الفصل الثالث
في تلميذ الكتاب المقدس
إن سيدنا يسوع المسيح الإنسان هو رأس و جســـــــــــــــم ؛
و نعـــــــرف رأسه في الإنسان الذي ولد من مريم العذراء :
ذاك هو رأس الكنيسة .
إن جسم الرأس هذا ، هــــــــــو الكنيســـــة ؛ تملأ العالم بأســـــــره ،
مــن هابيل
حتى أولئك الذين يولدون ويؤمنون بالمسيح وحتى نهاية العــــــالم .
وهـــو جمهـــور القديســــين الصـــــــــائرين إلي مدينـــة واحـــده ،
و هذه المدينة هي شبيهة بجســـــد المســيح الذي هو عينة الرأس .
فيهــا الملائكــة مواطنــــون لنــــا .
و بما أنّنا في سفر فنحـــن نتــــألم ،
وهم ينتظرون في المدينة قدومنا .
ومن المدينـــة التي عنها ابتعـــدنا تصلُنــــا الرســـالات :
أنها الكتب المقدسة التي تحثنا على أن نحيا حياة صالحة .
ملك المدينة ذاته نزل و صــــار طــــــــريقاً لنا نســـــافر عليــــــــــــــه ،
حتى إذا ما سلكنــــاه لا نضل ولا نعـــــــثر ولا نقع بين أيدي اللصوص ،
ولا نلقي بأنفســـــنا في الفخاخ المنصوبة لنا على طــــــول الطــــريق .
فلنصـــغ إلي الكتاب كمــــا إلي ذلك الملك .
أن نظام المدرسة و منهاجهــــا ،
لا يفتحان ذهنك على كتــــــاب وحســــــــــــب ،
بل على عدة كتب إن عرفــت أن تحفظ النظام .
غالباً ما يحدثك الكتاب المقدس عن المسيح بحيــــــث أنه يوصى برأســــه فقــــط ؛
و مــــراراً ينتقـــــل من الرأس إلي الجســــــــــم ،
أي إلي الكنيسة دون أن يتحـول إلي شخص آخــر ؛
لأن الرأس لا ينفصل عن الجسم لكن يحكي عنهما
كما عن شيء واحد .
طالع إذاً الكتاب المقدس بإيمــان واطمئـــــــــــــن إلي حقيقتــــــــــــــــه ؛
أنه لقي أعــــلي مقــــــام من السلطة السماوية .
تعلّم حقاً ما هو مقبول وأعلــــم ما يجب إصلاحه أو شـــــــــــــــــــجبه .
ولن تجد فيه الحقيــــقة وحدها بـــــل الخطّة التي تنعش النفـــــوس
وتجدّدها موضـــــوعةً وفقاً لقياس يؤهلك لأن تنهل منها ما يلائمك
متى دنوت منها بعبادة وتقـــــوي وفقاً لفرائــــــض الدين الصحيح .
ولكن ، أفهم قبل كل شيء أنه لا يجوز لك أن تضطرب ،
إذا لم تفهم الكتاب المقدس .
كما لا يجوز أن تستســــلم إلي الكبرياء متى فهمتـــه ؛
بل أصـــبر بإحـــــــــــترام إلي أن ينكشف أمامك معناه الخفي ،
وأرعَ محبـــــــــــــــــــــاً مــا فهمـــــــــــــــــت منـــــــــــــه .
عُمْــــقُ كلمة الله يروّض الذوق ولا ينفي العقــــــــــــــــــــــــل .
لو كان كل شيء مغلقــــــــــــــاً لما كان مجـــال لكشف الستار ،
عما هـــو ظلمـــــــــــــــــــــــة ؛
فضلاً عــــن أن النفـــــــــــس التي تحُــــــرمُ قواها الضـرورية ،
التي بها تقرع الأبواب الموصدة .
ولـــــذلك فإن الله لـــــم يحجب كنوز الكتاب ليمنعها عن عقول الناس ،
بــــل لكـــــي يذكي الشــــــــــــوق إلي معرفتهـــــــا .
أحترم في الكتاب ما لا تفهـــــــــم وزدْ له احــــتراماً
كلما ازداد احتجاباً عن ناظـــــريك .
و في الواقع ، فإن احترام الشخص يزداد كلما ازدادت الحُجُبُ في بيته :
فهي التي تجعل السر مصوناً وتهُتك أمام من يحترمونها ؛
أمــا الذين يسخرون منها فالدنو إليها محظــــور عليهـــم .
و قلة هم الذين يتمكنون في درسهم من فهـــــم الكتب المقدســــة من أن بابها مفتوح أمام الجميـــع .
وان ما يتضح من حقائقها لشبيه بحديث صديق حميم يلج مباشرة إلي قلـــــوب الجهــــــال والعلماء .
إن الحقيقة المحجــــوبة ضــــــمن الأســــــــــرار لا تجـــــــــذب إليهــا ،
بواسطة خطاب رفيع لا ينصـــب عــلى درسه من كان بطيء الفهم ،
جاهلاً ، كما هي حال الفقير أمام الغني ،
إنما تدعو بلغة بسيطة جميـــــع الذين تغذّيهم بالحقيقـــــة المكشـــــــوفة ،
وتدربهم بواسطة الحقائق المخفيـة التي تبدو وكأنها مجموعة في مكان سري .
و تجنباً للقرف مــن الأمـــور الــــتي تسهُل جــــــداً معرفتُها
يتوق الإنسان مــــن جديـــــد إلــــي تقصيّ الحقائق الخفية ؛
ثم تدفعــــــــه رويداً رويــــداً تــــلك الرغبـــات المتجــددة ،
إلي إجــــــــــــــراء بحــــوث جديــــــــــــــــــدة ،
وتصــــــــــــلح تلك البحوث العقـــول الشــريرة ،
وتغــــــذي الضعيفة منهــــا وتستهوي الكبــيرة .
القـــــلب المقـــــاوم لهــــذا التعليم هــــــو ذاك ،
الــــــذي يجهـــــــل أنـــــــه تعليم خـــــــلاصي ،
فيكـــــره العـــلاج ، لأنــــه مريــــــــــــــــــض .
و بالتالي فلا تملْ إلي الأضاليل و لا تتهَّم الكتاب إن لم تفهمــــــــــــــــــــــه .
ومع أن الكتاب روحي تراه يعمــــل طبيعيــاً مع من يعيشون بحسب الجسد .
ولكنه يأبى عليك أن تظل لحمياً ؛ لأن الأم تحب أن تغذي طفلهـــا ولا تريد أن يبقي إلي الأبد مقمطاً .
أنها تشده إلي صدورها وتدفئـــه بين ذراعيها وتلاطفه بمداعبتها وتغذية من لبنهــــــــــــــــــــــــــا
وتعمــــــــــل كل شــــــــــــــيء ، في ســــــــــــــــــبيله ؛
وتتمـــــــــني له النمو كيلا تظل على هذا النحو تُعني به .
و إن كنت غير قادر على قبول كلمة الله غذاء لك فاغتذ من لبن الإيمان
وآمن بلا تردد بالكلمة التي لا تقدر أن تفهمها .
أما إن أردت أن تحرّرَ من الكتب المقدسة فتأمّل دائماً بتحذير الرسول القائل :
{ العلم ينفخ و الود يبني }
" 1كور 1:8 ".
و إن رأيت ذاتك مــــركاً للكتب المقدســــة دون أن تنمو فيك محبة الله و القريب ،
فأنت لم تفهـــــــــم شــــــــــــــيئاً .
إن رفعت عينيك إلي الكتاب المقدس فأرفعها إلي الله تجــــــــــــد لديــــه عونـــاً .
أرفع قلبك إليه لتفهم ما تقــــرأ ، ولا تقل :
الكتب المقدسة هي ألح حضـــوراً من الله بل هو ألح حضوراً منها .
الكتب المقدسة ماثلة أمام ناظــريك و الله يأمـــــــــــر ضمـــــــيرك .
أرفع نظـــــرك إلي الكتب المقدسة وقلبك إلي الله لتملأهمـــــا معـــا ،
ولكن أرفعهما بحيث تري ما ترفع وأيــن ترفـــــــــــــــــــــــــــــــع .
تأمّل أيَّ قلب ترفع لئـــــلا يرزح تحت ثقل الشهوة ،
فيبقي رازحاً قبـــــل أن يرتفـــــــــــــــــــــع .
عالج قلبــــــــــك بالعفــة .
لكـــي تجـــــــــعله نقيــــاً .