الفصل السابع عشر
في القديسة مريم المجدلية
إنه لمن المحتم أن ينال كل إثم ، ثقيلاً كان أم ضعيفاً ، عقـــــــــــــابه منك أنت ،
يا من تندم عليـــه ، أو من الله الذي ينتقم منه .
مـــــــتى ندمت عليه قاصصت نفسك بنفسك ،
عـــــاقب خطـــــاياك إذا ســـألت الله رحمـــــةً ؛
وبكلمة ، فأمـــــــــا أن تعـــاقب أنت وأمّا هو ،
إن شئت أن تتجنب عقـــــــــابه فعاقب نفسك .
إنما الكثيرون لا يخجلون من خطاياهم .
بل يخجلون من التوبــــة
يا للحــماقة أنت لا تخجل من الجـــرح بل من ضمادته .
يا للحــماقة أنت لا تخجل من الجـــرح بل من ضمادته .
أليس الجرح المكشوف مدعاة للتقزز والنتانة ؟ أفزع إذا إلي الطـــبيب .
كان الأفضل لك أن تسمع كلمة الطــــبيب يوم كنت ذا صحة جيدة لئلا تحتاج إلي عنايته .
وكان الأفضـــــــل لك أن تحافظ دوماً على عافيتــــــك ،
أحتقـــــــــــرت مشورة الطبيب وأفرطت بصحتك فوقعت من جراء ذلك في مـــــــــــرض .
أصغ أقــــــــــلَّه الآن إلـــــــــــــــــي إرشادات الطبيب لتتمكــــــــــن من النهوض من خطيئتك .
أطلب الطبيب ولا تخجــــل ، كلما ـــــــكان جرح قلبـــك بليغـــاً ،
كلما وجب عليك أن تطلب الطبيب .
اللــــــــــــــه يكسو جرحــك فــــلا تســـــــــــــع إلي أن تكسوه ،
لأنـــــــــــــك إن شـــــــــئت أن تخبئة خجـــــلاً أهمله الطــبيب .
الطــبيب يغطي الجرح ويعني به ،
بالدواء يغطي الجرح .والجـــرح يـــــبرأ فــــي كنف الطــــبيب .
وعمّن تريــــد أن تخــفي جرحك ؟ عمَّن يعرف كل شــيء ؟
إن الفريسيين الذين ظنوا أنفسهم أبراراً تذمروا على الرب
الذي كــــــان يعايـــــش المرضي متعهداً شــــــــــــــفاءهم فقالوا :
أنظـــــــــــــــــــروه يؤكـل العشارين والخطاة .
فأجـــــــاب الطـــــبيب المـــــرضي :
( ا لأصحّـــاء لا يحتاجون إلي طــــبيب بل المــــرضي ،
أنا ما جئت لأدعو الصــــــــــــــديقين بل الخــــــطاة ) .
وهذا يعني إنكــــم ، وإن كنتم خطــــاة ، تدَّعون البرارة وحســـــــــن الصحـــة .
ومع أنكم مرضي ، فإنكــــــــــــــــــــــم ترفضون العلاج ولا تحتفظون بصحتكم .
إن الفريسي الذي دعا الرب إلي مائدته ، كان يظن نفسه ســــــــليماًَ معـــــافى ،
بخــــــــلاف تلك المــــرأة المريضــــة التي دخلت البيت بلا دعـــــــــــــــــــوة إلي حيث يسوع .
بــــــــــــل ، حملها شوقها للخلاص ،
إلي هذا النــــــــــــــــوع مــــــن الوقـــــــاية ،
فـــــــــــلم تدنُ من الـــــــــــــــرأس ولا من يدي الــرب ،
بل انطرحت على قدميه وغسلتهما بدموعها ، ونشفتها بشعرها ،
وقبلتهمــــــــــــــــــا ودهنتهما بالـــطيب على قدميْ الرب ،
اســتعادت الخاطئــــــة الســـــــلام .
والفريسي المتكئ إلي المـــــــائدة ظنَّ نفسه فتذمر على الطبيب قائــــــــــــــــــــــلاً :
لو كان هذا نبيــــــــــاً لعلم حقــــاً منْ هي هذه المرأة التي لمست قدميه .
شكّ في الرب ، ظناً منه ، أنه لم يعرفها ولم يصدّها عنه كيلا تلمسه ،
بيدين أثيمتين ، بيــد أن يسوع المسيح العالم بكل شيء رضــــي بأن تلمسه لمساً به تشفي .
وإذ أدرك الرب أفكار الفريسي أعــــــــــــطاه هذا المثــــــل :
( كان لمـــداين مدينــــــــــــان على أحدهمــا خمسماية دينار وعــــلى الآخــر خمســــــون .
ولم يكــــــــــن بوســــعهما أن يقضيا دينهما فأعفاهم جميعاً فأيهمــا يكــــون أكثر حباً له ؟. )
فأجابه الفريسي : ( ذاك الــذي أعفاه من الأكثر ، على ما أظن ) .
ثم التفت إلي المرأة وقال لسمعان :
( أتـــــــــــــــــــري هـــــــــــــذه المـــــــــــــــــــرأة ؟
أني دخـــلت بيتـــك فما ســكبت على قـــدمي مــــاء .
وأما هي فبالدموع بلتَّ قـــدمي و بشعرها مسحتهما .
أنـــــــت ما قبــــــــــلتني قبــــــــــــــــــــــلة ، وأمّا هي فلم تكفّ منذ دخلت عن تقبيل قدمي .
أنـــــــت مـــــــا دهـــنت رأســـــي بزيـــــت ، وأمّا هي فبالطـــــــــــــــــيب دهـــنت قــــدمي ،
أقولُ لك : غفــــرت لهــا خطـــاياها الكثيرة ،
لأنهـــا أحـــــــــبت كثـــــــــــــيراً . وأما الذي يغفر له القليل ، فأنه يحب قليــــــلاً ).
وهذا يعني إن مرضــك أشـــــــــــــــد من مرضها ،
تظـــــــــن نفســــــــك في صحـــــــة جيــــــــــــدة ،
وأنــــــــك بحاجــــــة إلي اســـتغفار القليــــــــــل ،
مـــــع أن ديونك كثيرة أيها الفريسي المزدري.
ضافك الرب فأطعمتــــــــــــه وما دريت بأنك محتاج إلي طعامه ،
وكيـــــف عرفت بأن الـــرب كان يجهل تلك المرأة ؟
الا أنه سمح لها بأن تلمســـــــه وتقبـــــل قدميـــه ،
وتنشــــــــــفهما وتدهنهما بالطيب ؟
أنت تظن بأنــــه ما كان يجب أن يسمح لامــــرأة خاطئــــة ،
بـــــأن تعمـــــل هــــــــــــــــذا بقدمـين طــاهرتين ،
ولــــو أن امــرأة كهـــــذه دنت من قدمي ذلك الفـــــــريسي
لكــــــان قال لها ما قـــاله أشـــــــــــعياء لمثيـــــــــــلاتها :
( قفي عنـــدك ولا تـــدني فــإني نــــــقي )
" أشعيا 5:65 ".
لقــــــــد دنـــــــت من الرب مدنسه لتعـــــود منقــــــــــــاة ،
وتقدمــــت منـــــــه مريضة لتعــــــود معافـــــــــاة ،
واقــــــــــــــــــتربت تائبــــة لتعــــــود مغفـوراً لهـا .
إذا اطمأن قلبك إلي الإثم الكبير الـــــــــذي ســـوف يخلّصك الرب منه بنعمــــــــــة ،
عليــــــــــــك أن تتنقى في الكنيسة وكأنك موصـــــوم بوصمة العار .
آمـــــــــــن وأدن من قدمي الرب وابحث عنهما وأعترف باكياً فوقهما وأمسحهما بشعرك .
قدما الـــــرب هما كل مبشر بالإنجيل وشـــــــعر المــــــرأة خيور نافلة .
إمسحْ بشعرك وأمسح صانعاً رحمة وإذ تمسح قدمي الرب بهذا الشكل ،
قبلهمـــا وخذ السلام لتنال المحبة .
لا تخجل . أندم ، القــــلب التـــــائب ينــــــــال شـــــــفاء ؛
والقلب المســـتكبر ينبـــــــــــــــــــــــذ .
الــــرب يشـــفي ذوي القــــــــــلوب المنسحقة الوضيعة ،
الــــــــــــــــذين يعترفون بخطاياهم ويعاقبون أنفســــهم
مصدرين بحقها حكمـــــــــاً صارماً اختباراً لرحمــة الله .
وبالتـــــــــالي فإنك سوف تشفي بقلب منسحق ، تائب ، لا تخجــــــــــــــل ،
اســحق قلبك لأنَّ الله يشفي أمثال هـــــــــــــــــــــــؤلاء المنسحقى القلوب .
عُدْ إلي دواء الرب ، فإنه سوف يقودك ويجبر كسرك ويحقق لك شفاءً تــــام ،
وما هــــــــو مســــتحيل اليـــــــوم ســيصير ممكناً لك غداً .
من المستحســـن أن : تعترف بضعفك متى دنوت من الالوهة ،
إن لم تشأ أن تتضع ، معترفاً بإثمك ،
فسوف تنسحق تحت يد الله ،
لا تخف ذاتــــك فالله يخفيـك .
ألـــــق بنفسك في يــــــد الله ، ولا تخــــف ، فلن يبتعد عنك ولن يدعك تقع ،
ألـــــق بنفسك فيــــــــــــــــــه مطمئنـــــاً ، فيقبـــــــــــلك ويشـــــــــــفيك .