الفصل السادس
طــــوبي للودعــــــاء
إن استطعنا فلنحدد الودعــــــــــاء على هذا النحــــو:
وديـــــــــــع هو الإنســــــان الذي ، من كل خيرٍ يعمله .
لا يرضــــي إلا بالله ؛
ولا يبعــــده عنــــــه أيّ أذي يتعرض له .
أنتبه يا أخي لهذه القاعدة وهذا التوجية ، وأتبعـــــه ،
وأنمُ فيــــــــه حتى تعمــــــــل بموجبـــه .
أصغ يا من تريـــــد أن تكون وديعاً وأن تحفظ الوداعة لأيام السـوء .
يامن تحــــــــــــب شــــــريعة الله كيلا يكون فيك عار بل سلام وفير،
فتملك الأرض وتتمتــــــــــع بطمأنينة ثابتة .
أصغ يا من تريد أن تكون وديعــاً ولا ترتضي بالصــــلاح الذي تقوم به
لأن اللـــــــــــــه يقاوم المتكبرين ويهـــــــبُ المتواضعين نعمتــــــــــه .
وبالنتيجـــــــــة ، عليك في كل ما تعمله من خــــــــــــير،
أن لا تؤخــــــــــــــــــذ إلاّ بمحاسن الله .
ولا يبعدنك عنه الشر الذي تتحمـــــله . اصنع هــــذا تحــــــــــــيَ .
تــــــــــــــــــريد الآن أن ترث الأرض ، حـذار من أن ترثك الأرض .
إن كنت وديعـــــــــــاً ورثتهــــــــــا ،
أو قاســــــــياً وَرَثَتـــــــــــك .
ولكن حين تعرف المكافأة المعدة لك لكي تـــــــــــــــرث الأرض ،
فـــلا تفتـــــــــح لجًّة بخـــــــــــــلك لكي تخفيها فيها منذ الآن .
لا تنخدع بهـــــــــذا الرأي .
ســـوف ترثُ الأرض حقاً
مــــتى استمســـــــــــكت بصانع السماء والأرض .
أتريـــــد أن يقودك في سبله ؟ كن وديعاً هادئاً ؛ ولا تكن شرساً متكبراً ؛
ولا تجمع برأســـــــــــــــــك كالحصان والبغل اللذين لا فهــــــم لهما .
ومتى صرت وديعاً وهادئــــاً أقام الربّ فيك ؛ وقادك في سبله .
الرب يريد خيولاً هادئـــة : كن فَرَس الربَ وكـــن هــــــــادئاً .
و سيجلس عليك ويقــــــودك فلا تخـــــــف من أن تصــــــطدم وتسقط في الهوّة .
أنك في الحقيقة لضــــــعيف ؛ ولكن أنظـــر إلى من يقــــــودك .
الحصـــــــان والبغـــل يجمحان حيناً برأسيهما ؛ وفي زهوهما يوقعان فارسهما .
اللجام يكبح جماحهما وكذلك الضرب إلي أن يتعلَّما الطــــــاعة وحمل فارسهما .
أما أنـــــــــت وقبـــــــــل أن يجرح اللجام فمك
فكـــــــــــــــن وديعـــــــــــاً وأحمل ربــــــــك .
لا تبحث عن المجد لنفسك بل لمن يقـــــودك .
إن معلّم الملائكة كلمـــــــــة الله ،
رفعَ صوته وقال : ( تعلموا منى ) " متى11-27 ".
فمن ذا القائل : تعلّموا منى ؟
إن الـــــــــذي خلق الأرض وفصــــــــل ما بين الميــــــاه واليبــــس ،
وخلَق الطيور والحيوانات التي تملأ الأرض والســـابحات في المياه ،
الذي وضـــع الكواكــــــب في السماء ومـــــــيَّز النهــــار والليـــــــل ،
وبسط الفلك وفصـــــــــــل ما بيــــــــن النــور والظلمة ،
ذاك هــــــــو عينه القـائل : ( تعلَّمـــوا مــــــــــــــــنى ) .
هل أراد ان يقول من خلال ذلك بأن نعمل تلك الأشياء معه ؟
من يقدر على ذلـــــــــــــــــــــــــــك ؟ اللــه وحده .
وقــــــال : لا تخفْ ، لن أثقــــــــل عليك ،
تعلَّم مني ما قــــــد صرت إليه من أجلك .
تعـــــــــــلم منى لا أن تكون الحقيقــــة التي صنعتهــــــــا ؛
ولستُ أقول لك بأن تتعلّم ما أردتُ أن أعطيه لبعض الناس دون البعض الآخر
كإقامة الموتى وردّ البصر للعميان وفتح أذان الصـــــــــم ،
ولا تعتـــــــــبر مجداً لنفسك أن تتعلّم هذه الأمور مــــني ...
وأمتلأ الرسل حبوراً في غمرة من الفرح وعادوا قائلين :
هـــــــــــا أن الشــــــــــياطين تخضــــــع لنا باســـــــمك .
وقال لهم الربّ ، لا تفرحوا بأن الشـــــــــــــياطين تخضـــــع لكـــــم .
بل أفرحوا بأن أسماءكم مكتوبة في الســـــــــــماء .
لقد أعــــــطي ، من أرادهــــــم ، القـــــدرة على طرد الشــــــياطين ؛
وأعطي البعض الآخــــــــــــــــر القــــــدرة على قيامة المــــــــوتى .
إن تـــــلك العجائب كانت تتم قبــــــل تجســد الـربّ ؛
المـــــوتى أقيموا والبرص تطهّروا ونحــــن قرأنا
هــــــــــذه الأشياء فمن ذا الذي كان يعملها آنذاك ؟
ذاك الذي صــــــار المسيح الإنســـان بعــد داود ،
والمسيح اللـــــــــه قبــــــل إبراهيــــــم .
لقـــــد منح هذه العطايا كلها ذاك الذي قد صنعها بواســـطة البـــشر ؛
ومــــع ذلك فأنـــــــــــــــــه لــــــــــــم يعطهـــــــــــــــــــــا للجميــــع .
وهل ييأس أولئـــــــــــــــك الذين لم يأخذوها قائلين إنهم لا يصلحون
لكونهـــــم لم يســـــتحقوا أن يأخذوا عطاياه ؟
الأعضــــــــاء ، للجسم لهذا وظيفة و لـــذاك أخـــــرى.
إن الله قد صنع الجسد وحيداً ولكنــــــه لم يعــط الأذن أن تري
والعين أن تسمــــــــــــــــــع والجبين أن يشعر واليد أن تذوق ،
إنمــا أعطي سائر الأعضاء الصحــــــة والارتبـــــاط والوحدة
وأحيا الكلّ و وحدهم كذلك بالروح .
وعلى هذا النحو فأنــــــــه لم يعط البعض أن يقيموا المــوتي ،
والبعض الآخر أن يدافعوا عن الإيمان . فماذا أعطي الجميع ؟
تعلّمـــوا مـــني أني وديع ومتواضع القـــــــــــــــــــلب .
يا من ســـــمعته يقول لك ، اني وديع ومتواضع القلب ؛
فكل دوائــــــــك في هــذا وهـــــو أن تتعــــــلّم منـــــه ،
انــــــــه وديع ومتواضــــع القـــلب .
وماذا ينفعــك اجتراح العجائب بكبريـــائك ،
إذا لم تكــــن وديعـــاً ومتواضع القـــــلب ؟
ألن توضع في مصاف القائلين أخــــــيراً ،
ألســـــــــنا باســـــــــمك تنبأنا
وباســــــــمك صنعنا آيات كثيرة ؟
ومـــــــاذا يسمـــــــــــعون ؟
لا أعرفكم ابتعـــــدوا عني يا فعلة الإثم .
كن متواضعاً وأذهب إلي المسيح ،
أصغ إليــــــه باســــــطاً ذراعيـــه ، تعالوا إليّ أيها المعــــــــــــذبون .
أنت تصرخ وتناقض نفسك بنفسك وتشـــــتم ؛
أمّا هــــــــو فأنـــه يقــول لـــــك ،
تعـــــــــــالَ يا من تتألــــــــــــــم في كبريائك وأسترح في تواضعي ،
تعلْم منى أنـــــــــــــــــــــــــــــي وديع ومتواضع القلب تجدْ راحة لنفسك .
ولمــــاذا تتألم إذن ؟ لأنك لست وديعاً ومتواضع القلب .
صار الله متواضــــــــــــــــــعاً فاخجـــــــــــــــــل أنت مــن كبريــــــــائك .