الفصل الرابع
في عبودية الخاطئ
كل إنسان :
يهوديــاً كــــان أم يونانيـــاً ، غنيــــــــــــــــاً أم فقـــــيراً ،
نبيـــــــــــــــلاً أو حقـــــيراً ، ملكــــــــــــــــاً أم مستعطياً ،
أجل كل إنسان يعمل الخطيئـة ، يكـــــــــــــون عبداً للخطيئة .
ليتَ الإنســــان عبد للإنســـان من دون الخطيئة !
أني أسأل الله ، لــــي ولـــــك ، قدرة للتحدث عن
تلك العبودية التي يجب علينا أن نهـــرب منهـــا .
أصغ إلــــي النبي القـــــــائل :
( ويل للذين يجرّون الإثــــــم بحبـــــــال البــــاطل .
والخطيئـــــــــــة بمثل أمراس العجلة )
" أشعياء18:5 ".
العجلة هي الخطيئة ، ويجرّ الإثم بمثــــل أقراس العجــلة ،
أولئــــــك الـــــــذين يزيـــــــدون خطايا عــلى خطــــــايا ،
فيعملـــون خطيئـــة ثم يقترفون أخري تخلّصاً من الأولي .
وكما أنه يلزم لمن يصنع حبلاً أن يجمع خيوطه خيطاً خيطاً ويشــــــــــــدها شـــداً قويـــــــــاً ،
هكــــــذا هو الحال في الخطايا التي تتجمــــــــع وترتبــــط الواحدة بالأخرى لتؤلف حبلاً طويلاً .
وما الغاية من هذا الحبل ،
إن لم يكن لربـــــــــــــط رجــــــلي الخاطئ ويديـــــه
وزجّه في الظلمة الخارجية ؟
إنـــك لتذكر ما جاء عن أحد الخطاة في الإنجيل : ( متى13:22 )
لو لم يعدهّ هو لنفســـــه لما كـــــان له هذا الحبل لتقييد يديه ورجليه .
ولقد قيل في مكان آخر
( المنافق آثامه تأخذه وبحبائل خطيئته ينشبُ )
" أمثال 22:5 " .
لا تثقْ بغبطة تجنيهــا من خطيئـــة ، لأن آلامها تفـــوق أفراحهــا بمقـدار .
أنـــك تصبو إلي الســـــــــــــــــعادة ، بيـــــد أنك مشدود إلي حديد غــــريب ،
بـــإرادة لك مـــــــن حـــــــــــــــــــــديد .
ويمسك العدو بإرادتك ،
جـــاعلاً منهــــــــــــا قيـــــــــداً يضغـــــــط به عليـك :
لأن الشـــــــــــــــهوة انبثقت عن إرادتــــك الفاســـدة ،
وعن الانقياد للشهوة : تنشأ العادة التي إذ لم تقاومها صارت فيــــــــــك ضــــــــــرورة .
وعلى هذا النحو فإن : القيـد الذي شبكت حلقــــــــاته ينطبق فيأسرك في عبودية قاسية .
ويا له من استعباد مُـــذلّ استعباد الخطيئـــة !
إن معظــــــم الناس الذين يتألمــــــــــون مــن استبداد أسياد ظـــــــــالمين ،
يتمنّـــــــــــــــــــون لــــــو يباعون من آخرين ليغّيروا على الأقل مواليهم .
وماذا يســــــتطيع أن يعمل عبد الخطيئــــــة ؟
وبمن يســــــتجير؟ وممّن يبــــــــــــــــــاع ؟
وأخيراً نري العبد الرقّ ،
وقـــد ملَّ مطالب سيده ، يأبق تخلصاً منه ،
ولكــن إلي أين يهــرب عبد الخطيئــــــة ؟
أنــــيّ هــــرب جــــــــرَّ وراءه خطيئتــــــه .
لا يســـــــــــــــتطيع الضـــمير الشـــرير أن يهرب من ذاته ،
فما مــــــــن مكـــــــان الا و يصل اليــــه ؛
أو بالاحـــــــــــــــرى لا يســـــــــتطيع أن ينفصـــل عن ذاته ،
لأن الإثـــــــــــــــــــم الــــذي اقـــــــــترفه باطـــــــــــــــــــني ؛
لقـــد صنــــــع الإثــــم ســـــــــــــعياً وراء لـــــــــــذة جســـدية ،
فـــإذا بما قــــد كــــان ســـــــــــبباً لغبطته يبتعـــــــــد عنــــــه ،
ويبقي الجريح وحيداً . يا لشـــــــــــــــــــرّ العبوديــــــــــــــة !!
لقد خطئ طمعاً بإشــباع شهوة جسدية ،
فــــــــإذا باللذة تنقضي وتبقي الخطيئة :
اللذة تنقضي والأسر يبـــــقي .
فـيــــــــا للعبوديــــــــة الأثيمـــــــــــــة !
يروقك طريق الخطاة :
لأنـه رحب والسائرون عليه كثيرون :
أنت تدرك عرضه ولا تري نهايتــــه .
في آخــرة هــــــــــــوة عميقــــــــــة ،
وقعـــــــرها ســـــــحيق جـــــــــــــداً ،
والمغتبطون في الســـــــير عليــــــه ،
ينتهــــــون إلي الهــــــــــــــــــــــوة .
وطالمــــــــــــــــــا إنك عاجز عن رؤية نهاية الطريق بعينك ،
فثـــــــــق بمــــــــــــــن يراهــا .
أليس من وأجبك أن تثـــــــــــــق بالـــــــــربّ إلهـــــــــك القـــــــــــــــــــــــــائل :
( واســـــع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلي الهلاك والداخلون فيه كثيرون )
" متى13:7 " .
سيقضي الربّ على هذا الطريق ،
طريق الخـــــطاة إفــــــــزع إلي المسـيح ،
وأطــــــــــلب عـــــــــــون الله الذي حررك من الخطيئة ،
وأطـــــــــلب أن تبــــــــــــــاع فيشـــتريك بدمـــــــــــــه .
فإنه هكذا قال الرب :
( مجاناً بعتُمْ وبغير فضة تُفْدَوْنَ )
يقول الرب :
هذا الكلام لأنـــــــه هــــــــــــــو عينـــــــــــة دفع الثمـن .
ولــــــــم يدفع مالاً بل بذل دمه لأنك لا تزال عبداً بائساً .