الفصل السادس
في بطلان الخيور الزمنية
مع أن حياتنا هذه شاقة وفانيـــــــة فلها حلاوتها ،
فإذا لم تتمكن من التخــــــــــــلص من المــــوت ،
تحــــــــــــاول بجد واســتمرار أن لا تموت باكـراً .
أنت لا تستطيع أن تمنــــع المـــــوت عنـــــــــك ، إنما تعمل ما بوسعك لكي تؤجـــــــــــــله .
ولمـــــــــــــــــــاذا يتكبد الناس مشّـقات كثــــيرة ، قياماً بما هـــــــــــو ضروري لوجـودهم ،
فيخضــــــــــعون للطب مثلاً ولسواه من الخدمات التي يفرضـــها المــرض عليهـــــــــم
أرجــاءً لسـاعة المــــوت عنهـــــــم ؟؟
ثمن الموت في الآخرة:ـ و ما هو ثمـــــــــــن المــــــــــوت في الآخــــــــــــرة
إن كان تأخير أجله ههنا يتطلب هذا الثمن الباهظ ؟؟
إن كان يقصد بهذا الـــدوىّ مجداً عالميـــــاً فما أشــــــــــــبهه بسقسقة الماء بين الحصـى
تأمله يجــــــري وأنظر إليه منحدراً وإذا تأملته جارياً منحــــدراً
فاحذر من أن يجرفك معه لا تكترث لنهــــر يجري بســــــرعة إلي مصبه الله عشــــب : ـ
لأن كل بشر عشبّ ومجده كزهر الصحراء { العشب قد يبـــــس و زهره قد ســــــقط }
" أشعياء 6:40 -7 " .
العشـــــــــــــب يخضر شتاءً وييبس صيفـــاً ، فأنظـــــــــــر إليه ، لا أسرع منه إلي الزوال .
وهــــــــــــــل أبهي منـــــه وأشد اخضراراً ؟ لا تفرح به مخضراً بـــل خف منه يابســــــــاً .
الخطاة .. أجل الخطاة كالعشب يزهرون ،
و الحمق ينظر إليـــــهم فيقتـــــــدي بهم وإذا أراد أن يزهر معهم في الزمـــــــن ،
هـــــــــــلك إلي الأبـــــــد .
و لماذا يتيه كبْراً الذي يـــــــــزُهرُ الآن ثم لا يلبث أن ييبس ؟
خـــــــير لـــــــك أن تحوّلك رحمةُ الله من عشب إلي ذهب .
و أي نفع لك من كــــــل ما هو زمني فـــــإن ؟
ســــــــــــواء أكان فضة أم لذة بطن ولسان ،
أم مجــــــداً تجنيه مــــــــــــن مديح الناس لك ؟
أليس هذا كله دخاناً وريحاً ؟ ألا يزول سريعاً؟ الويل لك إذا تمسكت بما يزول فإنك تزول معه ،
ألا يشـــــــبه نهراً سـريعاً يثب إلي البحــــر ؟ الويل لك إن وقعت فريسة له ، جرفك إلي القعر.
الأبـــــــرار أما إذا زال العشبُ وانقضى زهرُ الخطاة فماذا يحل بالأبرار؟
{ الصديق كالنخلة يزهو وكالأرز في لبنان ينمــــــو } " مزمور 13:29 ".
جمالُ النخلة في جذعـــــها ، وفي التراب جذورها القاسية أما أغصـــانُها العَّالية فهي تناطح السحاب .
وهل تجف النخلة والارزة لشروق الشمس عليهما في حين أن الزوابع لا تستطيع أن تحنى رأسيهما ؟؟
أيها الشقي المولع بحب العالم لا تغــــــتر بســـــــعادة الكفــــرة وزهــــر العشـــب ،
و لا تحسد من يسعدون إلي حين ويشقون إلي الأبد .
أختر لنفسك :ـ تأملًّ إن كانت أصولك راسخة في بيت الرب و أردت أن تزهو كالنخلة
و تنمو كأرز لبنــــان أو أن تيبـــــس كالعشب تحــــت حرارة الشمس .
إن لم تشأ أن تكون عشباً بل نخلةً وارزةً فليطمئنًّ باطـــــنُك وتأمَّلْ في ما أقــوله لك ؛
لأن الله أزلي يرأف بالخطاة الكفرة ويقودهم إلي التوبــــة ،
أنه يجلد الصـــــالحين و يوجّهُهم إلي ملكوت السماوات ، ولا يظلم أحداً فلا تخف .
لا تضطرب بل اطمئن : وهل يجـــــــــــــــــــــلدك الآن ، إلا ليخلصك من نار الأبـــد ؟
و هل يصبر على الشرير الآن إلا ليسمعه هذا الصوت القائل :
أذهبوا إلي النار الأبدية ؟ لا تقلق لتلك الأفكار بل اطمئن وقل :
{ عادل أنت أيها الرب إلهي ولا إثم فيك البتة } " مزمور 13:92 ".
لا تغترَّ بأفراح هذا الدهر فهي أضغاث أحلام :
أبناء الدهر يستمتعون بنومهم وإذا أبوا يستيقظوا حين تكون لهم من النهوض فائدة ،
فسوف ينهضون ســـــــــــــــاعة لا يشـــــــــــــاءون ،
ويدركون إذ ذاك أن أحلام هذا العالم بأسرها باطلة وزائـــلة على حد قــــول الكتـــاب :
{نام رجال الثروات ولم يجدوا أيديهم} "مز5:75".
و منهـــم من لا ينامون بل يغفون ويكفـــون عــن محبـــة الخيـــور الزمنية ،
ثم يقعــــــون في حبها من جديد وغالباً ما يحنون بسرعة رؤوسهم كالغافين .
أما أنـــــــت فاسهر و انفض عنك غبار النعاس لأنك إذا حلمت تعرضت للسقوط .
و لمَ تخاف من خراب ممالك الأرض ؟
السماء أعطتك مواعيــــــــــــدها لئلا تهلك مع من في الأرض
إن ترددت في العمـل فأثبت عـــلى الرجـــــــــــاء ،
و إن أقلقــك العمـــــــل فلتكن المكافأة حـــــافزاً لك .