الفصل الثاني عشر
في أن ساعة الموت المحتوم مجهولة
هـــل اثبت من المــوت عـلى الأرض ؟
تأمل ما في هذه الحياة مـــن خير وشر ،
تأملّ في الـــــــــــــــبر وفـي الإثـــــــم ؛
هــل من شــــيء ثابت ههنا كالمــوت ؟
لقـــــــد أحرزت تقدمـــاً فصرت تعرف ما أنت عليه اليوم . امـــــــا ما سـوف تــؤول إليـه غـداً فكلا .
ان كنت خاطئـــــــــــــــــــــــــا عرفـت ما أنت عليه اليوم . وجهلت ما ســـــــــــتؤول إليـه غـداً .
إن طلبت مالاً فلست تدري ، إن كنت ستحصـل عليه .
وإن طلبت زوجــــــــــــــــة ، فقـــــد لا ترضــــــــي بها ،
وتجهل ما قد تكـــــــــــــون .
وإن طلبت بنـــــــــــــــــين ، فليس من الأكيد أن يولــدوا ،
وإن ولـــــــــــــــــــــــــدوا ، فليس من الأكيد أن يعيشوا ؛
وإن عاشـــــــــــــــــــــــوا ، فلست تـــــــــــــــــــــــدري ،
إن كانـــــــــــــــــــــــــــوا ، مــــن الناجحــــــــين أم لا ؟
أنيَّ توجهــــــــــــــــــــــت وجـدت كل شيء مجهـــولاً :
المـوت وحـــــده ثــــــــابت .
أنــــت فقــــــــــــــــــــير ؟ من يـــري إن كنت ستصير غنيـاً ؟
أنـــت أمّـــــــــــــــــــي ؟ من دري إن كنت ستصير مثقفــاً ؟
أنـــت مريـــــــــــــــض ؟ من يـدري إن كنت ستتعـــــــــافى ؟
وماذا يفيـــــــــــــــــدك هذا الكلام وأنــــت عــالم بــــــــأنَّ
يومـــك الأخــــير آت حتمـــــــــــاً ؟
يحسن بك أن تنتظره وتجهل أجــــله ، وتســــــتعد باطنياً بحياة صالحة ،
حـــــــــتى تحـــــــب ذاك اليــــــــوم ، ولا تخــــاف منــــــــــــــــــــــــــه .
أنــــــــت مــــــــــــولود ؟ ستموت حتماً ؛
وبما أن الموت محتوم ، فأجله مجهول .
وكما أنه يـــزيد في شقاء الكفــــــرة ،
هكـــــذا يضع حداً لشقاء الصابرين .
مــــــــن أية فئــــــــــة تريـــــــــــــد أن تكون ؟
عليــــك أن تختار الآن طالما يسعك أن تختار ؛
أمـــــــــــــــــا بعئـــذ فـــــلا .
اخـــــــــتر فــي الوقت المناسـب طالمـــــــــــــــــــــــا أن الله يؤخر ، ما يخفي ،
برحمــــةً منــه وكيف تخطــــــأ مرجئاً توبتـــــــــــك من يــــــــــوم إلي يــوم ،
برغم أنــــــــــــــــــك تجهـــل يومك الأخير ؟
أيا كنت ، يا من لا يريــــد أن يصلح نفسه الآن ،
بماذا تعدُ نفسك ومـــــــاذا تقــــــــول ؟
أعيــــش عــلى هـــــــــواي فــترة من الزمن وجيزة ،
ثــــم أصلحُ ذاتي ، طالما أن النبـــي يقــول :
( ليست مرضاتي بمــــوت الخـــــاطئ
لكن بتوبة المنافق عن طريقه فيحيا ) .
يمحـــو الله جميــــــع آثـامي متى تبتُ إليه ؛فلمــــــــا لا أضيـفُ إلي أفراحي هذا النزر اليسير ؟
ولمـــا لا أعيـش على هـواي مــــــدةً أطول ،طـــالما أن التـوبة إلي اللـــــــه أمرُّ لا بد منـــه ؟
ولما تقول هكذا ؟ لأن الله وعَـــــــدني بالصفح إنْ أنا غـــــيَّرتُ حــــالي
إني أري وأدرك أن الله وعـــــــد بالصفح ؛ بــــــــه على يد النبي القديس ،
كمــــا وعدك به بواسطتي أنــــــــا أحقــــر عبيــــــــــده :
أعطي هذا الوعد أيضــــــاً بواسطة ابنـــــه الوحيـــــــــد .
وهل تزيد أيامك شراً على شر ؟
( يكفـــــي كل يـــــوم شــــره )
" متى 34:6 "
أمـــــــــــس شـــــــــــــــــــرُّ ،
واليــــــــــومَ شـــــــــــــــــــرُّ ،
وغـــــــــــداً شـــــــــــــــــــرُّ .
أتظنهـــــــــــا أيـــامَ خـــــــير تــــــلك الــتي تشبعها من الملـذات ؟
أتظـــن أنــــك تُحْسن استعمال يومـــــــــــك بتناولك وليمة فاخرة ؟
وهـل يكـــون النهار صالحــاً إذا كــــــــــان الإنسان شــــــــــريراً ؟
أتريــــــــد أن تزيد الأيام شراً على شـــر ؟
إن كـــان الله قــــــــــــــــــــد وعدك بالصــــفح ،
فمـــــــــنَ يضمــــــــــنُ لك العيش إلي الأبــد ؟
اقرأ على من الأنبياء والإنجيل والرسول حيث يقولـــون :
أن الله يمحو خطاياك كلهــــــــا حين تتـوب إليه :
اقرأ علىَّ الموضـــع الذي يعـــدك فيــــه بـأن تعيش للغد ؛
ثم عــــش يومــــك هـــذا على هـــــــــــــــــــــواك ؛ مع انـــــه ليس لي أن أقـول لـك :
قد تكون حياتك طويلة وإن كانـــــت طـــــــويلة ؛ لتكـــــــن صــالحة ؛
ولمـــــاذا ترغــــــــــب فـي حياة طويلة وشريرة ؟
أمَّـــا أن تكون هذه الحياة قصيرة ، وتفــــــــــــرح بحيــــاة طويلة ، لا نهاية لهــــــــــا ،
وأما أن تكون طــــــــــــــــــويلة ؛ وأي شر آنذاك إذا عشـــــــــــت طـــويلاً بالصلاح ؟
أتريــد أن تحيا حيــــــاةً شريرة وطــويلة ،
وتأبي أن تحيا حيـــــاة صــــــــــــــــالحة ،
مع العالم بــأن يومَ غد لا أحد يعـــدك به ؟
أصـــــلح ذاتك
وأصــــغ إلـــي الكتاب المقدس :
( لا تؤخـــــر توبتــــك إلي الــــرب )
" بن سيراخ8:5 ".
أن هذه الكلمات ليست منى ،
بل أنها موجهـــــــــــه إليًّ .
أن شئتهُا أنــا فهي لي ؛
وإن شئتَها أنت فهــي لك .
وقولي هذا هو من الكتاب المقدس الذي أن احتقرته شكاك .
ولكــــــن اســمع قــول الــــرب :
( أســـرع وصـــالح أخــــاك )
" متى25:5 ".
فليسمع الجميع أني أردد على مسامعكم قول الكتاب الإلهي .
أيهــــــا المتواني الشرير ، يا مـــن يتمنى لنفسه إحصاءً شريراً ،
اســـمعْ كلام الرب القائل ، واسمع تحذير الكتاب المقـــــــــدس ؛
من هذا المكان أراقبـــــــــــــــــــــــك :
( لا تؤخــــــــر توبتــــك إلي الـــــــرب
ولا تتبـــــــاطأ مـــن يوم إلي يــــــــوم )
" بن سيراخ 5 : 8 ".
أتظن أنه لا يري أولئك القائلين :
( اليــــوم شــــرُّ و غـــــداً بــــرُّ )
وفي الغد ستقول أنت الكلام عينه .
لا تؤخـــر التوبة إلــي الــــــــــــرب ، ولا تتباطأ من يوم إلي يـــــــــــــــوم ،
لآن غضبـــــــــة يأتي بســـــــــرعة ، ويهلكــــــــــــــــك في زمن انتقامــه .
أأنا كتبت هذا الكلام ؟ وهـــــل يمكنني أن أمحوه ؟
إن محــــوته خفــــت من أن أعـــــود إلي العدم .
يسعني أن اصمـــت ولا أنطــــق بهذا الكـــــــلام ؛
إنما اخشي سكوتي لأني مضطراً إلي التبشير به ،
خـــــــــــــــــــــائفُّ أنا ،
خَفــــــــــــــــــــــتْ أنت معي كي تفرح معــــــي .
لا تؤخر التوبة إلي الرب .
تأمّلْ بما أقول :
رب ، أصغ إلي كــــــــــــــــــلامي ،
رب ، أنت عالم بما أصــــــــــابني ،
مــن خوف لدي مطالعة نبيك .
من فوق هذا المنبر أقول : لا تؤخــــرّ التوبةَ إلي الــرب ، ولا تتباطأ من يوم إلي يوم ،
لأن غضبه يــــأتي عاجــــــلاً ، وفي زمن انتقـــامه يهــلك ،
ولا تقل لي : أريد أن اهـــــلك أنــــا لئــلا تهــلك أنــــت ،
رفضي أفضل مــن إرادتــــــــــك .
واســـعة هـي رحمة الله تحثك على أن تحيــــا بالــبر .
أنه يخفي عنك يوم موتك لئــلا يعدك بشيء للمستقبل .
أعمل اليــــوم وأعيــــــشُ اليوم ؛
وغـــــداً لن أعمل .
وماذا يحدث إن لــــــم يكن غـــد ؟
واسعة هي رحمة الله لأنـــــه جعل كل يوم من حياتك مجهولاً ،
لئـــــلا تعـــــــــرف تاريــــــــخ أجـــلك ؛
يا من تنتظر الموت كل يـــوم ،
لابــــد وأن تتـــــوب إليــــــه :
وتلك هي رحمة الله الواسعة .
لــــــــــــــو أنـه أعــــــلن لكل إنسان عـــــــــــــــن يومه الأخـير ،
لكانــــــــت الخطيئـــــــة تكــــاثرت بســــــــــبب راحــــة البــال .
ولـــــــذلك فبحكمة منـه بقـــــي يــــوم المـــوت مجهــــــولاً :
فكّــــر في يومك الأخـير
تفكــــيراً خلاصيـــــــاً ؛
برحمة منه أنــــــــــــــــــــــــــــــــت تجهل يوم موتك ، يوم أجلك .
لـــــــــذلك يجب على المرء أن يكون يقظاً طــــوال أيام حيــــاته .