الفصل التاسع
في أن عالمنا هو محطة للمسافرين
غريب أنت في هذه الحياة :
أنـــــــــت حقاً مســيحي ، إن عرفت أنك غريب في بيتك و وطنك .
لأن وطنك فـــــــــــــوق ، ولســــــت فيه ضيفاً عــــــــــــــــــابراً ،
أما هنــا في بيتك هـذا ، فأنــــــــــــــت ضيف وألا لما غادرته .
أنت ضيف : ـ
إن وجب عليك الخـروج منه ، فـــــــــأنت فيـــه ضيـــــــف ، لا تغـــــــــــتر ،
أنــت ضيـف ، شـئت أم أبيــت ،
دع بيتـــــــــــــــــك لأولادك ، يـــــا ضيفـاً عــــــــــــــــابراً ،
دعة لســـــــــــــــــــــــــواك ، دعـــة للذين ســـــــــــــــوف يعبرون مثــلك .
الفندق و البيت :ـ
إن كنت في فنـــــدق ألا تترك محلك لضيف جديد ؟
و في بيتــــــــــــــــك تصنــع نفس الشـــــــــيء :
أبوك ترك لك المكان فعــــليك أن تتركه لأولادك .
التمتع و الاستخدام :ـ
أنــــت لا تقيــــم فيه كمـــــن ســـــوف يبــقي ،
ولــــن تترك مكــانك لمــــــن ســـــوف يبقون .
لـــــــم تشــــــــــــــتغل ؟ ولمن تشـتغل ؟
تقـــــــــــــــــــــــــــول : لأولادي .
وهـــــذا لمن يشــــتغل ؟ لأولاده .
وهؤلاء لمن يشتغلون ؟ لأولادهـــــــم .
إذاً لا أحد يشتغل لنفسه
أجعــل من ثـــروتك عونــــاً لك في الســــفر ، لئلا تكون حافزاً لجشعك .
خذ منها الضروري ولا تبحث فيها عن لذتك .
التمتع بشيء هو : تعلــق به من أجل ذاتـه ،
أما استخدامه فهو :
استعماله أداة للوصول بواسطته إلي من نحب إن كان أهلاً للمحبــة .
الاستعمال غير اللائق لشيء يدعى سوء استعمال أو سوء تصرف .
استخدم هذا العالم فقط و لا تسئ استعماله :
و استخدم الخيرات الجسدية الموضوعة لزمن محــدود ،
بلـوغاً إلي الخيرات الروحية الــــــــــتي تبقي إلي الأبد .
اســـــتخدم العـــــالمَ و لا تكن له أسيراً :
السبيل الذي سلكته حــــــين دخــــلت ، لا تـــــــــــزال تسـير فيه ،
و لقد دخـــــــــــــلت لتخـــــــــــرج لا لتبـــــقي .
فندق : ـ
استعمــــل أموالك كما يستعمل المسافر في الفنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدق ،
الطاولة و الكـأس و الإبريق و السرير ،
أستعملهـا كمـــــــــن سوف يتركهــــــا
لا كمـــــن سوف يبـــــــــقي .
استخدم العــــــــالم كمن لا يســـــــــــــتخدمه :
وأعلم انك مسافر ، على طــريق أنت غـــريب ، فجـــــدّد قـــــــواك .
جــــــدّد قــــواك ، و كمّــــــــــــــل طــــريقك ،
و متى ســــــرتَ ، فــلا تحمــــــلْ معــــــــك ، ما تجده في الفنـدق ،
يأتي مسافر أخر ، ويستعمل الأدوات عينها ، دون أن يحملها معه .
عرياناً خرجت من بطن أمك ،
وعرياناً تعــــود إلي الأرض .
إن كانت تلك حالك ، فأرفع قلبــــك و اســـــتمع إلـــــي ،
إن كانت تلك حالك ، فسوف تصل إلي ما وعدك الله به .
ألا تعتبر اليد التي دعتك ضمانة لك كبري ؟
لقــــــــد دعـــــــاك الله فتوسَّل إليه قائلاً :
دعــوتني فها أنا أتوسل إليك خذني إلي ما وعـــدتني به ،
وكمّـــــل ما باشـــــــــرت به لا تترك عطـاياك بلا ثمـــرة ،
ولا تتخلَّ عن حقّــــــــــــــك بل أدخل حصادك في أهرائك .
سعادة الحياة الأبدية : ـ
ما أسعد الحياة الأبديــة ، وما أهنأها ، فلا مثيــــل لها .
فيهــــــا لن نجد عـدواً ، ولــــــــــــن نخســـر صـديقاً ،
مــــــن هنــــا وهنـــاك ، نرفــــــــــع التســـــابيح لله .
ولكن من
هنــــــــــا ترتفـــــع التسابيح بأصوات قلقة ، و من هنــــــاك ترتفـــــــع بأصــوات مطمئنة ،
هنــــــــــا يســـبحه من ســـف يموتـــــــون ، و في الســـماء يســــبحه من يحيون إلي الأبد .
هنـــــــــا يسـبحونه بالرجـــــــــــــــــــــاء ، وهنــــــــــــــاك يسـبحونه متمتعين بمشاهدته .
هنـــــــــا يسبحونه في الطـــــــــــــــــريق ، وهنــــــــــــالك يســبحونه فـــي الوطــــــــــــن .
أنشــــــد الآن لكي تتعــــــــزيّ في التــــــــــــــعب ،
لا لتتمتــــــــــع بجمـــــال الراحــة ،
أنشــــــد كما تعودّ المسافرون أن ينشدوا أنشــــد ،
و سرْ و خفّــــفْ بترانيمك من تعبـك ،
ولا تستســــــــلم إلي الكســــــــــــــل ،
أنشـــــد وتقــــــــــــــــــــــدَّم :
تقَّــــــدم في الخــــــــــــــــــير إن تقـدمتَ ســـرتَ ،
تقــــــدَّم في الإيمان المستقيم والأخلاق الصالحة ،
لا تضـلَّ ولا تتـــــــــــــــراجعْ ولا تتــــــــــــوقف .