الفصل الثاني عشر
في الحذر من الغرور واليأس
يا مـــــــن :
يتأرجح بين ضعف يعترف بــــــه وغرور به يزهو ،
غالبـــــــــاً مــــــا تصـاب بجـراح من هنا وهنـــاك .
وســـوف تسقط في هــــــــوة ،
أيا كانت الجهة التي تقع فيها ،
إن بقيت متبعـــــاً هذا النهج .
إن فكرة الضعف تؤثر عليك فتقول :
أن الله الرحيم يغفر ، للخطاة المدمنين ، خطاياهم أياً كانت ؛
شرط أن يؤمنوا بالله مخلصاً وغفوراً ؛
إذا لا يجوز في النهاية لأي مؤمن ، و إن خاطئاً ، أن يهلك ؛
أجـــــــــــل إن كان هـــــذا رأيــــــك ،
فســـــــوف تســـــــــــــقط بســــببه .
و أما أن تجاسرت و زهـوتَ مغــــــــترًا بنفسك
و متــوكلاً على قوتك و برك
وصـممت على ممارسة الخير متمماً مراسيم الشريعة بحذافيرها ،
واعتقـدت أن حيـاتك بيـــــدك وأنـــك في عصمــــــــة من الـــزلل ،
والسقوط بفضل إرادتك القوية .
وأتيـــــــت ما يــــــــــراه النــــــاس صــــــــــلاحاً ،
ولم يجدوا في حيـــــاتك مـــــــــــا يسـتحق اللوم ،
فــــإن الله يشجب فيك هذا الغرور وتلك الغطرسة .
وماذا يحدث لــــو بــــــررت نفسـك بنفســك ،
وكنــــــــــت ببرك مغروراً ؟ سوف تســــقط .
ولكـــــــــن إذا نظرت إلي ضعفك وتأملته ؛
وتوكلـــــت على رحمة الله ثم أهملت تنقية حياتك من الإثم ،
وثابـــــرت على الغوص في لجًّة الفوضى سقطت أيضــــاً .
إن اعتماد الخطاة على برهّم ، هو بمثابة اليد اليمني لهم ،
وعـــــدم معاقبتهــــــــــــــــم هي بمثابة اليد اليـــسرى .
أصغ إلي صوت الرب :
{ لا تمل يمنة ولا يسرة } .
" أمثال27:4 ".
لا تعتمد في ملكــــــك على بــــــــرك ،
ولا في خطئيتك على رحمة الله .
وصية الرب تصدّك عن أمرين :
عن الارتفــــــــــــــــــــــــاع ،
وعن الانخفـــــــــــــــــــــاض .
إن ارتفعت عالياً هبطت إلي أسـفل ،
وإن سقطت في اللجــــــة ابتلعتــــك .
احفظ جيداً في قلبك ما أردده عليــــك
من جــــــــــــــــــــــــــديد :
لا تعتمد على بـــــــــرك لتمــــــــلك ،
ولا على رحمة الله لتخطــــــــأ .
إن رأيت ذاتـــــك منحرفاً عن الطـــــريق فعد إليه ،
و إن كنت عـــــليـه فســر حتى تصــــــــل .
احـــــــذر الكبرياء خارجاً عن الطريــــق ،
واحـــــذر الكســل عليــــــــــــــــــــــــــه .
أصــــــلح إيمانك و وجهه ،
ثــــــــــم قـــــــومّ سـيرك :
إن كانت لــــــــــك ســـــــاقان قويتان فســــــر مطمئنــاً ،
وأركض لأنــــــــــك عـــــلى الطـــريق تســــير .
وكلمـــــا ازددت سرعة كلما وصــــلت بسهولة .
وقـــد تتعثر أحياناً في ســــــــــــــــــيرك ،
إنما لا تمـــــــــل عن الطـــــــــــــــريق ؛
ولو تأخــــــــــرت في الوصــــــــــــــول ،
فســــوف تصــل ؛
لا تلتفت إلي الوراء ،
ولا تمـــــــــــــــــــل .
سوف تكون سعيداً ، لا ، لأن الله لـــــن يجد فيــــك خطيئــــة :
الكـــل خطأه قدامه ، لا لأن جميعاً قد خطئنا وفاتنا مجـــــــده ؛
بــــل ســـــــــــوف تكــــون ســــــــعيداً إذا غفر الله خطاياك . النعمة جزاؤك ،
وإن كانت النعمة جــــــــزاء لك فـــــــــهي هبة تعـــــــــــطي وتبقي مجــــاناً .
أنت لم تأت صلاحاً ؛
ومـــــع ذلك فقد غُفـــــــرت لـــك خطـــــــــــــــــــــــــــــــاياك ،
وأجــــــريَ الفحــــــــــــص على أعمالك فوجدت كلهـا ســيئة ؛
ولو أن الله أعطـــــــــــــــاك مــا استحقتْ أعمالك لشجبك حتماً .
وعقــــــاب الخطيئة الموت .
أمـا الله فـــــلم يـــنزل بـــك عقـــــاباً استحققته ،
بل أعطـــــــــاك مـــا لـــم تســـتحق أعمــــالك .
كان له أن ينتقم منك فــإذا به يســـــــــــامحك .
و بفضــــل غفــرانه هـــذا تبدأ تكــــون مؤمناً ؛
و هــــــوذا الإيمـــان الذي سما بواسطة الرجاء
و المحبـــــــــــــــــــة قــد راح يعمل صــــلاحاً ؛
ولكــــن لا تفتخـــــر ولا تتشــــــــــــــــــــامخ .
تذكرّ من أين أخذك و وضعـــك عــلى الطــــريق المستقيم ؛
و أذكـــــــر مـــا كنت عليه من الضلال ،
برغم خطي لــك ســـــــليمة وســريعة :
و أذكر انك لـــو مرضــــــــــــــــــــــــت ،
وارتمـــيت على الطريق شــــــبه مــيت ،
لنقلــــــــت على ظهر فرس إلي الفندق .
إن شـــــئت أن تكـــــون للنعمــــــــــة عـــــــــــــــدواً ،
فافتخـــــر بأفضـــالك ،
وإن عــدت إلي اللــــــــه مبتعــــــداً عن طــريق السوء ،
فثق بأنه يغفـــــر لك خــــــــــطاياك الماضيــــــــة .
وإن دفعت كــــــــــــــــل ما يترتب عليـك من ديـــــون ،
فســوف يفتـــح لك حســــــــــــــاباً جديـــــــــــداً .
خطـــــــاياك كلها ســــــــــــوف تغفــــــر لك ؛
ولا تتصور بأنه قــد تبــــــقي عليك خطيئة ،
لا يشملها غفران لتكـــــــــون مصدر قلق بالنسبة إليك ؛
وحــــــذار من أن تطــــمئن إلي الشـــــــر فتستمر في الخطيئـــــــة .
شيئان يقتلان النفس : اليــأس والأمـــــــــــــل الفـاسد ،
وفـــي الواقـــــــــــع ، كما أن الرجـــاء الصحيح ينجيّ ،
فالفاسد منـــــــــه يخدع .
هنــــــاك أنـــــــاس يفكــرون بآثـــــــــــــام صنعوهــــا
فيعتقدون بأن غفرانها مســــــتحيل ؛
وإذ يعتقــــــــدون إنهـــــــــم إلي الهلاك سائرون حتماً ،
يهلكـــون يأســـاً ؛ قائــــلين في ضمــــــــــــــــــيرهم :
{ لم يعد لنا ادني أمل }
لقد إرتكبنا خطايا فظيعة يستحيل علينا نيل الغفران عنها ،
وبالتالي فلم لا نشبعُ رغباتنـــــا ؟
فلنشــــبع على الأقـــــل رغبــــة حاضــــــــــــــــــــــــــرة ،
طالمـا أن أجر المستقبل محظور علينــــــــــــــــــــــــــــــــا .
فلنصنع ما طاب لنـــا ، وأن حــــــــــــــــــــــراماً ، حتـــى نحصل على عذوبة زمنية ،
طالمـــــــــــــــــا أنت لن تســــــتحق الأبديــــة : هؤلاء يهلكــــــــون يأســـــــــــــاً .
وهنـــــالك أناس يفكــــــرون تفكـــــيراً مختلفـــاً تماماً
دون أن يكـــون أقل خطراً حين يقولون في ضميرهم :
إذا رجعنا يوماً عن طريق الإثــــــــــــم فالله الرحــــيم ينسى خطايانا كلها .
ولـــــــــــــــــمَ يتــــوب أحدنا اليـــــوم وليس غـــــــداً ؟
فلينقـــــــــض اليـــــوم الحـــــــــــاضر كالأمس الغابر ،
متشبعاً من اللذة الأثيمة في لجة المخجلات والتمتع الميت .
غداً أتوب فينتـــــهي كل شئ . حســـن ،
و لكـــــن ماذا يحدث لو مــت قبل غــد ؟
الرب يقول لك يا من تهلك بسبب غرورك :
{ لا تؤخر التوبة إلي الرب ولا تتباطأ من يوم إلي يوم
فإن غضب الرب ينزل بغتة ويستأصل في يوم الانتقام }
" يشوع بن سيراخ 8:5 -9 ".
ولكن ماذا يقول لك أنت يا من وجدت في خطر اليأس … )
{ والمنافق إذا تاب جميع معاصيه التي صنعها لا تذكر له ؟ }
" حزقيال21:18 "
لقــــــــــد أراك ميناء الغفران وترك يوم الموت مجهولاً لمن هم في خطر ،
بسبب غرورهم يعللون النفس بأن يســــــــتمرَّ التأخير .
يومك الأخير تجـــــــــــــــهله ، وتنكر الجميل
لأن لــــــك اليــــوم الحــاضر لتصلح نفســك .
حـــــــــــذار من المســـــتقبل إن كــــــــــنت إلي الماضي مطمئنــــاً :
احفــــــــظ رســـــــوم الرب لتجـــــــــــــــــد ما يعــــــــدك بــــــــــه .
لا تتـــأخر من يوم إلي يوم ولا تغــــــــــــلق باباً مفتوحاً بوجهـــــك .
هــــــــوذا مانـــح الغفــــران يفتح لك الباب ، فلمَ تتباطأ في الوصول ؟
أفــــــــــــــــــــــرح حين تقرع فيفتح لك ،
أنت لم تقرع الباب ومع ذلك فقد فتح لك وبقيت خارجــــاً ؟ ولمَ التردد ؟
إن من أشفق عليك يوم كنت خاطئــاً لن يتخــــلى عنـــك يوم تصبح ورعاً .
والذي وهب الخاطئ مــــوت ابنــــــه يحتفـــظ بكل شيء
لمـــن يخـــــــــلص بمــوت ابنـــــه ،
أطمئن وتمســـــك بالمــدين لـــــــك يا مــــــــــــــــــن آمنت بوعوده.