الفصل التاسع
في أن الرجاء هو رفيق الإيمان
إن كنت حائزاً الإيمــان الذي يعمــل بالمحبـــــــــة ،
فمن الضروري أن ترجو ما وعد الله به لأن الرجاء للأيمان رفيق .
الرجاء ضروري طالما أنــــك لا تري ما تؤمــن به ،
خوفــــاً من أن تيأس ممّــــا لا تري فتفقد الإيمان .
أنــت تحــــــزن لأنــك لا تري ،
ولكن تعــــــــزًّ لأنـــك ترجو أن تري .
فليكن الرجاء معـــك رفيقـاً للإيمان .
ضيــــــــقُّ لك فـــــي الزمــــن الحـــاضر ،
ورجــــــــــاءُّ فـــــي المســــــــــــــــتقبل ؛
فإذا لم تجــد عـــزاء عن ضيق لك حاضر،
في رجاء المستقبل ،
هلكت لا محـــــــالة .
ليس فرحُك ، الآن واقعاً بــــل رجاء .
ولكنه رجاءُّ أكيــــد ،
كما لو كـان حقيقـة ،
إذ لا خـــوف على ما وعــدتْك بـــــه الحقيقة لأنها لا تغش ولا تغش ،
ولذلك فمــن المســتحــسن أن ترتبط بهـــــا ؛
إن ثبتت فـــــــي كلامهــا حـــــــــــررتك .
فــــي الحاضر تؤمن ،
وفـــي المستقبل تري ،
طالما أنـــــــت تؤمـن
فالرجـــاء قائــم
في هــذا الزمان .
وحين تري يصبــــح الرجاء حقيقـــــــة ،
والمشاهدة تكون وجهاً لوجه .
طالمــــا أنـــت فـــي هـــذا الجســــــد ،
فأنت بعيــد عـــن المســـــيح .
أنـت مسـافر تتقدم بالإيمـــــان ،
وليس بالمشاهدة .
إذا ســـــافرت وســـرت بالإيمـــــــان
بقيــــت على الطــريق ومـــا بلغـــت الوطــن .
ولكـــــن إذا لم تؤمـــن فلســت تبلــغ الوطــن ،
ولا تسيرعــلى طريقــه .
و بالنتيجــة عليك أن تسير ســـيراً يحفظـــك عــلى الطريق ،
مَــلكَ الوطن جعل نفسه طريقاً ؛
أثبــتْ في كــــلام الرب إلهــك ،
لئـــلا تخجــــــــل عنـد مجيئه .
خلاصك الآن قائم على الرجــــــــاء ،
وليس على الحقيقــــــة ؛
لأنك لم تنل حتى الآن ما وعدُت به ،
بــل ترجــــــــوه .
الواعـــــــــــــــد أمين لا يغشــــك ؛
إنما ترجـــــــوه ألا تتــــــــركه ،
بانتظــــــــــــار ساعة الجـــــزاء .
إياك والكذب ؛ كــــــأن تقول شـيئاً وتعمــــــل آخــر .
أحفــــظ إيمـــــــــانك يحفظ لك وعـده .
وإذا لــم تحفـــــــظ الإيمــــــــــــــــان ،
حرمـــت نفســــــك بنفســــــــــــــــك ،
ولا شأن للواعد بما قد يحـــــــــــــدث .
اسمع صوت الله الذي يعد . و كأني به يقول :
صوت المسيح
إني أحفظ لك ما وعدتك به :
رجاء الكـــــفرة في الحاضر ، و رجاؤك للمستقبل ؛
رجاؤهــــــــــم زائــــــــــــل ، و رجاؤك مضمـــون .
رجاؤهــــــــــم كــــــــــاذب ، و رجاؤك حــــــــــق .
إذا دعوتــــــني جئتـــــــــك ، و كنت لك ثـــــــروة .
أنـا ثروتــــــــــــــــــــــــــــك .
بكل جوارحك تطلُب ما تريـد .
ولمَ تريد في الوقت الحاضر صندوقاً مليئاً و ضميراً فارغاً ؟؟
أنا لا أملأ الصندوق بل القـــــــــــــــــــــلب .
وأي نفع لك مــــن الثروات الخارجية ،
إذا كان الفقــــر الداخــلي ،
يضغــط عليــــــك ؟
إن الذين يدعونني .
طمعاً بالمكاسب الزمنية والخيور الأرضية ،
والحيــــــاة الحـــــــاضرة والسعادة العالمية ،
لا يدعونني حقـــــــــــــــاً .
عُـــــــــدْ إلي عذوبــــــة الـــــــــــــــــروح القــــــــــــدس ،
تعلّمـــك من الداخـــل ما لا يستطيع الناس أن ينطقــوا به ،
و بما أنك لا تقـــــدر أن تري فأجــــــــــعل رغبتك واجبة .
حياة المسيحي الصـــالح رغبـــــــة مقدسة :
أنت تري ما لا تشتهي ، و لكن حين تشتهي ، تصبح أهلاً لأن تحوز ما تشتهي .
و متى جاء زمـــــن المشاهدة تذوق كمـــال ما تشتهي .
و كمــــــا أنك إذا أردت أن تمـــلأ كيســــــاً ،
و وجدت أن ما تـــــريد أن تلقيه فيه كـــبير،
فتشـدًّ بأطـــــــــــــــــرافه باسطاً إيًّاهـــــــا ،
كذلك أصنـــعُ معـــــــــك فارجىء المشاهدة .
لأزيد من شوقك فيتسع قلبك ويصبـــــــــح أكثر جـــــــدارة .
الشوق المقدس يدرّبك متى فصلْت مطامعك عن حب العالم .
عليك أن تمتلئ خيراً ،
وتطرح الشــرّ جانباً ؛
وأعلـم أنــــــــــــــي لا أريد أن أمــلأك عسـلاً ،
إذا كنـــت مملوءاً خــــلاً ؛
و أين أضــــــــع العسـل ؟
أســـــــــــــــــــــكُب ما في الإنـــــــاء وطهّره .
أرفــــــــــع قلبـــــك و تنشًّق هــــواء الحيـاة .
والحــــــــــــرية التـــي ،
لا أضمـــــــــــــن منهـــا ؛
لأنـــي أعطيتـــــك أن تصـير ابنــاً لله جميــل .
هــــو وغير قابل للتصديق ، على ما يبـــدو ،
ما قـــــــد وعدتُك به .
ومــن ذا يتصــــور بأن ابن الإنسان ،
يصـــــــــــير ابن اللـــــــه ؟
شيّد الرجـــاء في قلبـــــــــــــــك ،
و أطـــــــــرد منه عدم الأمـــانة :
ها قد صنعت مـن أجـــــــــــــلك ،
ما هــو أهم مـن ذلك بمقـــدار .
أتعجــــــــب حين تتـــأمل فـــي الحيــــاة الأبديـــــــــة ؟
أتعجـــــــب حين تفكــــر بأنـك قادر على البلوغ إليها ؟
حــــريّ بك أن تــــزداد تعجباً لكوني ذهبـــــــــــــــت ،
إلي المــوت مـــن أجــــــــــــــــــــــــــلك .
وهل تشـــك في الجزاء الموعود ،
بعـــــــــــد أن أخـذت عنـــــــــه ،
هذا العربــــــــــون ؟