الفصل الحادي عشر
في حتميــــــة المــــــــوت
زمن حياتنـــا ههنا ، سباقُّ إلي الموت ، حيثُ لا توقفُّ ولا تباطؤ :
بل الكل مدفوعون ، بنفـــــس الحركـة ، إلي الهـــــــــــــــــــــدف .
وليــــــــــس لمـــــــــــــــــــــــن كان عمـــره أقصر من ســواه ،
أن يطــــوى نهاره بأسرع ممَّن كان عمره أطـــول .
على السـواء تـنُزعُ الأوقـــات منهمـــــا ؛ فهـــــذا يري هدفه أقرب وذاك يراه أبعــد ،
إنما كلاهمــا يسيران بالسرعة عينهـــا .أن يلاحق الإنســـــان حياته طويلاً شــــيء ،
وأن يســــير فيه ببــــطُّ شـــيء أخــــر .
وبالنتيجة :
فمن يقطع عـــــــــــــلى طــــريق المــوت زمنـاً طــويلاً ،
لا يعنــــي انــــــــــــــه يقطــــــــــــــــــــع مسافة أطول .
وبمــــــــا أنك مولـــــود فمن المحتم عليك أن تمــــوت ،
المـرض ضـروري ههنا ليدفـــــــع بــــــك إلي المــوت .
من الواضـــح أن الأطباء حين يعاينون المرضي يقولون مثلاً :
إن هـــــــــــذا مصـــــاب بــــداء الاستسقاء ، وهــو مــــــــــــــرض غير قــابل للشـــــــفاء ،
وهـــذا الآخر مصــــاب بـــــداء البــــرص ، ولــن يشفي منــــــــه
وذلـــــــــــــك مســــلول وموته محتــــــــم : ومـن ذا الذي استطاع أن يشـــفي من الســـــل ؟
لقــد لفظ الطبيــــــــب حكمه عليه بأنه مسلول ،
ومع ذلــك فليــــس مـــن المحتــــمَّ عليــــــه ، ولا عـــلى المصاب بهــــذا الـداء أن يمـــوت ،
وأن يكـــن محتوماً على كل مولود أن يموت .
يمــــــوت الإنســـان لأنــــــــــــــه مولـــود ،
ومـــا كان بخــــلاف ذلك فهــــــو مسـتحيل .
أنــــــــــت مولــــود ،
ولهـــــــذا تمــــوت :
إن هربت من الموت أو تحاشيته أو دفعتـــه عنــــــك ،
فلا يسعك أن ترجئه أو تمنعـــــه عنــــــــــــــــــــــــك .
أنه لآت حتمـــــــاً ، ولو أبيت ؛ وفي ساعة لا تعلمها .
ولماذا تخـــــــــافُ ما هو آت رغماً عنك ؟
أحر بك أن تخـــاف ممّا لــــن يكـــــــون .
ما لم تــرده أنت قـــارن بين هذيــــــــــــن الأمــــــــــــرين :
بين الموت الذي يتم في برهة من الزمـــــــــن ،
و العقاب الذي يـــــــــــــدوم إلي الأبـــــــــــد .
أنك تخشــــــــى الموت الذي يأتي في برهة رغمــاً عنـــــك ،
فاخش بالأحرى العقاب الذي لن يحصــــــل ما لم ترده أنت .
أن ما يجــــب عليــــــــــــــــــــك ، أن تخشـــاه لأفظــــعُ بكثـــــير ،
وباســـــــتطاعتك أن تتجنبَّــــه .
وأنه لشرّ فظيع طويلُ المــــدى ، عليــــك أن تخشـــــاه طالمـــــا ،
ما أنك تستطيع أن تمنعه عنـك .
في الواقع ،
أنك إن عشتَ عيشةً صالحــة أو شريرة ، فســــــــــــوف تمـــوت ؛
ولا مفرَّ لك من المــوت ،
ولكن إن عشت عيشةً صالحة فلن تلُقي في العـــــــــــذاب الأبـــدي ،
وطالما أنك تســـتطيع ههنـا ، أن تتمني عـــدمَ المـوت ،
فاخترْ أن تكون مع الأحيــاء ، لئلا تموت إلي الأبــــد .
كم من مشقات يتحملها الإنسان تطويلاً لمدة عـــذابه ،
وإذا هـــدده المـــوت نـــراه يســــعى إلي تجنبــــــــه ،
لماذا ؟ ألكي يخافه زمناً أطول ؟
العمل من أجل الحياة الإنسانية :
أي عــذاب لا يذوقــــــــــــــــــه ، أولئــــــك الذين يعالجهـــــم الأطبـــاء ،
ويجُـــــــــرون لهــــــم العمليـــــــات ؟
أيتحمَّلون ذلك كله كيلا يموتوا ؟ أما لكي يطيلوا أعمارهم يوماً أو أكثر ؟
إن كـــــــــــــان النـــــــــــــاس ، يتحمــــــلون تـــــــلك المشـــــــــقات ،
ويقومــــــون بتلك الجهـــــــود ويتكبـــــــدون نفقــــات باهظـــــــــــــة ،
ويواظبـــــون على الســـــــهر والعنــــاية تطــــويلاً للعمـــر وإن قليـلاً ،
فأحـــر بهــــم أن يسَـــــــــعوا ويعلمـــوا لكي يحيــــوا إلي الأبـــــــــــد .
وهـــــبْ أن من اتخذوا تلك الوسائل ، تأخــــــيراً للمــــــــوت قليـــــــــــلاً ،
وتطــــويلاً للعمر أيامــاً قصـــــيرة ، قد سُــــمّوا حكمــــــــــــــــــــــــاء ،
فما أغبـاك ، لو عشــتَ عيشـــــــة :تسببتْ لك بخسارة اليوم الأبــــدي .
العالم ينهار :
يا مــــــــــــــــن ، تعمل مـــا بوســـــعك ، لترجئ موتك قليلاً ،
أعمــــــــل شيئاً ، لئلا تمـــوت إلي الأبد ، الويـل لــــــــــــــك ،
إن العالم ينهار ، إذا كان العالم ينهــــار ، فلمـا لا تتركــــــه ؟
لو قال لك مهندس معماري أن : بيتكَ ينهار ، ألا تبدأ تتركه ثمَّ تتذمَّر ؟
ومهندس العــــالم يقــول أن : العالم ينهار ، ثم لا تصـــــــــــــــدقه ؟
أصغ إلي صــوت الواعظ ،
ونصيحة المرشد :
الواعــظ يقـول : ( الســــــــماء والأرض تـــــزولان )
" متى 35:34 ".
والمرشد يقول :
{ لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض }
" متى19:6 ".
إذا آمنت بكلمة الله ولم تحتـــقر إرشاداته ، فأعمـــــــــــــــل بموجبهـــــــــــا ،
لأن من أعطاك تلك المشـــــورة لا يغشّك ،وأنـــــت فلســت تخسر ما أعطـــاك ،
بل سوف تتبـع خـــيرك حيث أرســـلته .
وإليك النصيحة :{ أعط المساكين فيكون لك كنز في السماء }
" متى19: 21 "
إذ ذاك لـــــــــن تبقــــــي بـــــــــــلا كــــــنز ،
لأن مــا تتمتــــع به عــــلى الأرض قلقــــــاً ،
ســــوف تتمتــــع به في الســـــــماء مطمئنـاً .
قايضــــــــه به : نصيحــــتي إليـــــك للخـلاص ، وليست للهلاك ،
سيكون لك كــنز في الســماء ،
ســـــــرْ على خطي المسيح تصلْ إلي كـــنزك ،
وبذلك تربـــــــــح ولا تخــــــــــــــــــــــــــسر .
أنك تلُقي في الأرض حنطة ،
ثم يــــأتي صديق لك عالم بطبيعة الأرض والحنطة ،
فيكشــــف لك جهـــــلك قائــلاً : مــــاذا صـــــنعت ؟
لقد ألقــيت الحنطــــــة في أرض عميقــــة رطبـــة ،
لهذا سوف يفســــــد بـــــــذارك ويضــيع تعبـــــك ،
فتجيبه :
وماذا أعمل ؟ ( أذهب مـن هنــا إلي فـــوق ) .
أو تســـمع نصيحةً يعطيها لك صديق بشأن الحنطة وتهمل نصيحة الله بشأن قلبك ؟
أتخشى أن تلقي حنطتـــــك في أرض غير صــالحة وتلقي قلبــك في أمور الأرض ؟
هـــــــا أن الرب إلهك يعطيك توجيهاً لقلبـــك : ( حيث يكــن كـنزك يكـــن قلبـــــك )
" متى 21:6 ".
أرفع قلبك إلي السماء لئــــلا يفســـد عـــلى الأرض ؛
بهـــــــــذا يُنصح من يريد أن يخلص لا أن يهـــــلك .