء عيباً في ذوي السلطان ولا فـــــي الســــلطة عينهـــــا ؛
إنما هي عيب في النفس الشريرة التي تريد أن تفرض ســلطتها ،
متجاهلةً وجــــود سلطة شرعية أعـــــــــلي منهـــــــــــــــــــــــا .
وبالنتيجة ، فكل من يحبّ خيراً ما ، حبـــــــاً أثيمــــــــــــــــــــــاً ، أياً كان ذاك الخــــــــــــــــــــــــير ،
يأثُمُ هو ذاتــــــــــــــه ، في الخير الذي يحصل عليه ؛ ويشقي لحرمانه ذاته خيراً أفضل .
خفْ من الشــرّ في نفسك ؛ وخفْ من شهوة فيــــك ؛
خفْ مما خلقتَ في نفسك ؛ وليــس لله أي شأن فيه .
الرب خلقك خادماً صالحاً ؛ وأنــت خلقـــــــــــــــــت ، في نفسك ، في قلبـــــــك ،
رَبَّــــــاً شــــــــــــــريراً ؛ فتطيـــــع الإثــــــــــــــــم
وتخضع للــــــــــــــــــربّ الــــــــذي صنعته لنفسك ،
لأنـــــك تأبي الخضـــــوع للــــــــذي خلقــــــــــــك .
أســمع لصوت الربّ الإله الــــــــذي يقــــــــول لك .
صوت المسيح
يا بنيّ إني أكـــره مــا هو منـــــك وأحبكّ أنــــــــــــــت ؛
أكـــره مــا صنعت أنت وأحب ما أنا صنعت .
ومن أنـت ســـوي مــا صنعتُ على صورتي ومثــــالي ؟
إنـــــــــك تهمـــــل ذاتك وتحـــــــــــب أعمـــــالك
وتهمل في ذاتك عملي فتبتعد عني طبعاً
وتعثر وتخرج عن ذاتك .
أصغِ إلي كلامي : ( توبوا إليًّ فأتوب إليكم ) " زكريا3:1 ".
فأنـــــــــــــــــــــا لا أتغير ولا أتخليّ عنك ؛ إنما أصلح ببقائي ، ثابتــــــــاً ،
وغير قابل التغيـــــــــــــــــــير .
ابتعدت أنا ؛ لأنك ابتعدت ، واتخذتني سبب عثرة ولم أجعــــلك تعـــــــــثر .
أصغ إذاً إليَّ : ( توبوا إليَّ فأتوب إليكم ) . وهذا يعـــــــــــــــــــــــــــــــني ،
أني اتجه إليك بعد أن ترتدّ إليّ .
إنـــــــــــــي أتعقــــــــــــــــــب الهـــــــــــــــــــــــــارب وأنــــير وجــــه التأبين .
إلي أيــــــن تهرب بعيداً عني أنا الموجود في كل مكان والــــذي لا يحده مكان ؟
أخلّــــــــص الباحــــــــــــــــثَ عنـــــــــــي وأعـــاقب من يهجـرني ؛
إذا هربت مني وجـــــدتَ قاضيــــــاً ؛ الأفضـــل لك أن تتوب إليّ فتجـــد أبـــاً .
لا تسيء التصرف بحريتك ، فتخطــــــــأ حريتـــــــــك ؛ بمــلء إرادتك ،
كيــــــلا تخطـــــأ ؛ لأن إرادتك تكون حرة إذا كــــانت صالحة .
صوت النفس
لقــد فاضت علىّ رحمتك يا ربّ وعطفــــــــــــــــك عــــــلىّ كبـــــير؛
لأنك افتديتنــــــــــــــــــــا بدمك يوم كنّا تفاهــــــــةً بســـبب آثامنــــا :
ولقد أتيت عمــلاً عظيمــاً يــوم خلقت الإنسان على صورتك ومثالك .
وبما إنّا شئناً خطاةً ألا نحسب شـــــــــــيئاً ،
وانتقل الموت ووزرُ الخطيئة إلينا من آبائنا صرنا كتلة من غضب وإثم .
ومع ذلك فقد حسنُ لديك ، يا رحيم ، أن تفتدينا بثمن عظيم ،
وبذلــت دمـــــــــــــــــــك عنــــــــــا يا مـــــــن ولــــــــدت وعشت ومتّ باراً
يا مــن افتديتنـــــــا بهذا الثمن العظيـم ،
أنـــت لا تريــــــــد أن تهـــــــــــــــلك .
أنـــت ما افتديتنا لكي نهلك بل لكي نحيـــــا ،
ولـــو ارتفــــعت خطـــايانا فوق رؤوســـنا ،
فأنـت لا تــــرذل الثمــــن الذي دفعته عنا ،
لأنـــــــك دفعـــــت ثمنـــــــاً باهظـاً .