الفصل الثامن
في أن الإيمان بدون أعمال ميت
عظيم هو الإيمان ؛ إنما لا فائدة منه إن خلا من المحبة .
ارفــع الإيمــــــان يســــــقطْ ما تؤمن به ،
وارفع المحبـــــة يســــــقط ما تعمــــــل ،
لأن غاية الإيمان أن تؤمـــن .
و غــاية المحبة أن تعمــــل .
إن كنت تؤمن ولاتحب فلست تسـعي إلي الصلاح ،
وإن ســعيتَ فسعيَ عبـد لا سعى ابن ،
وخوفاً مـــــن العقـــــــــاب لا حباً بالبر .
فالإيمان الذي ينقيّ القـــــــلب ،
هــــــــو الذي يعمل عن محبة .
إن آمنت بالمسيح ، ضــــــماناً للطمأنينة في الخطأ . ضــــــللتَ كثيراً ،
لأن المســــــــيح الذي تنازل وجاء لمســــــاعدتك ، شـــــفقة عليك ،
لن ينفعك اسمُه متى باشـــــر قضـــاءه الصـــارم .
{ ليس من يقول لي يـــا رب يـــا رب
يدخـــلُ ملكـــــــوت الســـــــــــماوات
بـــــــل من يعمــــل مشــــيئة أبــــي ،
وكثيرون يقولون لي في ذلك اليــوم
يا رب يا رب باسمك أكلنا وشربنا }
" متى21:7-22 ".
الشجب هو نهاية جميع المدمنين .
على أمثال تلك الأفعال : ـ
و مـــــتى رأيت عدداً كبيراً منهم لا يكتفون بتلك الأفعال ،
بـــــــــــل يعــــــــــــــذرون مــن يقوم بها ويشــجعونه ،
ألتزم أنت شــــــــــريعة الله ولا تتبـــــــع مخالفيهــــا .
و لن تـــــدان بحسب أفكارهــــم ، بـل وفقاً لحقيقة الشريعة ،
ولا تقتـــصر على ما أســــــتحقَّه لـك إيمانك من فضـــــــل ؛
بل زدْ عليه الرجــــاء والمحبـــةَ ولا تقلـق لما ســيكون .
المحبـــــــةُ لا تســـــــــــــــتطيع ألا أن تعمــــــــــــــــــل ،
أعطـــــني محبة خاملة ، جامدة لا تعمــــــــــــــــــــــــل .
أليس الحب هو الذي يأتي الأفعال السيئة و القبيحــــــــــــة ،
و القتـــــــــــل وسائر السفاهات ؟
نقّ حبَّـــك و حولّ إلي البســـتان مــاء القاذورات .
و أجعل ما في حبـــك للعالم من زخـــم ،
دافعــــاً له إلي خالق العالم .
و ما نفعك من التبشير بالحقيقة إذا كان قلبُــك مخالفاً للسانك ؟
و ما نفعك من ســماع الحقيقة إن كنــت لا تبني على صخرة ؟
إن ســـــــــــــــــمعت و عمــلت بنيت على صخرة ،
أمـــــــــا إن ســـــــــــــــــمعت و لم تعمل بنيت على الرمــل
وإن بنيـــــــــــــت على الرمــل
فللخراب تبني :
إن لم تبن على صخرة طمي السيل وجـــــــــــــرفك ،
وصرت بلا مأوي .
إن سمعت كلام الله و لم تعمل به
كنت كمن يأكلُ جيداً و يصعب عليه أن يهضم ما يــــــأكل ،
فلا يســـــــتبقي خلاصــة ما يــــــأكل ،
بل ينبذ الطعام فضلاً عن التقــــــــــزز ،
الذي يتســـــبب لــــه من عسر الهضم .
وأيّ نفع لك من الإيمان إن كنت تجدّف ؟
أنت تعبـــد المســـــيح في رأســـــــــــه ،
وتجـــدّف عليــــــــــه في جســــــــــده .
إن كنت قد انفصــلت عن الجسد فالرأس
لا ينفصل عن جســـده بل ينـــــــــاديك من فــــــــــوق ،
{ بلا سبب تكـــــــــــرمني }.
إن الإعتراف بالمسيح حباً بعبادته شيء والاعتراف به ،
صدّا له ، شيء آخر .
قال بطرس تمسّكاً بالمسيح
{ أنت هو المسيح ابن الله الحي }
" متى 16:16 ".
وقالت الشياطين صدّا له عنهم
{ نعرف أنك أنت ابن الله }
" مرقس 12:2 " .
إيمــــــان المسيح متحــــد بالمحبـــــــــة ،
و إيمان الشيطان خال من المحبـــــــــة :
و مـــن لا يؤمن فهو شر مــــن الشيطان ،
و أكـثر تأخراً منــــــه .
و إن قالت الشياطين نعرف إنَّك أنت ابن الله :
{ فهل هذا يعني إنهم يملكون معه إلي الأبد؟ حاشا }.
و على سؤال المعلم :
{ مــــن أنا على حـــدّ قولكـــم ؟ }
أجاب بطـرس : { أنــت المســـيح ابن الله الحي }
فقــال له الرب :{ طوبي لك يا ســـمعان بن يونا }
" متى15:16 ".
و قال له الشياطين الكلام عينهَ .
ولمــــاذا ليســــــوا ســــــعداء ؟
لأنهم قالــوا ذلك عن خـــوف .
وبطــرس قــــــال عن محبـــة .
إنك سمعت اعترافاً ممـاثلاً ،
إنما لا تجـــدُ محبــةً مماثلة .
الكلام هو هو ؛
إنما الرب يسأل الأصلَ ،
ولا يسأل الزهرة .
أسمع القديس يعقوب :
{ ما المنفعة يا أخوتي إذا قال أحد :
أن له إيماناً وليست له أعمــــال ؟
ألعلّ الإيمان يستطيع أن يخلصــه ؟
الإيمــــان بغـــير الأعمــــال ميت }
" يعقوب 14:2-20 "
حتى ما ينخدع أولئك الذين يعدون نفوسهم بحياة خالدة ،
انطلاقاً مــــــــن إيمان ميت ؟
أســألك أتؤمــــــــــــن أم لا ؟
قـــــل لي .
وتقـــول : أنــي أؤمــــــن .
أعمل بما تقول .
وذلك هو الإيمان ولا تسبح الله بصوتك وحســـــــــــــــــــــــبُ ؛
بل فلتأتلف أعمــــالك مع صوتك في تسبيحه .
تنشــــــــد ، أحياناً بصوتك ،
وأحياناً أخــــــري ، تسكت ،
أجعل حياتك كلهــا نشـــيداً مســـــتمراً
وليكن صوتك في أعمالك .
أكفر بالعالم أو لا تصدق على المحتاج .
وأنبـــــذ ما يهــــواه العـــالم ولا تبــــــــال بالإهـــانات ،
ولا تبــــغ انتقــــاماً من احد ، بـــل قدّم خدك لمن يصفعــك وصــــلّ لأعـــــــــــــــــدائك ،
ولا تطالب أحداً بمال لك أخذه وإن أسأت إلي أحد في رزقه فعوّض عليه أربعة أضعاف .
وليكن حبك للـــــــه ، في ما تصنع ،
حبــاً مــــنزهاً عن كل شيء ،
وحبُك لقريبــك ، خــــــــــيراً .
لا شيء لك تقدمة إلي الله ؛
إنما لك ما تعطي القريـــب :
آس البائـــــس يغــزُر فضــــــــــلك ،
وأعط ممــا لك مـــن لا يملك شيئاً ،
و وزع الفائض عنــــك على الفقراء .
إن كنت ذا مــــال فأطعم المســـــــكين ،
وأكس العريــــــــان ،
وابـــن كنيســـــــــة ،
وأعمل الخير جهدك .
وإن كنت ذا فطنة فدبرّ القــــــــــــريب ،
وبدّد منه ظلام الشك ،
بنــــــور التقــــوى .
وإن كـــــنت ذا علم فخذ من مخـزن الـــرب ،
وغذ أخوتك وقوّ المؤمنين وأدع التائهـــين ،
وأبحثْ عن الضالين وأعمل كل ما تستطيع .
إننـــا لنجــــدُ بين المساكين أنفســهم
مـــن يعرفون كيف يبذلون نفوسهم
فيقدم هذا رجله لأعـــرج ، وذاك عينه لأعمي ،
وآخر يعود المرضي ، وآخر يدفن الموتى .
أنهـــا لأمــــــور يســـــتطيع كل واحــــــــــد أن يقوم بهـــــــــــــا ،
وبات من الصعب جداً وجود من لا يستطيع أن يقدم لقريبه شيئاً .
وعلى هذا النحو تتم وصية الرسول :
{ أحملوا بعضكم أثقال بعـض
وهكـذا أتموا ناموس المسيح }
" غلاطية2:6 ".
إن كان هذا الإيمان إيمانك فأنــــــــــت أحد المخارين المنتخبين المبرًّرين ،
فأعمل إذن على أن تنميـــــــــــــــــة فيـــــــــك .