الفصل الأول
في أن الصلاة واجب وضرورة ملحة
لم يكن باستطاعة الله أن يقدّم للناس عطيةً أعظم من هـــــــــــــــــذه وهــــــــــي :
أن يجعل كلمتـــــــــــه ، الذي به خلق كل شيء ، رأساً لهم ،
ويؤهلهم لأن يكونوا له أعضاء ، فيكــون ابــن الإنسان مع الآب إلهــــــــاً واحداً
ومع البشر ، إنساناً واحداً ،
حـــــتى إذا توســــلنا إلي الله لم نفصـــــل عنــه ابنـه ،
وإذا صلّي جسم الإنسان فـــــــــــلا ينفصـــــــــــل عن رأسه ،
ويــــكون بالتـــــــــــالي ســــــــيدنا يسوع المسيح ، ابن الله ،
الـــــــذي يصـــلي فينا ومـــــــــــــن أجــــــــــــــــــــــــــــلنا ؛
والـــــذي إليه نصــلي هو عينـــــــه المخلص الوحيد لجسمه .
يصــلي فينا كرأس ، وعنّا ككاهن ، فنصلي إليه كـــــــــــإله .
فيـــــه نعرف أصواتنا ، وفينــــــــا نــــــــــعرف كلمــــــــاته .
إليــــه نصلي كــــــإله ، وفينـــــــا يصــــــــلي بصورة العبد .
هنـاك خــــــــــــــالق ؛ وهنــــــــا مخلوق ؛ ثم يأخذ ، ولا يتغير ،
طبيعة متغـيّرة ،
جاعلاً ، منّا ومنـــه ، كائناً واحداً ، رأســـــــــــــاً وجســـــــــــــــــــماً .
وبالتالي ،
فأننـــــــــا نصـــــــــلي إليه وبه وفيـــــه ، ومعــــــــــه نتحــــــــــــدث ،
فــــــــلا تقــــــــــــلْ شيئاً بدونه ؛
ولا يقـــــــلْ شيئاً بدونك .
إن من يســــــتجيب مع أبيـــــــه
قــــد تنـــــــــــــازل وصــــــــلي إلي أبيــــه مـــن أجــــــــــــــلك .
وهــل أضــــــــــمن لســــــعادتك من صلاة يرفعها باسمك معلّمك ،
الذي يمنـــح ما يطــــــــــــــــــــــــــــــــــــلب ؟
لقـــد رأيته يصلي ، فتعـــــلَّم منه الصــــــــــلاة ،
لأنه صـــــــــــــلَّي لكي يعلّمك أن تصــــــــــلي ،
وتـــــــــــــــــــألم لكي يعلّمك أن تتـــــــــــــألم
وقام من الموت لكي يعلّمك أن ترجو القيامة .
يطلب الرب منك أن تصلي ، ولهذا يقــول :
( ســـــــــــلو تعطوا أطلبـــــــــــوا تجدوا أقرعــــــــوا يفتح لكم ،
لأن من يسأل يأخذ ، ومن يطلب يجـــد ، ومن يقــرع يفتح له .
ومن منكـــــم يسأله ابنه خبزاً فيقــــــدم له حجراً
أو يسأله ســــــمكه فيقـــــدم له حية ؟
إن كنتـــم أنتــــــم الأشـــــــرار تعرفون أن تعطو بنيكم الصالحات
فكم أحرى بأبيكــــــم السماوي أن يعطيها مــــن يســــــــــــــــأله ) ؟
يا للغرابة ، أنــت شرير وأبوك صالح ؟
ومع أنك شــــــــــــرير وأبوك صالح ،
فإيــــاك أن تبقـــــــــــــي شـــــريراً .
إن شــــئت بـــراً ،
فأطــــــلب من الله الذي يحثك في أنجيله
عــــــــــــــــلى أن تطلب وتسأل وتقـــرع .
أنه يعـــــــــــــرف من يستعطيه وهو أبو العائلة ، الغني ، الكـــــــــبير ،
المـــــــــــــــــــالك الثروات الروحية والأبديـــــة ،
القائل إليك بإلحـــاح :
اطلب وسل وأقرع لأن
من يطلب يأخذ ومن يسأل يجد ومن يقرع يفتح له .
هــــو يحثك على أن تطلب ،
فهــل يرفـــــض لك طلبــاً ؟
تأمــل كيــف يحثنا السيد على الصــــلاة
فيشبه نفسه بنقيضــــه قاضي الظــــــــلم قائلاً :
( كان في مدينـــة قــــــاض لا يخاف اللـــه ولا يستحى مــن الناس
و
كانت في المدينة عينهــــا أرملة جــــاءته يومـــــــــاً قائلة لــــه :
( أنتقم لي من خصمي )
" لوقا2:18 ".
فلم يستجب لها وألحَّـــت عليه بالسؤال فملَّ منهـــــــــــا ،
وصنـــــــع لها عن ضجر ما لم يصنعه عن طيبة خاطر .
أنه يحثك ، مستعملاً الضد ، لكي تسأل .
ورجـــــل ما جاءه بغتة ضيف فأتي إلــي صديقة يقـــول لــه :
جـــــاءني غـــــريب فأقرضني ثلاثة أرغفة فأجابة صديقة
( أني في ســــريري وأولادي معـــــــــــــي ) " لوقا 5:11 " .
ويلحّ الطارق المزعج ويقرع باب صــــديقة .
وماذا يصنع الآخــــــــــــر ؟
يقوم فيقضي حاجة صديقة ، لا بدافـــــع من الصـداقة ،
بل عــــن سبيل اللجاجـــــــة ،
لأن الطارق ظلّ يقرع الباب برغم أنه قد اصطدم برفض .
إن ذاك الذي رفــــــض أولاً مطــــــــــلب صــــــــــــديقة قد لــبيَّ أخيراً لجــــــــاجته .
وما أكـــثر ما يعطيك من هــو الصلاح بالذات ،
الذي يحثك على أن تطـــــلب ولا يرضي عنــك إذا طــــــــــــلبت
وإن تأخــر في العطاء فلــــن يرفــض لك طلبــاً بل يزيدك عطاء .
إن الشــيء الذي نطلبه طـــــــــــــويلاً ، ثم نحصل عليــــــه
أطيب بكثير مما نحصل عليه بسهوله ، ولا نقدره حق قدره .
ســــــــلْ وأطلب بإلحــاح ، ولا تمــــلّ ، تضـــــــمنْ الاستجابة :
اللـــــــه يحفــــــــــــظ لك ما يرفــض أن يعطيكــــه فـــــــــوراً
ويـــــريد أن تنمـــي فيــك شوقاً كبيراً إلي الخيرات العظــــمي :
( لهذا يجـــــــــب عليـك دومـــــــــاً إن تصلي بلا مــــــــلل )
ــــــــــــــــــــــــــــــ
|